العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

إلى متى الخنوع للإرهاب الأمريكي؟!!

ستة‭ ‬وزراء‭ ‬عرب‭ ‬اجتمعوا‭ ‬في‭ ‬الأردن‭ ‬مع‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬بلينكن‭. ‬قبل‭ ‬اللقاء‭ ‬قال‭ ‬بعض‭ ‬المسئولين‭ ‬العرب‭ ‬إن‭ ‬الهدف‭ ‬منه‭ ‬هو‭ ‬إبلاغ‭ ‬الوزير‭ ‬الأمريكي‭ ‬بموقف‭ ‬عربي‭ ‬حازم‭ ‬وواضح‭ ‬بـ«ضرورة‭ ‬الوقف‭ ‬الفوري‭ ‬للاعتداءات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وأولوية‭ ‬دخول‭ ‬المساعدات،‭ ‬لا‭ ‬للتهجير،‭ ‬وإنهاء‭ ‬الاحتلال‭ ‬وإقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭ ‬هو‭ ‬الحل‮»‬‭.‬

بعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬فهمنا‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬أرادت‭ ‬دفع‭ ‬أمريكا‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬هذه‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭.‬

بعد‭ ‬الاجتماع‭ ‬اكتشفنا‭ ‬أن‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬فيه‭ ‬ليس‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬وعبر‭ ‬عنه‭ ‬الوزراء‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬مواقف،‭ ‬وإنما‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الوزير‭ ‬الأمريكي‭ ‬وأبلغه‭ ‬للوزراء‭ ‬العرب‭.‬

الوزير‭ ‬الأمريكي‭ ‬أبلغ‭ ‬الوزراء‭ ‬العرب‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬ترفض‭ ‬رفضا‭ ‬تاما‭ ‬أي‭ ‬وقف‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وأن‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقبل‭ ‬به‭ ‬هو‭ ‬هدنة‭ ‬إنسانية‭ ‬لبضع‭ ‬ساعات‭ ‬لإدخال‭ ‬بعض‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الهزيلة‭.‬

ماذا‭ ‬يعني‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬قاله‭ ‬الوزير‭ ‬الأمريكي؟

يعني‭ ‬ببساطة‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تقف‭ ‬بلا‭ ‬أي‭ ‬تحفظ‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وتؤيد‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الشاملة‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭ ‬على‭ ‬أهلنا‭ ‬وأرضنا‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

معناه‭ ‬إن‭ ‬أمريكا‭ ‬تؤيد‭ ‬ما‭ ‬يهدف‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬إلى‭ ‬تحقيقه‭ ‬ويفعل‭ ‬ذلك‭ ‬بالفعل‭ ‬وهو‭ ‬قتل‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬لو‭ ‬استطاع‭ ‬وتسوية‭ ‬غزة‭ ‬برمتها‭ ‬بالأرض‭.‬

معناه‭ ‬إن‭ ‬أمريكا،‭ ‬كما‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني،‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬أي‭ ‬مانع‭ ‬من‭ ‬إبادة‭ ‬كل‭ ‬العرب‭ ‬إن‭ ‬أمكن‭ ‬ذلك‭.‬

الأمر‭ ‬الخطير‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يتعمد‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬إبلاغ‭ ‬الوزراء‭ ‬العرب‭ ‬مباشرة‭ ‬ووجها‭ ‬لوجه‭ ‬بهذا‭ ‬الموقف‭ ‬الهمجي‭.‬

أن‭ ‬يتعمد‭ ‬الوزير‭ ‬الأمريكي‭ ‬فعل‭ ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬يريد‭ ‬إرسال‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬لكل‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬بأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لا‭ ‬تقيم‭ ‬أي‭ ‬وزن‭ ‬أو‭ ‬اعتبار‭ ‬للعرب‭ ‬ولا‭ ‬تلتفت‭ ‬مطلقا‭ ‬لأي‭ ‬موقف‭ ‬يتبنونه‭ ‬وأي‭ ‬مطالب‭ ‬يطرحونها‭.‬

لا‭ ‬أحسب‭ ‬أننا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الحديث‭ ‬عما‭ ‬يعنيه‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬استهانة‭ ‬ما‭ ‬بعدها‭ ‬استهانة‭ ‬بالعرب‭ ‬ومصالحهم‭ ‬وحتى‭ ‬أرواحهم‭. ‬

حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬إن‭ ‬أمريكا‭ ‬بموقفها‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬تعلن‭ ‬صراحة‭ ‬العداء‭ ‬السافر‭ ‬لكل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وكل‭ ‬العرب‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬نعلم،‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬ليس‭ ‬جديدا‭ ‬ولا‭ ‬مفاجئا‭.‬

‭ ‬منذ‭ ‬اللحظة‭ ‬الأولى‭ ‬لبدء‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الهمجية‭ ‬الصهيونية،‭ ‬تمثل‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬أمرين‭:‬

الأول‭: ‬أعلنت‭ ‬أنها‭ ‬سوف‭ ‬تدفع‭ ‬بأساطيلها‭ ‬الحربية‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭ ‬كي‭ ‬تدعم‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬وكي‭ ‬تكون‭ ‬جاهزة‭ ‬للمشاركة‭ ‬مباشرة‭  ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬جانبه‭.‬

والثاني‭: ‬أعلنت‭ ‬أمريكا‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تؤيد‭ ‬فقط‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬موقفها‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬أي‭ ‬خطوط‭ ‬حمراء‭ ‬أمام‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭.‬

ومعنى‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬أي‭ ‬خطوط‭ ‬حمراء‭ ‬أمام‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬أنه‭ ‬مطلق‭ ‬السراح‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يرتكب‭ ‬ما‭ ‬يشاء‭ ‬من‭ ‬مجازر‭ ‬أو‭ ‬مذابح‭ ‬وأن‭ ‬يقتل‭ ‬كل‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭ ‬إن‭ ‬استطاع‭.. ‬وهكذا‭.‬

منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬تتخذ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مواقف‭ ‬عدائية‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬ولم‭ ‬تقم‭ ‬أي‭ ‬وزن‭ ‬أو‭ ‬اعتبار‭ ‬لعلاقات‭ ‬التحالف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬المفترضة‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

السؤال‭ ‬هو‭: ‬لماذا‭ ‬تفعل‭ ‬أمريكا‭ ‬هذا؟‭.. ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تتردد‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬موقفها‭ ‬العدائي‭ ‬هكذا‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬فعل‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي؟‭..  ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تقيم‭ ‬أي‭ ‬وزن‭ ‬أو‭ ‬اعتبار‭ ‬للدول‭ ‬العربية؟

الجواب‭ ‬ببساطة‭ ‬إنها‭ ‬تعرف‭ ‬بحكم‭ ‬الخبرة‭ ‬العملية‭ ‬أنها‭ ‬مهما‭ ‬فعلت،‭ ‬فإن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬لن‭ ‬تفعل‭ ‬شيئا‭ ‬لردعها‭ ‬أو‭ ‬لدفعها‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬مواقفها‭.‬

لكن‭ ‬الوضع‭ ‬اليوم‭ ‬مختلف‭. ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬اليوم‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬بأهل‭ ‬غزة‭ ‬أو‭ ‬بفلسطين‭ ‬فقط‭. ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بإرادة‭ ‬إبادة‭ ‬معلنة‭ ‬لكل‭ ‬العرب‭.‬

وأن‭ ‬يبلغ‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬الوزراء‭ ‬العرب‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬بكل‭ ‬هذا‭ ‬السفور،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬يمثل‭ ‬إرهابا‭ ‬سياسيا‭ ‬مباشرا‭ ‬لكل‭ ‬العرب‭.‬

السؤال‭: ‬إلى‭ ‬متى‭ ‬يستمر‭ ‬هذا‭ ‬الوضع؟‭.. ‬إلى‭ ‬متى‭ ‬تصمت‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬أمريكا‭ ‬بنا؟‭. ‬متى‭ ‬سنقرر‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬مصالحنا‭ ‬وحتى‭ ‬عن‭ ‬وجودنا‭ ‬وأرواحنا‭ ‬العربية؟

إلى‭ ‬متى‭ ‬هذا‭ ‬الخنوع‭ ‬للإرهاب‭ ‬الذي‭ ‬تمارسه‭ ‬أمريكا‭ ‬علينا؟‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا