العدد : ١٦٨٣٤ - الخميس ٢٥ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٤ - الخميس ٢٥ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

الرؤية السعودية 2030 والنهوض بالتعليم الأهلي.. كليات عنيزة مثالا (4)

بقلم: د. أسعد حمود السعدون {

الاثنين ٠٨ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

يعود‭ ‬تأسيس‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬الأهلي‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬إلى‭ ‬مبادرة‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬جمع‭ ‬من‭ ‬الوجهاء‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬جدة‭ ‬عام‭ ‬1965،‭ ‬وأقنعوا‭ ‬وزير‭ ‬المعارف‭ ‬آنذاك‭ ‬بالفكرة،‭ ‬وشكلوا‭ ‬لجنة‭ ‬تحضيرية‭ ‬للجامعة‭ ‬برئاسة‭ ‬الوزير،‭ ‬وقابلوا‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬الأمير‭ ‬فيصل‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز،‭ ‬الذي‭ ‬قدم‭ ‬لهم‭ ‬الدعم‭ ‬والتأييد‭ ‬للمشروع،‭ ‬وأصبح‭ ‬رئيسا‭ ‬للجنة‭ ‬التأسيسية‭ ‬للجامعة،‭ ‬والتي‭ ‬أعلنها‭ ‬رسميا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬باسم‭ ‬جامعة‭ ‬الملك‭ ‬عبدالعزيز،‭ ‬وبدأت‭ ‬عامها‭ ‬الدراسي‭ ‬الأول‭ ‬عام‭ ‬1968‭ ‬ببرنامج‭ ‬الدراسة‭ ‬الإعدادية،‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1969‭ ‬أعلنت‭ ‬القبول‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬كلياتها‭ ‬وهي‭ ‬كلية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والإدارة‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1970‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬كلية‭ ‬الآداب‭ ‬والعلوم‭ ‬الإنسانية‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الملاحظ‭ ‬أن‭ ‬الهيئة‭ ‬التأسيسية‭ ‬للجامعة‭ ‬قدمت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1971‭ ‬طلبا‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬لتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬جامعة‭ ‬تابعة‭ ‬للحكومة‭. ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الطلب‭ ‬أصدر‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬قرارا‭ ‬بتحويل‭ ‬جامعة‭ ‬الملك‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬في‭ ‬جدة‭ ‬إلى‭ ‬جامعة‭ ‬حكومية‭. ‬واقتصر‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬على‭ ‬التعليم‭ ‬الحكومي‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2000‭ ‬حيث‭ ‬صدرت‭ ‬خطة‭ ‬التنمية‭ ‬الخمسية‭ ‬السادسة‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬للسنوات‭ (‬1415-1420‭) ‬هـ،‭ ‬التي‭ ‬تضمنت‭ ‬أهدافها‭ ‬توسيع‭ ‬قاعدة‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬بالسماح‭ ‬للقطاع‭ ‬الأهلي‭ ‬بإنشاء‭ ‬وافتتاح‭ ‬الجامعات‭ ‬والكليات‭ ‬الأهلية،‭ ‬وفعلا‭ ‬تم‭ ‬إعلان‭ ‬تأسيس‭ ‬أربع‭ ‬كليات‭ ‬أهلية‭ ‬عامي‭ ‬2005،‭ ‬و2006‭. ‬واستمر‭ ‬تزايد‭ ‬تأسيس‭ ‬الجامعات‭ ‬والكليات‭ ‬الأهلية‭ ‬حتى‭ ‬بلغت‭ ‬نحو‭ (‬38‭) ‬كلية‭ ‬وجامعة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭.‬

وقد‭ ‬تناولت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬المنشورة‭ ‬والندوات‭ ‬التقويمية‭ ‬التي‭ ‬عقدتها‭ ‬وزارة‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬والتي‭ ‬تناولت‭ ‬تقييم‭ ‬أداء‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬الأهلي‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬إطلاق‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬2030‭ ‬إلى‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المعوقات‭ ‬التي‭ ‬اعترت‭ ‬أداء‭ ‬قسم‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬الأهلي‭ ‬مثل‭ ‬غياب‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬وضعف‭ ‬تنفيذ‭ ‬خطط‭ ‬ومرئيات‭ ‬الجامعات‭ ‬والكليات‭ ‬الأهلية،‭ ‬وافتقارها‭  ‬إلى‭ ‬الهوية‭ ‬المميزة،‭ ‬وتشابه‭ ‬التخصصات‭ ‬والمناهج‭ ‬الدراسية،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬تطابقها‭ ‬مع‭ ‬تخصصات‭ ‬ومناهج‭ ‬الجامعات‭ ‬الحكومية،‭ ‬وقصور‭ ‬الأهداف،‭ ‬وعدم‭ ‬وضوح‭ ‬سياسات‭ ‬القبول،‭ ‬وضعف‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الصلاحيات‭ ‬والمسؤوليات‭ ‬الإدارية،‭ ‬وضبابية‭ ‬تنفيذ‭ ‬الأنظمة‭ ‬واللوائح‭ ‬التعليمية‭ ‬والإدارية‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬منها،‭ ‬وافتقارها‭ ‬إلى‭ ‬نظم‭ ‬ثابتة‭ ‬للتوظيف‭ ‬والأجور‭ ‬والرواتب‭ ‬والحوافز،‭ ‬وضعف‭ ‬مساهمتها‭ ‬في‭ ‬مجالي‭ ‬البحث‭ ‬العلمي،‭ ‬وخدمة‭ ‬المجتمع،‭ ‬وعدم‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬ملاحقة‭ ‬متطلبات‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭. ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬محصلة‭ ‬هذه‭ ‬العقبات‭ ‬ضعف‭ ‬مخرجاتها‭ ‬كما‭ ‬ونوعا‭. ‬

وبعد‭ ‬إطلاق‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬2030‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬أكدت‭ ‬أهمية‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬وأولته‭ ‬اهتماما‭ ‬كبيرا،‭ ‬باعتباره‭ ‬قاعدة‭ ‬أساسية‭ ‬من‭ ‬قواعد‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬الرؤية،‭ ‬لذا‭ ‬لابد‭ ‬وأن‭ ‬يتناغم‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬اهتمامات‭ ‬المجتمع‭ ‬ومنها‭ ‬تنمية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬عبر‭ ‬تحويله‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬مصدر‭ ‬واحد‭ ‬للدخل‭ ‬إلى‭ ‬اقتصاد‭ ‬متنوع‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬العقول‭ ‬ذات‭ ‬المهارات‭ ‬العالية‭ ‬والطاقات‭ ‬البشرية‭ ‬المبدعة‭ ‬والمنتجة‭.‬

كما‭ ‬أكدت‭ ‬رؤية‭ ‬2030‭ ‬أهمية‭ ‬زيادة‭ ‬العناية‭ ‬بتطوير‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬منهجا‭ ‬وأستاذا‭ ‬وطالبا‭ ‬وجامعة،‭ ‬فهي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تواكب‭ ‬المناهج‭ ‬التطورات‭ ‬العلمية‭ ‬والحضارية؛‭ ‬كي‭ ‬يكون‭ ‬الطالب‭ ‬على‭ ‬تواصل‭ ‬دائم‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬تطورات‭ ‬علمية‭ ‬ومعرفية‭ ‬وأي‭ ‬مستجدات‭. ‬وأُعطت‭ ‬عنايةٌ‭ ‬خاصة‭ ‬بالموارد‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الجامعية‭. ‬ولأجل‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬الرؤية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬الأهلي‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬اعتماد‭ ‬نظام‭ ‬جديد‭ ‬للجامعات‭ ‬والكليات‭ ‬الأهلية‭. ‬

كما‭ ‬يبرز‭ ‬اهتمام‭ ‬الرؤية‭ ‬بتطوير‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برنامج‭ ‬تنمية‭ ‬القدرات‭ ‬البشرية‭ (‬أحد‭ ‬برامج‭ ‬الرؤية‭) ‬وهو‭ ‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬تستهدف‭ ‬تعزيز‭ ‬تنافسية‭ ‬القدرات‭ ‬البشرية‭ ‬الوطنية‭ ‬محليًا‭ ‬وعالميًا،‭ ‬ليكون‭ ‬المواطن‭ ‬مستعداً‭ ‬لسوق‭ ‬العمل‭ ‬الحالي‭ ‬والمستقبلي،‭ ‬بقدرات‭ ‬وطموح‭ ‬يجعله‭ ‬منافسا‭ ‬قويا‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬العالمي،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭: ‬تعزيز‭ ‬القيم،‭ ‬وتطوير‭ ‬المهارات‭ ‬الأساسية،‭ ‬ومهارات‭ ‬المستقبل،‭ ‬وتنمية‭ ‬المعرفة‭. ‬وبالارتكاز‭ ‬على‭ ‬ثلاث‭ ‬قواعد،‭ ‬أولها‭ ‬تطوير‭ ‬أساس‭ ‬تعليمي‭ ‬متين‭ ‬ومرن‭ ‬للجميع،‭ ‬والثاني‭ ‬الإعداد‭ ‬لسوق‭ ‬العمل‭ ‬المستقبلي‭ ‬المحلي‭ ‬والعالمي،‭ ‬والثالث‭ ‬إتاحة‭ ‬فرص‭ ‬التعلم‭ ‬مدى‭ ‬الحياة‭. ‬كما‭ ‬أكدت‭ ‬الرؤية‭ ‬أهمية‭ ‬تحسين‭ ‬المستوى‭ ‬التعليمي‭ ‬لمؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬الأهلي،‭ ‬وشددت‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬بناء‭ ‬منظومة‭ ‬تعليمية‭ ‬مرتبطة‭ ‬باحتياجات‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬وترسيخ‭ ‬القيم‭ ‬الإيجابية‭ ‬في‭ ‬شخصيات‭ ‬الطلاب‭ ‬السعوديين‭. ‬وأشارت‭ ‬باهتمام‭ ‬كبير‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬رفع‭ ‬مشاركة‭ ‬القطاع‭ ‬الأهلي‭ ‬في‭ ‬التعليم،‭ ‬وإيجاد‭ ‬بيئة‭ ‬جاذبة‭ ‬للمستثمرين‭ ‬المحليين‭ ‬والدوليين‭ ‬وتعزيز‭ ‬ثقتهم‭ ‬باقتصاد‭ ‬المملكة‭.‬

وعموما‭ ‬فقد‭ ‬شهدت‭ ‬السنوات‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬إطلاق‭ ‬وتنفيذ‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬2030‭ ‬إحداث‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬وكمية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬التعليم،‭ ‬وتطويره‭ ‬بكل‭ ‬مكوناته،‭ ‬ونظمه،‭ ‬وأشكاله،‭ ‬وبرامجه،‭ ‬وفقاً‭ ‬لأحدث‭ ‬التوجهات‭ ‬العلمية‭ ‬السائدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬منظومة‭ ‬إصلاح‭ ‬متكاملة‭ ‬وممنهجة،‭ ‬فكراً‭ ‬وممارسة،‭ ‬طالت‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬والهيكلية،‭ ‬والكوادر‭ ‬البشرية‭ ‬والإدارية،‭ ‬والبرامج‭ ‬والمبادرات‭ ‬النوعية،‭ ‬والسياسات‭ ‬العامة،‭ ‬والخطط‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬آخذة‭ ‬بنظر‭ ‬الاعتبار‭ ‬جملة‭ ‬الدروس‭ ‬والعبر‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬إطلاق‭ ‬الرؤية‭. ‬وللموضوع‭ ‬بقية‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬قادم‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭. ‬

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬وخبير‭ ‬اقتصادي‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا