يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
وماذا عن وجودكم أنتم؟!
قبل أيام زار الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد إيران والتقى المرشد الإيراني علي خامنئي. أجهزة الإعلام الإيرانية في تغطيتها للقاء ركزت على ما قاله خامنئي للرئيس العراقي أو بمعنى اصح ما يشبه التعليمات التي وجهها له.
خامنئي قال للرئيس إن العراق يجب الا يسمح بأي وجود أمريكي على أراضيه. وقال إن «الأمريكيين ليسوا أصدقاء للعراق. الأمريكيون ليسوا أصدقاء لاحد». وأضاف: «وجود حتى أمريكي واحد في العراق يعتبر كثيرا».
القضية ليست الوجود العسكري الأمريكي في العراق وما إذا كان يجب ان يبقى أو لا يبقى. وهذه على أي حال المفروض أنها قضية تخص العراق وحده، والعراقيون هم الذين يقررون بشأنها بحسب ما يرونه من مصلحة عراقية. ليس لإيران الحق من حيث المبدأ في ان تقرر هي بهذا الشأن أو تعطي تعليمات أو أوامر للعراقيين.
والمرشد الإيراني حين يقول هذا الكلام ينسى إن إيران مدينة لهذا الوجود الأمريكي بالذات. لولا الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق الذي أيدته إيران وهللت له لأنه أطاح بالنظام العراقي وساهمت مباشرة وعبر القوى العميلة لها في التمهيد له.. لولا هذا الوجود ما كانت إيران قد استطاعت ان تفرض سطوتها وهيمنتها في العراق. الوجود الأمريكي هو الذي سلم العراق إلى إيران والقوى العميلة لها.
المهم هنا ان خامنئي حين تحدث عن الوجود الأمريكي في العراق بهذا الشكل فانه يتجاهل تساؤلا جوهريا: وماذا عن وجودكم انتم؟.. ماذا عن وجود إيران في العراق أو في سوريا واليمن؟
كلام خامنئي يقوم على افتراضين غريبين:
الأول: انه في العراق يحق لإيران ما لا يحق لأمريكا. بمعنى انه ليس من حق أمريكا ان يكون لها وجود في العراق، ولكن إيران يحق لها.
هذا افتراض ليس له أي أساس او مبرر. أمريكا دولة أجنبية، وإيران دولة أجنبية. ما يسري على أمريكا يسري على إيران بحسب ما يقرره العراقيون.
والثاني: ان مبرر ما يدعو اليه خامنئي من انهاء كامل للوجود الأمريكي في العراق هو ان أمريكا ليست دولة صديقة يمكن الاعتماد عليها. ويعني هذا افتراض ان إيران دولة صديقة للعراق ويعتمد عليها ومن ثم يجب ان تبقى.
هذا أيضا افتراض خاطئ لا أساس له.
لسنا بحاجة الى الحديث تفصيلا هنا عما فعلته إيران بالعراق. يكفي ان نقول إن ما الحقته إيران هي والقوى والمليشيات العميلة لها بالعراق والشعب العراقي من دمار وخراب وجرائم طائفية لا يقل ابدا عما فعله الاحتلال الأمريكي. لا يمكن ابدا الحديث عن إيران على اعتبار أنها صديق للشعب العراقي او حريصة عليه.
حقيقة الأمر ان خامنئي حين يريد انهاء الوجود الأمريكي من العراق نهائيا فهو انما يريد ان تخلو الساحة العراقية تماما لإيران ولوجودها ونفوذها هي والقوى العميلة لها.
ولهذا السبب تحديدا بالمناسبة، تحارب إيران أي وجود عربي في العراق وأي اتفاقات تعاون بين الدول العربية والعراق، وأي تقارب بين العراق واشقائه العرب.
المهم ان اثارة القضية اليوم لها أهمية خاصة على ضوء ما يتردد عن عزم إيران فتح صفحة جديدة في علاقاتها مع الدول العربية، وما يترافق مع ذلك من تصريحات إيرانية عن حرصها على صالح المنطقة وعملها على ذلك.
هذا الحديث يوحي بأن علينا أن نثق في إيران وبعزمها على فتح هذه الصفحة الجديدة على أسس جديدة مقبولة.
حقيقة الأمر انه حتى هذه اللحظة، وبعيدا عن التصريحات الإيرانية، فإنه لا يوجد لا في مواقف وسياسات إيران وممارساتها العملية في العراق وغيره وتجاه الدول العربية عموما ما يؤيد منحها الثقة أو الاعتقاد بأنها ستغير من استراتيجيتها الطائفية التخريبية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك