يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
السودان و«سيناريو الكابوس»
قبل فترة أصدرت مجموعة الأزمات الدولية تقريرا مهما عن السودان وما يجري فيه وأبعاده واحتمالاته المستقبلية.
التقرير حذَّر من أن السودان يتجه إلى ما أسماه «سيناريو الكابوس».
أما «سيناريو الكابوس» فهو أن يغرق السودان في حرب أهلية طويلة وممتدة بكل ما يترتب على ذلك من تبعات وآثار كارثية مدمرة بما في ذلك احتمالات تفكك السودان.
يقول التقرير: «إن سيناريو الكابوس الذي كان كثير من السودانيين يخشونه بدأ يتحقق، مع محاصرة ملايين المدنيين بين نيران الطرفين في وقت تنفد فيه الحاجات الأساسية بسرعة».
وحذَّر التقرير من أن القتال بين الطرفين يتطور بسرعة إلى حرب أهلية طويلة الأمد، قد تهدد دول الجوار. وذكر أن البرهان، وحميدتي تعهدا بهزيمة بعضهما البعض بشكل كامل، وبالتالي «حتى لو قام الجيش بتأمين العاصمة في نهاية المطاف، وانسحب حميدتي إلى دارفور - المنطقة التي بنى فيها شهرته، فإن شبح الحرب الأهلية بات يلوح بشكل متزايد».
وحذَّر التقرير من مخاطر المليشيات المنتشرة، مشيرا إلى أن «السودان مليء بعدد لا يحصى من الجماعات المسلحة والمليشيات الطائفية، والتي يمكن لأي منها أو جميعها أن ترمي بثقلها في الصراع داعمة سواء البرهان أو حميدتي، ما يحوِّل الحرب بين الجانبين إلى حرب مستعرة أكثر تعقيدًا للجميع، لا سيما في المناطق المحيطة بالبلد».
ونبه التقرير إلى أن «النيران المشتعلة في السودان ستلقي بتأثيراتها الواسعة في كل دول الجوار».
إذن السيناريو الكارثي الذي يحذِّر منه تقرير مجموعة الأزمات الدولية يتلخص في أن استمرار القتال الحالي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وعدم توقفه فورا سوف يقود حتما إلى اندلاع حرب أهلية مدمرة طويلة المدى، وسوف يدفع عديدا من المليشيات المسلحة والقوى الأخرى إلى الانضمام إلى القتال لصالح هذا الطرف أو ذاك ما سيزيد ضراوة الحرب الأهلية بكل تأثيراتها، وأن التأثيرات المدمرة لن تتوقف على السودان وإنما ستمتد إلى كل دول الجوار.
ولتجنب مثل هذا السيناريو، يوصي التقرير دول جوار السودان وكل دول المجتمع الدولي وخصوصا الدول المؤثرة، بأمرين:
الأول: عدم تقديم أي شكلٍ من أشكال الدعم إلى أيٍّ من طرفي القتال.
والثاني: التدخل في أسرع وقت وبكل السبل من أجل إجبار الطرفين على وقف القتال بشكل نهائي فورا.
ومن دون هذين الأمرين فإن كابوس الحرب الأهلية سوف يخنق السودان حتما.
للأسف الشديد، كل التطورات والمواقف في السودان اليوم تشير إلى أن هذا السيناريو الذي حذَّر منه التقرير قبل فترة على وشك أن يتحقق بالفعل.
أسباب ذلك كثيرة، لكن أهمها على الإطلاق أنه لا يلوح في الأفق إمكانية وقف القتال والتوصل إلى اتفاق من أي نوع. الأمر الذي يعني أن الباب مفتوح أمام توسع القتال واتخاذه أبعادا أخطر بكثير من الوضع الحالي.
هذا غير تطورات خطيرة أخرى سنتطرق إليها.
للحديث بقية بإذن الله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك