العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

التقسيم «المكاني» و«الزماني» ومساعي بناء «الهيكل»!

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الأربعاء ٢١ يونيو ٢٠٢٣ - 02:00

ساذج‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬سعي‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬المعالم‭ ‬الدينية‭ ‬للقدس‭ ‬المحتلة،‭ ‬بما‭ ‬يتلاءم‭ ‬مع‭ ‬مخططها‭ ‬لتهميش‭ ‬طابعها‭ ‬الإسلامي‭ ‬‭ ‬المسيحي،‭ ‬واختلاق‭ ‬معالم‭ ‬دينية‭ ‬يهودية،‭ ‬عبر‭ ‬الاقتلاع‭ ‬والإحلال‭ ‬المتواصل‭ ‬ضد‭ ‬الإنسان‭ ‬الفلسطيني‭. ‬وها‭ ‬هي‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬تواصل‭ ‬حربها‭ ‬على‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬لفرض‭ ‬سيادتها‭ ‬على‭ ‬المكان‭. ‬فالصلاة‭ ‬بحد‭ ‬ذاتها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬يوما‭ ‬هي‭ ‬الهدف‭ ‬الأول،‭ ‬بل‭ ‬الهدف‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬السيادة‭ ‬والسيطرة‭ ‬والملكية‭ ‬والمرجعية‭.‬

ومع‭ ‬النجاح‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬النسبي‭ ‬بتحقيق‭ ‬التقسيم‭ ‬الزماني‭ ‬في‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى،‭ ‬بشكل‭ ‬تدريجي،‭ ‬بدءا‭ ‬بتخصيص‭ ‬أوقات‭ ‬محددة‭ (‬في‭ ‬فترتي‭ ‬الصباح‭ ‬وما‭ ‬بعد‭ ‬صلاة‭ ‬الظهر‭) ‬للمستوطنين،‭ ‬جرى‭ ‬إعلان‭ ‬المسودة‭ ‬التفصيلية‭ ‬التي‭ ‬أعدها‭ ‬عضو‭ ‬‮«‬الكنيست‮»‬‭ (‬عميت‭ ‬هليفي‭) ‬عن‭ ‬حزب‭ ‬‮«‬الليكود‮»‬‭ ‬لتقسيم‭ ‬المسجد‭ ‬مكانيا‭ ‬بين‭ ‬المسلمين‭ ‬واليهود،‭ ‬بحيث‭ ‬يخصص‭ ‬محيط‭ ‬المصلى‭ ‬القبلي‭ ‬جنوبًا‭ ‬للمسلمين‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تخصص‭ ‬قبة‭ ‬الصخرة،‭ ‬حتى‭ ‬الحد‭ ‬الشمالي‭ ‬للمسجد،‭ ‬لليهود‭.‬

وقد‭ ‬تزامنت‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬مع‭ ‬إعلان‭ ‬تشكيل‭ ‬لوبي‭ ‬يهودي‭ ‬في‭ ‬‮«‬الكنيست‮»‬‭ (‬البرلمان‭ ‬الإسرائيلي‭) ‬يسعى‭ ‬لتطبيق‭ ‬السيادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬الأقصى‭ ‬ومنح‭ ‬اليهود‭ ‬حق‭ ‬لأداء‭ ‬الطقوس‭ ‬الدينية‭ ‬فيه‭.‬

هذه‭ ‬المحاولة‭ ‬تعتبر‭ ‬الأولى‭ ‬لصياغة‭ ‬مسودة‭ ‬قانون‭ ‬إسرائيلي‭ ‬لتقسيم‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬مكانيا،‭ ‬والثالثة‭ ‬لمحاولة‭ ‬صياغة‭ ‬قانون‭ ‬لتقسيم‭ ‬الأقصى‭ ‬بالمطلق،‭ ‬سبقتها‭ ‬محاولتان‭ ‬لتمرير‭ ‬قانون‭ ‬تقسيم‭ ‬المسجد‭ ‬زمانياً‭ ‬في‭ ‬عامي‭ ‬2014‭ ‬و2015‭. ‬ولقد‭ ‬نصت‭ ‬تلك‭ ‬المسودات‭ ‬حينها‭ ‬على‭ ‬تخصيص‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬لليهود‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬أعيادهم‭ ‬الدينية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حاولت‭ ‬حكومة‭ ‬الاحتلال‭ ‬فرضه‭ ‬عمليا‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬سبتمبر‭ ‬2015‭ ‬وعلى‭ ‬مدى‭ ‬أسبوعين،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انطلاق‭ ‬‮«‬هبة‭ ‬القدس‮»‬‭. ‬كما‭ ‬فشل‭ ‬مشروع‭ ‬اقتطاع‭ ‬الساحة‭ ‬الشرقية‭ ‬ومصلى‭ ‬باب‭ ‬الرحمة‭ ‬أمام‭ ‬الإرادة‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬حملات‭ ‬التأهيل‭ ‬و‮«‬هبة‭ ‬باب‭ ‬الرحمة‮»‬‭ ‬في‭ ‬2019‭.‬

مشروع‭ ‬القانون‭ ‬التفصيلي‭ ‬الذي‭ ‬يعده‭ (‬هاليفي‭) ‬ينص‭ ‬على‭:‬

‭ ‬1-‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬الدور‭ ‬الأردني‭ ‬في‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬تماماً،‭ ‬وإنهاء‭ ‬دور‭ ‬الأوقاف‭ ‬الإسلامية،‭ ‬ووضع‭ ‬خطة‭ ‬تدريجية‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك‭. ‬

2-‭ ‬إتاحة‭ ‬المجال‭ ‬لليهود‭ ‬لدخول‭ ‬‮«‬جبل‭ ‬الهيكل‮»‬‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الأبواب‭ ‬كما‭ ‬يدخل‭ ‬المسلمون،‭ ‬وعدم‭ ‬قصر‭ ‬حركة‭ ‬اليهود‭ ‬على‭ ‬باب‭ ‬المغاربة‭.‬

‭ ‬3-‭ ‬تحويل‭ ‬الحضور‭ ‬اليهودي‭ ‬في‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬إلى‭ ‬حضور‭ ‬ديني،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬ضمنية‭ ‬لإقامة‭ ‬الطقوس‭ ‬التوراتية‭ ‬في‭ ‬المسجد‭.‬

‭ ‬4-‭ ‬تخصيص‭ ‬المساحة‭ ‬التي‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬صحن‭ ‬الصخرة‭ ‬وحتى‭ ‬أقصى‭ ‬شمال‭ ‬المسجد‭ ‬لليهود،‭ ‬وهي‭ ‬تشكل‭ ‬70%‭ ‬تقريباً‭ ‬من‭ ‬مساحة‭ ‬الأقصى‭.‬

التقسيم‭ ‬‮«‬الزماني‮»‬‭ ‬شبه‭ ‬واقع،‭ ‬و«المكاني‮»‬‭ ‬ستعمل‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬على‭ ‬تطبيقه‭ ‬بقوة‭ ‬قوانينها‭ ‬الفاشية،‭ ‬فهو‭ ‬يتصدر‭ ‬قائمة‭ ‬الأولويات‭ ‬لدى‭ ‬الاحتلال‭ ‬والمتمثل‭ ‬باستبدال‭ ‬المكون‭ ‬البشري‭ ‬الإسلامي،‭ ‬من‭ ‬مرابطين‭ ‬ومصلين‭ ‬ومعتكفين،‭ ‬بالمكون‭ ‬‮«‬الاستيطاني‮»‬‭ ‬اليهودي‭.‬

هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬الذي‭ ‬إن‭ ‬وقع،‭ ‬فسيكون‭ ‬استنساخاً‭ ‬لما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬الحرم‭ ‬الإبراهيمي،‭ ‬بعد‭ ‬المجزرة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1994،‭ ‬حين‭ ‬قررت‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬تقسيم‭ ‬الحرم‭ ‬بين‭ ‬اليهود‭ ‬والمسلمين،‭ ‬وإغلاقه‭ ‬أمام‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والمسلمين‭ ‬والزائرين‭ ‬10‭ ‬أيام‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬وفتحه‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬‮«‬للمستوطنين‮»‬‭.‬

نجاح‭ ‬التقسيم‭ ‬‮«‬الزماني‮»‬‭ ‬للأقصى‭ ‬يمهد‭ ‬للتقسيم‭ ‬‮«‬المكاني‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬ربما‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬المخططات‭ ‬المتتالية‭ ‬المعلنة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجماعات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتطرفة‭. ‬ومعلوم‭ ‬أن‭ ‬هنالك‭ ‬أطماعا‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬تتمثل‭ ‬بتخصيص‭ ‬أجزاء‭ ‬ومساحات‭ ‬من‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬يقتطعها‭ ‬الاحتلال‭ ‬ليحولها‭ ‬إلى‭ ‬كنائس‭ ‬يهودية،‭ ‬ويعيد‭ ‬بناء‭ ‬‮«‬الهيكل‭ ‬المزعوم‮»‬‭ ‬على‭ ‬أنقاض‭ ‬الأقصى،‭ ‬وهذه‭ ‬المطامع‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تخفى‭ ‬على‭ ‬أحد،‭ ‬بل‭ ‬بات‭ ‬التصريح‭ ‬بها‭ ‬أمرا‭ ‬عاديا‭ ‬و«حقا‭ ‬مشروعا‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬ترى‭ ‬جمعيات‭ ‬‮«‬الهيكل‭ ‬المزعوم‮»‬‭. ‬فماذا‭ ‬نحن،‭ ‬يا‭ ‬مسلمين‭ ‬ويا‭ ‬عربا،‭ ‬فاعلون‭ ‬يا‭ ‬رعاكم‭ ‬الله؟‭!!‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا