يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
هل نراهن على «شرفاء» الغرب؟!
تحدثت أمس عن التمرد في أوساط الدبلوماسيين والعاملين في وزارة الخارجية الأمريكية والمفوضية الأوربية احتجاجا على المواقف الغربية الهمجية من العدوان الإسرائيلي على غزة وحرب الإبادة للشعب الفلسطيني.
بالإضافة الى هذه المواقف داخل مؤسسات رسمية غربية، بدأت أصوات ترتفع في بعض أجهزة الاعلام في الغرب تتخذ نفس الموقف، أي تنتقد حرب الإبادة الاسرائيلية والمواقف الغربية الهمجية.
السؤال هو: ما هي حدود تأثير هذه الأصوات الشريفة في الغرب؟.. هل يمكن ان نراهن على هذه الأصوات لحدوث تغيير في المواقف الغربية؟.
بداية لا بد ان نفهم لماذا ارتفعت هذه الأصوات الان، وما هي الأسباب التي دفعتها للتعبير علنا عن رفضها لمواقف الغرب.
أكبر الأسباب بالطبع ان المواقف الغربية من العدوان الصهيوني بلغت حدا من الشناعة والهمجية من المفروض ان يصدم اي انسان عنده ذرة من ضمير ومن مشاعر إنسانية.
المسألة ليست مسألة ان الغرب يدعم الكيان الإسرائيلي وعدوانه، فالغرب يتخذ هذا الموقف دوما في كل الأوقات. المسألة ان الغرب انتقل من دعم الكيان الإسرائيلي الى التأييد العلني السافر للإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني ومحوه من الوجود. ولم يكتف بهذا بل تسابقت الدول الغربية في تقديم كل سبل الدعم وفي مقدمتها الدعم العسكري للكيان الإسرائيلي كي يكمل هذه المهمة.. مهمة الإبادة الشاملة، ويتفاخر المسئولون الغربيون في تقديم مبررات موقفهم الهمجي.
أي انسان في العالم، بما في ذلك الدول الغربية، يتابع المجازر الصهيونية في غزة وآلاف الشهداء الذين سقطوا والتدمير الاجرامي الشامل، المفروض ان ينتفض غضبا ورفضا. وهذا حال هؤلاء الشرفاء في الغرب الذين يرفعون أصواتهم اليوم ضد هذه الجرائم الوحشية وضد مشاركة الغرب فيها.
لكن يبقى ان السبب الأهم بالنسبة لهؤلاء انهم يعتبرون ان المواقف الحالية للدول الغربية تدمر مصالح هذه الدول في المنطقة. هم يخشون ان تعرض هذه المواقف مصالح الغرب في الدول العربية للخطر. وفي تقديرهم أيضا ان لها تبعات خطيرة على الأوضاع الداخلية في الدول الغربية، اذ ستفاقم التطرف والصراعات الداخلية مع المسلمين وغيرهم في هذه الدول.
مرة أخرى، هلي يمكن الرهان على هذه الأصوات الرافضة في إمكانية حدوث تحول في المواقف الغربية؟.
الإجابة قطعا: لا.
صحيح ان هذه الأصوات بالإضافة الى مظاهرات التضامن مع الشعب الفلسطيني التي تندلع في العواصم الغربية تدفع المسئولين في هذه الدول الى محاولة تجميل صورتهم القبيحة والتظاهر مثلا بالحرص على تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني.
حدوث أي تغيير ملموس في المواقف الغربية الهمجية لن يحدث أيا كانت المعارضة الداخلية، وذلك لأسباب ثلاثة:
الأول: ان هذه الأصوات الشريفة الرافضة للمواقف الغربية في مؤسسات السياسة والاعلام تبقى أصواتا محدودة جدا، وبالتالي ليس لها تأثير ملموس. يبقى ان التيار الأساسي في الغرب على كل المستويات يقف مع الكيان الصهيوني قلبا وقالبا ومع إبادة الشعب الفلسطيني.
والثاني: ان ما جرى ويجري يثبت ان الصهاينة سطوتهم هائلة على مؤسسات السياسة والإعلام في الغرب. من الواضح ان الكل في الغرب يخشى الارهاب السياسي الذي يمارسه الصهاينة ان هم لم يرضخوا لإرادتهم.
والثالث: وهذا هو العامل الأهم ان الغرب نفسه لديه نفس الأهداف الصهيونية مما يجري في فلسطين ومن الأمة العربية بصفة عامة.
نعني ان الدول الغربية نفسها لديها مخططات تدمير الدول العربية، وهم يعتبرون ان المشروع الصهيوني أداة متقدمة لتحقيق مخططاتهم. وخبرتنا في العقود الماضية اثبتت ذلك.
هم في الغرب يريدون تدمير دولنا ويسعدهم خرابها ويتمنون ألا تقوم لها قائمة.
لكل هذا ستبقى هذه الأصوات للشرفاء في الغرب مجرد تعبير عن صحوة ضمير انساني عابرة من دون تأثير كبير.
ان كان لنا ان نراهن على شيء في اجبار الغرب على تغيير مواقفه وعلى وقف هذه الهجمة التاريخية الهمجية على الأمة فلنراهن على أنفسنا، ان كان لدينا الإرادة أصلا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك