يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
الاتحاد الخليجي.. الأمل العربي
تحدثت أمس عن الدعوة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الراحل الكبير الملك عبدالله بن عبدالعزيز في عام 2011 بضرورة تحول دول مجلس التعاون الخليجي من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وكيف تراجع الاهتمام العام في الفترة الماضية بقضية الاتحاد، وتساءلنا: هل يعني هذا أن حلم الاتحاد قد ضاع؟
الحقيقة إن قيام الاتحاد الخليجي العربي أصبح اليوم ضرورة أكثر من أي وقت مضى، ويجب في كل الأحوال وأيا كانت الظروف الإلحاح على ضرورة قيامه والعمل من أجل ذلك.
بداية يجب أن نلاحظ أن الحديث عن الاتحاد الخليجي هو من حيث المبدأ حديث الوضع الطبيعي القائم بالفعل وبغض النظر عن الاعتبارات الاستراتيجية والسياسية. نعني أنه مجرد ترجمة لواقع التلاحم والترابط بين شعوب كل دول مجلس التعاون عبر التاريخ.
ومع ذلك، فمن الناحية الاستراتيجية والسياسية، فإن قيام الاتحاد الخليجي العربي هو ضرورة حاسمة لدول وشعوب مجلس التعاون والوطن العربي عامة.
ولنا أن نتأمل الجوانب التالية:
أولا: إن استمرار مجلس التعاون الخليجي والإنجازات التي حققها في مختلف المجالات عبر العقود الماضية يمثل قاعدة صلبة موجودة بالفعل لقيام الاتحاد.
نعني أن المجلس قطع شوطا كبيرا في مجالات التعاون والتنسيق الاقتصادي والاجتماعي وفي المجالات الأخرى. هذه الإنجازات توفر الأساس القوي لقيام الاتحاد.
ويجب أن نضيف إلى هذا ما ذكرناه من أن المقومات الموضوعية موجودة بالفعل لقيام الاتحاد، وعلى رأسها الوحدة الفعلية لشعوب المجلس عبر التاريخ.
ثانيا: إن قيام الاتحاد الخليجي ليس ضرورة خليجية وحسب وإنما هو ضرورة عربية عامة.
نعلم جميعا الأوضاع الصعبة بل والمأساوية التي تمر بها كثير من الدول العربية. ونعلم ما تتعرض له بعض الدول العربية من تدمير لوجود الدولة أصلا.
مجلس التعاون هو التجربة الوحدوية الوحيدة الصامدة والناجحة والمستمرة في الوطن العربي. ودول مجلس التعاون هي المؤهلة للاتحاد وإقامة كيان واحد متماسك. ولهذا فإن قيام الاتحاد سيعني تحولا استراتيجيا هائلا على المستوى العربي العام وسيمثل حافزا كبيرا نحو أشكال من التكامل العربي العام وتوحيد الإمكانيات والجهود العربية.
ثالثا:إان التحولات الكبرى التي يشهدها العالم جعلت قيام الاتحاد الخليجي من المنظور الإستراتيجي مسألة مصيرية.
نحن نشهد التوجه العالمي نحو نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب. في ظل نظام كهذا تكون الفرصة متاحة أمام كل القوى المؤثرة القادرة على أن تلعب دورا فاعلا في العالم، ولحماية مصالحها ومصالح شعوبها في المقام الأول.
وكما كتبنا مرارا لا يمكن أن يكون لنا دور عالمي مؤثر في ظل هذه التحولات إلا في ظل كتلة موحدة بإمكانياتها واستراتيجياتها وقدراتها تستطيع أن تفرض كلمتها وتحمي مصالحنا. لا يمكن للدول العربية أن تلعب هذا الدور منفردة أو متناحرة ومشتتة الصفوف.
الاتحاد الخليجي العربي هو اليوم الصيغة المتاحة الممكنة لتمكين دول مجلس التعاون، ومعها الدول العربية، من لعب دور مؤثر فاعل في عالم المستقبل.
إذن من جميع الأوجه ولكل هذه الأسباب لا ينبغي أبدا التخلي عن حلم قيام الاتحاد الخليجي، وينبغي العمل على ذلك.
القضية المهمة هنا في تقديرنا أنه في ظل تراجع الاهتمام الرسمي بالاتحاد، فإن مسئولية الإلحاح على قيامه تقع على عاتق قوى المجتمع المدني في الدول الخليجية والمفكرين والمثقفين والكتاب الخليجيين والعرب. يجب الإلحاح على ضرورة قيام الاتحاد ومواصلة مطالبة القيادات والحكومات الخليجية بأن تتحرك من أجل مناقشة الصيغ المناسبة للاتحاد وكيفية العمل على تطبيق الصيغة الأفضل عمليا.
الاتحاد الخليجي هو أمل عربي عام لا ينبغي التخلي عنه مهما كانت الظروف تبدو غير مواتية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك