يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
هل ضاع حلم الاتحاد الخليجي؟!
في عام 2011 في الكلمة التي افتتح بها القمة الثانية والثلاثين لقادة مجلس التعاون الخليجي، أطلق الراحل الكبير خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز دعوته الشهيرة بضرورة تحول دول المجلس من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد.
الملك عبدالله بن عبدالعزيز برّر هذه الدعوة بالقول إن التحديات التي تواجه دولنا اليوم تستدعي منا اليقظة، والزمن يفرض علينا وحدة الصف والكلمة، كما أننا جميعا مستهدفون في أمننا واستقرارنا، لذلك علينا أن نكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا تجاه ديننا وأوطاننا. ونحن في دول الخليج العربي جزء من أمتنا العربية والإسلامية، ومن الواجب علينا مساعدة أشقائنا في كل ما من شأنه تحقيق آمالهم وحقن دمائهم وتجنيبهم تداعيات الأحداث والصراعات ومخاطر التدخلات.
وقال الملك عبدالله بن عبدالعزيز: «لقد علمنا التاريخ وعلمتنا التجارب أن لا نقف عند واقعنا ونقول اكتفينا، ومن يفعل ذلك سيجد نفسه في آخر القافلة ويواجه الضياع وحقيقة الضعف، وهذا أمر لا نقبله جميعاً لأوطاننا وأهلنا واستقرارنا وأمننا. لذلك أطلب منكم اليوم أن نتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد يحقق الخير ويدفع الشرّ إن شاء الله».
لهذه الأسباب والمبررات القوية طرح الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدعوة للتحول من مرحلة التعاون الى مرحلة الاتحاد الخليجي العربي.
هذه المبررات تلخصت في أن التحديات تفرض الاتحاد، وأمن واستقرار دولنا يفرض الاتحاد، وكذلك المسؤولية العربية والإسلامية، وحقيقة أننا إذا لم نتقدم إلى الأمام فسوف نتخلف ونجد أنفسنا في آخر الصفوف.
اليوم وقد مرّ 12 عاما كاملة على إطلاق الدعوة وتبنّي القمة الخليجية لها، ودول مجلس التعاون تحتفل بمرور 42 عاما على إنشائه، لنا أن نتساءل: أين ذهب حلم الاتحاد الخليجي العربي؟.. هل ضاع هذا الحلم؟
كما نعلم حين تم إطلاق الدعوة في 2011 ظل الحديث عن الاتحاد الخليجي يتردد على ألسنة القادة والمسؤولين في دول مجلس التعاون فترة طويلة، وظلت القمم الخليجية تؤكد الدعوة وتشير إليها في بياناتها الختامية. وبالطبع كثر الحديث عن الاتحاد في مقالات الكتاب وفي التغطيات الإعلامية.
فجأة توقف الحديث تقريبا عن الاتحاد الخليجي ولم نعد نتابع مثل ذلك الحماس على المستويات الرسمية والشعبية.
لماذا ظل الاتحاد الخليجي حتى هذه اللحظة يبدو حلما بعيد المنال؟
الأسباب معروفة. السبب الظاهر المباشر هو بالطبع الخلافات السياسية بين دول المجلس التي نشبت في السنوات الماضية على النحو المعروف، وعدم الاتفاق الكامل حول الاستراتيجيات والتوجهات العامة.
وراء هذا السبب المباشر سبب آخر أكثر عمقا يتمثل في عدم وجود الإرادة السياسية الجماعية الرسمية في قيام الاتحاد. وراء غياب الإرادة أن بعض دول مجلس التعاون ليست على استعداد لتقديم أي تنازلات والتخلي عن أي موارد أو سلطات لحساب الاتحاد ومؤسساته وسلطاته.
قيام الاتحاد يعني توحيد السياسات، وقيام مؤسسات للاتحاد في مختلف المجالات، وحشد الإمكانيات الاقتصادية مجتمعة في إطار استراتيجية موحدة للاتحاد. ويعني هذا إجمالا استعدادا من دول المجلس لتقاسم الثروة والسلطة. وهذا بالضبط ما يبدو أن بعض دول المجلس ليست مستعدّة له.
على ضوء هذا نستطيع أن نفهم بشكل عام لماذا يبدو أن الاهتمام بقيام الاتحاد الخليجي العربي والإيمان بضرورته قد تراجع، أو لنقل لم يعد في صدارة الأولويات.
هل يعني هذا أن حلم الاتحاد الخليجي قد ضاع؟
أبدا. ولا يجب أن يكون هذا هو الحال على الإطلاق.
للحديث بقية بإذن الله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك