يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
«عهد الله ما نرحل»
المشهد الأول: مظاهرة في سيدني في أستراليا مؤخرا تضامنا مع الشعب الفلسطيني وتنديدا بجرائم الحرب والإبادة التي يرتكبها العدو الصهيوني في غزة. أثناء المظاهرة تُليت رسالة إلى المتظاهرين وجهتها سيدة فلسطينية تعيش في غزة في ظل العدوان الهمجي، وقرأها أحد أقاربها.
تقول السيدة الفلسطينية في رسالتها: «اليوم قد يكون يومي الأخير في الحياة. أسرتي وأنا لن نرتكب مرة أخرى الخطأ الذي ارتكبناه في نكبة 1948. لن نغادر أرضنا أبدا. إننا فخورون بدمنا الفلسطيني الذي يجري في عروقنا إلى آخر نفس في حياتنا. إنني لن أغفر أبدا للعالم كله، من شرقه إلى غربه، وأحمله مسئولية ما يجري وما سيجري لنا».
المشهد الثاني: مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع لمجموعة كبيرة من الأطفال، بنات وأولادا، في مدرسة خان يونس التابعة لوكالة الأونروا. هذه المدرسة التي تتعرض كما كل المدارس ومواقع أونروا في غزة للقصف الصهيوني الهمجي.
الأطفال الفلسطينيون في المقطع يغنون معا بصوت عال وبحماس منقطع النظير أغنية «عهد الله ما نرحل»، وهي أغنية فلسطينية شهيرة يقول مطلعها:
وعهد الله ما نرحل
عهد الله نجوع نموت ولا نرحل
عهد الثورة والثوار
والجماهير ما نرحل
واحنا قطعة من هالأرض
وعمر الأرض وعهد الله ما بترحل
عهد الله وعهد الدم
عهد الله نجوع نموت ولا نرحل
هؤلاء الأطفال الفلسطينيون الذين يعيشون أهوال العدوان الهمجي ويتعرضون للموت ولا يجدون الغذاء ولا الماء ولا الدواء يتحدّون الاحتلال الصهيوني ويتحدون مخططاته لتهجير كل أهل غزة وطردهم خارج أرضهم.
هذا بالضبط هو ما يرعب العدو الصهيوني.
نعني أن ما قالته السيدة الفلسطينية في رسالتها إلى المتظاهرين في سيدني وصيحة هؤلاء الأطفال «عهد الله ما نرحل» هو مصدر الرعب الحقيقي للعدو.
صمود الشعب الفلسطيني وإصراره على البقاء في أرضه مهما حدث ومهما ارتكب العدو من مجازر وجرائم حرب وإبادة هو ما يرعب العدو.
العدو الصهيوني يعرف أنه مهما فعل لا يستطيع في النهاية أن يهزم هذا الشعب، وأن كل مخططاته سوف تتحطم على صخرة هذا الإصرار وهذا الصمود.
هذا هو الذي يفسر كل هذه الهمجية والوحشية التي يمارسها العدو في حرب الإبادة التي يشنها في غزة. العدو يعرف أنه لا بقاء له مستقبلا طالما ظل الشعب الفلسطيني صامدا في أرضه. لهذا يتصور أن بمقدوره نفي كل أهل غزة وطردهم من أرضهم، ثم الانتقال بعد ذلك إلى تهجير أهل الضفة.
الهدف الأساسي لهذه الحرب الهمجية ليس القضاء على حماس كما يزعم العدو وإنما محاولة القضاء على الشعب الفلسطيني في غزة نفسه إما بالقتل الجماعي كما يحدث وإما بإجباره على ترك أرضه.
وفي الحالتين العدو سوف يتلقى الهزيمة. هو لا يستطيع القضاء لا على حماس ولا على أي حركة مقاومة. وهو لا يستطيع القضاء على الشعب الفلسطيني.
هذا هو الدرس الذي خلص إليه العدو ويرعبه منذ نكبة 48 ورغم كل المجازر وصور الإبادة التي ارتكبها لأكثر من 75 عاما.
شعب فلسطين يدفع الثمن غاليا جدا من دماء أطفاله ونسائه وشبابه وشيوخه ويتحمل ما لا يتحمله بشر وسط خذلان العالم وعجزه عن حمايته.
هذا الشعب هو وحده الذي يحمي وطنه اليوم وهو وحده الذي يواجه مخططات العدو الصهيوني الهمجية.
كان الزعيم ياسر عرفات يقول دوما إن شعب فلسطين هو «شعب الجبارين». وهو بالفعل كذلك. شعب فلسطين هو الباقي والعدو إلى زوال.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك