العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

خطر التلوث بالرصاص: الغائب الحاضر

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الجمعة ٠٤ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

عندما‭ ‬كنتُ‭ ‬طالباً‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬السبعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬المنصرم‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬أوستن،‭ ‬عاصمة‭ ‬ولاية‭ ‬تكساس،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬إعلانات‭ ‬وعبارات‭ ‬تُوضع‭ ‬على‭ ‬محطات‭ ‬وقود‭ ‬السيارات‭ ‬وعلى‭ ‬مضخات‭ ‬ملء‭ ‬السيارة‭ ‬بالوقود،‭ ‬مكتوب‭ ‬فيها‭: ‬‮«‬جازولين‭ ‬خالٍ‭ ‬من‭ ‬الرصاص‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬جازولين‭ ‬بدون‭ ‬رصاص‮»‬‭ (‬unleaded‭ ‬gasoline‭).‬

وفي‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬كنتُ‭ ‬أبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬18‭ ‬عاماً،‭ ‬وفي‭ ‬الحقيقة‭ ‬لم‭ ‬أفهم‭ ‬معنى‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭ ‬البسيطة،‭ ‬ولم‭ ‬أستوعب‭ ‬كلياً‭ ‬المقصود‭ ‬منها،‭ ‬ولم‭ ‬أدرك‭ ‬مدلولاتها‭ ‬وانعكاساتها‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬كافة،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬الأمريكي‭ ‬أو‭ ‬خارج‭ ‬أمريكا،‭ ‬وهي‭ ‬عبارةْ‭ ‬وجود‭ ‬نوعٍ‭ ‬من‭ ‬وقود‭ ‬السيارات‭ ‬خالٍ‭ ‬من‭ ‬الرصاص‭.‬

فهذه‭ ‬العبارة‭ ‬كانت‭ ‬تُمثل‭ ‬تحولاً‭ ‬جوهرياً،‭ ‬ومنعطفاً‭ ‬تاريخياً‭ ‬لعنصر‭ ‬كيميائي‭ ‬يُستخدم‭ ‬أبد‭ ‬الدهر‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجتمعات‭ ‬البشرية،‭ ‬وهو‭ ‬عنصر‭ ‬الرصاص‭. ‬فالرصاص‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬توسعت‭ ‬دائرة‭ ‬استخداماته،‭ ‬فتوغل‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المنتجات‭ ‬التي‭ ‬يستعملها‭ ‬البشر‭ ‬بشكلٍ‭ ‬يومي،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬كان‭ ‬الإنسان‭ ‬يستحدث‭ ‬ويُبدع‭ ‬منتجاً‭ ‬جديداً‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬الرصاص‭. ‬فهناك‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر‭ ‬مُعدات‭ ‬وأدوات‭ ‬حربية‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬الرصاص،‭ ‬وهناك‭ ‬أوانٍ‭ ‬منزلية‭ ‬مصنوعة‭ ‬جزئياً‭ ‬أو‭ ‬كلياً‭ ‬من‭ ‬الرصاص،‭ ‬وهناك‭ ‬وقود‭ ‬السيارات،‭ ‬أو‭ ‬الجازولين‭ ‬الذي‭ ‬يُضاف‭ ‬إليه‭ ‬الرصاص‭ ‬العضوي،‭ ‬مثل‭ ‬رباعي‭ ‬ميثيل‭ ‬الرصاص،‭ ‬أو‭ ‬رباعي‭ ‬إيثيل‭ ‬الرصاص‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬رفع‭ ‬الأوكتان‭ ‬وتحسين‭ ‬أداء‭ ‬محرك‭ ‬السيارات،‭ ‬وهناك‭ ‬الدهان‭ ‬المنزلي‭ ‬والصناعي‭ ‬الذي‭ ‬دخل‭ ‬الرصاص‭ ‬في‭ ‬تركيبته،‭ ‬وهناك‭ ‬أيضاً‭ ‬أنابيب‭ ‬الرصاص‭ ‬التي‭ ‬تُستخدم‭ ‬لنقل‭ ‬مياه‭ ‬الشرب‭ ‬إلى‭ ‬منازلنا،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬بطاريات‭ ‬السيارات،‭ ‬وبعض‭ ‬أنواع‭ ‬الكُحل‭ ‬التقليدي‭.‬

ومع‭ ‬ازدياد‭ ‬استخدام‭ ‬الرصاص‭ ‬في‭ ‬منتجات‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬ولا‭ ‬تحصى،‭ ‬تبين‭ ‬لدى‭ ‬العلماء‭ ‬المراقبين‭ ‬لهذا‭ ‬العنصر،‭ ‬والمتابعين‭ ‬لتحركاته‭ ‬في‭ ‬مكونات‭ ‬وعناصر‭ ‬بيئتنا،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العنصر‭ ‬يترشح‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المنتجات‭ ‬الكثيرة،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬العنصر‭ ‬بدأ‭ ‬يزحف‭ ‬رويداً‭ ‬رويداً‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬البيئة،‭ ‬كالهواء‭ ‬والماء‭ ‬والتربة‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬الفطرية‭ ‬النباتية‭ ‬والحيوانية،‭ ‬ثم‭ ‬يغزو‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬المطاف‭ ‬ويتراكم‭ ‬ويستقر‭ ‬في‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان،‭ ‬وينعكس‭ ‬وجوده‭ ‬على‭ ‬ارتفاع‭ ‬تركيزه‭ ‬في‭ ‬الدم‭ ‬والعظام‭ ‬وباقي‭ ‬أعضاء‭ ‬الجسم‭. ‬كذلك‭ ‬تأكد‭ ‬للعلماء‭ ‬الذين‭ ‬يقتفون‭ ‬آثار‭ ‬الرصاص‭ ‬وتأثيره‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬بأنه‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬الأطفال‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الفسيولوجية‭ ‬الجسدية،‭ ‬ومن‭ ‬الناحية‭ ‬النفسية‭ ‬والعقلية‭ ‬والسلوكية،‭ ‬حيث‭ ‬يدهور‭ ‬الرصاص‭ ‬الصحة‭ ‬العقلية‭ ‬والذهنية‭ ‬للأطفال،‭ ‬كما‭ ‬يجعلهم‭ ‬أكثر‭ ‬ميلاً‭ ‬وارتكاباً‭ ‬للسلوكيات‭ ‬المنحرفة‭ ‬والعنيفة‭.‬

ومع‭ ‬هذه‭ ‬الاكتشافات‭ ‬الصحية‭ ‬والبيئية‭ ‬الضارة‭ ‬للمجتمع‭ ‬البشري‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬الستينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬المنصرم،‭ ‬ومازالت‭ ‬تظهر‭ ‬عاماً‭ ‬بعد‭ ‬عام،‭ ‬اتجه‭ ‬المختصون‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬ومن‭ ‬رجال‭ ‬السياسة‭ ‬والتشريع‭ ‬إلى‭ ‬ملاحقة‭ ‬ومطاردة‭ ‬هذا‭ ‬العنصر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬منتج‭ ‬على‭ ‬حدة،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إزالته‭ ‬كلياً‭ ‬من‭ ‬المنتجات‭ ‬واحدة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الأقل‭ ‬خفض‭ ‬تركيزه‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬نسبة‭ ‬ممكنة‭.‬

ومن‭ ‬هذه‭ ‬المنتجات‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬الدور‭ ‬الأبرز‭ ‬والأشد‭ ‬تنكيلاً‭ ‬بصحة‭ ‬البيئة‭ ‬والإنسان‭ ‬هي‭ ‬الرصاص‭ ‬الموجود‭ ‬في‭ ‬وقود‭ ‬السيارات‭ ‬التي‭ ‬تشتغل‭ ‬بالجازولين،‭ ‬فعوادم‭ ‬عشرات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬السيارات‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مدينة‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬تُنفث‭ ‬سمومها‭ ‬المحتوية‭ ‬على‭ ‬الرصاص‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭ ‬فتدخل‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان،‭ ‬أو‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬التربة‭ ‬والمسطحات‭ ‬المائية‭ ‬الملوثة‭ ‬بالرصاص‭ ‬والتي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭. ‬وتأكيداً‭ ‬لهذه‭ ‬الحقيقة،‭ ‬فقد‭ ‬نَشرتْ‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الطبيعة‮»‬‭ (‬Nature‭) ‬في‭ ‬25‭ ‬يوليو‭ ‬2023‭ ‬دراسة‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬ستون‭ ‬عاماً‭ ‬منذ‭ ‬التقرير‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬التلوث‭ ‬العالمي‭ ‬بالرصاص‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬أشارت‭ ‬الدراسة‭ ‬إلى‭ ‬اكتشاف‭ ‬العلماء‭ ‬بأن‭ ‬مكونات‭ ‬البيئة‭ ‬حتى‭ ‬المحيطات‭ ‬الشاسعة‭ ‬والواسعة‭ ‬ملوثة‭ ‬بالرصاص،‭ ‬كما‭ ‬أفادت‭ ‬بأنه‭ ‬منذ‭ ‬مطلع‭ ‬الستينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬المنصرم‭ ‬تم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬تلوث‭ ‬المياه‭ ‬السطحية‭ ‬بالرصاص،‭ ‬مثل‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ،‭ ‬وأرجع‭ ‬العلماء‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1963‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التلوث‭ ‬بالرصاص‭ ‬بنسب‭ ‬مرتفعة‭ ‬جداً‭ ‬إلى‭ ‬عوادم‭ ‬السيارات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬نسب‭ ‬مرتفعة‭ ‬من‭ ‬الرصاص‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬جاء‭ ‬إعلان‭ ‬محطات‭ ‬تزويد‭ ‬السيارات‭ ‬بالوقود‭ ‬عن‭ ‬الجازولين‭ ‬الخالي‭ ‬من‭ ‬الرصاص‭.‬

ولكن‭ ‬هل‭ ‬انتهت‭ ‬قضية‭ ‬الرصاص‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬وأصبحت‭ ‬الآن‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬التاريخ،‭ ‬أم‭ ‬إنها‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مرور‭ ‬هذه‭ ‬العقود‭ ‬الطويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬فإنها‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تنبض‭ ‬بالحياة،‭ ‬ومازالت‭ ‬قضية‭ ‬حية‭ ‬تنغص‭ ‬صفاء‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬وتلوث‭ ‬عناصر‭ ‬البيئة،‭ ‬وتفسد‭ ‬الأمن‭ ‬الصحي‭ ‬للإنسان؟

الإجابة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬الفضيحة‭ ‬التي‭ ‬كشفتها‭ ‬الصحيفة‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال‮»‬‭ (‬Wall‭ ‬Street‭ ‬Journal‭) ‬في‭ ‬9‭ ‬يوليو‭ ‬2023،‭ ‬عندما‭ ‬أعلنت‭ ‬في‭ ‬صَدْر‭ ‬صحيفتها‭ ‬أن‭ ‬شركتي‭ ‬الاتصالات‭ ‬‮«‬أي‭ ‬تي‭ ‬أند‭ ‬تي‮»‬‭ (‬AT‭&‬T‭)‬،‭ ‬وشركة‭ ‬‮«‬فريزون‮»‬‭ (‬Verizon‭) ‬قد‭ ‬تركتا‭ ‬عمداً‭ ‬شبكة‭ ‬معقدة‭ ‬وطويلة‭ ‬من‭ ‬قرابة‭ ‬2000‭ ‬من‭ ‬الكابلات،‭ ‬والأسلاك‭ ‬القديمة‭ ‬البالية‭ ‬وغير‭ ‬المستعملة‭ ‬التي‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬الرصاص‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬البحار‭ ‬والبحيرات‭ ‬والأنهار،‭ ‬وتحت‭ ‬التربة،‭ ‬وفوق‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬أعمدة‭ ‬رصاصية‭ ‬في‭ ‬ولايات‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬أمريكا،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الشركتين‭ ‬تجاهلتا‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬الأنابيب‭ ‬التي‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬الرصاص‭ ‬السام‭ ‬والتي‭ ‬انتهت‭ ‬صلاحيتها‭ ‬ولا‭ ‬تستخدم‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬البر،‭ ‬والبحر،‭ ‬والجو‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬الأمريكية‭.‬

وتأتي‭ ‬خطورة‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬اللاأخلاقي‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬يهدد‭ ‬الصحة‭ ‬العامة‭ ‬للشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬برمته،‭ ‬فهذه‭ ‬الكابلات‭ ‬التي‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬الرصاص‭ ‬والموجودة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مكونات‭ ‬البيئة،‭ ‬تتحلل‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬بسبب‭ ‬العوامل‭ ‬المناخية‭ ‬والظروف‭ ‬التي‭ ‬توجد‭ ‬فيها،‭ ‬ويترشح‭ ‬منها‭ ‬الرصاص‭ ‬السام‭ ‬فيدخل‭ ‬إلى‭ ‬الأوساط‭ ‬البيئية،‭ ‬ومنها‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬الفطرية‭ ‬النباتية‭ ‬والحيوانية،‭ ‬ثم‭ ‬أخيراً‭ ‬إلى‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان،‭ ‬فيتراكم‭ ‬هذا‭ ‬الرصاص‭ ‬السام‭ ‬والخطر‭ ‬رويداً‭ ‬رويداً‭ ‬في‭ ‬أعضائه‭ ‬ويُعرضه‭ ‬للأسقام‭ ‬والعلل‭ ‬المزمنة‭. ‬ونظراً‭ ‬إلى‭ ‬خطورة‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬البيئية‭ ‬الصحية‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬العامة،‭ ‬فقد‭ ‬أعلنت‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬وكالة‭ ‬حماية‭ ‬البيئة‭ ‬في‭ ‬26‭ ‬يوليو‭ ‬2023‭ ‬بأنهما‭ ‬ستُجريان‭ ‬تحقيقاً‭ ‬مفصلاً‭ ‬حول‭ ‬ادعاءات‭ ‬الصحيفة،‭ ‬والتعرف‭ ‬عن‭ ‬كثب‭ ‬على‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬ستشكلها‭ ‬هذه‭ ‬الكابلات،‭ ‬حيث‭ ‬وجهتا‭ ‬شركتي‭ ‬الاتصالات‭ ‬بتوفير‭ ‬المعلومات‭ ‬الكاملة‭ ‬حولها‭ ‬خلال‭ ‬عشرة‭ ‬أيام‭.  ‬

وهناك‭ ‬أيضاً‭ ‬القضية‭ ‬القديمة‭ ‬والمتجددة‭ ‬وهي‭ ‬تلوث‭ ‬المنازل‭ ‬بالرصاص،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬من‭ ‬طلاء‭ ‬المنازل‭ ‬بالدهان‭ ‬الذي‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬الرصاص‭. ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬منع‭ ‬استخدام‭ ‬الرصاص‭ ‬في‭ ‬أنواع‭ ‬الدهانات‭ ‬المنزلية‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬فإن‭ ‬القضية‭ ‬مازالت‭ ‬حية،‭ ‬ومازالت‭ ‬هناك‭ ‬دول،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬الآسيوية‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬الرصاص‭ ‬الموجود‭ ‬في‭ ‬الدهان‭ ‬المنزلي،‭ ‬وينعكس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬تركيز‭ ‬الرصاص‭ ‬في‭ ‬دم‭ ‬الأطفال‭. ‬وقد‭ ‬أكدت‭ ‬الدراسة‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الطبيعة‮»‬‭ (‬Nature‭) ‬في‭ ‬26‭ ‬يوليو‭ ‬2023‭ ‬واقعية‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬الخطيرة‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬إنقاذ‭ ‬عشرات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬سنوياً‭ ‬من‭ ‬تأثيرات‭ ‬التسمم‭ ‬بالرصاص‭ ‬مشكلة‭ ‬يمكن‭ ‬حلها‮»‬‭. ‬فقد‭ ‬أفادت‭ ‬الدراسة‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬قرابة‭ ‬815‭ ‬مليون‭ ‬طفل‭ ‬مازالت‭ ‬دماؤهم‭ ‬ملوثة‭ ‬بالرصاص،‭ ‬فهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬الصحية‭ ‬للدهان‭ ‬الذي‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬الرصاص‭ ‬في‭ ‬المنازل،‭ ‬والمدارس،‭ ‬والمستشفيات،‭ ‬وملاعب‭ ‬الأطفال‭.‬

فقد‭ ‬أدرك‭ ‬الإنسان‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬تهديدات‭ ‬المنتجات‭ ‬التي‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬الرصاص‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬العامة،‭ ‬ولذلك‭ ‬اتخذ‭ ‬إجراءات‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬نحو‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬الرصاص‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنتجات،‭ ‬ولكن‭ ‬بصمات‭ ‬التلوث‭ ‬بالرصاص‭ ‬مازالت‭ ‬قوية‭ ‬ومتغلغلة‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬مكونات‭ ‬البيئة‭ ‬وأعضاء‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان،‭ ‬وسيحتاج‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬قرنٍ‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬لاستئصال‭ ‬هذا‭ ‬العنصر‭ ‬كليًّا‭ ‬من‭ ‬بيئته‭ ‬وأعضاء‭ ‬جسده‭.‬

 

bncftpw@batelco‭.‬com‭.‬bh

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا