يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
جريمة في قمة القاهرة
«قمة القاهرة للسلام» التي دعت إليها مصر كان مفترضا أن يصدر عنها «نداء عالمي للسلام» يدعو إلى وقف حرب الإبادة الحالية ضد الشعب الفلسطيني في غزة ويدعو إلى إطلاق عملية تنشد السلام العادل. كان هذا أبسط شيء يمكن أن يفعله العالم اليوم إزاء جرائم الحرب والإبادة التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي.
لكن الذي فعلته الدول الغربية التي شاركت في القمة يعد جريمة بكل معنى الكلمة.. جريمة ليس فقط في حق شعب فلسطين والعرب، وإنما أيضا في حق الإنسانية والضمير الإنساني والقانون الدولي.
الذي حدث أن الدول الغربية رفضت رفضا مطلقا أي إدانة للكيان الإسرائيلي وأي إشارة لجرائم الحرب والإبادة التي يرتكبها في غزة. ليس هذا فحسب بل رفضت هذه الدول صدور أي بيان عن القمة أصلا يتضمن أي مطالبة بوقف إطلاق النار ودخول المساعدات. ورفضت هذه الدول أي «حلول وسط» تم تقديمها ولهذا لم يصدر بيان عن القمة.
هذه جريمة ارتكبتها الدول الغربية تعجز أي كلمات عن وصفها.
لكننا نحن العرب يجب أن نتوقف مطولا جدا أمام ما حدث وأن نعي ما يعنيه بالضبط.
الدول الغربية اجتمعت كلمتها على أن تقف صفا واحدا مع الكيان الإسرائيلي ليست داعمة فقط وإنما شريكة بالكامل في كل جرائمه.
الدول الغربية بموقفها في قمة القاهرة أعلنت بوضوح أنها مع استمرار حرب الإبادة حتى تحقق كل أهدافها الصهيونية والغربية أيضا. حتى مجرد دعوة لوقف الحرب لأسباب إنسانية رفضوها.
ما فعلته الدول الغربية يعد احتقارا لكل العرب بل وإعلان العداء السافر لكل العرب. الدول الغربية في قمة القاهرة بعثت بوضوح رسالة مؤداها، نحن الغرب مع إبادة الفلسطينيين والعرب ومع أي جرائم ترتكب بحقهم.
في نفس الوقت، كانت قمة القاهرة مناسبة لإعلاء الصوت العربي والتعبير عن موقف الدول العربية.
كل القادة العرب الذين تحدثوا في القمة عبروا عن موقف موحد إلى حد كبير. هذا الموقف يتلخص في أن هذا العدوان على الشعب الفلسطيني يجب أن يتوقف. لابد من إدخال المساعدات فورا إلى غزة. أي حديث عن تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية مرفوض.. لا يمكن أن يكون هناك أمن ولا استقرار في المنطقة كلها من دول نيل الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة.
المهم إننا اليوم وعلى ضوء ما جرى في قمة القاهرة، والمواقف الغربية عموما من حرب إبادة غزة، يجب أن ندرك أننا كعرب، نقف على طرفي نقيض وجها لوجه مع الدول الغربية.
نحن نتحدث عن السلام العادل كخيار استراتيجي. وهم لا يعتبرون السلام خيارا استراتيجيا ولا تكتيكيا ولا هو خيار أصلا.
نحن نتحدث عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وحتمية إقامة دولته المستقلة. وهم لا يعتبرون أن للفلسطينيين حقوقا أصلا. ليس هذا فحسب بل يعتبرون أنهم لا يستحقون الحياة وأن إبادة الشعب الفلسطيني مشروعة.
نحن نتحدث عن القانون الدولي والقيم الإنسانية. هم يقولون لنا، القانون الدولي لا يعنينا في شيء، والقيم الإنسانية لا تهمنا في شيء.
إذا تأملنا كل هذا فإننا يجب أن ندرك ما يلي:
من الآن فصاعدا، نحن في الوطن العربي في معركة مفتوحة ليس مع الكيان الإسرائيلي والمشروع الصهيوني فقط، ولكن مع كل الدول الغربية.
هذه المعركة ليست من أجل فلسطين فقط، وفلسطين ليست ساحتها الوحيدة.
هذه معركة استراتيجية هدفها إذلال كل العرب.. إخضاع كل العرب.. فرض الوصاية الكاملة على كل العرب.
على هذه الأساس يجب أن نبني حساباتنا على المستويات الرسمية والشعبية في الوطن العربي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك