يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
همجية الغرب
نحن في الوطن العربي بحاجة إلى أن نفكر في هدوء فيما يجري في غزة من حرب إبادة للشعب الفلسطيني من مختلف الجوانب، وفي الدروس التي يجب أن نستخلصها والتي على أساسها من المفروض أن نبني مواقفنا وسياساتنا الرسمية، وأيضا مواقفنا الشعبية غير الرسمية.
ومن أهم الجوانب التي يجب أن ندرسها ونتوقف عندها مطولا جدا الموقف الغربي مما يجري ومنذ اندلاع «طوفان الأقصى».
أمريكا وكل الدول الغربية كشفت عن وجه قبيح أشد ما يكون القبح بالمواقف التي تتخذها وما تفعله عمليا إزاء ما يجري لأهلنا في غزة من جرائم إبادة شاملة.
التعبيرات التقليدية التي تستخدم عادة لتوصيف المواقف الغربية لم يعد لها معنى. نعني تعبيرات مثل «معايير مزدوجة» و«الكيل بمكيالين» و«الانحياز للكيان الإسرائيلي» و«تجاهل حقوق الفلسطينيين». هذه التعبيرات لم تعد تكفي إطلاقا لوصف شناعة المواقف الغربية وما يفعله الغرب على المستويات الرسمية وغير الرسمية.
منذ اللحظة الأولى لاندلاع «طوفان الأقصى» وحتى اليوم هبت الدول الغربية كلها بلا استثناء تردد أمرا واحدا هو أن الكيان الإسرائيلي من حقه «الدفاع عن نفسه» وأنهم يؤيدون بشكل مطلق كل ما يفعله ويضعون كل إمكانياتهم تحت تصرفه.
لم يفكروا للحظة في أن الذي يؤيدون حقه في الدفاع عن النفس هو احتلال غاشم لا شرعية له ويجب أن يزول. ولم يخطر ببالهم أن الشعب الفلسطيني هو الذي لديه حق الدفاع عن النفس في مواجهة الاحتلال وأن هذا الحق بكل السبل بما في ذلك المقاومة المسلحة كفله القانون الدولي.
وحين أعلن الكيان الإسرائيلي أن ممارسة حقه المزعوم في «الدفاع عن النفس» يعني الإبادة الشاملة والقتل الجماعي بلا تفكير ولا تمييز ومحو غزة من الوجود وحتى طرد أهلها من أراضيهم، كان التأييد الغربي لكل هذه الجرائم مطلقا وبلا أي تردد.
والدول الغربية لم تكتف بالمواقف المعلنة، وإنما سارعت بوضع إمكانياتها فعلا تحت تصرف الكيان الإسرائيلي في الجرائم التي يرتكبها.
أمريكا وبريطانيا سارعت بإرسال البوارج والسفن الحربية لدعم الكيان. وباقي الدول الأوروبية أعلنت أنها مستعدة لتقديم السلاح وأي شكل من أشكال الدعم.
الدول الأوروبية أعلنت قطع أي مساعدات تنموية أو إنسانية عن الفلسطينيين. ووصل بهم الأمر إلى حد تجريم أي احتجاجات شعبية تضامنا مع الفلسطينيين.. وهكذا على نحو ما نتابع من مواقف غربية.
الدول الغربية وضعت نفسها عن وعي واختيار في موضع الشريك الكامل للكيان الإسرائيلي في كل ما يرتكبه من فظائع وجرائم ضد أهلنا في فلسطين.
لم يكن هذا هو موقف الحكومات الغربية رسميا فقط، وإنما موقف كل المؤسسات والقوى في الغرب.
الإعلام الغربي تحول إلى «إعلام إسرائيلي» بالمعنى الحرفي يدافع عن جرائم الحرب والإبادة بلا أي خجل ويردد الأكاذيب الفاضحة مثل فضيحة «الرؤوس المقطوعة».
كل المؤسسات الاقتصادية اصطفت لتقديم الدعم للكيان الإسرائيلي لمواصلة ما يرتكبه من جرائم.
حتى المؤسسات الأكاديمية والثقافية والفكرية تفعل نفس الشيء. يكفي أن ننظر إلى ما فعله معرض فرانكفورت للكتاب بإعلان تأييده للكيان الإسرائيلي، أو ما فعله رؤساء شركات حين طلبوا أسماء طلاب في جامعة هارفارد كي يمتنعوا عن توظيفهم فقط لأنهم تجرأوا وتعاطفوا مع الشعب الفلسطيني، أو ما فعلته ولاية ألمانية حين حظرت الكوفية الفلسطينية في المدارس واعتبرتها «تهديدا للسلام».
في الغرب كله لا صوت اليوم يعلو على صوت تأييد الإبادة الصهيونية للفلسطينيين وتدمير غزة بالكامل. أي صوت يرتفع تضامنا مع الفلسطينيين يرتكب بالنسبة لهم جريمة لا تغتفر ويجب إسكاته ولتذهب الحريات المزعومة إلى الجحيم.
الغرب كله يرقص فرحا اليوم على أشلاء الشهداء في غزة ومشاهد الإبادة الوحشية الشاملة.
لم يحدث من قبل أن كشف الغرب عن همجيته بشكل سافر مثلما يحدث اليوم.
ولا يقتصر الأمر على كل ما ذكرناه. هناك جوانب أخرى لا تقل شناعة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك