يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
أوهام السلام مع العدو الصهيوني
كل البيانات والتصريحات التي تصدر عن الدول العربية وأغلب دول العالم تؤكد أن حل الدولتين هو الحل الأمثل للصراع العربي الإسرائيلي، وأنه لا بد من قيام الدولة الفلسطينية المستقلة. وتصاعدت هذه الدعوات في الفترة الماضية على ضوء حرب الإبادة التي يشنها العدو الصهيوني على غزة.
يرتبط بهذا دعوات كثيرة تتكرر في كل الاجتماعات واللقاءات العربية والعالمية بضرورة إطلاق عملية سلام أو مفاوضات سلام، أو بعقد مؤتمرات دولية للسلام بهدف الوصول إلى تسوية على أساس حل الدولتين.
بالطبع حصول الشعب الفلسطيني على كل حقوقه المشروعة هو حق أصيل تؤكده وتكفله كل القرارات والمواثيق الدولية بما في ذلك حقه في إقامة دولته المستقلة. ومن المهم تأكيد هذا الحق باستمرار في كل المحافل والمناسبات وعلى كل المستويات.
ومع هذا حقيقة الأمر إن الحديث عن سلام ممكن مع العدو الصهيوني وعن إمكانية قيام دولة فلسطينية عن طريق التفاوض هو تعلق بوهم لن يتحقق إذا ترك الأمر لأي مفاوضات على أي مستوى ولأي مؤتمرات سلام.
علينا أن نتأمل الحقائق الثلاث التالية:
أولا: إنه قبل حرب إبادة غزة الحالية بسنوات طويلة جدا أعلن العدو الصهيوني مرارا وتكرارا عبر كل حكوماته ومسئوليه أنه لن يسمح على الإطلاق بقيام دولة فلسطينية بأي شكلٍ وعلى أي مستوى وأن هذا الموضوع ليس مطروحًا أصلا.
هذا الذي يقوله العدو باستمرار هو موضع إجماع في الكيان الصهيوني على كل المستويات السياسية والاجتماعية باستثناء أقلية ضئيلة جدا لا وزن لها ولا تأثير تؤيد قيام دولة فلسطينية.
ما يقوله العدو هنا صحيح. ليس في قاموس العدو أي موضع لدولة فلسطينية لا الآن ولا مستقبلا ولا في أي وقت. ليس في قاموس العدو إلا إبادة الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته نهائيا. والمخططات هنا معلنة ومعروفة.
ثانيا: الدول العربية طرحت مبادرة للسلام على العدو الصهيوني منذ أكثر من عشرين عاما. وعبر هذه السنوات، قدمت الدول العربية للعدو الكثير جدا من التنازلات تحت زعم تشجيع عملية السلام وتمهيد الطريق لقيام الدولة الفلسطينية.
لو كان للعدو الصهيوني ذرة من أي رغبة في السلام لكان قد استجاب للمبادرة العربية طوال هذه السنوات.
على العكس من هذا اعتبر العدو أن التنازلات التي قدمتها الدول العربية مع استمراره في سياساته الإرهابية التوسعية وتنكيله بالشعب الفلسطيني هي أكبر دليل على أنه ليس بحاجة إلى سلام أو تعايش من أي نوع مع الشعب الفلسطيني.
ثالثا: إن حرب الإبادة الهمجية التي يشنها العدو حاليا على غزة وأهلها أظهرت بما لا يدع مجالا لذرة من شك حقيقة نوايا ومخططات العدو الصهيوني.
العالم كله بات يعلم أن العدو يخطط لإبادة كل الشعب الفلسطيني إن استطاع وتهجيره بالكامل من أرضه ووطنه وتصفية قضيته نهائيا.
من العبث والاستخفاف بالعقول أن يأتي أي أحد اليوم ويتحدث عن مفاوضات سلام وعن إمكانية حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية عبر هذه المفاوضات.
حقيقة الأمر إن هذا الحديث عن السلام واحتمالاته اليوم هو في جانب منه تخفيف من همجية ووحشية العدو وجرائم الحرب والإبادة التي يرتكبها بتصوير الأمر كما لو أنه سوف يفضي في النهاية إلى السلام.
نفهم أن تفعل أمريكا والدول الغربية هذا. نفهم أن يتحدث بايدن أو بعض القادة الأوروبيين عن حل الدولتين، فهم يحاولون التنصل من جريمتهم التاريخية بالمشاركة في حرب الإبادة الصهيونية الحالية لغزة. لكن لا يمكن أن نفهم أن تسوِّق الدول العربية لهذا الوهم اليوم.
نريد أن نقول إن الدول العربية ترتكب خطأ تاريخيا فادحا إن هي راهنت اليوم على أي سلام مع هذا العدو الصهيوني بعد كل ما جرى ويجري.
العدو الصهيوني لن يقبل أبدا بأي سلام إلا إذا تم إجباره على ذلك إجبارا عن طريق المقاومة الفلسطينية والعربية وكل سبل الإجبار التي تملكها الدول العربية.
التفكير العربي الرسمي والشعبي يجب أن يكون منصبا اليوم على أمر واحد هو كيف نواجه العدو الصهيوني ومشروعه الهمجي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك