العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

هذا أمر لا يعنيكم

أثار‭ ‬قرار‭ ‬عودة‭ ‬سوريا‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬مواقف‭ ‬وردود‭ ‬فعل‭ ‬متباينة‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬العربي‭ ‬والعالمي‭ ‬أكثرها‭ ‬مرحب‭ ‬وبعضها‭ ‬متحفظ‭ ‬أو‭ ‬رافض‭.‬

من‭ ‬بين‭ ‬المواقف‭ ‬المعلنة،‭ ‬هناك‭ ‬مواقف‭ ‬محددة‭ ‬تستحق‭ ‬التوقف‭ ‬عندها‭.‬

أول‭ ‬هذه‭ ‬المواقف،‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬أعلنته‭ ‬أمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية‭.‬

أمريكا‭ ‬أعلنت‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بعودة‭ ‬سوريا‭ ‬قرار‭ ‬خاطئ‭. ‬وقال‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬إن‭ ‬‮«‬سوريا‭ ‬لا‭ ‬تستحق‭ ‬إعادتها‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‮»‬‭. ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬أعلن‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬لن‭ ‬تطبع‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬السوري‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬العقوبات‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬ستظل‭ ‬سارية‭ ‬بالكامل‮»‬‭ ‬على‭ ‬دمشق‭.‬

قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬لعبت‭ ‬دورا‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬الحال‭ ‬الذي‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬سوريا‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬من‭ ‬غرق‭ ‬في‭ ‬الإرهاب‭ ‬والفوضى‭ ‬ومن‭ ‬دمار‭ ‬وخراب‭. ‬لسنا‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬صدد‭ ‬مناقشة‭ ‬تفاصيل‭ ‬هذا‭ ‬الدور،‭ ‬لكنه‭ ‬يعني‭ ‬مبدئيا‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حقها‭ ‬أن‭ ‬تزعم‭ ‬حرصها‭ ‬على‭ ‬سوريا‭ ‬والشعب‭ ‬السوري‭ ‬وعلى‭ ‬إنهاء‭ ‬الأزمة‭ ‬السورية‭.‬

بالطبع‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬أمريكا‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬أي‭ ‬موقف‭ ‬تشاء‭ ‬يخصها‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬ومن‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭. ‬من‭ ‬حقها‭ ‬مثلا‭ ‬أن‭ ‬تؤكد‭ ‬كما‭ ‬أعلنت‭ ‬بالفعل‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تقوم‭ ‬بالتطبيع‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬وستواصل‭ ‬فرض‭ ‬العقوبات‭. ‬ومن‭ ‬حق‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬مثلا،‭ ‬كما‭ ‬أعلن‭ ‬نواب‭ ‬بالفعل،‭ ‬أن‭ ‬يناقش‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬يطالب‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬بعدم‭ ‬الاعتراف‭ ‬ببشار‭ ‬الأسد‭ ‬رئيسًا‭ ‬لسوريا‭ ‬وبتعزيز‭ ‬قدرة‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‮»‬‭.‬

لكن‭ ‬الذي‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬أمريكا‭ ‬قطعا‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تقحم‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬هو‭ ‬شأن‭ ‬عربي‭ ‬بحت‭ ‬بالرفض‭ ‬أو‭ ‬القبول‭.‬

قرار‭ ‬عودة‭ ‬سوريا‭ ‬هو‭ ‬قرار‭ ‬يخص‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬واتخذته‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭. ‬ما‭ ‬هو‭ ‬دخل‭ ‬أمريكا‭ ‬بما‭ ‬تقرره‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬نفسها؟‭ ‬أمريكا‭ ‬ليست‭ ‬وصية‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وليست‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬يتيح‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تحدد‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬المصلحة‭ ‬العربية‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬تخدمها‭.‬

الأمر‭ ‬الغريب‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬أمريكا،‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬الكونجرس،‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يكتفوا‭ ‬بمثل‭ ‬هذ‭ ‬التدخل‭ ‬السافر‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬عربي،‭ ‬بل‭ ‬وصل‭ ‬بهم‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬اقتراح‭ ‬أن‭ ‬تفرض‭ ‬أمريكا‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬توافق‭ ‬على‭ ‬عودة‭ ‬سوريا‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة‭. ‬المشروع‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬يناقشه‭ ‬الكونجرس‭ ‬يدعو‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬وضع‭ ‬استراتيجية‭ ‬لخمس‭ ‬سنوات‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬مواجهة‭ ‬عمليات‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬السوري‮»‬‭. ‬كما‭ ‬يدعو‭ ‬المشروع‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬لشركة‭ ‬الطيران‭ ‬الرسمية‭ ‬السورية‭ ‬باستخدام‭ ‬مطاراتها‮»‬‭.‬

باختصار‭ ‬كما‭ ‬نرى،‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬يبين‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬والمشرعين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬مازالوا‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الذي‭ ‬كانوا‭ ‬فيه‭ ‬يتصرفون‭ ‬بمنطق‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬حقهم‭ ‬أن‭ ‬يفرضوا‭ ‬ما‭ ‬يشاؤون‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭. ‬ولا‭ ‬يدركون‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬انتهى‭.‬

الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬كان‭ ‬موقفه‭ ‬أقل‭ ‬حدة‭ ‬واستفزازا‭ ‬وحاول‭ ‬مسك‭ ‬العصا‭ ‬من‭ ‬المنتصف،‭ ‬إذ‭ ‬أعلن‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬الاتحاد‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬سيقيّمون‭ ‬قرار‭ ‬قبول‭ ‬عودة‭ ‬سورية‭ ‬إلى‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬و‮«‬تداعياته‭ ‬المحتملة‮»‬‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وأنه‭ ‬سيتم‭ ‬إجراء‭ ‬محادثات‭ ‬‮«‬مع‭ ‬الشركاء‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لمعرفة‭ ‬أسباب‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬أو‭ ‬التوقعات‭ ‬منه‮»‬‭. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬يستبعد‭ ‬حاليا‭ ‬تطبيع‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬نظام‭ ‬الأسد‭ ‬ورفع‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬ما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬تحرك‭ ‬نحو‭ ‬حل‭ ‬سياسي‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬قرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‮»‬‭ ‬و«وقف‭ ‬اضطهاد‭ ‬وقمع‭ ‬السوريين‮»‬‭.‬

الخلاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬والأوروبي‭ ‬أمران‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نقولهما‭ ‬لهم‭:‬

الأول‭: ‬لا‭ ‬تتدخلوا‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يعنيكم‭. ‬لستم‭ ‬أوصياء‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

والثاني‭: ‬من‭ ‬المستفز‭ ‬أن‭ ‬تصوروا‭ ‬أنفسكم‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كنتم‭ ‬أكثر‭ ‬حرصا‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬ومصلحته‭ ‬ومستقبله‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا