صاحبة مركز متكامل لطب جراحة وزراعة الأسنان، وقصة إنسانية مليئة بالآلام والتحديات..
انتصرت في معركة الصراع من أجل البقاء.. سيدة الأعمال الدكتورة صفية خليل الخياط لأخبار الخليج:
يقول المعلم الروحي الهندي سوامي سيفاناندا: «كلما كان الصراع أصعب.. كان النصر أكثر مجدا، فتحقيق الذات يتطلب صراعا في غاية العظمة.. ضع قلبك وعقلك وذكاءك وروحك في أبسط الأشياء التي تفعلها.. فهذا هو سر النجاح»!
فما بالنا لو كان الصراع بين المرء والمرض من أجل البقاء على قيد الحياة، هنا تكمن المعضلة، وتتحقق المعجزة، وهو ما حدث مع هذه المرأة الشجاعة المثابرة، التي مرت بأزمات صحية خطيرة ومريرة وأليمة، كادت تفتك بها، إلا أنها تمسكت بالحياة، وآمنت بأنه مع كل محنة يحتاج المرء ان يتعلم شيئا ما خلالها وتحولها إلى منحة، وبالإرادة والايمان ودعم الأهل انتصرت في معركتها، وعادت لتمارس حياتها بكل تفاؤل وإبداع.
دكتورة صفية خليل الخياط، سيدة أعمال مكافحة، صاحبة مركز لجراحة وزراعة الأسنان، عاشت رحلة مزيجها الحلو والمر، وحين رأت الموت أمام أعينها تشبثت بالحياة، وأبت إلا أن تواصل ولا تستسلم، وبالفعل تجاوزت كل المآسي التي اعترضت مسيرتها، وحققت طموحها، وبلغت أهدافها رغم كل العثرات حتى تركت بصمة خاصة بها على الصعيد الإنساني والعملي.
متى بدأ حلم الطب؟
حلم الطب لم يراودني منذ الصغر، بل تبلور بداخلي متأخرا، حتى أنه يمكن القول بأنني دخلت هذا العالم صدفة، فقد قررت دراسة تخصص طب الأسنان في المرحلة الثانوية، وقبل ذلك لم يكن لدي أي تصور حول مستقبلي العلمي أو العملي، ولحسن حظي حصلت على بعثة للدراسة في جامعة العلوم والتكنولوجيا بالمملكة الأردنية الهاشمية، وذلك لأن ظروفي المادية لم تكن تسمح بالدراسة في جامعة خاصة سواء داخل البحرين أو خارجها.
وكيف جاء قرار السفر؟
رغم أن والدتي لم تكن مرحبة بسفري من أجل الدراسة لشعورها بالقلق والخوف عليّ، وخاصة أنني لم أغادر البحرين قط، إلا أنها اقتنعت وكذلك جميع أفراد أسرتي بجدوى هذه التجربة، وكان سفري لدراسة الطب بالأردن هي المرة الأولى في حياتي التي أترك فيها وطني وبمفردي، لذلك كانت تجربة جديدة وصعبة وممتعة في الوقت نفسه.
وما هي إيجابيات وسلبيات تلك التجربة؟
لو تحدثنا عن أهم إيجابيات الغربة بمفردي ولأول مرة يأتي في مقدمتها تعلمي كيف أتحمل المسؤولية من الألف إلى الياء في كل ما يخص شؤوني في الحياة، فضلا عن الشعور بالاستقلالية في اتخاذ أي قرار، وكان ذلك تحديا كبيرا بالنسبة لي، ولله الحمد نجحت في هذا الاختبار الصعب، ومر العام الأول من الدراسة الجامعية بكل سلاسة وتوفيق، إلى أن تعرضت في العام الثاني لأزمة مرضية شديدة، أجريت على أثرها أربع عمليات جراحية، الأمر الذى ترك أثرا سلبيا كبيرا عليّ نفسيا بعد أن استطعت فعليا التأقلم مع حياتي الجديدة، ومع ذلك تخطيت ذلك، وقاومت، وصمدت، وواصلت بكل قوة وإرادة، كي أثبت لأهلي أنني بقدر الثقة التي منحوها لي، وخاصة في ظل دعمهم الكبير لي، ثم جاءت المحنة الصحية الأشد.
حدثينا عن تلك المحنة؟
أثناء قضاء عام الامتياز بعد التخرج في المملكة الأردنية الهاشمية، حدث أن أصبت بمحنة صحية خطيرة، بدأت بظهور عدة أعراض منها ألم في الظهر شديد وصل إلى درجة عدم القدرة على السير، والتعرض لنوبات من الصرع، والأدهى من كل ذلك أنه أرجعني عقليا وسلوكيا طفلة من جديد، وكان التشخيص الطبي هناك يؤكد أنني حالة ميؤوس منها وعلى وشك الوفاة، هنا قرر زوجي واهلي العودة إلى البحرين، وبدأت رحلة أخرى من الفحوصات والعلاج، ولله الحمد مع الوقت أراد لي الخالق سبحانه وتعالى الشفاء وحدث ذلك بالتدرج.
كيف تم تجاوز هذه الرحلة الصعبة؟
حين عدت إلى البحرين تم تشخيص حالتي من قبل د. فرزانة السيد على أنها إصابة بفيروس في المخ، وتناولت العلاج بعد اجراء فحوصات شاملة، وبالتدريج بدأت في التحسن والشفاء، وشرعت في ممارسة حياتي كما كانت في السابق، وقد ساعدني على الخروج من شخصية وعقلية وسلوك الطفل زوجي، الذي دربني وعلمني من جديد أشياء كثيرة أعادتني إلى حياتي الطبيعية واستغرق ذلك حوالي عام، وبدأ التحسن التدريجي حتى أنني قررت أن أقضي عام الامتياز بالبحرين، وداومت في عملي رغم أنني كنت لا أزال أعاني من بعض الأعراض المرضية، ومعظمها كان يتعلق بالجانب النفسي، وبعد انقضائه بنجاح، حدث الحمل الأول، ولكن شاء القدر أن أفقد جنيني، بسبب الأدوية التي كنت أتناولها، ثم عملت لدى عيادة خاصة، وبعدها فكرت في إطلاق مشروعي الخاص، وكان ذلك بتشجيع ودعم من زوجي.
ماذا عن بداية المشروع؟
لقد قررت إنشاء مركز يقدم كل خدمات طب الأسنان، حيث حصلت على شهادة في زراعة الأسنان من إمارة دبي إلى جانب تخصصي الأساسي، فضلا عن دراسة العديد من الكورسات في نفس مجالي أون لاين، ولله الحمد حققت طموحي الذي تحول إلى شغف، بهدف تعويض نفسي عما عشته من تجارب مريرة جعلتني أقترب من الموت، وقد حذرني البعض في البداية من أن هذه الخطوة قد تمثل مجازفة تنتهي بالفشل، ولكني لم أتردد ولو لحظة واحدة.
وما السبب وراء هذا الحماس الشديد؟
لقد قلت لنفسي ولزوجي ماذا يمكن أن نخسر بعد كل ما مررنا به من تجارب وتحديات قد تكون فوق طاقة بعض البشر، وبالفعل أجرينا دراسة جدوى، وتزامن ذلك مع حملي الثاني، وكان ذلك حافزا قويا لي على تجهيز كل ما يتعلق بالمشروع، ثم حدث الافتتاح أثناء حملي بابنتي الثالثة، ونجحت في كل ذلك بدعم من زوجي الذي آمن بقدراتي وبمشروعي الذي تطور كثيرا منذ بدايته من أربع سنوات تقريبا، وفخورة بكونه يضم فريق عمل بحرينيا متكاملا بنسبة مائة في المائة، وجميعهم يتمتعون بنفس الشغف والحماس مثلي.
ماذا تعلمتِ من محنتك المرضية؟
أزماتي المرضية الشديدة التي كادت تفتك بي علمتني الكثير من العبر والدروس، أولها بل أهمها هو الحرص على التعامل بمنتهى الإنسانية والرحمة مع المرضى، والشعور بآلامهم بصورة أكبر، إلى جانب التحلي دوما بالصبر وبالتفاؤل رغم أي مشاكل أو محن قد أتعرض لها، ومع ذلك لا يمكن إنكار أنني مررت كثيرا بحالات من الإحباط والاكتئاب واليأس، شعرت فيها بالسقوط، ولكن سرعان ما كنت أنهض من جديد بالمثابرة وبالدعم وبالتشجيع ممن حولي، وتخطيت كل ألم وواصلت مشواري بكل قوة، وقد أثبت وجودي على الساحة في مجالي من أول عام.
خطأ شائع يؤثر سلبا على صحة الأسنان؟
أهم ما يعاني منه المجتمع ويؤثر على صحة الأسنان هو غياب ثقافة الوقاية والوعي بالفحص الدوري، وهنا تصبح كلفة العلاج عالية بعد تفاقم أي مشكلة، وهنا أنصح الجميع بضرورة المتابعة والعناية، وهو ما أحاول تأكيده من خلال حسابي على الانستجرام، كذلك يعتبر التدخين والمشروبات الغازية من أهم الأسباب التي تضر بصحة الأسنان، وأذكر أن هناك طفلة زارتني في العيادة عمرها 12 عاما آلمني كثيرا أن أسنانها قد دُمرت تماما بسبب النهم في شرب المياه الغازية، وهو ما ذكره لي والدها.
ما أكبر خطر يهدد الجيل الجديد؟
هذا الجيل بالفعل يوصف بأنه جيل صعب من حيث كيفية التعامل معه أو حتى تقبله للنصح، ولعل أكبر خطر يتهدده هو ظاهرة التنمر التي تمس ليس الصغار فقط، بل الكبار أيضا، ولعل أهم شيء أحاول غرسه في نفوس بناتي هو تحمل المسؤولية بحسب عمرهن، كما أحرص على أن أمنحهن الوقت اللازم للقيام بدوري كأم، وتوزيع وقتي بين العيادة والبيت، بحيث أتواجد خلال ساعات النهار مع ابنائي وبعدها أمارس عملي بالمركز بعد التأكد من انهاء واجباتي المنزلية والأسرية حتى لا يتم إتيان شيء على حساب شيء آخر.
حلمك الحالي؟
كل ما أتمناه في المرحلة الحالية هو أن أتوسع في مشروعي بحيث يضم مركزا متكاملا للعلاج الطبيعي، وهو تخصص زوجي، حتى نعمل ونكافح سويا في نفس المكان، فضلا عن عزمي الذهاب إلى الهند لدراسة كورس في جراحة الأسنان لتطوير مهاراتي بصورة مستمرة ومواكبة كل ما هو جديد في عالم تخصصي.
حول هذه التجربة كان الحوار التالي:
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك