العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أصوات خارج التضليل الإعلامي الصهيوني

بقلم: أنطوان شلحت

السبت ١٨ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

لا‭ ‬تنعدم‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬بعض‭ ‬الأصوات‭ ‬التي‭ ‬يحتاجها‭ ‬الجمهور‭ ‬العريض‭ ‬لقراءة‭ ‬الوضع‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬عليه،‭ ‬وليس‭ ‬ضمن‭ ‬إكراهات‭ ‬التضليل‭ ‬الإعلامي‭ ‬الذي‭ ‬يسجّل‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬حضوره‭ ‬الأقوى‭. ‬وما‭ ‬تقوله‭ ‬هذه‭ ‬الأصوات‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬الصدق‭ ‬أحيانًا‭ ‬كثيرة‭ ‬ما‭ ‬يصلُح‭ ‬لأن‭ ‬يكون‭ ‬مرجعًا‭ ‬لتأطير‭ ‬ما‭ ‬يحدُث،‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬استشراف‭ ‬إحالاته‭.‬

ومن‭ ‬المؤكّد‭ ‬أنه‭ ‬سيحين‭ ‬وقتٌ‭ ‬تُجرى‭ ‬فيه‭ ‬مقارنة‭ ‬نهائية‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬ادّعت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تحقيقه‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬لحربها‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزّة،‭ ‬لاسيما‭ ‬إثر‭ ‬بدء‭ ‬اقتحاماتها‭ ‬البرّية‭ ‬يوم‭ ‬27‭/‬10‭/‬2023،‭ ‬وما‭ ‬تحقّق‭ ‬فعلًا‭ ‬في‭ ‬الميدان،‭ ‬وبما‭ ‬يخدم‭ ‬تطبيق‭ ‬غاياتها‭ ‬القصوى‭ ‬من‭ ‬الحرب،‭ ‬والتي‭ ‬وقفت‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬غاية‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬قدرات‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬العسكرية‭ ‬والسلطوية‭.‬

‭ ‬ولكن‭ ‬قبل‭ ‬ذلك،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬بعد‭ ‬مضي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أسبوعين‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬المناورة‭ ‬البريّة،‭ ‬نحا‭ ‬محلّلون‭ ‬عسكريون‭ ‬إسرائيليون‭ ‬نحو‭ ‬إقامة‭ ‬حدّ‭ ‬فاصل‭ ‬بين‭ ‬لغة‭ ‬الساسة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬التي‭ ‬وُصفت‭ ‬بأنها‭ ‬بلاغيّة‭ ‬هجوميّة‭ ‬ولغة‭ ‬القادة‭ ‬العسكريين،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬السابقين‭ ‬التي‭ ‬قالوا‭ ‬إنها‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬قدرٍ‭ ‬من‭ ‬المهنيّة‭.‬

ويضيق‭ ‬المجال‭ ‬لتقديم‭ ‬نماذج‭ ‬كثيرة‭ ‬آخذة‭ ‬بالتراكم‭ ‬يوميا،‭ ‬ولذا‭ ‬سنكتفي‭ ‬ببعضها‭ ‬القليل‭. ‬وأول‭ ‬ما‭ ‬ينبغي‭ ‬ملاحظته،‭ ‬ونحن‭ ‬نفعل‭ ‬ذلك،‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬تفاوت‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬المحللين‭ ‬العسكريين‭ ‬والمختصين‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬استخلاص‭ ‬أن‭ ‬مصير‭ ‬الحرب‭ ‬غير‭ ‬مرهون‭ ‬فقط‭ ‬بما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬عملياتٍ‭ ‬عسكريةٍ‭ ‬من‭ ‬الجو‭ ‬والبر‭ ‬والبحر،‭ ‬إنما‭ ‬أيضًا‭ ‬بما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الآن،‭ ‬وبما‭ ‬تختزنه‭ ‬من‭ ‬قدراتٍ‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬كذلك‭.‬

ويقرّ‭ ‬المحلل‭ ‬العسكري‭ ‬لصحيفة‭ ‬هآرتس،‭ ‬عاموس‭ ‬هرئيل،‭ ‬بأن‭ ‬التغطية‭ ‬الجزئية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬إسرائيل‭ ‬الرسمية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬إعلامها‭ ‬الخاضعة‭ ‬لرقابة‭ ‬عسكرية‭ ‬صارمة،‭ ‬وضبابية‭ ‬المعارك‭ ‬التي‭ ‬تفرض‭ ‬عزل‭ ‬القطاع‭ ‬عن‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬تضعان‭ ‬صعوباتٍ‭ ‬جمّة‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬صورة‭ ‬كاملة‭ ‬للوضع‭ ‬الميداني‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬القطاع‭. ‬ومع‭ ‬أنه‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬إيثار‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬بيانات‭ ‬الجيش‭ ‬وقيادته،‭ ‬لكونها‭ ‬مهنية‭ ‬وموضوعية‭ ‬برأيه،‭ ‬إلا‭ ‬أنه،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬عينه،‭ ‬يؤكّد‭ ‬أن‭ ‬هدف‭ ‬الحرب‭ ‬الذي‭ ‬يُشهره‭ ‬الجيش،‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬الأركان‭ ‬العامة‭ ‬الجنرال‭ ‬هرتسي‭ ‬هليفي،‭ ‬وهو‭ ‬تفكيك‭ ‬قدرات‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬مع‭ ‬محاذرة‭ ‬توزيع‭ ‬الوعود‭ ‬بشأن‭ ‬محو‭ ‬قوتها‭ ‬العسكرية،‭ ‬طموح‭ ‬للغاية،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحقيقه‭ ‬تظل‭ ‬مشروطة‭ ‬بثلاثة‭ ‬أمور‭: ‬استخدام‭ ‬قوة‭ ‬عسكرية‭ ‬فعالة،‭ ‬وتخصيص‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬الكفاية،‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬مناطق‭ ‬جنوب‭ ‬القطاع‭ ‬أيضًا،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬إمكان‭ ‬المسّ‭ ‬بحماس‭ ‬ضئيل‭ ‬نسبيا‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬انتقال‭ ‬السكّان‭ ‬المدنيين‭ ‬إليها‭.‬

ويؤكّد‭ ‬المحلل‭ ‬العسكري‭ ‬لصحيفة‭ ‬يديعوت‭ ‬أحرونوت،‭ ‬يوسي‭ ‬يهوشواع،‭ ‬أن‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬إنجاز‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬معاقل‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬القطاع‮»‬‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬طويلة‭ ‬وليست‭ ‬سهلة‭ ‬بتاتًا،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بجنوبه؟

وهو‭ ‬ما‭ ‬يكرّره‭ ‬المحلل‭ ‬العسكري‭ ‬لصحيفة‭ ‬معاريف،‭ ‬طال‭ ‬ليف‭- ‬رام،‭ ‬مشيرًا،‭ ‬كما‭ ‬غيرُه،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬من‭ ‬أوساط‭ ‬الجنرالات‭ ‬في‭ ‬الاحتياط،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬الإنجاز‮»‬‭ ‬فسيكون‭ ‬بمثابة‭ ‬نصف‭ ‬العمل‭ ‬المطلوب‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬أقلّه،‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬التقدير‭ ‬الموجود‭ ‬لدى‭ ‬المؤسّسة‭ ‬الأمنية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أن‭ ‬نصف‭ ‬قوات‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الجنوبي‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬ويسيطر‭ ‬عليها‭. ‬

وهذه‭ ‬القوات‭ ‬لم‭ ‬تتعرض‭ ‬للهجوم‭ ‬إلا‭ ‬نادرًا،‭ ‬لذلك‭ ‬هي‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬قدرتها‭ ‬وروحها‭ ‬القتالية‭. ‬وينطبق‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬قيادة‭ ‬الحركة‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬يُشار‭ ‬إلى‭ ‬ثلاثة‭ ‬تحديات‭ ‬ماثلة‭: ‬الضغط‭ ‬الدولي،‭ ‬وعندما‭ ‬ستعمل‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬غزّة،‭ ‬سيكون‭ ‬هناك‭ ‬نحو‭ ‬مليوني‭ ‬إنسان،‭ ‬هم‭ ‬مجموع‭ ‬سكان‭ ‬الجنوب‭ ‬الذين‭ ‬ليس‭ ‬لديهم‭ ‬مكان‭ ‬يذهبون‭ ‬إليه،‭ ‬و900‭ ‬ألف‭ ‬نسمة‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬شمال‭ ‬القطاع،‭ ‬وعامل‭ ‬الوقت،‭ ‬فما‭ ‬دام‭ ‬القتال‭ ‬مستمرّا،‭ ‬ستتواصل‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬الشمال‭ ‬أيضًا،‭ ‬وفي‭ ‬المنطقتين،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬البدء‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬عودة‭ ‬السكّان‭.‬

ويصل‭ ‬هذا‭ ‬المحلّل‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬القصيد،‭ ‬حينما‭ ‬يصف‭ ‬المناورة‭ ‬البرّية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بأنها‭ ‬سيزيفية‭. ‬وغالبًا،‭ ‬تعادل‭ ‬السيزيفية‭ ‬العبثية،‭ ‬وعادةً‭ ‬توصف‭ ‬بها‭ ‬المهمّات‭ ‬الشاقّة‭ ‬وغير‭ ‬المُجدِية‭.‬

{ كاتب‭ ‬ومحلل‭ ‬فلسطيني

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا