يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
لماذا تقترب النهاية؟
عرضت أمس لبعض ما جاء في تحليل مطول مهم نشرته مجلة «نيوزويك» الأمريكية في عددها الأخير تحت عنوان «نهاية القرن الأمريكي تبدأ من الشرق الأوسط»، الذي يناقش التغيرات السريعة التي يشهدها العالم وانهيار النظام العالمي الذي هيمنت عليه أمريكا والغرب.
غير ما ذكرته أمس، يعرض التحليل لآراء ثلاثة من كبار الخبراء من الصين، والوطن العربي، وأمريكا، كلهم يناقشون قضية أساسية هي: لماذا ينهار دور أمريكا في النظام العالمي؟ وما هي الأسباب وراء ذلك؟ ولماذا بالمقابل تصعد قوى عالمية مثل الصين وغيرها؟
هونجدا فان، خبير صيني كبير وأستاذ لدراسات الشرق الأوسط في جامعة شنغهاي، تحدث عن أسباب صعود الصين وتراجع الدور الأمريكي بالمقابل. قال: «الصين استعدت لهذه اللحظة منذ سنين طويلة.. منذ عهد الإصلاح والانفتاح في سبعينيات القرن الماضي. منذ ذلك الوقت، تعمل الصين على تعميق علاقاتها مع دول العالم الأخرى على أسس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. الصين لم تدخل في صراعات مع الدول الأخرى منذ عقود، وليس لها أعداء كثيرون في العالم. وقد وفر هذا للصين بيئة مواتية للتنمية، وأقامت علاقات تجارية واسعة مع أكثر من 130 بلدا ووثقت علاقاتها مع هذه الدول في مختلف القارات».
ويرى الخبير الصيني أنه بالمقابل فإن أمريكا لم تحترم مصالح وخصوصيات حتى حلفائها، وتجاهلت الاحتياجات التنموية لدول الشرق الأوسط. ودلل على ذلك بالقول إن السعودية مثلا تسعى لتحويل النفوذ في مجال الطاقة إلى رأس مال جيوسياسي. هذا المسعى السعودي قابلته أمريكا بالرفض، وبشكل حاد ومستفز عندما قام الرئيس الأمريكي بايدن بتوجيه تحذيرات من تبعات خطيرة عندما قامت بتخفيض إنتاج النفط في إطار منظمة أوبك.
محمد الصبان، مستشار سابق لوزير الطاقة السعودي، تحدث لـ«نيوزويك» عن رأيه في سبب تراجع أمريكا وعن الموقف السعودي.
قال: «الولايات المتحدة مازالت تعتقد أنها القطب الوحيد في العالم. هذا ليس صحيحا. العالم أصبح فعليا متعدد الأقطاب. هناك الصين وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهناك أيضا السعودية».
ويقول: «إصرار أمريكا على اتباع سياسة أحادية والتصرف كدولة مهيمنة ليس مقبولا من أي دولة تحترم نفسها وسيادتها. السعودية تصر على اتخاذ قراراتها بما يخدم مصالحها الاقتصادية والسياسية، ولا يعنيها آراء ومواقف الآخرين».
جاك ماتلوك، آخر سفير أمريكي لدى الاتحاد السوفيتي، تحدث بدوره عن أسباب انهيار النفوذ الأمريكي في العالم ووجه انتقادات حادة إلى مواقف وسياسات أمريكا.
قال: «بعض الدبلوماسيين يرون أنه بعد 30 عاما من سقوط الاتحاد السوفيتي فإن ما يحدث في الشرق الأوسط والعالم عموما يبين أن الولايات المتحدة رغم قوتها العسكرية والمالية والثقافية فقدت جاذبيتها في أغلب العالم. المثال الذي نقدمه للعالم اليوم لم يعد جذابا».
ويتطرق إلى جانب آخر ويقول: «أمريكا تصور الصراع في العالم على أنه صراع بين الديمقراطية والاستبداد. لكن الحادث أن الاعتبارات الآيديولوجية وطبيعة نظام الحكم وشكل الحكومات لم تعد تهم كثيرا».
ويضيف: «كي يكون لدينا عالم يعم فيه السلام ومزدهر وقادر على مواجهة تحديات مثل التحديات البيئية، والإرهاب والعنف، والنزوح، والأوبئة، ويتجنب اندلاع حرب نووية واستخدام أسلحة دمار شامل، فإننا يجب أن نتعامل مع كل دول العالم باحترام».
ويلخص من وجهة نظره التفكير الأمريكي الخاطئ في الشؤون العالمية بالقول: «المشكلة أن الولايات المتحدة مازالت تعتمد على اعتقاد قديم مؤداه أن أمريكا تمتلك المعرفة والقوة الكفيلة بتغيير العالم كما تريد، وأن استخدامها للقوة العسكرية والهيمنة الاقتصادية كفيل بتغيير المجتمعات».
هذا الاعتقاد الأمريكي يندرج في رأيه في سياق التفكير الذي ساد فترة طويلة والذي يقوم على أن انهيار الاتحاد السوفيتي والنظام الشيوعي أثبت أن الرأسمالية والديمقراطية هي المستقبل الحتمي للبشرية وأن قيادتنا ضرورية لتغيير العالم».
ويعتبر الدبلوماسي الأمريكي أن هذه كلها افتراضات خاطئة وزائفة وهذه أهداف مستحيلة التحقيق.
كما نرى، هؤلاء الخبراء يقدمون رؤيتهم لأسباب انهيار النظام العالمي الحالي القائم على هيمنة أمريكا والغرب، ولماذا تقترب نهاية هذا النظام.
للحديث بقية بإذن الله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك