العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

هل ضاع حلم الاتحاد الخليجي؟!

في‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬في‭ ‬الكلمة‭ ‬التي‭ ‬افتتح‭ ‬بها‭ ‬القمة‭ ‬الثانية‭ ‬والثلاثين‭ ‬لقادة‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬أطلق‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير‭ ‬خادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬الملك‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬دعوته‭ ‬الشهيرة‭ ‬بضرورة‭ ‬تحول‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬التعاون‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الاتحاد‭.‬

الملك‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬برّر‭ ‬هذه‭ ‬الدعوة‭ ‬بالقول‭ ‬إن‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬دولنا‭ ‬اليوم‭ ‬تستدعي‭ ‬منا‭ ‬اليقظة،‭ ‬والزمن‭ ‬يفرض‭ ‬علينا‭ ‬وحدة‭ ‬الصف‭ ‬والكلمة،‭ ‬كما‭ ‬أننا‭ ‬جميعا‭ ‬مستهدفون‭ ‬في‭ ‬أمننا‭ ‬واستقرارنا،‭ ‬لذلك‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬المسؤولية‭ ‬الملقاة‭ ‬على‭ ‬عاتقنا‭ ‬تجاه‭ ‬ديننا‭ ‬وأوطاننا‭. ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬أمتنا‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬ومن‭ ‬الواجب‭ ‬علينا‭ ‬مساعدة‭ ‬أشقائنا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تحقيق‭ ‬آمالهم‭ ‬وحقن‭ ‬دمائهم‭ ‬وتجنيبهم‭ ‬تداعيات‭ ‬الأحداث‭ ‬والصراعات‭ ‬ومخاطر‭ ‬التدخلات‭.‬

وقال‭ ‬الملك‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬علمنا‭ ‬التاريخ‭ ‬وعلمتنا‭ ‬التجارب‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬نقف‭ ‬عند‭ ‬واقعنا‭ ‬ونقول‭ ‬اكتفينا،‭ ‬ومن‭ ‬يفعل‭ ‬ذلك‭ ‬سيجد‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬القافلة‭ ‬ويواجه‭ ‬الضياع‭ ‬وحقيقة‭ ‬الضعف،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬نقبله‭ ‬جميعاً‭ ‬لأوطاننا‭ ‬وأهلنا‭ ‬واستقرارنا‭ ‬وأمننا‭. ‬لذلك‭ ‬أطلب‭ ‬منكم‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬نتجاوز‭ ‬مرحلة‭ ‬التعاون‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الاتحاد‭ ‬في‭ ‬كيان‭ ‬واحد‭ ‬يحقق‭ ‬الخير‭ ‬ويدفع‭ ‬الشرّ‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‮»‬‭.‬

لهذه‭ ‬الأسباب‭ ‬والمبررات‭ ‬القوية‭ ‬طرح‭ ‬الملك‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬الدعوة‭ ‬للتحول‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬التعاون‭ ‬الى‭ ‬مرحلة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الخليجي‭ ‬العربي‭.‬

هذه‭ ‬المبررات‭ ‬تلخصت‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬التحديات‭ ‬تفرض‭ ‬الاتحاد،‭ ‬وأمن‭ ‬واستقرار‭ ‬دولنا‭ ‬يفرض‭ ‬الاتحاد،‭ ‬وكذلك‭ ‬المسؤولية‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬وحقيقة‭ ‬أننا‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬نتقدم‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬فسوف‭ ‬نتخلف‭ ‬ونجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬الصفوف‭.‬

اليوم‭ ‬وقد‭ ‬مرّ‭ ‬12‭ ‬عاما‭ ‬كاملة‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬الدعوة‭ ‬وتبنّي‭ ‬القمة‭ ‬الخليجية‭ ‬لها،‭ ‬ودول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬تحتفل‭ ‬بمرور‭ ‬42‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬إنشائه،‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نتساءل‭: ‬أين‭ ‬ذهب‭ ‬حلم‭ ‬الاتحاد‭ ‬الخليجي‭ ‬العربي؟‭.. ‬هل‭ ‬ضاع‭ ‬هذا‭ ‬الحلم؟

كما‭ ‬نعلم‭ ‬حين‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬الدعوة‭ ‬في‭ ‬2011‭ ‬ظل‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الخليجي‭ ‬يتردد‭ ‬على‭ ‬ألسنة‭ ‬القادة‭ ‬والمسؤولين‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬فترة‭ ‬طويلة،‭ ‬وظلت‭ ‬القمم‭ ‬الخليجية‭ ‬تؤكد‭ ‬الدعوة‭ ‬وتشير‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬بياناتها‭ ‬الختامية‭. ‬وبالطبع‭ ‬كثر‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الاتحاد‭ ‬في‭ ‬مقالات‭ ‬الكتاب‭ ‬وفي‭ ‬التغطيات‭ ‬الإعلامية‭.‬

فجأة‭ ‬توقف‭ ‬الحديث‭ ‬تقريبا‭ ‬عن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الخليجي‭ ‬ولم‭ ‬نعد‭ ‬نتابع‭ ‬مثل‭ ‬ذلك‭ ‬الحماس‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬الرسمية‭ ‬والشعبية‭.‬

لماذا‭ ‬ظل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الخليجي‭ ‬حتى‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬يبدو‭ ‬حلما‭ ‬بعيد‭ ‬المنال؟

الأسباب‭ ‬معروفة‭. ‬السبب‭ ‬الظاهر‭ ‬المباشر‭ ‬هو‭ ‬بالطبع‭ ‬الخلافات‭ ‬السياسية‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬التي‭ ‬نشبت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬المعروف،‭ ‬وعدم‭ ‬الاتفاق‭ ‬الكامل‭ ‬حول‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬والتوجهات‭ ‬العامة‭.‬

وراء‭ ‬هذا‭ ‬السبب‭ ‬المباشر‭ ‬سبب‭ ‬آخر‭ ‬أكثر‭ ‬عمقا‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬الجماعية‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬قيام‭ ‬الاتحاد‭. ‬وراء‭ ‬غياب‭ ‬الإرادة‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬ليست‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لتقديم‭ ‬أي‭ ‬تنازلات‭ ‬والتخلي‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬موارد‭ ‬أو‭ ‬سلطات‭ ‬لحساب‭ ‬الاتحاد‭ ‬ومؤسساته‭ ‬وسلطاته‭.‬

قيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬يعني‭ ‬توحيد‭ ‬السياسات،‭ ‬وقيام‭ ‬مؤسسات‭ ‬للاتحاد‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات،‭ ‬وحشد‭ ‬الإمكانيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مجتمعة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬استراتيجية‭ ‬موحدة‭ ‬للاتحاد‭. ‬ويعني‭ ‬هذا‭ ‬إجمالا‭ ‬استعدادا‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬لتقاسم‭ ‬الثروة‭ ‬والسلطة‭. ‬وهذا‭ ‬بالضبط‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬ليست‭ ‬مستعدّة‭ ‬له‭. ‬

‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬هذا‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬لماذا‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بقيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬الخليجي‭ ‬العربي‭ ‬والإيمان‭ ‬بضرورته‭ ‬قد‭ ‬تراجع،‭ ‬أو‭ ‬لنقل‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬في‭ ‬صدارة‭ ‬الأولويات‭.‬

هل‭ ‬يعني‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬حلم‭ ‬الاتحاد‭ ‬الخليجي‭ ‬قد‭ ‬ضاع؟

أبدا‭. ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

للحديث‭ ‬بقية‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا