يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
قبل أن يجتاحنا الطوفان
يبدو ان كثيرين في الوطن العربي ما زالوا غير مدركين تماما لأبعاد ما يجري اليوم في غزة من حرب إبادة شاملة وتدمير كامل يشنها العدو الصهيوني ومعه كل الدول الغربية.
كثيرون ما زالوا يتصورون ان المسألة مجرد انتقام صهيوني مما فعلته المقاومة الفلسطينية بهم في هجوم «طوفان الأقصى» وان الهدف هو فقط القضاء على حماس والتنكيل بغزة. هذا تقدير ليس صحيحا.
من المفروض ان نكون على وعي تام بأبعاد المخطط الشيطاني الذي يواجهه الوطن العربي والذي تعتبر حرب ابادة غزة خطوة في الطريق اليه.
يخطئ العرب خطأ تاريخيا قاتلا ان هم اعتقدوا ان هذه الحرب مقصود بها القضاء على المقاومة الفلسطينية وخصوصا حركة حماس فقط او حتى مجرد القضاء على غزة وحدها كما يقول العدو الصهيوني.
هذه ليست حربا صهيونية غربية على غزة او فلسطين فقط. هي حرب على كل الوطن العربي. حرب هدفها محاولة تنفيذ مخطط قديم لفرض المشروع الصهيوني الكامل على الوطن العربي والقضاء على العرب كقوة موحدة.
العدو الصهيوني والغرب اعتبروا ان هجوم «طوفان الأقصى» وما الحقه بالعدو من خسائر واذلال وكشف لأوجه ضعفه وهشاشته هي فرصة مواتية تماما لمحاولة تنفيذ هذا المخطط.
ثلاثة خطوات كبرى يتصورون ان هذا المخطط سيمر بها.
أولا: الإبادة الكاملة لغزة بلا تردد وبشكل وحشي همجي على نحو ما يحدث ويتابعه العالم كله.
هذه الإبادة ليس مقصودا بها اهل غزة والفلسطينيين وحدهم والانتقام منهم، وانما مقصود بذلك كل العرب.
مقصود ان يفهم العرب أن هذا هو المصير، أي مصير العدوان والإبادة، هو الذي ينتظرهم ان هم تجرأوا على المقاومة او التصدي للمخططات الصهيونية الغربية.
ثانيا: الإبادة التي تجري في غزة هي مقدمة لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل، والسبيل الأساسي لذلك في المرحلة الحالية هو محاولة تهجير الفلسطينيين وطردهم من ارضهم وبلادهم.
منذ اللحظة الأولى لبدء حرب الإبادة الصهيونية اعلنوا ان الفلسطينيين عليهم ان يتركوا ارضهم ويتوجهوا الى مصر وغيرها من الدول العربية.
وحاولت الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا الضغط على الدول العربية كي تقبل بهذا التهجير.
الدول العربية أعلنت موقفا حازما برفض التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، ونتيجة لذلك تمهلت أمريكا والدول الغربية مؤقتا في الإلحاح على هذه الجريمة.
مجرد الإلحاح على مخطط التهجير بهذا الشكل تأكيد في حد ذاته على النية المبيتة لتصفية القضية الفلسطينية نهائيا. بمعنى انه لم يعد هناك أي مجال بالنسبة للصهاينة والغرب للحديث الان ومستقبلا عن قيام دولة فلسطينية مستقلة ولا حتى عن حقوق فلسطينية. كل ما يقال اليوم عن الدولة الفلسطينية من جانب امريكا كذب وتضليل.
3 – اذا تحقق هذا، ففي التقدير الصهيوني الغربي سيكون العدو الصهيوني مطلق السراح في المنطقة، وستكون الظروف مواتية للمضي قدما في تحقيق باقي اهداف المخطط بتدمير الدول العربية وتقسيمها واعادة رسم خريطة المنطقة كلها بما يضمن السطوة الصهيونية فيها.
كل ابعاد هذا المخطط منشورة تفاصيلها بالكامل في وثائق صهيونية وغربية منذ سنوات طويلة جدا. ومع ذلك يبدو الأمر بالنسبة للبعض في الوطن العربي كما لو كان مفاجئا او غير متوقع أو غير صحيح.
على أي حال نقول هذا لأننا في الوطن العربي يجب ان نبني حساباتنا على المستويات الرسمية وغير الرسمية على هذا الأساس، وان نضع استراتيجيتنا ونحشد قوانا كلها في مواجهة هذا المخطط.
يجب ان نفعل هذا قبل ان يجتاحنا الطوفان الصهيوني الغربي الامبريالي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك