يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
العدو في ورطة
العدو الصهيوني في ورطة حقيقية.
كي نفهم ابعاد هذه الورطة علينا أن نتأمل التطورات والحقائق التالية.
حين شن العدو حرب الابادة الهمجية على غزة وأهلها تحت وطأة صدمة «طوفان الأقصى»، حدد ثلاثة اهداف كبرى وعد الاسرائيليين بتحقيقها:
الهدف الأول: القضاء نهائيا على حركة حماس ومحوها من الوجود.
والهدف الثاني: استعادة كل الرهائن بدون أي شروط ولا أي مفاوضات، أي كشف أماكنهم واستعادتهم.
والهدف الثالث: استغلال هذه الحرب الهمجية كفرصة لتصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي او شبه نهائي، وذلك عبر اجبار كل اهل غزة على الرحيل الى الدول المجاورة، ثم الانتقال الى خطوات أخرى في الضفة في نفس الاتجاه.
هذه أهداف تعهد بها قادة الكيان الصهيوني علنا وألحوا عليها مرارا وتكرارا. لكن ما الذي حدث؟
الذي حدث انه على امتداد أكثر من 45 يوما شن العدو حرب الإبادة. لم يترك مبنى يستطيع تدميره الا ودمره. لم يترك فلسطينيا في غزة يستطيع قتله الا وقتله. لم يترك مستشفى ولا مدرسة ولا مسجدا او كنيسة يستطيع تدميرها الا ودمرها.. وهكذا الى آخر الحقائق والمعلومات التي بات العالم كله يعرفها عن حرب الإبادة الوحشية.
والذي حدث انه رغم كل هذه الوحشية والهمجية لم يحقق العدو أي هدف من الأهداف التي تعهد بتحقيقها. لا هو قضى على حماس، ولا هو استعاد الرهائن بقوته العسكرية، ولا هو استطاع اجبار الفلسطينيين على الرحيل عن ارضهم ووطنهم.
والأمر لم يتوقف عند هذا الحد.
الرأي العام العالمي انقلب على العدو حتى في الدول الغربية. حين نفذت المقاومة عملية «طوفان الأقصى» التاريخية البطولية، انتابت الغرب كله على كل المستويات نوبة استعمارية عنصرية غير مسبوقة وأصبح صهيونيا قلبا وقالبا. الغرب كله هب للدفاع عن الكيان الصهيوني ووضع كل امكانياته بما في ذلك الإمكانيات العسكرية تحت تصرفه. وتابعنا مواقف وتصريحات همجية للقادة الغربيين يندى لها جبين الانسانية.
لكن سرعان ما اكتشف العالم مدى همجية العدو. العالم تابع آلاف الأطفال والنساء والشباب والشيوخ الذين يقتلون بشكل جماعي بلا رحمة، والبيوت التي تدمر على رؤوس ساكنيها.. والمستشفيات التي تستباح.. الخ الخ.
الرأي العام العالمي حتى في الدول الغربية انقلب على العدو على المستويات الشعبية، وعلى مستوى الاعلام والصحافة والكتاب. الرأي العام في العالم كله أصبح مطلبه الأساسي وقف هذه الهمجية الصهيونية.
العالم أفاق مرة أخرى على مأساة الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية المسلوبة وما فعله العدو الصهيوني به عقودا متواصلة منذ قيام هذا الكيان.
حتى على المستويات الرسمية في الدول الغربية الشريكة للعدو في حرب الإبادة، على رأسها أمريكا، حدث تغير لا يستهان به.
قادة كثير من الدول الغربية أدركوا الثمن الفادح الذي يمكن ان يدفعوه بسبب انحدارهم في هوة أخلاقية وسياسية بتأييدهم الأعمى للعدو وبدأوا يغيرون مواقفهم.
وفي امريكا مثلا تزايدت الضغوط على إدارة بايدن لتغيير موقفها. آلاف الموظفين في وزارة الخارجية وعديد من المؤسسات والوكالات الحكومية كتبوا رسائل تنديد بالموقف الأمريكي. حتى داخل الحزب الديمقراطي انطلقت التحذيرات بأن الحزب يمكن ان يخسر انتخابات الرئاسة القادمة بسبب مواقف بايدن.
على ضوء كل هذا لم يجد العدو مفرا من التفاوض مع حماس، التي تعهد بالقضاء عليها نهائيا والرضوخ لشروطها من اجل اطلاق دفعات من الرهائن.
هذه هزيمة كبرى للعدو.
يجب ان نتوقف عند هذه الحقائق لسبب مهم. لا يجوز ابدا ان نقلل من صمود شعب فلسطين الأبي.. لا يجوز أبدا ان نقلل من شأن المقاومة الفلسطينية سواء كانت حماس أو أي قوة مقاومة أخرى.. هذا الصمود الذي حدث رغم كل الآلام وكل الشهداء الذين سقطوا والدمار الذي حل بغزة.
غير ان ورطة العدو لا تتمثل فيما ذكرناه فقط. هناك أبعاد أخرى خطيرة لهذه الورطة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك