العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

دول تنهار.. أين الخلل؟

أغلب‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تمر‭ ‬اليوم‭ ‬بأزمات‭ ‬ومشاكل‭ ‬كبرى‭ ‬تتراوح‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أبعادها‭ ‬ومدى‭ ‬حدتها‭ ‬وتفاقمها‭ ‬من‭ ‬بلد‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭. ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تقريبا‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وسياسية‭ ‬ومشاكل‭ ‬تتعلق‭ ‬بطبيعة‭ ‬علاقاتها‭ ‬الدولية‭.‬

هناك‭ ‬قاسم‭ ‬مشترك‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭. ‬بمعنى‭ ‬أدق‭ ‬هناك‭ ‬أسباب‭ ‬عامة‭ ‬مشتركة‭ ‬لبعض‭ ‬الأزمات‭ ‬والمشاكل‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬كان‭ ‬لمحنة‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬بأبعادها‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬العميقة‭ ‬الكبيرة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬تداعياتها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭. ‬ومازالت‭ ‬تلقي‭ ‬بتأثيراتها‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭. ‬أيضا‭ ‬جاء‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ليلقي‭ ‬بتأثيرات‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬كثيرة‭. ‬كذلك،‭ ‬مرحلة‭ ‬التحول‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬والنظام‭ ‬العالمي‭ ‬لها‭ ‬تأثيرات‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تعيد‭ ‬ترتيب‭ ‬أولويات‭ ‬علاقاتها‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذا‭.. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬جوانب‭ ‬مشتركة‭ ‬وأسبابا‭ ‬للأزمات‭ ‬والمشاكل‭ ‬تجمع‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬فإنه‭ ‬يبقى‭ ‬بالطبع‭ ‬أن‭ ‬الأوضاع‭ ‬والأسباب‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬هي‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬لفهم‭ ‬وتفسير‭ ‬أزمات‭ ‬ومشاكل‭ ‬الدولة‭.‬

بعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬الأسباب‭ ‬والعوامل‭ ‬الخارجية‭ ‬فإن‭ ‬الأوضاع‭ ‬الداخلية‭ ‬تبقى‭ ‬هي‭ ‬الأساس،‭ ‬سواء‭ ‬تمثلت‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬النظام‭ ‬السياسية‭ ‬وكيفية‭ ‬إدارة‭ ‬الحكم،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬العامة‭.. ‬وهكذا‭. ‬هذا‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭.‬

بالنسبة‭ ‬إلينا‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬الوضع‭ ‬أسوأ‭ ‬بكثير‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬وجود‭ ‬أزمات‭ ‬ومشاكل‭. ‬نحن‭ ‬نرى‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬دولا‭ ‬عربية‭ ‬تتدمر‭ ‬وتنهار‭ ‬بالمعنى‭ ‬الحرفي‭ ‬للكلمة‭.‬

في‭ ‬أغلب‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬هناك‭ ‬اليوم‭ ‬جدل‭ ‬واسع‭ ‬حول‭ ‬الأزمات‭ ‬والمشاكل‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬الدولة،‭ ‬وحول‭ ‬أبعادها‭ ‬وأسبابها‭ ‬ومستقبلها‭ ‬وكيفية‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭.. ‬وهكذا‭.. ‬جدل‭ ‬محوره‭: ‬أين‭ ‬الخلل؟‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬معالجته؟

ليس‭ ‬لدينا‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الجدل‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬ضرورة‭ ‬حاسمة‭ ‬لدولنا‭ ‬ومجتمعاتنا‭ ‬ومستقبلنا‭.‬

لهذا،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتابع‭ ‬الجدل‭ ‬الذي‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬ونستفيد‭ ‬منه‭. ‬وهناك‭ ‬الكثير‭ ‬جدا‭ ‬مما‭ ‬يمكن‭ ‬الاستفادة‭ ‬منه‭.‬

‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬بالذات‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬يدور‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الجدل‭ ‬الواسع‭ ‬وتثار‭ ‬فيه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نستفيد‭ ‬منها‭.‬

أحد‭ ‬التحليلات‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬التي‭ ‬نشرت‭ ‬مؤخرا‭ ‬وتتعلق‭ ‬بالوضع‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬يستحق‭ ‬التوقف‭ ‬عنده‭.‬

التحليل‭ ‬كتبته‭ ‬جيليان‭ ‬تيت،‭ ‬وهي‭ ‬صحفية‭ ‬معروفة‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬فاينانشيال‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬ومختصة‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الأمريكية‭ ‬وخصوصا‭ ‬الشؤون‭ ‬الاقتصادية‭.‬

التحليل‭ ‬يناقش‭ ‬أزمات‭ ‬أمريكا‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬وما‭ ‬تعتبر‭ ‬الكاتبة‭ ‬أنه‭ ‬مظاهر‭ ‬انهيار‭ ‬لأمريكا،‭ ‬ويرصد‭ ‬أوجه‭ ‬الخلل‭ ‬الحالية‭ ‬ثم‭ ‬يحاول‭ ‬تفسيرها‭.‬

في‭ ‬مقدمة‭ ‬مظاهر‭ ‬الخلل‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬رأي‭ ‬الكاتبة‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬مؤخرا‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭. ‬تقول‭ ‬إنه‭ ‬عندما‭ ‬أثبتت‭ ‬التحقيقات‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬مسؤول‭ ‬عن‭ ‬الاعتداء‭ ‬الجنسي‭ ‬على‭ ‬صحفية‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي،‭ ‬توقع‭ ‬بعض‭ ‬المراقبين‭ ‬أن‭ ‬يجعله‭ ‬ذلك‭ ‬أقل‭ ‬جاذبية‭ ‬للناخب‭ ‬الأمريكي‭. ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬يحدث،‭ ‬فإذا‭ ‬نظرت‭ ‬إلى‭ ‬نتائج‭ ‬استطلاع‭ ‬رأي‭ ‬صدر‭ ‬أواخر‭ ‬مايو‭ ‬فإن‭ ‬56‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬الجمهوريين‭ ‬يدعمون‭ ‬ترشح‭ ‬ترامب‭ ‬لسباق‭ ‬2024،‭ ‬أي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬دعم‭ ‬أقرب‭ ‬منافسيه،‭ ‬حاكم‭ ‬فلوريدا‭ ‬رون‭ ‬ديسانتيس‭.‬

أن‭ ‬تظل‭ ‬شعبية‭ ‬ترامب‭ ‬هكذا‭ ‬رغم‭ ‬إدانته‭ ‬يعتبر‭ ‬في‭ ‬رأي‭ ‬الكاتبة‭ ‬مظهرا‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬الخلل‭.‬

مظهر‭ ‬آخر‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إليه‭ ‬استطلاع‭ ‬آخر‭ ‬أجراه‭ ‬مركز‭ ‬بيو‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬56‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬يعتقدون‭ ‬حاليا‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬حل‭ ‬مشاكلها‭ ‬بنفسها،‭ ‬بينما‭ ‬كانت‭ ‬النسبة‭ ‬41‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬الماضي‭. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬وجد‭ ‬الاستطلاع‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬أرباع‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬الاستطلاع‭ ‬يقولون‭ ‬إن‭ ‬لديهم‭ ‬ثقة‭ ‬ضئيلة‭ ‬أو‭ ‬معدومة‭ ‬في‭ ‬حكمة‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬السياسية،‭ ‬بينما‭ ‬كانت‭ ‬النسبة‭ ‬62‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‮»‬‭.‬

هذه‭ ‬بعض‭ ‬مظاهر‭ ‬الخلل‭ ‬والانهيار‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬التي‭ ‬ترصدها‭ ‬الكاتبة‭.‬

وتطرح‭ ‬السؤال‭ ‬المهم‭: ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يفسر‭ ‬هذا‭ ‬الخلل؟‭ ‬

الإجابة‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬أمريكا‭ ‬فقط‭ ‬ولكن‭ ‬تعنينا‭ ‬نحن‭ ‬أيضا‭.‬

للحديث‭ ‬بقية‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا