العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

همجية الغرب

نحن‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نفكر‭ ‬في‭ ‬هدوء‭ ‬فيما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الجوانب،‭ ‬وفي‭ ‬الدروس‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نستخلصها‭ ‬والتي‭ ‬على‭ ‬أساسها‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬نبني‭ ‬مواقفنا‭ ‬وسياساتنا‭ ‬الرسمية،‭ ‬وأيضا‭ ‬مواقفنا‭ ‬الشعبية‭ ‬غير‭ ‬الرسمية‭.‬

ومن‭ ‬أهم‭ ‬الجوانب‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ندرسها‭ ‬ونتوقف‭ ‬عندها‭ ‬مطولا‭ ‬جدا‭ ‬الموقف‭ ‬الغربي‭ ‬مما‭ ‬يجري‭ ‬ومنذ‭ ‬اندلاع‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭.‬

أمريكا‭ ‬وكل‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬وجه‭ ‬قبيح‭ ‬أشد‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬القبح‭ ‬بالمواقف‭ ‬التي‭ ‬تتخذها‭ ‬وما‭ ‬تفعله‭ ‬عمليا‭ ‬إزاء‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬لأهلنا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬إبادة‭ ‬شاملة‭.‬

التعبيرات‭ ‬التقليدية‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬عادة‭ ‬لتوصيف‭ ‬المواقف‭ ‬الغربية‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لها‭ ‬معنى‭. ‬نعني‭ ‬تعبيرات‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬معايير‭ ‬مزدوجة‮»‬‭ ‬و«الكيل‭ ‬بمكيالين‮»‬‭ ‬و«الانحياز‭ ‬للكيان‭ ‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬و«تجاهل‭ ‬حقوق‭ ‬الفلسطينيين‮»‬‭. ‬هذه‭ ‬التعبيرات‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تكفي‭ ‬إطلاقا‭ ‬لوصف‭ ‬شناعة‭ ‬المواقف‭ ‬الغربية‭ ‬وما‭ ‬يفعله‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬الرسمية‭ ‬وغير‭ ‬الرسمية‭.‬

منذ‭ ‬اللحظة‭ ‬الأولى‭ ‬لاندلاع‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬وحتى‭ ‬اليوم‭ ‬هبت‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬كلها‭ ‬بلا‭ ‬استثناء‭ ‬تردد‭ ‬أمرا‭ ‬واحدا‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬‮«‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسه‮»‬‭ ‬وأنهم‭ ‬يؤيدون‭ ‬بشكل‭ ‬مطلق‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬ويضعون‭ ‬كل‭ ‬إمكانياتهم‭ ‬تحت‭ ‬تصرفه‭. ‬

لم‭ ‬يفكروا‭ ‬للحظة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الذي‭ ‬يؤيدون‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‭ ‬هو‭ ‬احتلال‭ ‬غاشم‭ ‬لا‭ ‬شرعية‭ ‬له‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يزول‭. ‬ولم‭ ‬يخطر‭ ‬ببالهم‭ ‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬لديه‭ ‬حق‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الاحتلال‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬بكل‭ ‬السبل‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المقاومة‭ ‬المسلحة‭ ‬كفله‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

وحين‭ ‬أعلن‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أن‭ ‬ممارسة‭ ‬حقه‭ ‬المزعوم‭ ‬في‭ ‬‮«‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‮»‬‭ ‬يعني‭ ‬الإبادة‭ ‬الشاملة‭ ‬والقتل‭ ‬الجماعي‭ ‬بلا‭ ‬تفكير‭ ‬ولا‭ ‬تمييز‭ ‬ومحو‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬الوجود‭ ‬وحتى‭ ‬طرد‭ ‬أهلها‭ ‬من‭ ‬أراضيهم،‭ ‬كان‭ ‬التأييد‭ ‬الغربي‭ ‬لكل‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬مطلقا‭ ‬وبلا‭ ‬أي‭ ‬تردد‭.‬

والدول‭ ‬الغربية‭ ‬لم‭ ‬تكتف‭ ‬بالمواقف‭ ‬المعلنة،‭ ‬وإنما‭ ‬سارعت‭ ‬بوضع‭ ‬إمكانياتها‭ ‬فعلا‭ ‬تحت‭ ‬تصرف‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭.‬

أمريكا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬سارعت‭ ‬بإرسال‭ ‬البوارج‭ ‬والسفن‭ ‬الحربية‭ ‬لدعم‭ ‬الكيان‭. ‬وباقي‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬أعلنت‭ ‬أنها‭ ‬مستعدة‭ ‬لتقديم‭ ‬السلاح‭ ‬وأي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الدعم‭.‬

الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬أعلنت‭ ‬قطع‭ ‬أي‭ ‬مساعدات‭ ‬تنموية‭ ‬أو‭ ‬إنسانية‭ ‬عن‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬ووصل‭ ‬بهم‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬تجريم‭ ‬أي‭ ‬احتجاجات‭ ‬شعبية‭ ‬تضامنا‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭.. ‬وهكذا‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬نتابع‭ ‬من‭ ‬مواقف‭ ‬غربية‭.‬

الدول‭ ‬الغربية‭ ‬وضعت‭ ‬نفسها‭ ‬عن‭ ‬وعي‭ ‬واختيار‭ ‬في‭ ‬موضع‭ ‬الشريك‭ ‬الكامل‭ ‬للكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يرتكبه‭ ‬من‭ ‬فظائع‭ ‬وجرائم‭ ‬ضد‭ ‬أهلنا‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬موقف‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬رسميا‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬موقف‭ ‬كل‭ ‬المؤسسات‭ ‬والقوى‭ ‬في‭ ‬الغرب‭.‬

الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬إعلام‭ ‬إسرائيلي‮»‬‭ ‬بالمعنى‭ ‬الحرفي‭ ‬يدافع‭ ‬عن‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭ ‬بلا‭ ‬أي‭ ‬خجل‭ ‬ويردد‭ ‬الأكاذيب‭ ‬الفاضحة‭ ‬مثل‭ ‬فضيحة‭ ‬‮«‬الرؤوس‭ ‬المقطوعة‮»‬‭.‬

كل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬اصطفت‭ ‬لتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬للكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لمواصلة‭ ‬ما‭ ‬يرتكبه‭ ‬من‭ ‬جرائم‭.‬

حتى‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والثقافية‭ ‬والفكرية‭ ‬تفعل‭ ‬نفس‭ ‬الشيء‭. ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬ننظر‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬معرض‭ ‬فرانكفورت‭ ‬للكتاب‭ ‬بإعلان‭ ‬تأييده‭ ‬للكيان‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬رؤساء‭ ‬شركات‭ ‬حين‭ ‬طلبوا‭ ‬أسماء‭ ‬طلاب‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬هارفارد‭ ‬كي‭ ‬يمتنعوا‭ ‬عن‭ ‬توظيفهم‭ ‬فقط‭ ‬لأنهم‭ ‬تجرأوا‭ ‬وتعاطفوا‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬ولاية‭ ‬ألمانية‭ ‬حين‭ ‬حظرت‭ ‬الكوفية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬واعتبرتها‭ ‬‮«‬تهديدا‭ ‬للسلام‮»‬‭.‬

في‭ ‬الغرب‭ ‬كله‭ ‬لا‭ ‬صوت‭ ‬اليوم‭ ‬يعلو‭ ‬على‭ ‬صوت‭ ‬تأييد‭ ‬الإبادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬وتدمير‭ ‬غزة‭ ‬بالكامل‭. ‬أي‭ ‬صوت‭ ‬يرتفع‭ ‬تضامنا‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬يرتكب‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬جريمة‭ ‬لا‭ ‬تغتفر‭ ‬ويجب‭ ‬إسكاته‭ ‬ولتذهب‭ ‬الحريات‭ ‬المزعومة‭ ‬إلى‭ ‬الجحيم‭.‬

الغرب‭ ‬كله‭ ‬يرقص‭ ‬فرحا‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬أشلاء‭ ‬الشهداء‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ومشاهد‭ ‬الإبادة‭ ‬الوحشية‭ ‬الشاملة‭. ‬

لم‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬كشف‭ ‬الغرب‭ ‬عن‭ ‬همجيته‭ ‬بشكل‭ ‬سافر‭ ‬مثلما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭.‬

ولا‭ ‬يقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ذكرناه‭. ‬هناك‭ ‬جوانب‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬شناعة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا