العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

فصل جديد من تقارب العلاقات «الخليجية - الأمريكية»

الأربعاء ٠٤ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

شهدت‭ ‬العلاقات‭ ‬الخليجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬تحسنا‮»‬‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭. ‬وسط‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬وأمن‭ ‬الطاقة،‭ ‬والدبلوماسية‭. ‬ووصف‭ ‬‮«‬إدوارد‭ ‬وونغ‮»‬،‭ ‬و«فيفيان‭ ‬نيريم‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬زيارة‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬أنتوني‭ ‬بلينكن‮»‬،‭ ‬للسعودية‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2023‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬توجت‭ ‬جهود‭ ‬واشنطن‭ ‬لإعادة‭ ‬بناء‭ ‬العلاقات‭ ‬بعد‭ ‬عامين‭ ‬متوترين‮»‬‭.‬

ومنذ‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬استمر‭ ‬تقارب‭ ‬العلاقات‭. ‬وفي‭ ‬قمة‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬العشرين‮»‬،‭ ‬الأخيرة،‭ ‬بنيودلهي؛‭ ‬رحبت‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬بإنشاء‭ ‬‮«‬ممر‭ ‬للتجارة‭ ‬والنقل‭ ‬يربط‭ ‬بين‭ ‬الهند‭ ‬وأوروبا‮»‬،‭ ‬يعزز‭ ‬طموحات‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تُصبح‭ ‬‮«‬مركزًا‭ ‬رئيسيًا‮»‬،‭ ‬للتجارة‭ ‬العالمية‭. ‬وفي‭ ‬سبتمبر2023،‭ ‬وسعت‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬نطاق‭ ‬التزاماتها‭ ‬الأمنية‭ ‬تجاه‭ ‬‮«‬مملكة‭ ‬البحرين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬اتفاقية‭ ‬التكامل‭ ‬الأمني‭ ‬والازدهار‭ ‬الشامل‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬وصفتها‭ ‬‮«‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬للتعاون‭ ‬بين‭ ‬مجموعة‭ ‬أوسع‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تتقاسم‭ ‬مصالح‭ ‬متبادلة‭ ‬ورؤية‭ ‬مشتركة،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بسياسات‭ ‬الردع‭ ‬والدبلوماسية‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬رأت‭ ‬‮«‬كيرستن‭ ‬فونتنروز‮»‬‭ -‬المسؤولة‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭- ‬أنه‭ ‬‮«‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بمثابة‭ ‬نموذج‭ ‬لحلفاء‭ ‬واشنطن‭ ‬الآخرين‭ ‬في‭ ‬المنطقة‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬تطور‭ ‬العلاقات‭ ‬‮«‬الأمريكية‭-‬الخليجية‮»‬،‭ ‬وتأكيد‭ ‬الالتزامات‭ ‬المتبادلة‭ ‬تجاه‭ ‬مصالح‭ ‬كل‭ ‬منهما،‭ ‬قبل‭ ‬بدء‭ ‬‮«‬الدورة‭ ‬الثامنة‭ ‬والسبعين‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬‮«‬نيويورك»؛‭ ‬التقى‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬،‭ ‬نظراءه‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي؛‭ ‬لمناقشة‭ ‬القضايا‭ ‬الإقليمية،‭ ‬وإعلان‭ ‬التقدم‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬إحرازه‭ ‬مؤخرًا‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية،‭ ‬حيث‭ ‬أشاد‭ ‬بكيفية‭ ‬تعاون‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬مع‭ ‬واشنطن؛‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬نتائج‭ ‬إيجابية‭ ‬حقيقية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬والتجارة،‭ ‬والأمن،‭ ‬والجغرافيا‭ ‬السياسية،‭ ‬والإصلاحات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬والتي‭ ‬شدد‭ ‬على‭ ‬كونها‭ ‬لن‭ ‬تعود‭ ‬بالنفع‭ ‬عليهم‭ ‬وعلى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬بقية‭ ‬العالم‭ ‬أيضًا‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬أيام‭ ‬انعقاد‭ ‬‮«‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬تُعد‭ ‬أحد‭ ‬أكثر‭ ‬الأيام‭ ‬ازدحامًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لكبار‭ ‬الدبلوماسيين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ -‬حيث‭ ‬أجرى‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬،‭ ‬مناقشات‭ ‬مع‭ ‬‮«‬هان‭ ‬تشنغ‮»‬،‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني،‭ ‬و‮«‬يوكو‭ ‬كاميكاوا‮»‬،‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الياباني،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مسؤولين‭ ‬من‭ ‬حلفاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الغربيين‭- ‬فإن‭ ‬بدء‭ ‬مداولاته‭ ‬بالتشاور‭ ‬مع‭ ‬وزراء‭ ‬خارجية‭ ‬دول‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬التعاون‮»‬،‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬تقدير‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬واعترافها‭ ‬بمساهماتهم‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬العالمية،‭ ‬والأهمية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المتزايدة‭ ‬للخليج،‭ ‬كمركز‭ ‬للتجارة‭ ‬والابتكار‭ ‬والأمن‭.‬

وتأكيدًا‭ ‬لهذا‭ ‬التحليل،‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬‭ -‬خلال‭ ‬الاجتماع‭ ‬نفسه‭- ‬التزام‭ ‬بلاده‭ ‬تجاه‭ ‬المنطقة،‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بـ«تنميتها‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬واستقرارها‭ ‬السياسي،‭ ‬وأمنها‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬العدائية‮»‬‭. ‬وتحدث‭ ‬عن‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬‮«‬استثمرت‭ ‬في‭ ‬علاقتها‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‮»‬،‭ ‬وأنها‭ ‬‮«‬تستثمر‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‮»‬‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وكان‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬العناصر‭ ‬التي‭ ‬أكدها،‭ ‬هو‭ ‬دعم‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬للشراكة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬العالمية‭ ‬والاستثمار‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬آدم‭ ‬لوسينتي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬المونيتور‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬أشاد‭ ‬بمزايا‭ ‬الممر‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بين‭ ‬الهند،‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وأوروبا‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬تأكيده‭ ‬على‭ ‬كيف‭ ‬سيساعد‭ ‬المشروع‭ ‬الجهود‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬بناء‭ ‬منطقة‭ ‬أكثر‭ ‬استقرارًا،‭ ‬وأمانًا،‭ ‬وتكاملًا‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬تفيد‭ ‬الخليج‭ ‬وأمريكا؛‭ ‬اقتصاديًا،‭ ‬وسياسيًا‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‮»‬‭. ‬

وتم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬مذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬بين‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬و‮«‬الهند‮»‬،‭ ‬والسعودية‮»‬،‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬‮«‬قمة‭ ‬العشرين‮»‬،‭ ‬الأخيرة،‭ ‬لوضع‭ ‬الأسس‭ ‬لممر‭ ‬جديد‭ ‬للنقل‭ ‬والتجارة‭ ‬عبر‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬والذي‭ ‬سيتضمن‭ ‬تحديث‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الرئيسية،‭ ‬وروابط‭ ‬الاتصالات‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬جوليان‭ ‬ديسي‮»‬،‭ ‬و«سينزيا‭ ‬بيانكو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬الممر‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬تمتعها‭ ‬بـ«مركزية‭ ‬جيوسياسية‮»‬،‭ ‬و«موقعها‭ ‬كمركز‭ ‬عالمي‭ ‬للتجارة‭ ‬والسياحة‭ ‬والتكنولوجيا‮»‬‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬بروز‭ ‬الخليج،‭ ‬كحلقة‭ ‬وصل‭ ‬بين‭ ‬غرب‭ ‬وشرق‭ ‬العالم،‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تحدي‭ ‬من‭ ‬تم‭ ‬استبعادهم‭ ‬من‭ ‬المنطقة،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬رأى‭ ‬الخبراء‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬غير‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬الاتفاق‭ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬المنافسة‭. ‬وردا‭ ‬على‭ ‬تجاهل‭ ‬المسار‭ ‬لتركيا،‭ ‬أثار‭ ‬الرئيس‭ ‬‮«‬رجب‭ ‬طيب‭ ‬أردوجان‮»‬،‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬احتمال‭ ‬إنشاء‭ ‬ممر‭ ‬اقتصادي‭ ‬آخر‭ ‬لمنافسة‭ ‬النموذج‭ ‬الأمريكي‭ ‬الهندي‭ ‬الخليجي‭ ‬الأوروبي‭. ‬وكما‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬آدم‭ ‬سامسون‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬فايننشال‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬مبادرة‭ ‬أنقرة‭ ‬بشأن‭ ‬‮«‬طريق‭ ‬التنمية‮»‬،‭ ‬مرورًا‭ ‬بالعراق،‭ ‬سينقل‭ ‬البضائع‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬العراق‭ ‬إلى‭ ‬تركيا،‭ ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا،‭ ‬بالاعتماد‭ ‬على‭ ‬1200‭ ‬كيلومتر‭ ‬من‭ ‬شبكات‭ ‬السكك‭ ‬الحديدية‭ ‬والطرق‭ ‬العالية‭ ‬السرعة‭.‬

‮ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإنه‭ ‬وفقا‭ ‬لـ«إمري‭ ‬بيكر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬أوراسيا‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬القضايا‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالأمن‭ ‬والاستقرار،‭ ‬لا‭ ‬تهدد‭ ‬جدوى‭ ‬المشروع‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬فحسب‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬تركيا‭ ‬وشركاءها‭ ‬المفترضين‭ ‬يفتقرون‭ ‬إلى‭ ‬القدرات‭ ‬التمويلية‭ ‬‮«‬لتحقيق‭ ‬المخطط‭ ‬الكامل‭ ‬للمشروع‮»‬‭. ‬ولكي‭ ‬تشارك‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر،‭ ‬وتساعد‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬هذا‭ ‬المسار،‭ ‬فإنها‭ ‬‮«‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الاقتناع،‭ ‬بما‭ ‬سيعود‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬فوائد،‭ ‬جراء‭ ‬الاستثمار‭ ‬فيه‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬واضحًا‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القريب‮»‬‭. ‬

وفي‭ ‬الاجتماع‭ ‬الذي‭ ‬عُقد‭ ‬في‭ ‬‮«‬نيويورك‮»‬،‭ ‬تمت‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬التحسن‭ ‬الملحوظ‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬بين‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬و«دول‭ ‬الخليج‮»‬،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬تأكيد‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬‮«‬جاسم‭ ‬البديوي‮»‬،‭ ‬تحسن‭ ‬العلاقات‭ ‬طوال‭ ‬العام‭ ‬الراهن،‭ ‬وتأكيده‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬طليعة‭ ‬أولويات‭ ‬دول‭ ‬الخليج‮»‬‭.‬

‮ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هناك‭ ‬تحديات‭ ‬متبادلة‭ ‬تواجه‭ ‬مصالح‭ ‬الطرفين‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬البديوي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الانتشار‭ ‬النووي،‭ ‬وتهديدات‭ ‬الأمن‭ ‬البحري،‭ ‬وحرية‭ ‬الملاحة‮»‬،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الصراعات‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬اليمن،‭ ‬والسودان،‭ ‬وسوريا،‭ ‬ولبنان،‭ ‬وأفغانستان،‭ ‬وإفريقيا»؛‭ ‬تعتبر‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬مخاوف‭ ‬رئيسية‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬طليعة‭ ‬هذه‭ ‬المخاوف،‭ ‬تأتي‭ ‬تصرفات‭ ‬‮«‬إيران‮»‬،‭ ‬المزعزعة‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‭. ‬

وبالإشارة‭ ‬إلى‭ ‬كيفية‭ ‬‮«‬تعاون‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لردع‭ ‬عدوان‭ ‬طهران،‭ ‬وأنشطتها‭ ‬المزعزعة‭ ‬للاستقرار»؛‭ ‬تم‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ -‬خلال‭ ‬الاجتماع‭- ‬على‭ ‬‮«‬التهديد‭ ‬الذي‭ ‬يشكله‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‮»‬،‭ ‬والحاجة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬دعم‭ ‬وتعزيز‭ ‬حرية‭ ‬الملاحة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬المحيطة‭ ‬بشبه‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية،‭ ‬كما‭ ‬أثيرت‭ ‬أيضًا‭ ‬المفاوضات‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬أجرتها‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬لتأمين‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬السجناء‭ ‬المحتجزين‭ ‬في‭ ‬إيران‭.‬

ومع‭ ‬إشارة‭ ‬‮«‬لوسينتي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬،‭ ‬يناقش‭ ‬المسائل‭ ‬الإقليمية‭ ‬مع‭ ‬نظرائه‭ ‬الخليجيين،‭ ‬‮«‬كان‭ ‬خمسة‭ ‬أمريكيين‭ ‬في‭ ‬طريقهم‭ ‬إلى‭ ‬الدوحة،‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬صفقة‭ ‬تبادل‭ ‬السجناء‭ ‬مع‭ ‬إيران‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬أيضا‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬‮«‬ثقته‭ ‬في‭ ‬الإجراءات،‭ ‬والتدابير‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬إعدادها‭ ‬ضمن‭ ‬العملية‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لتأمين‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬السجناء‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬معربا‭ ‬عن‭ ‬شكره‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬عُمان،‭ ‬وقطر،‭ ‬على‭ ‬‮«‬لعب‭ ‬دور‭ ‬حيوي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬تسهيل‭ ‬إطلاق‭ ‬سراحهم‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬السجن‭.‬

ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر،‭ ‬أن‭ ‬الخلاف‭ ‬حول‭ ‬استراتيجية‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬تجاه‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬وحدها،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬الأمريكي‭ ‬نفسه‭. ‬وواجه‭ ‬قرارها‭ ‬بالتفاوض‭ ‬مع‭ ‬‮«‬طهران‮»‬‭ -‬حتى‭ ‬عبر‭ ‬وسطاء‭- ‬معارضة‭ ‬شديدة‭ ‬داخل‭ ‬‮«‬الكونجرس‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬أغسطس‭ ‬2023،‭ ‬كتب‭ ‬26‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬الجمهوريين‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬،‭ ‬ووزيرة‭ ‬‮«‬الخزانة‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬‮«‬جانيت‭ ‬يلين‮»‬،‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬معارضتهم‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬السياسات،‭ ‬بحجة‭ ‬أن‭ ‬تبادل‭ ‬السجناء‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬‮«‬سابقة‭ ‬خطيرة‮»‬‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وشرعية‭ ‬تفاعلاتها‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬المعادية‭. ‬

وفي‭ ‬سبتمبر‭ -‬ذكرى‭ ‬وفاة‭ ‬‮«‬مهسا‭ ‬أميني‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬السلطات‭ ‬الإيرانية،‭ ‬والقمع‭ ‬الوحشي‭ ‬للمتظاهرين‭ ‬السلميين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬طهران‭- ‬أشار‭ ‬‮«‬كينيث‭ ‬كاتزمان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬‮«‬صوفان‭ ‬للحوار‭ ‬الاستراتيجي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬طهران‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬أصدقاء‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‮»‬‭. ‬وأقر‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الأمريكي‭ ‬مؤخرًا،‭ ‬بالإجماع‭ ‬‮«‬قانون‭ ‬مهسا‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬فرض‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬إيران؛‭ ‬بسبب‭ ‬انتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والإرهاب‭.‬

وفي‭ ‬أعقاب‭ ‬انهيار‭ ‬المحادثات‭ ‬لاستعادة‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬سعت‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬ترتيب‭ ‬غير‭ ‬رسمي‭ ‬مع‭ ‬‮«‬طهران‮»‬‭. ‬وبينما‭ ‬اعترفت‭ ‬‮«‬تريتا‭ ‬بارسي،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬كوينسي‭ ‬لفنون‭ ‬الحكم‭ ‬المسؤول‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬بديل‭ ‬ضعيف‮»‬‭ ‬لاتفاق‭ ‬أوسع‭ ‬نطاقا؛‭ ‬فقد‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬أفضل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يأمله‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬‮«‬الظروف‮»‬‭ ‬الحالية‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أثار‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الانتقادات‭ ‬أيضًا‭. ‬ومع‭ ‬توضيح‭ ‬‮«‬كاتزمان‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬سيكون‭ ‬‮«‬من‭ ‬الصعب‮»‬‭ ‬على‭ ‬‮«‬الكونجرس‮»‬،‭ ‬منع‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬من‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬ترتيب‭ ‬غير‭ ‬رسمي‭ ‬مع‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬تفاهم‭ ‬مقنن‭ ‬يتطلب‭ ‬موافقة‭ ‬المجلس‭ ‬التشريعي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬اتهم‭ ‬النائب‭ ‬الجمهوري‭ ‬‮«‬جلين‭ ‬جروثمان‮»‬،‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬الفرعية‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬بمجلس‭ ‬النواب،‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬بـ«الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬الشفافية‮»‬‭ ‬في‭ ‬تعاملاتها‭ ‬مع‭ ‬إيران‭.‬

وفي‭ ‬واقع‭ ‬الأمر،‭ ‬تباينت‭ ‬آراء‭ ‬المراقبين‭ ‬حول‭ ‬سياسة‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬تجاه‭ ‬تبادل‭ ‬الأسرى‭. ‬وفي‭ ‬حين،‭ ‬أكدت‭ ‬‮«‬باربرا‭ ‬سلافين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬ستيمسون‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬‮«‬صفقات‭ ‬مثالية‮»‬،‭ ‬و«لا‭ ‬توجد‭ ‬خيارات‭ ‬سهلة‮»‬،‭ ‬بالنسبة‭ ‬لواشنطن،‭ ‬لكنها‭ ‬أصرت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬صفقة‭ ‬التبادل‭ ‬‮«‬ليست‭ ‬فدية‮»‬،‭ ‬و«ليست‭ ‬استرضاء‮»‬‭. ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬ريتشارد‭ ‬غولدبرغ‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الديمقراطيات‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬دفع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬6‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬مقابل‭ ‬خمسة‭ ‬أشخاص‮»‬،‭ ‬إجراء‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬كُلفة‭ ‬باهظة‮»‬،‭ ‬واصفًا‭ ‬الأمر‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬فدية‭ ‬تاريخية‮»‬‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭. ‬

من‭ ‬جانبها،‭ ‬أضافت‭ ‬‮«‬كايلي‭ ‬جيلبرت‮»‬‭ -‬الباحثة‭ ‬الأسترالية‭ ‬البريطانية،‭ ‬التي‭ ‬سُجنت‭ ‬بتهم‭ ‬مشكوك‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إيران‭- ‬أن‭ ‬الاحتجاج‭ ‬على‭ ‬تعاملات‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬الأخيرة‭ ‬‮«‬مُبَرر‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬تجد‭ ‬نفسها‭ ‬‮«‬منقادة‭ ‬إلى‭ ‬منحدر‭ ‬زلق‮»‬،‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬طهران،‭ ‬والذي‭ ‬ستتجرأ‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬المطالب‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬للدول‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عودة‭ ‬مواطنيها‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬أقر‭ ‬المراقبون‭ ‬والمحللون‭ ‬بأن‭ ‬العلاقات‭ ‬‮«‬الأمريكية‭-‬الخليجية‮»‬،‭ ‬تشهد‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬‮«‬تحسنا‮»‬،‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬بعد‭ ‬عامين‭ ‬متوترين‭. ‬ومع‭ ‬تغيير‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬مسارها‭ ‬للاعتراف‭ ‬بفوائد‭ ‬شراكتها‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وتقديرها‭ ‬لها‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل،‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬اجتماع‭ ‬‮«‬أنتوني‭ ‬بلينكن‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬نظرائه‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬التعاون‮»‬،‭ ‬قبل‭ ‬بدء‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة؛‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬تطور‭ ‬العلاقات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إصلاحها،‭ ‬والتزام‭ ‬الجانبين‭ ‬بتعزيزها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المنفعة‭ ‬المتبادلة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا