العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

العدو في ورطة

‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬ورطة‭ ‬حقيقية‭.‬

كي‭ ‬نفهم‭ ‬ابعاد‭ ‬هذه‭ ‬الورطة‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نتأمل‭ ‬التطورات‭ ‬والحقائق‭ ‬التالية‭.‬

حين‭ ‬شن‭ ‬العدو‭ ‬حرب‭ ‬الابادة‭ ‬الهمجية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وأهلها‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬صدمة‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬،‭ ‬حدد‭ ‬ثلاثة‭ ‬اهداف‭ ‬كبرى‭ ‬وعد‭ ‬الاسرائيليين‭ ‬بتحقيقها‭:‬

الهدف‭ ‬الأول‭: ‬القضاء‭ ‬نهائيا‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬ومحوها‭ ‬من‭ ‬الوجود‭.‬

والهدف‭ ‬الثاني‭: ‬استعادة‭ ‬كل‭ ‬الرهائن‭ ‬بدون‭ ‬أي‭ ‬شروط‭ ‬ولا‭ ‬أي‭ ‬مفاوضات،‭ ‬أي‭ ‬كشف‭ ‬أماكنهم‭ ‬واستعادتهم‭.‬

والهدف‭ ‬الثالث‭: ‬استغلال‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬الهمجية‭ ‬كفرصة‭ ‬لتصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بشكل‭ ‬نهائي‭ ‬او‭ ‬شبه‭ ‬نهائي،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬اجبار‭ ‬كل‭ ‬اهل‭ ‬غزة‭ ‬على‭ ‬الرحيل‭ ‬الى‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة،‭ ‬ثم‭ ‬الانتقال‭ ‬الى‭ ‬خطوات‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الاتجاه‭.‬

هذه‭ ‬أهداف‭ ‬تعهد‭ ‬بها‭ ‬قادة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬علنا‭ ‬وألحوا‭ ‬عليها‭ ‬مرارا‭ ‬وتكرارا‭. ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬حدث؟

الذي‭ ‬حدث‭ ‬انه‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬45‭ ‬يوما‭ ‬شن‭ ‬العدو‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭. ‬لم‭ ‬يترك‭ ‬مبنى‭ ‬يستطيع‭ ‬تدميره‭ ‬الا‭ ‬ودمره‭. ‬لم‭ ‬يترك‭ ‬فلسطينيا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬يستطيع‭ ‬قتله‭ ‬الا‭ ‬وقتله‭. ‬لم‭ ‬يترك‭ ‬مستشفى‭ ‬ولا‭ ‬مدرسة‭ ‬ولا‭ ‬مسجدا‭ ‬او‭ ‬كنيسة‭ ‬يستطيع‭ ‬تدميرها‭ ‬الا‭ ‬ودمرها‭.. ‬وهكذا‭ ‬الى‭ ‬آخر‭ ‬الحقائق‭ ‬والمعلومات‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬يعرفها‭ ‬عن‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الوحشية‭.‬

والذي‭ ‬حدث‭ ‬انه‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الوحشية‭ ‬والهمجية‭ ‬لم‭ ‬يحقق‭ ‬العدو‭ ‬أي‭ ‬هدف‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬تعهد‭ ‬بتحقيقها‭. ‬لا‭ ‬هو‭ ‬قضى‭ ‬على‭ ‬حماس،‭ ‬ولا‭ ‬هو‭ ‬استعاد‭ ‬الرهائن‭ ‬بقوته‭ ‬العسكرية،‭ ‬ولا‭ ‬هو‭ ‬استطاع‭ ‬اجبار‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬الرحيل‭ ‬عن‭ ‬ارضهم‭ ‬ووطنهم‭.‬

والأمر‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭.‬

الرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭ ‬انقلب‭ ‬على‭ ‬العدو‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭. ‬حين‭ ‬نفذت‭ ‬المقاومة‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬التاريخية‭ ‬البطولية،‭ ‬انتابت‭ ‬الغرب‭ ‬كله‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬نوبة‭ ‬استعمارية‭ ‬عنصرية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬وأصبح‭ ‬صهيونيا‭ ‬قلبا‭ ‬وقالبا‭. ‬الغرب‭ ‬كله‭ ‬هب‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬ووضع‭ ‬كل‭ ‬امكانياته‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الإمكانيات‭ ‬العسكرية‭ ‬تحت‭ ‬تصرفه‭. ‬وتابعنا‭ ‬مواقف‭ ‬وتصريحات‭ ‬همجية‭ ‬للقادة‭ ‬الغربيين‭ ‬يندى‭ ‬لها‭ ‬جبين‭ ‬الانسانية‭. ‬

لكن‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬اكتشف‭ ‬العالم‭ ‬مدى‭ ‬همجية‭ ‬العدو‭. ‬العالم‭ ‬تابع‭ ‬آلاف‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والشباب‭ ‬والشيوخ‭ ‬الذين‭ ‬يقتلون‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي‭ ‬بلا‭ ‬رحمة،‭ ‬والبيوت‭ ‬التي‭ ‬تدمر‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬ساكنيها‭.. ‬والمستشفيات‭ ‬التي‭ ‬تستباح‭.. ‬الخ‭ ‬الخ‭.‬

الرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬انقلب‭ ‬على‭ ‬العدو‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬الشعبية،‭ ‬وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬الاعلام‭ ‬والصحافة‭ ‬والكتاب‭. ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬أصبح‭ ‬مطلبه‭ ‬الأساسي‭ ‬وقف‭ ‬هذه‭ ‬الهمجية‭ ‬الصهيونية‭.‬

العالم‭ ‬أفاق‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬مأساة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وحقوقه‭ ‬التاريخية‭ ‬المسلوبة‭ ‬وما‭ ‬فعله‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬به‭ ‬عقودا‭ ‬متواصلة‭ ‬منذ‭ ‬قيام‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭.‬

حتى‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الشريكة‭ ‬للعدو‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة،‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬أمريكا،‭ ‬حدث‭ ‬تغير‭ ‬لا‭ ‬يستهان‭ ‬به‭.‬

قادة‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬أدركوا‭ ‬الثمن‭ ‬الفادح‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يدفعوه‭ ‬بسبب‭ ‬انحدارهم‭ ‬في‭ ‬هوة‭ ‬أخلاقية‭ ‬وسياسية‭ ‬بتأييدهم‭ ‬الأعمى‭ ‬للعدو‭ ‬وبدأوا‭ ‬يغيرون‭ ‬مواقفهم‭.‬

وفي‭ ‬امريكا‭ ‬مثلا‭ ‬تزايدت‭ ‬الضغوط‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬لتغيير‭ ‬موقفها‭. ‬آلاف‭ ‬الموظفين‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬وعديد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬والوكالات‭ ‬الحكومية‭ ‬كتبوا‭ ‬رسائل‭ ‬تنديد‭ ‬بالموقف‭ ‬الأمريكي‭. ‬حتى‭ ‬داخل‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬انطلقت‭ ‬التحذيرات‭ ‬بأن‭ ‬الحزب‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يخسر‭ ‬انتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬القادمة‭ ‬بسبب‭ ‬مواقف‭ ‬بايدن‭.‬

‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬العدو‭ ‬مفرا‭ ‬من‭ ‬التفاوض‭ ‬مع‭ ‬حماس،‭ ‬التي‭ ‬تعهد‭ ‬بالقضاء‭ ‬عليها‭ ‬نهائيا‭ ‬والرضوخ‭ ‬لشروطها‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬اطلاق‭ ‬دفعات‭ ‬من‭ ‬الرهائن‭.‬

هذه‭ ‬هزيمة‭ ‬كبرى‭ ‬للعدو‭.‬

يجب‭ ‬ان‭ ‬نتوقف‭ ‬عند‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق‭ ‬لسبب‭ ‬مهم‭. ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬ابدا‭ ‬ان‭ ‬نقلل‭ ‬من‭ ‬صمود‭ ‬شعب‭ ‬فلسطين‭ ‬الأبي‭.. ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬أبدا‭ ‬ان‭ ‬نقلل‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬حماس‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬قوة‭ ‬مقاومة‭ ‬أخرى‭.. ‬هذا‭ ‬الصمود‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الآلام‭ ‬وكل‭ ‬الشهداء‭ ‬الذين‭ ‬سقطوا‭ ‬والدمار‭ ‬الذي‭ ‬حل‭ ‬بغزة‭.‬

غير‭ ‬ان‭ ‬ورطة‭ ‬العدو‭ ‬لا‭ ‬تتمثل‭ ‬فيما‭ ‬ذكرناه‭ ‬فقط‭. ‬هناك‭ ‬أبعاد‭ ‬أخرى‭ ‬خطيرة‭ ‬لهذه‭ ‬الورطة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا