يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
غزة الأبية ليست «نو مانز لاند»
إذا أردنا أن نعرف مدى الانحطاط والهمجية الذي وصل إليه الكيان الصهيوني والغرب، والعالم كله في الحقيقة، ما علينا سوى أن نتابع التصورات التي يناقشونها ويطرحونها حول مستقبل غزة، أي مصيرها بعد حرب الإبادة الحالية.
الصهاينة والقادة الغربيون يطرحون يوميا أفكارا وتصورات حول مستقبل غزة على اعتبار أنها مسلمات ومن المفروض من العرب والعالم كله أن يرضخ لها ويقبلها بلا نقاش مع أنها تمثل ذروة الهمجية.
الفكرة الجوهرية التي يطرحونها أن حركة حماس يجب أن تختفي من الوجود وألا يكون لها أي علاقة على الإطلاق بحكم غزة.
حماس حركة مقاومة وطنية فلسطينية. الصهاينة والغربيون يريدون القضاء عليها وطردها نهائيا من غزة مستقبلا فقط لأنها ارتكبت جريمة مروعة بالنسبة إليهم. الجريمة أنها مارست الحق الذي يكفله القانون الدولي للشعب الفلسطيني الخاضع للاحتلال في مقاومة المحتل الغاصب بكل السبل بما في ذلك المقاومة المسلحة. جريمتها أنها لقنت العدو الصهيوني درسا موجعا.
أن يقرر الصهاينة والغرب بأنفسهم أن حركة حماس يجب أن تختفي وألا يكون لها أي وجود في غزة هو في حد ذاته قمة الاحتقار للقانون الدولي، وقمة الاحتكام إلى قانون الغاب والقوة والإرهاب.
وكل التصورات التي يطرحونها لمستقبل غزة تصب في نفس الاتجاه وتحمل نفس المعنى.
أحد هذه الخيارات هو أن يتولى الكيان الصهيوني السيطرة الأمنية الكاملة على قطاع عزة، وتتولى السلطة الفلسطينية السيطرة السياسية.
طرح هذا الخيار يعني أنهم يريدون إضفاء شرعية على احتلال غاشم لا شرعية له، ويريدون من السلطة الفلسطينية أن تكون شريكا في هذه الجريمة وأن تتولى مسئولية حماية الاحتلال.
خيار آخر تم طرحه هو أن تتولى دول عربية مسئولية إدارة قطاع غزة.
بهذا الخيار يريدون من الدول العربية أن تقر ليس فقط بالاحتلال الصهيوني، بل بالمشروع الصهيوني كله، وأن تتولى أيضا حماية هذا الاحتلال وهذا الكيان الغاصب.
أحد الخيارات أيضا وضع غزة تحت الإدارة الدولية. ويعني هذا وضع القطاع تحت الإدارة الغربية أساسا. أي إنه يراد أن تكون غزة تحت الإدارة الاستعمارية المباشرة الغربية الصهيونية.
الكيان الصهيوني والدول الغربية يتعاملون مع غزة ويتحدثون عن مصيرها ومستقبلها كما لو كانت «أرضا بلا صاحب»، أو ما يعرف بالإنجليزية بـ«نو مانز لاند No- Man’s- Land».
هذا التعبير ظهر بعد الحرب العالمية الأولى ويعني الأرض المهجورة التي لا يسكنها أحد وليس لها صاحب ولا سيادة لأحد عليها.
لكن غزة ليست «نو مانز لاند». غزة جزء من وطن عربي اسمه فلسطين.. غزة يسكنها شعب عربي حر أبي له تاريخ طويل حافل.. غزة أهلها صامدون رغم كل المجازر ورغم صور الإبادة التي يمارسها الكيان الصهيوني. أهل غزة هم الذين سيقررون مصيرها ومستقبلها.
المهم بالنسبة إلينا في الوطن العربي، يجب أن ندرك أن هذا الجدل الهمجي بين الكيان الصهيوني وأمريكا وباقي الدول الغربية حول مستقبل غزة، يكشف عن أمرين رئيسيين:
الأول: إن الغرب كله اجتمعت إرادته على الوقوف صفا واحدا مع الكيان الصهيوني في سعيه لتصفية القضية الفلسطينية الآن ومستقبلا.
والثاني: إن هذا الجدل يكشف الزيف الكامل لادعاء أمريكا والدول الغربية بأنها تؤيد حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقبلا. لو كان ادعاؤهم صحيحا لما طرحوا كل هذه التصورات حول مستقبل غزة. غزة جزء من الدولة الفلسطينية وليس لها مستقبل إلا في إطار هذه الدولة.
حقيقة الأمر إنهم أغلقوا ملف قيام الدولة الفلسطينية، ولن يسمحوا بقيامها إذا كان الخيار لهم والأمر بيدهم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك