يقول المفكر الموسوعي د. شاكر عبد الحميد: «الإبداع لا بد له من إعداد جيد، ومران مستمر، وجهد عنيف في التدريب، واكتساب المهارات اللازمة، كي يصير المرء قادرا على بلورة أفكاره، وتشكيلها، وتحقيقها في مجال معين»!
وهذا بالفعل ما تحقق على أرض الواقع مع فريق فكرة البحريني الذي أكد أن السعي إلى الإنجاز جزء لا يتجزأ من رحلة النجاح، فبعد جهد كبير، وكفاح طويل، تحول هذا الفريق إلى مصدر فخر لوطنه، بعد أن حصد جائزة الدورة الثالثة من مسابقة أولمبياد الملكية الفكرية بالجمهورية التونسية التي عقدت تحت شعار «ساهم بفكرة للترويج للملكية الفكرية»، بتنظيم من المعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية بالتعاون مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» وذلك عن فيلم قصير روج ببراعة لمفهوم حماية المبدعين من لصوص الإبداع.
لقد قام هذا الفريق بصناعة هذا الفيلم كاملا من فكرة وسيناريو وإخراج ومونتاج وتصوير وتمثيل، وضم عشرة أعضاء هم أسماء النجدي، وفاطمة الدوسري، وأميمة السيد، ونور إبراهيم، وفاطمة النشيط، ومحمد العمادي، ومريم الخضير، وريان الصافي، وغالية النجدي، وزينب العالي، وجميعهم من الشباب الوطني الحالم والملهم.
«أخبار الخليج» حاورت فاطمة الدوسري طالبة قسم الإعلام والسياحة، عضو فريق فكرة البحريني، وأحد الأعضاء المؤسسين لجمعية الملكية الفكرية بالبحرين التي تم إشهارها مؤخرا، حيث توقفنا معها عند أسرار هذا الفوز، وكيفية تحقق ذلك الإنجاز المهم الذي كشف عن طاقات شبابية بحرينية واعدة ومبهرة، وذلك في السطور التالية:
حدثينا عن نشأتك؟
*منذ طفولتي وأنا أعشق القراءة ومحبة للمعرفة بنهم شديد، وأسعى وراء الاستكشاف في جميع المجالات، وقد توجهت للكتابة ولي العديد من المقالات الاجتماعية، وفي مرحلة الثانوية العامة أقدمت على دراسة تخصص آداب إنسانيات، وجذبني العمل الصحفي بشدة، وقررت أن أصبح صحفية بالمستقبل وحين التحقت بالجامعة تخصصت في مجال الإعلام الرقمي.
لماذا الإعلام الرقمي؟
*أنا أرى أن الإعلام الرقمي هو المستقبل، لما يتيحه من سهولة ومرونة وسرعة في التواصل بين البشر، وقد عززت أزمة كورونا هذا النوع من الإعلام، وأصبح يتمتع بمكانة كبيرة على صعيد العالم أجمع، وقد وجدت شغفي فيه لما يحتوي عليه من فن وإبداع، فحين درست جميع التخصصات، انجذبت له بشدة واخترته من بينها، وكان مشروعي الدراسي وراء إحداث نقلة مهمة في حياتي.
وما تلك النقلة؟
*لقد تطلب مشروعي الدراسي اختيار إحدى الشخصيات الفعالة في المجتمع، وإجراء مقابلة صحفية معها، وقد وقع اختياري على المبدعة والمبتكرة المعروفة أسماء النجدي، وكان حوارا ممتعا تم نشره في الصحافة المحلية، ومن هنا بدأت علاقتي بها، حيث تعرفت عليها من قرب، واكتشفت ما تتحلي به من فكر متميز، وقد قررنا تشكيل فريق بحريني يضم عشرة من الشباب المبدع، وكنت أحد أعضائه بهدف نشر ثقافة الملكية الفكرية والوعي بها، وتقدمنا لمسابقة تحت عنوان «الترويج للملكية الفكرية بالجمهورية التونسية» وحققنا إنجازا مهما أفخر به بشدة.
كيف تحقق هذا الإنجاز؟
*لقد فاز فريقنا في المسابقة، وحصلنا على المركز الأول في جائزة الدورة الثالثة من مسابقة أولمبياد الملكية الفكرية بالجمهورية التونسية، التي عقدت تحت شعار «ساهم بفكرة للترويج للملكية الفكرية» والتي نظمها المعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية بالتعاون مع منظمة الويبو، وذلك عن فيلم قصير مدته لا تتعدى ثلاث دقائق، بعنوان «لصوص الأفكار»، وقد أبهرنا به الجميع.
ما هو مضمون الفيلم؟
*الفيلم كان من إعداد فريقنا الذي يضم عشرة من الشباب المبدع من الألف إلى الياء، من فكرة وسيناريو وحوار وإخراج وتصوير ومونتاج وغيرها، وكل عضو مثل القطاع الذي يتخصص فيه، وقد اخترنا موضوع الملكية الفكرية تماشيا مع التوجه العالمي اليوم، فالجميع يبحث عما يسمى بحماية الإبداع، وحاولنا توصيل الفكرة إلى جميع الفئات العمرية بسهولة وسلاسة، وتم اختيار ستة مجالات لعرضها بالفيلم.
وما المجالات الستة؟
*لقد تحدث الفيلم عن ستة مجالات أساسية وهي حقوق المؤلف، وبراءة الاختراع، والعلاقات التجارية، والحقوق المجاورة لحق المؤلف، والرسوم والنماذج الصناعية، وعلامات الصنع، والمسابقة كانت على مستوى العالم وبالطبع حصولنا على المركز الأول مثل مصدر فخر شديد لنا جميعا، والجميل أننا مثلنا وطننا الحبيب في هذا الحدث المهم وعكسنا صورة مشرفة له، ووقد تطرق الفيلم إلى فكرة سرقة حقوق المبدعين، ويمكن التأكيد هنا أننا قد توقعنا الفوز نظرا إلى توفر الثقة في أنفسنا، والعمل بروح الفريق الواحد، وهذا هو سر نجاحنا وتألقنا، ولا شك أنني استفدت الكثير من وراء هذا الإنجاز على المستوى الشخصي.
ماذا حققت لك هذه التجربة؟
*لا شك أن هذه التجربة أفادتني كثيرا حيث تعلمت منها معني العمل الجماعي، وأهمية حفظ الحقوق الإبداعية والفكرية لأصحابها، ووجوب أن ننسب كل معلومة إلى مصدرها الحقيقي، وما أسعدني حقا هو إشهار الجمعية الملكية الفكرية بالبحرين مؤخرا عقب تحقيق هذا الإنجاز بفترة وجيزة، والتي شرفت بأن أكون عضوا مؤسسا لها، وهي خطوة مهمة على مستوى المملكة في سبيل المحافظة على حقوق المبدعين.
وما هو الدور المرتقب لهذه الجمعية؟
*دور هذه الجمعية يكمن في سعيها نحوها للمساهمة في تذليل الصعوبات التي تواجه تطبيق القوانين المتعلقة بالحقوق الفكرية، ونشر الوعي بها، ودعم وصون تلك الحقوق في ضوء التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها البحرين، وتشجيع أصحاب المواهب والإبداع في هذا المجال، وخلق شبكة من الكفاءات العلمية الوطنية، وتبادل الخبرات والمعارف في مجالات الملكية الفكرية، وتعزيز روابط التضامن الوطني الخليجي والعربي والآسيوي والدولي في مجال الملكية الفكرية.
التحدي الأهم أمام الإشهار؟
*أهم وأصعب تحد واجهنا عند تأسيس جمعية الملكية الفكرية البحرينية كان إمكانية الوصول إلى عدد الأعضاء المطلوب للتأسيس، ووضع مسودة للنظام الأساسي، والإجراءات اللازمة للإشهار والتي تابعتها من كثب وقامت بها المبدعة أسماء النجدي، حتى خرجت الجمعية إلى النور، أمام العالم والتي نتطلع أن توفر مساحة آمنة للمبدعين محليا وعالميا ونشر الوعي واحتضان المبدعين الذين هم بحاجة إلى دعم معنوي ومادي علما بأن هناك العديد من الأفكار والاختراعات ضاعت بسبب عدم وجود حقوق الملكية الفكرية.
والقرار الأصعب عبر مشوارك؟
*لعل أصعب قرار بالنسبة إلي كان تحديد هدفي العلمي أثناء مرحلة الجامعة، فقد شعرت في تلك الفترة بنوع كبير من التشتت الفكري، وقد كان لدراستي للإنسانيات أثر إيجابي كبير على إمكانية اتخاذ القرار المناسب، هذا فضلا عن حبي لعلم النفس والاجتماع، الأمر الذي ساعدني على لملمة شتاتي إلى حد كبير وعلى تحديد شغفي وهو دراسة الإعلام الرقمي.
كيف أثرت التكنولوجيا الحديثة في الشباب؟
*أنا شخصيا أرى أن التكنولوجيا الحديثة أثرت كثيرا في إنسانيتنا بل وأفقدتنا الكثير منها، وذلك من خلال ما نشاهده على وسائل السوشيال ميديا المختلفة من أمور وقيم وأخلاقيات سلبية، الأمر الذي تسبب في حدوث أضرار نفسية كثيرة وقع ضحيتها العديد من الشباب خاصة فيما يتعلق بالابتزاز الإلكتروني وظاهرة التنمر بسبب هذه الاستغلال السيء لتلك الوسائل، لذلك أقترح استحداث مناهج دراسية لتعزيز الصحة النفسية لدى النشء، وهو أمر ملح خاصة وأن الدراسة أون لاين أثناء أزمة جائحة كورونا أتاحت ساعات أطول أمامه للاطلاع على ما يعرض عبر تلك الوسائل من إيجابيات وسلبيات في ذات الوقت.
كلمة للشباب؟
*من موقعي هذا أتوجه إلى كل شاب بنصيحة مهمة وهي أن يستثمر طاقته بشكل إيجابي، فأنا شخصيا ممتنة لأهلي لاستثمارهم في طاقاتي والتي استثمرتها بدوري لصالح وطني، وقد حرصت بشدة على المشاركة في دورات لحب النفس والخطابة، هذا فضلا عن عملي التطوعي مع ذوي الاحتياجات الخاصة والذي أستمتع بالعمل معهم ولهم، خاصة أنه أتاح لي فرصة التقرب من هذه الفئة والتعرف على متطلباتهم والعمل على تلبيتها بقدر المستطاع.
حلمك الحالي؟
*حلمي الحالي هو أن يأتي اليوم الذي أمتلك فيه شركة خاصة للإبداع في مجال الإعلام الرقمي للإسهام في تطوير هذا المجال وتوسيع نطاقه لمواكبة متطلبات العصر الذي نعيشه اليوم، ولتحقيق الوصول إلى الجمهور أينما كنا وكيفما يريد، وأحمد الله سبحانه وتعالى على قرار دراسة هذا المجال والذي أعتبره من أهم القرارات في حياتي، لأنه أساس لجميع وسائل الإعلام، ويتضمن قدرا كبيرا من الحرية الفكرية، الأمر الذي ساهم في الطلب عليه في الآونة الأخيرة بشكل عام.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك