يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
همج في كامل وعيهم
تحدثت أمس عن مواقف الدول الغربية وتصرفاتها إزاء جرائم الحرب والإبادة التي يتعرض لها أهلنا في غزة والتي هي همجية بكل معنى الكلمة.
السؤال هو: ماذا وراء هذه الهمجية الغربية؟.. ما هي الأسباب التي يمكن أن تفسر انتفاض الغرب عن بكرة أبيه بهذا الشكل وجعلته يكشف بسفور تام ودون أي خجل عن كل هذه الوحشية والهمجية؟.
في الفترة الماضية اعتبر البعض في تصريحات وفي كتابات أن الغرب انتابته حالة من الجنون بهذه المواقف والتصرفات. كأن حالة الجنون هذه تفسير كاف لما يفعله الغرب.
هذا ليس صحيحا أبدا.
القول بهذا يصور الغرب كما لو أنه ليس في حالته الطبيعية وليس مسئولا عن تصرفاته ومواقفه بسبب لوثة جنونية انتابته لفترة عابرة.
الحقيقة غير هذا. الحقيقة إنهم في الغرب بمواقفهم وتصرفاتهم الهمجية هذه في كامل قواهم العقلية وفي حالتهم الطبيعية تماما.
نعم.. الغرب بما يفعله اليوم في حالة وعي تاريخي كامل ولديه مبرراته الوجيهة تماما من وجهة نظره لهذه الهمجية.
الذي حدث أن الدول الغربية الحامية للكيان الإسرائيلي والضامنة لوجوده فوجئت إلى حد الصدمة بما فعلته المقاومة الفلسطينية مع «طوفان الأقصى».
سبب صدمتهم أنهم اكتشفوا أن الكيان الإسرائيلي هش وفي خطر جسيم.
بعبارة أكثر دقة انتابت الغرب حالة من الرعب حول مستقبل الكيان الإسرائيلي وحقيقة أن مشروعه، أي مشروع الغرب بزرع الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي بكل غاياته وأهدافه، في خطر ويمكن أن ينهار.
هذا في تقديرنا هو العامل الأساسي الذي يفسر كل هذه الهمجية ولماذا تضع الدول الغربية كل إمكانياتها في خدمة الكيان الإسرائيلي اليوم وتؤيد بشكل شائن كل جرائم الإبادة للفلسطينيين.
ومن الملاحظ أنه في الوقت الذي يتخذ فيه الغرب هذه المواقف، فإن أغلب الدول الغربية أمرت مواطنيها بمغادرة الكيان الإسرائيلي وعدم الذهاب إليه، وبعض الدول سحبت بعثاتها الدبلوماسية.
هذا تجسيد لقناعة الدول الغربية بما كشفت عنه المقاومة الفلسطينية من هشاشة الكيان الإسرائيلي وبأنه غير آمن وغير قادر على حماية الرعايا الغربيين.
في نفس الوقت الأمر المؤكد أن هذه المواقف والتصرفات الغربية الهمجية هي في جانب أساسي منها تجسيد لمدى ما يكنه الغرب للعرب عموما من حقد وكراهية إلى أبعد الحدود.
الغرب استكثر على الفلسطينيين المقاومين أن تكون لديهم هذه المقدرة الفذة بشن «طوفان الأقصى» بكل ما ألحقه بالكيان الإسرائيلي. في الوعي الغربي أن الفلسطينيين والعرب عموما أقل مكانة ومرتبة من الغربيين.
الغرب يريد للعرب أن يبقوا أذلاء خانعين بلا حول ولا قوة وألا يحركوا ساكنا مهما تعرضوا لظلم واضطهاد أو حتى جرائم حرب وإبادة كما يحدث مع الشعب الفلسطيني. لم ينس الغرب ماضيه الاستعماري في الوطن العربي وما زال يتصرف على أنه الأرقى والجدير بحكم العرب والسيطرة على مقدراتهم.
الأمر الذي بدا صادما لأول وهلة أننا اكتشفنا أن هذه المواقف والتصرفات ليست قصرا على الحكومات الغربية فقط ، وإنما تتبناها قطاعات واسعة جدا في المجتمعات الغربية وعلى كل المستويات.
بالتأكيد هناك بعض المؤسسات الغربية التي وقفت بجانب الكيان الإسرائيلي بهذا الشكل الشائن تخشى انتقام الدوائر الصهيونية منها إن لم تفعل ذلك بكل ما لجماعات الضغط الصهيونية من نفوذ وتأثير في الدول الغربية. لكن الواضح أن أغلب هذه المؤسسات والقوى غير الرسمية الغربية تفعل هذا عن اقتناع تام. ويعني هذا أن لدينا مشكلة كبرى مع الوعي الغربي العام ومواقفه العنصرية تجاه العرب عموما.
على أي حال، إن كان ما ذكرناه تفسيرا لكل هذه الهمجية الغربية، فماذا يريد الغرب بالضبط من وراء مواقفه وما يفعله اليوم؟
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك