العدد : ١٦٨٢٨ - الجمعة ١٩ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٠ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٢٨ - الجمعة ١٩ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٠ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

نحو مبادرة أممية بشأن ديون كورونا

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الخميس ٠١ يونيو ٢٠٢٣ - 02:00

في‭ ‬ختام‭ ‬زيارة‭ ‬بعثة‭ ‬خبراء‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬للبحرين‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2022،‭ ‬بقيادة‭ ‬السيدة‭ ‬‮«‬عصماء‭ ‬الجنايني‮»‬،‭ ‬صرحت‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬لها،‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬قد‭ ‬اتخذت‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬إجراءات‭ ‬جديرة‭ ‬بالثناء‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬السياسات،‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬الأثار‭ ‬الصحية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬لتلك‭ ‬الأزمة،‭ ‬حيث‭ ‬وفرت‭ ‬حملة‭ ‬لتقديم‭ ‬اللقاحات‭ ‬للمواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬وكانت‭ ‬من‭ ‬أسرع‭ ‬الحملات‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬كما‭ ‬سمحت‭ ‬بإعادة‭ ‬فتح‭ ‬الاقتصاد‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬صيف‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬وأدت‭ ‬حزمة‭ ‬الدعم‭ ‬المقدمة‭ ‬إلى‭ ‬إعانة‭ ‬القطاعين‭ ‬الخاص‭ ‬والمصرفي؛‭ ‬ما‭ ‬ساعد‭ ‬على‭ ‬احتواء‭ ‬خسائر‭ ‬الوظائف‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬الأزمة‭ ‬على‭ ‬الشركات‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬أدت‭ ‬عودة‭ ‬زخم‭ ‬إصلاحات‭ ‬المالية‭ ‬العامة،‭ ‬وارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البحريني‭ ‬‮«‬نموًا‮»‬،‭ ‬بلغ‭ ‬2‭.‬2%‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬مدفوعًا‭ ‬بنمو‭ ‬2‭.‬8%‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬غير‭ ‬النفطي،‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬انكماش‭ ‬القطاع‭ ‬النفطي‭ ‬0.3%،‭ ‬وكان‭ ‬الأداء‭ ‬القوي‭ ‬لقطاعات‭ ‬الصناعة‭ ‬وتجارة‭ ‬التجزئة‭ ‬والضيافة،‭ ‬بينما‭ ‬تقلص‭ ‬عجز‭ ‬الموازنة‭ ‬إلى‭ -‬6‭.‬8%‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬لعام‭ ‬2021،‭ ‬وتقلص‭ ‬عجز‭ ‬المالية‭ ‬العامة‭ ‬الكلي‭ ‬إلى‭ -‬11‭.‬1%،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ -‬17‭.‬9%‭ ‬في‭ ‬2020،‭ ‬وسجل‭ ‬الحساب‭ ‬الجاري‭ ‬فائضا‭ ‬بنسبة‭ ‬6‭.‬7%‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬عجز‭ ‬9.3%‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬السابقة‭.‬

وانعكاسًا‭ ‬لهذا‭ ‬النهج،‭ ‬توقع‭ ‬‮«‬البيان‮»‬،‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدل‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬إلى‭ ‬3.4%‭ ‬في‭ ‬2022،‭ ‬مدفوعًا‭ ‬بنمو‭ ‬قطاع‭ ‬الضيافة‭ ‬وإعادة‭ ‬فتح‭ ‬الاقتصاد‭ ‬بشكل‭ ‬كامل،‭ ‬فيما‭ ‬تحرص‭ ‬السلطات‭ ‬على‭ ‬التزامها‭ ‬القوي‭ ‬بجدول‭ ‬أعمال‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الذي‭ ‬وضعته‭ ‬والواضح‭ ‬في‭ ‬خطة‭ ‬التعافي‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وبرنامج‭ ‬التوازن‭ ‬المالي،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الطموحة‭ ‬لخفض‭ ‬عجز‭ ‬المالية‭ ‬العامة‭ ‬والدين‭ ‬العام‭. ‬

وفي‭ ‬تأييد‭ ‬لهذا،‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭ ‬زخم‭ ‬إصلاح‭ ‬المالية‭ ‬العامة،‭ ‬وارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط،‭ ‬قد‭ ‬أديا‭ ‬إلى‭ ‬نمو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البحريني‭ ‬بنسبة‭ ‬4‭.‬9%‭ ‬في‭ ‬2022،‭ ‬مدفوعًا‭ ‬بنمو‭ ‬6‭.‬2%‭ ‬للقطاع‭ ‬غير‭ ‬النفطي،‭ ‬فيما‭ ‬سجل‭ ‬القطاع‭ ‬النفطي‭ ‬‮«‬انكماشا‮»‬،‭ ‬بنسبة‭ ‬1‭.‬4%،‭ ‬وكانت‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬والمالية‭ ‬والضيافة‭ ‬والصناعة‭ ‬هي‭ ‬الأبرز‭ ‬في‭ ‬النمو‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬إصلاحات‭ ‬المالية‭ ‬العامة‭ ‬المستمرة،‭ ‬تراجع‭ ‬عجز‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة،‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬من‭ ‬6‭.‬8%‭ ‬في‭ ‬2021‭ ‬إلى‭ ‬1‭.‬7%‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬في‭ ‬2022،‭ ‬وتراجع‭ ‬عجز‭ ‬المالية‭ ‬العامة‭ ‬الكلي‭ ‬من‭ ‬11.6%‭ ‬إلى‭ ‬6‭.‬1%،‭ ‬‭ ‬وحقق‭ ‬الحساب‭ ‬الجاري‭ ‬أعلى‭ ‬فائض‭ ‬منذ‭ ‬عقود،‭ ‬فبلغ‭ ‬15‭.‬4% ‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬في‭ ‬2022،‭ ‬مقابل‭ ‬فائض‭ ‬6‭.‬8%‭ ‬في‭ ‬2021،‭ ‬فيما‭ ‬تحرص‭ ‬السلطات‭ ‬على‭ ‬التزامها‭ ‬القائم‭ ‬ضمن‭ ‬خطة‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الموضحة‭ ‬في‭ ‬خطة‭ ‬التعافي‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬واسترشدت‭ ‬ميزانية‭ ‬20232024‭ ‬بأهداف‭ ‬برنامج‭ ‬التوازن‭ ‬المالي‭ ‬لتخفيض‭ ‬عجز‭ ‬المالية‭ ‬العامة‭ ‬والدين‭ ‬الحكومي،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تقييد‭ ‬الإنفاق‭ ‬العام،‭ ‬ورفع‭ ‬مستويات‭ ‬الكفاءة‭ ‬وزيادة‭ ‬قاعدة‭ ‬الإيرادات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭.‬

وفيما‭ ‬أوصى‭ ‬‮«‬البيان‮»‬،‭ ‬بوضع‭ ‬الدين‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬تنازلي‭ ‬ثابت‭ -‬مع‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إليه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تعزيز‭ ‬نمو‭ ‬احتياطات‭ ‬النقد‭ ‬الأجنبي،‭ ‬ويساعد‭ ‬في‭ ‬تثبيت‭ ‬سعر‭ ‬الصرف،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يمثل‭ ‬ركيزة‭ ‬ملائمة‭ ‬للسياسة‭ ‬النقدية‭- ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬التوصية‭ ‬ينبغي‭ ‬ربطها‭ ‬بالإجراءات‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬‮«‬المملكة‮»‬،‭ ‬أثناء‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬والتي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬هذا‭ ‬الدين‭ ‬وارتفاع‭ ‬خدمته،‭ ‬وهو‭ ‬نفس‭ ‬الظرف‭ ‬الذي‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬العالم،‭ ‬ما‭ ‬يقتضي‭ ‬من‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬النقد‮»‬،‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬تفعيل‭ ‬مبادرة‭ ‬دولية،‭ ‬بشأن‭ ‬الديون‭ ‬وفوائدها‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬مواجهة‭ ‬الجائحة‭. ‬

وفي‭ ‬مارس‭ ‬2020،‭ ‬أطلقت‭ ‬الحكومة‭ ‬البحرينية،‭ ‬حزمة‭ ‬دعم‭ ‬بلغت‭ ‬4.3‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬بحريني،‭ ‬رفعتها‭ ‬إلى‭ ‬4‭.‬5‭ ‬مليارات‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2021،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬ثلث‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬للمملكة،‭ ‬شملت‭ ‬التكفل‭ ‬برواتب‭ ‬البحرينيين‭ ‬المؤمن‭ ‬عليهم‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬ودفع‭ ‬فواتير‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء،‭ ‬والإعفاء‭ ‬من‭ ‬الرسوم‭ ‬البلدية،‭ ‬ومضاعفة‭ ‬حجم‭ ‬صندوق‭ ‬السيولة‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬200‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭. ‬

ودعما‭ ‬لهذه‭ ‬الخطوات،‭ ‬أطلق‭ ‬‮«‬مصرف‭ ‬البحرين‭ ‬المركزي‮»‬،‭ ‬حزمة‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬بشأن‭ ‬الديون‭ ‬وفوائد‭ ‬الديون‭ ‬المستحقة‭ ‬على‭ ‬الأفراد‭ ‬والشركات‭ ‬للمصارف،‭ ‬وإطلاق‭ ‬برنامج‭ ‬صندوق‭ ‬العمل‭ ‬لدعم‭ ‬استمرارية‭ ‬الأعمال،‭ ‬ودعم‭ ‬سائقي‭ ‬الأجرة‭ ‬والنقل‭ ‬والحافلات،‭ ‬ودفع‭ ‬رواتب‭ ‬العاملات‭ ‬في‭ ‬رياض‭ ‬الأطفال‭ ‬ودور‭ ‬الحضانة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬إعفاءات‭ ‬رسوم‭ ‬هيئة‭ ‬تنظيم‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬وإعفاءات‭ ‬المنشآت‭ ‬السياحية‭ ‬من‭ ‬دفع‭ ‬رسوم‭ ‬السياحة،‭ ‬وتأجيل‭ ‬الأقساط‭ ‬الشهرية‭ ‬للخدمات‭ ‬الإسكانية،‭ ‬وتأجيل‭ ‬تحصيل‭ ‬الإيجارات‭ ‬الشهرية‭ ‬من‭ ‬المحلات‭ ‬التجارية،‭ ‬فيما‭ ‬حرصت‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬شمول‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحزم‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬والشركات‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬أبريل‭ ‬إلى‭ ‬يونيو‭ ‬2020،‭ ‬واستمرت‭ ‬قطاعات‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬من‭ ‬يوليو‭ ‬إلى‭ ‬سبتمبر،‭ ‬ومن‭ ‬أكتوبر‭ ‬إلى‭ ‬ديسمبر‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬مددت‭ ‬‮«‬البحرين‮»‬،‭ ‬تاريخ‭ ‬هدف‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬المالي‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬2022‭. ‬وفي‭ ‬بيان‭ ‬مشترك‭ ‬‮«‬سعودي‭ ‬كويتي‭ ‬إماراتي‮»‬،‭ ‬جاء‭ ‬تأكيد‭ ‬دعم‭ ‬جهود‭ ‬برنامج‭ ‬التوازن‭ ‬المالي‭. ‬ووفق‭ ‬بيانات‭ ‬‮«‬هيئة‭ ‬المعلومات‭ ‬والحكومة‭ ‬الإلكترونية‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬خلال‭ ‬الربع‭ ‬الأول‭ ‬لعام‭ ‬2020‭ ‬انكمش‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬من‭ ‬3‭.‬13‭ ‬مليارات‭ ‬دينار‭ ‬إلى‭ ‬3‭.‬06‭ ‬مليارات‭ ‬دينار،‭ ‬وفي‭ ‬الربع‭ ‬الأول‭ ‬لعام‭ ‬2021،‭ ‬انكمش‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬بنسبة‭ ‬2‭.‬11%‭ ‬بسبب‭ ‬تداعيات‭ ‬كورونا‭.‬

ومن‭ ‬المعلوم،‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬حيث‭ ‬أدى‭ ‬الركود‭ ‬العالمي،‭ ‬وتدابير‭ ‬الاستجابة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬السياسات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬إلى‭ ‬إحداث‭ ‬طفرة‭ ‬في‭ ‬ديون‭ ‬اقتصادات‭ ‬الأسواق‭ ‬الناشئة‭ ‬والصاعدة‭ ‬والنامية‭. ‬وبالفعل،‭ ‬توقفت‭ ‬عدة‭ ‬بلدان‭ ‬عن‭ ‬سداد‭ ‬ديونها،‭ ‬كما‭ ‬واجهت‭ ‬بلدان‭ ‬أخرى‭ ‬منخفضة‭ ‬الدخل‭ ‬احتمال‭ ‬ارتفاع‭ ‬خطر‭ ‬المديونية‭ ‬الحرجة،‭ ‬وقفزت‭ ‬مستويات‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬اقتصادات‭ ‬الأسواق‭ ‬الصاعدة‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬مستوياتها‭ ‬في‭ ‬50‭ ‬عاما،‭ ‬وتزايد‭ ‬لجوء‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬النامية‭ ‬إلى‭ ‬الاستدانة‭ ‬بشروط‭ ‬غير‭ ‬ميسرة‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭. ‬وبسبب‭ ‬تداعيات‭ ‬كورونا،‭ ‬سجل‭ ‬الدين‭ ‬العالمي،‭ ‬مستوى‭ ‬قياسيا،‭ ‬بلغ‭ ‬281‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬2020‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬355%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬العالمي،‭ ‬مع‭ ‬توسع‭ ‬الحكومات‭ ‬في‭ ‬الإنفاق‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذ‭ ‬الآثار‭. ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬الدين‭ ‬257‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬2019،‭ ‬أي‭ ‬إنه‭ ‬زاد‭ ‬بسبب‭ ‬الوباء،‭ ‬بمقدار‭ ‬24‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬وفقًا‭ ‬لتقارير‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬التمويل‭ ‬الدولي‮»‬‭.‬

وفيما‭ ‬يحتاج‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مبادرات‭ ‬دولية‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬إعلان‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬برنامج‭ ‬التمويل‭ ‬الطارئ‭ ‬بقيمة‭ ‬100‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬استفاد‭ ‬منه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬بلدًا،‭ ‬ومنح‭ ‬تخفيف‭ ‬عبء‭ ‬الدين،‭ ‬استفاد‭ ‬منها‭ ‬نحو‭ ‬25‭ ‬بلدًا؛‭ ‬فقد‭ ‬دعا‭ ‬مع‭ ‬‮«‬البنك‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬الدائنين‭ ‬الثنائيين‭ ‬لتخفيض‭ ‬مدفوعات‭ ‬خدمة‭ ‬الدين‭ ‬المستحقة‭ ‬على‭ ‬أفقر‭ ‬البلدان،‭ ‬وأنشأ‭ ‬خطا‭ ‬جديدا‭ ‬لتعزيز‭ ‬السيولة‭ ‬وتعديل‭ ‬ترتيبات‭ ‬الإقراض‭ ‬القائمة‭. ‬وفي‭ ‬أبريل‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬قررت‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬العشرين‮»‬،‭ ‬تعليق‭ ‬ديون‭ ‬الدول‭ ‬الأكثر‭ ‬فقرًا‭ ‬مدة‭ ‬عام‭ ‬واحد؛‭ ‬لمنح‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬مساحة‭ ‬للتنفس‭ ‬وسط‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة‭ ‬المستجدة‭. ‬وفي‭ ‬نوفمبر‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬العام‭ ‬اتفقت‭ ‬المجموعة،‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬إطار‭ ‬عمل‭ ‬جديد‭ ‬مشترك‭ ‬لإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬الديون‭ ‬الحكومية،‭ ‬بموجبه‭ ‬تتفاوض‭ ‬الدول‭ ‬الدائنة‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭ ‬المدينة‭. ‬

تأتي‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات،‭ ‬فيما‭ ‬يحتاج‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬حيث‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬شطب‭ ‬الفوائد‭ ‬المستحقة‭ ‬على‭ ‬ديون‭ ‬فترة‭ ‬كورونا،‭ ‬بل‭ ‬وإمكانية‭ ‬شطب‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الديون‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مبادرة‭ ‬عالمية،‭ ‬تتبناها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬إنقاذ‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭.‬

وكان‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬‮«‬أنطونيو‭ ‬غوتيريش‮»‬،‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬حذر‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2021،‭ ‬من‭ ‬تفاقم‭ ‬أزمة‭ ‬ديون‭ ‬الدول‭ ‬النامية؛‭ ‬بسبب‭ ‬الجائحة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬زاد‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬المتخلفة‭ ‬عن‭ ‬السداد‭. ‬وفي‭ ‬سبتمبر‭ ‬2022،‭ ‬أكدت‭ ‬نائبته‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬‮«‬أمينة‭ ‬محمد‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬دولة‭ ‬إفريقية‭ ‬معرضة‭ ‬لمواجهة‭ ‬ضغوط‭ ‬تتعلق‭ ‬بالدين‭ ‬العام‭ ‬والخارجي‭ ‬نتيجة‭ ‬أزمة‭ ‬مواجهة‭ ‬كورونا‭. ‬وقبل‭ ‬يومين‭ ‬من‭ ‬اجتماع‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬العشرين‮»‬،‭ ‬بالهند‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2023،‭ ‬دعا‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬إلى‭ ‬خفض‭ ‬ديون‭ ‬52‭ ‬دولة‭ ‬منخفضة‭ ‬ومتوسطة‭ ‬الدخل‭. ‬

وتشكل‭ ‬الدول‭ ‬المثقلة‭ ‬بالديون‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40%‭ ‬من‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬الأكثر‭ ‬فقرًا،‭ ‬ولديها‭ ‬مشاكل‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬الخدمات‭ ‬الضرورية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مواجهة‭ ‬أعباء‭ ‬خدمة‭ ‬الديون،‭ ‬فيما‭ ‬دعا‭ ‬برنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الإنمائي‭ ‬إلى‭ ‬تخفيض‭ ‬بنسبة‭ ‬30%‭ ‬من‭ ‬أرصدة‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية‭ ‬القائمة‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬148‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬مدفوعات‭ ‬خدمة‭ ‬الدين‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬8‭ ‬سنوات‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي،‭ ‬ومع‭ ‬تراكم‭ ‬أزمات‭ ‬الديون،‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يعيق‭ ‬عددًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬الأممية‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬مواعيدها2030؛‭ ‬برزت‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬طلب‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2020،‭ ‬ودعوته‭ ‬إلى‭ ‬إعفاء‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬ومتوسطة‭ ‬الدخل‭ ‬من‭ ‬الديون‭ ‬بسبب‭ ‬كورونا،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الإعفاء‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يُقدم‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تطلب‭ ‬إرجاء‭ ‬سداد‭ ‬مدفوعات‭ ‬الديون‭ ‬مع‭ ‬فقدها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الجائحة‭. ‬وبسبب‭ ‬الركود‭ ‬العالمي،‭ ‬فإن‭ ‬تخفيف‭ ‬الديون‭ ‬الهائلة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الأقل‭ ‬نموًا‭. ‬وفي‭ ‬فبراير‭ ‬2023،‭ ‬طلب‭ ‬‮«‬غوتيريش‮»‬،‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأكثر‭ ‬تقدمًا،‭ ‬‮«‬تمويلا‭ ‬إضافيا‮»‬،‭ ‬بمقدار‭ ‬500‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنويًا‭ ‬لتلبية‭ ‬أجندة‭ ‬2030‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬التكلفة‭ ‬المالية‭ ‬العالية‭ ‬للديون،‭ ‬والمخاطر‭ ‬الماثلة‭ ‬لتفاقم‭ ‬المديونية،‭ ‬وتحويل‭ ‬الإقراض‭ ‬قصير‭ ‬الأجل،‭ ‬إلى‭ ‬ديون‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬بأسعار‭ ‬فائدة‭ ‬منخفضة‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬فإن‭ ‬مطالب‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ينبغي‭ ‬وضعها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التحذير،‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬تقريره‭ ‬‮«‬الراصد‭ ‬المالي‮»‬‭ ‬لعام‭ ‬2022،‭ ‬وأشار‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬الدين،‭ ‬وتأثير‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تباطؤ‭ ‬معدلات‭ ‬النمو،‭ ‬وتزايد‭ ‬الفقر،‭ ‬وارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬العجز،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬نسبة‭ ‬الدين‭ ‬إلى‭ ‬الناتج‭ ‬العالمي‭ ‬256%،‭ ‬مثّل‭ ‬الدين‭ ‬الحكومي‭ ‬منها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬50%،‭ ‬فيما‭ ‬فجرت‭ ‬أزمة‭ ‬ديون‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬السداد؛‭ ‬النقاش‭ ‬مجددًا‭ ‬عن‭ ‬أزمة‭ ‬الديون‭ ‬العالمية،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬فإن‭ ‬وقوع‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬ينبئ‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬المطالب،‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬هي‭ ‬محور‭ ‬اهتمام‭ ‬المنظمة‭ ‬الأممية،‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‮ ‬‭ ‬قرار‭ ‬بشأنها‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬قريب‭. ‬

ومع‭ ‬مواجهة‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬أزمة‭ ‬التخلف‭ ‬عن‭ ‬سداد‭ ‬ديونها،‭ ‬بما‭ ‬يمس‭ ‬مكانتها‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدولي،‭ ‬ويؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تبعات‭ ‬خطيرة‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ -‬في‭ ‬ظل‭ ‬أن‭ ‬إجمالي‭ ‬الإنفاق‭ ‬الفيدرالي‭ ‬فيها‭ ‬لمواجهة‭ ‬كورونا‭ ‬حتى‭ ‬مارس‭ ‬2021،‭ ‬بلغ‭ ‬نحو‭ ‬6‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار‭- ‬فإن‭ ‬العلاقة‭ ‬واضحة‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ،‭ ‬والأزمة‭ ‬الراهنة‭ ‬لسقف‭ ‬الدين‭ ‬الأمريكي،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نجد‭ ‬العالم‭ ‬قريبا‭ ‬أمام‭ ‬توافق،‭ ‬بشأن‭ ‬أزمة‭ ‬الديون‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬فاقمتها‭ ‬كورونا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا