العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تقارير الرقابة.. الأهمية والأبعاد

بقلم: د. نبيل العسومي

الثلاثاء ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

لا‭ ‬شك‭ ‬إن‭ ‬من‭ ‬مقومات‭ ‬التجربة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬البحرينية‭ ‬التي‭ ‬جاء‭ ‬بها‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬أيده‭ ‬الله‭ ‬وجود‭ ‬هيئات‭ ‬رقابية‭ ‬تمارس‭ ‬دورا‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬الرقابة‭ ‬والمراجعة‭ ‬المهنية‭ ‬الموضوعية‭ ‬الدقيقة‭ ‬التي‭ ‬تضع‭ ‬ممارسات‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬بوزاراتها‭ ‬وهيئاتها‭ ‬تحت‭ ‬منظار‭ ‬المراجعة‭ ‬الدائمة‭ ‬والمستمرة‭.‬

ويشكل‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭ ‬أهم‭ ‬مرجع‭ ‬سنوي‭ ‬لرصد‭ ‬صورة‭ ‬مفصلة‭ ‬لإدارة‭ ‬الأجهزة‭ ‬الحكومية‭ ‬المختلفة‭ ‬ومدى‭ ‬التزامها‭ ‬بالضوابط‭ ‬والقوانين‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬رصد‭ ‬المخالفات‭ ‬وإزالتها‭ ‬وإحاطة‭ ‬السلطة‭ ‬السياسية‭ ‬والرأي‭ ‬العام‭ ‬وممثلي‭ ‬الشعب‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬بالأداء‭ ‬الحكومي‭ ‬ولذلك‭ ‬شكلت‭ ‬تقارير‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭ ‬سنويا‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬مصدرا‭ ‬مهما‭ ‬للرقابة‭ ‬وأداة‭ ‬جوهرية‭ ‬للمراجعة‭ ‬والمحاسبة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الاستقلالية‭ ‬الكاملة‭ ‬لعمل‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬الاهتمام‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬تحظى‭ ‬به‭ ‬تقاريره‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬القيادة‭ ‬الحكيمة‭ ‬يحفظها‭ ‬الله‭ ‬ويرعاها‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬المصداقيات‭ ‬التي‭ ‬يستشعرها‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التقارير‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬ترسيخ‭ ‬مبادئ‭ ‬النزاهة‭ ‬والأمانة‭ ‬والمهنية‭ ‬بما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬في‭ ‬وطننا‭ ‬العزيز‭ ‬وتعديل‭ ‬أي‭ ‬خلل‭ ‬وردع‭ ‬أي‭ ‬تجاوزات‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬شكلها‭ ‬وحجمها‭.‬

إن‭ ‬اللافت‭ ‬في‭ ‬التقرير‭ ‬الجديد‭ ‬وخاصة‭ ‬ما‭ ‬اطلعنا‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬ملاحظات‭ ‬كثيرة‭ ‬تضمنها‭ ‬هذا‭ ‬التقرير‭ ‬الضخم‭ ‬أكد‭ ‬ثلاث‭ ‬نقاط‭ ‬مهمة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭:‬

الأولى‭: ‬الأداء‭ ‬المهني‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى‭ ‬لتقارير‭ ‬الرقابة‭ ‬التي‭ ‬شملت‭ ‬108‭ ‬جهات‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬الرسمية‭ ‬وأنجزت‭ ‬106‭ ‬مهام‭ ‬من‭ ‬المهمات‭ ‬الأساسية‭ ‬وأعدت‭ ‬160‭ ‬تقريرا‭ ‬و109‭ ‬تقارير‭ ‬متابعة‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬قيام‭ ‬الجهات‭ ‬التي‭ ‬شملتها‭ ‬الرقابة‭ ‬بتنفيذ‭ ‬التوصيات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬ذكرها‭ ‬في‭ ‬تقارير‭ ‬السنوات‭ ‬السابقة‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مئات‭ ‬التوصيات‭ ‬ومئات‭ ‬الاجتماعات‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬الزيارات‭ ‬الميدانية‭ ‬والمعاينة‭ ‬للممارسات‭ ‬في‭ ‬الوزارات‭ ‬والهيئات‭ ‬وغيرها،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الجهد‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬يستحق‭ ‬الإشادة‭ ‬والتقدير‭ ‬ويؤكد‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالا‭ ‬للشك‭ ‬على‭ ‬نجاح‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭ ‬باعتباره‭ ‬جهازا‭ ‬مستقلا‭ ‬فعالا‭ ‬ومفيدا‭ ‬للدولة‭ ‬والمجتمع‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭.‬

ثانيا‭: ‬استمرار‭ ‬وجود‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الملاحظات‭ ‬والمخالفات‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬أو‭ ‬شبه‭ ‬الرسمية‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المتابعة‭ ‬والتوجيه‭ ‬والتوصية‭ ‬بتعديل‭ ‬الأوضاع‭ ‬الخاطئة‭ ‬وتحميل‭ ‬مرتكبيها‭ ‬المسؤولية‭ ‬الإدارية‭ ‬والقانونية‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬خاصة‭ ‬إن‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬منذ‭ ‬إنشائه‭ ‬يتبع‭ ‬سياسة‭ ‬إيجابية‭ ‬ليس‭ ‬هدفها‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬جهد‭ ‬الجهات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والهيئات‭ ‬المختلفة‭ ‬وإنما‭ ‬مساعدتها‭ ‬على‭ ‬التزام‭ ‬الطريق‭ ‬إداريا‭ ‬وماليا‭ ‬والارتقاء‭ ‬بالأداء‭ ‬وأيضا‭ ‬وضع‭ ‬الإصبع‭ ‬على‭ ‬موضع‭ ‬الخطأ‭ ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬الصحة‭ ‬أو‭ ‬التعليم‭ ‬أو‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬أو‭ ‬البلديات‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬الإسكان‭ ‬أو‭ ‬السياحة‭ ‬أو‭ ‬الصناديق‭ ‬والهيئات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬للكشف‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬مخالفات‭ ‬أو‭ ‬قصور‭ ‬للضرب‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬مرتكبيه‭ ‬واتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬المناسبة‭ ‬للمحاسبة‭ ‬والمعاقبة‭ ‬إن‭ ‬لزم‭ ‬الأمر‭.‬

ثالثا‭: ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬ومؤسساته‭ ‬مثل‭ ‬الجهات‭ ‬السياسية‭ ‬والصحافة‭ ‬المحلية‭ ‬ومجلسي‭ ‬النواب‭ ‬والشورى‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬التقرير‭ ‬السنوي‭ ‬يضمن‭ ‬‮«‬ثروة‮»‬‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬والبيانات‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬يتعرف‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬الشعب‭ ‬والنواب‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬هذه‭ ‬الجهات‭ ‬وإداراتها‭ ‬ويكون‭ ‬له‭ ‬مواقف‭ ‬مناسبة‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأجهزة‭ ‬والمؤسسات‭ ‬لإصلاح‭ ‬نفسها‭ ‬بنفسها‭ ‬وعدم‭ ‬ارتكاب‭ ‬هذه‭ ‬الأخطاء‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭.‬

إن‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭ ‬تحقق‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬نتائج‭ ‬مهمة‭ ‬وكبيرة‭ ‬وتعزز‭ ‬دور‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‭ ‬لتحقيق‭ ‬المساءلة‭ ‬بما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬مرتكبي‭ ‬الأخطاء‭ ‬والمخالفات‭ ‬الذين‭ ‬يقصرون‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬مهامهم‭ ‬وأعمالهم‭ ‬وهي‭ ‬محدودة‭ ‬ولكنها‭ ‬وفي‭ ‬جميع‭ ‬الأحوال‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وقفة‭ ‬ومحاسبة‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬محدوديتها‭ ‬هكذا‭ ‬يكون‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭ ‬قد‭ ‬أوفى‭ ‬بما‭ ‬وعد‭ ‬به‭ ‬والتزم‭ ‬ما‭ ‬وعد‭ ‬بتحقيقه‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬المهام‭ ‬التي‭ ‬حددها‭ ‬القانون‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا