يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
دول تنهار.. أين الخلل؟
أغلب دول العالم تمر اليوم بأزمات ومشاكل كبرى تتراوح من حيث أبعادها ومدى حدتها وتفاقمها من بلد إلى آخر. كل دول العالم تقريبا تعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية ومشاكل تتعلق بطبيعة علاقاتها الدولية.
هناك قاسم مشترك بين دول العالم في هذا الصدد. بمعنى أدق هناك أسباب عامة مشتركة لبعض الأزمات والمشاكل تعاني منها كل دول العالم. على سبيل المثال كان لمحنة وباء كورونا بأبعادها وتأثيراتها العميقة الكبيرة على كل المستويات تداعياتها في كل دول العالم. ومازالت تلقي بتأثيراتها حتى اليوم. أيضا جاء اندلاع حرب أوكرانيا ليلقي بتأثيرات على كل دول العالم من زوايا كثيرة. كذلك، مرحلة التحول التي تشهدها العلاقات الدولية والنظام العالمي لها تأثيرات على كل دول العالم التي تعيد ترتيب أولويات علاقاتها.
على الرغم من هذا.. على الرغم من أن هناك جوانب مشتركة وأسبابا للأزمات والمشاكل تجمع كل دول العالم، فإنه يبقى بالطبع أن الأوضاع والأسباب الداخلية في كل دولة هي الأساس في أي محاولة لفهم وتفسير أزمات ومشاكل الدولة.
بعبارة أخرى، مهما كانت الأسباب والعوامل الخارجية فإن الأوضاع الداخلية تبقى هي الأساس، سواء تمثلت هذه العوامل في طبيعة النظام السياسية وكيفية إدارة الحكم، أو في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية العامة.. وهكذا. هذا ينطبق على كل دول العالم.
بالنسبة إلينا في الوطن العربي الوضع أسوأ بكثير جدا من مجرد وجود أزمات ومشاكل. نحن نرى كيف أن دولا عربية تتدمر وتنهار بالمعنى الحرفي للكلمة.
في أغلب دول العالم هناك اليوم جدل واسع حول الأزمات والمشاكل التي تواجهها الدولة، وحول أبعادها وأسبابها ومستقبلها وكيفية التعامل معها.. وهكذا.. جدل محوره: أين الخلل؟ وكيف يمكن معالجته؟
ليس لدينا في الدول العربية مثل هذا الجدل على الرغم من أنه ضرورة حاسمة لدولنا ومجتمعاتنا ومستقبلنا.
لهذا، على الأقل يجب أن نتابع الجدل الذي يدور في العالم ونستفيد منه. وهناك الكثير جدا مما يمكن الاستفادة منه.
في أمريكا بالذات وبعض الدول الأوروبية يدور مثل هذا الجدل الواسع وتثار فيه الكثير من الأفكار المهمة التي يمكن أن نستفيد منها.
أحد التحليلات المهمة في هذا السياق التي نشرت مؤخرا وتتعلق بالوضع في أمريكا يستحق التوقف عنده.
التحليل كتبته جيليان تيت، وهي صحفية معروفة في صحيفة «فاينانشيال تايمز» ومختصة في الشؤون الأمريكية وخصوصا الشؤون الاقتصادية.
التحليل يناقش أزمات أمريكا الداخلية في الوقت الحاضر وما تعتبر الكاتبة أنه مظاهر انهيار لأمريكا، ويرصد أوجه الخلل الحالية ثم يحاول تفسيرها.
في مقدمة مظاهر الخلل في أمريكا في رأي الكاتبة ما حدث مؤخرا مع الرئيس السابق دونالد ترامب. تقول إنه عندما أثبتت التحقيقات أن الرئيس ترامب مسؤول عن الاعتداء الجنسي على صحفية الشهر الماضي، توقع بعض المراقبين أن يجعله ذلك أقل جاذبية للناخب الأمريكي. لكن هذا لم يحدث، فإذا نظرت إلى نتائج استطلاع رأي صدر أواخر مايو فإن 56 في المائة من الجمهوريين يدعمون ترشح ترامب لسباق 2024، أي أكثر من ضعف دعم أقرب منافسيه، حاكم فلوريدا رون ديسانتيس.
أن تظل شعبية ترامب هكذا رغم إدانته يعتبر في رأي الكاتبة مظهرا من مظاهر الخلل.
مظهر آخر هو ما يشير إليه استطلاع آخر أجراه مركز بيو من أن 56 في المائة من الأمريكيين يعتقدون حاليا أن الولايات المتحدة لا تستطيع حل مشاكلها بنفسها، بينما كانت النسبة 41 في المائة في يونيو الماضي. وعلاوة على ذلك، وجد الاستطلاع أن «ما يقرب من ثلاثة أرباع المشاركين في الاستطلاع يقولون إن لديهم ثقة ضئيلة أو معدومة في حكمة الشعب الأمريكي في اتخاذ القرارات السياسية، بينما كانت النسبة 62 في المائة في عام 2021».
هذه بعض مظاهر الخلل والانهيار في أمريكا التي ترصدها الكاتبة.
وتطرح السؤال المهم: ما الذي يفسر هذا الخلل؟
الإجابة التي تقدمها لا تعني أمريكا فقط ولكن تعنينا نحن أيضا.
للحديث بقية بإذن الله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك