العدد : ١٦٨٥٢ - الاثنين ١٣ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٢ - الاثنين ١٣ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

شهود على الكارثة الإنسانية

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الاثنين ١٧ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

رأيتُ‭ ‬صورا‭ ‬لبشر‭ ‬منشورة‭ ‬في‭ ‬‮«‬مجلة‭ ‬سَيندي‭ ‬تايمز‭ ‬البريطانية‭ ‬‭(‬The‭ ‬Sunday‭ ‬Times‭ ‬Magazine‭)‬‭ ‬في‭ ‬التاسع‭ ‬من‭ ‬أبريل‭ ‬2023،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬هم‭ ‬ببشر،‭ ‬وشاهدتُ‭ ‬صوراً‭ ‬لجسد‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬غلاف‭ ‬هذه‭ ‬المجلة،‭ ‬ولكنها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬ليست‭ ‬صورا‭ ‬لجسد‭ ‬إنسان،‭ ‬فهل‭ ‬هذه‭ ‬الصور‭ ‬تمثل‭ ‬أشباه‭ ‬البشر؟‭ ‬ولمن‭ ‬هذه‭ ‬الصور؟‭ ‬وهل‭ ‬هي‭ ‬صور‭ ‬لغزاة‭ ‬نزلوا‭ ‬علينا‭ ‬من‭ ‬كواكب‭ ‬الفضاء؟‭ ‬

فعلى‭ ‬غلاف‭ ‬المجلة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬أمامي‭ ‬الآن،‭ ‬أُشاهد‭ ‬صورة‭ ‬لعائلة‭ ‬بريطانية‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬رجلٍ‭ ‬وزوجته‭ ‬وطفلتين،‭ ‬ولكن‭ ‬عندما‭ ‬دققت‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬الرجل‭ ‬وتفحصتها‭ ‬جيداً،‭ ‬رأيتُ‭ ‬العجب‭ ‬العجاب،‭ ‬فالرجل‭ ‬سليم‭ ‬الوجه،‭ ‬مكتمل‭ ‬العينين‭ ‬والأذنين‭ ‬والأنف‭ ‬والفم،‭ ‬فلا‭ ‬تبدو‭ ‬عليه‭ ‬أية‭ ‬علامات‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬وغير‭ ‬طبيعية،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬بالنسبة‭ ‬لباقي‭ ‬الرجال،‭ ‬ولكن‭ ‬عندما‭ ‬نزلت‭ ‬أسفل‭ ‬الصورة‭ ‬وإذا‭ ‬بي‭ ‬لا‭ ‬أرى‭ ‬وجود‭ ‬أية‭ ‬أطراف‭ ‬كاملة‭ ‬للرجل‭ ‬في‭ ‬يديه،‭ ‬فعدد‭ ‬الأصابع‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬خمسة،‭ ‬وأشكالها‭ ‬غريبة‭ ‬وشاذة‭ ‬ومخيفة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬لم‭ ‬أرها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬في‭ ‬حياتي،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬الهوليود‭ ‬السينمائية،‭ ‬كذلك‭ ‬لم‭ ‬أجد‭ ‬في‭ ‬الصورة‭ ‬أية‭ ‬آثار‭ ‬أو‭ ‬إشارات‭ ‬لوجود‭ ‬أرجل‭ ‬صحيحة‭ ‬وسليمة‭ ‬وطبيعية،‭ ‬أو‭ ‬أذرع‭ ‬كاملة‭ ‬بشرية،‭ ‬وكأنه‭ ‬نصف‭ ‬رجل،‭ ‬وليس‭ ‬رجلا‭ ‬كاملاً‭ ‬صحيح‭ ‬القوام‭.‬

فهذه‭ ‬الصورة‭ ‬المرعبة‭ ‬تصف‭ ‬قصة‭ ‬أحد‭ ‬الناجين‭ ‬من‭ ‬الكرب‭ ‬الإنساني‭ ‬العظيم،‭ ‬وهو‭ ‬مازال‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬حيا‭ ‬يرزق‭ ‬يقص‭ ‬حالته‭ ‬البائسة،‭ ‬ويروي‭ ‬حكايته‭ ‬مع‭ ‬المعاناة‭ ‬الجسدية‭ ‬والنفسية‭ ‬التي‭ ‬نزلت‭ ‬عليه‭ ‬طوال‭ ‬سنوات‭ ‬حياته‭ ‬المريرة،‭ ‬فهو‭ ‬يبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬61‭ ‬عاماً،‭ ‬واسمه‭ ‬‮«‬كيفن‭ ‬دونيلون‮»‬‭ ‬‭(‬Kevin‭ ‬Donnellon‭)‬‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬ليفربول‭ ‬الإنجليزية‭ ‬العريقة‭. ‬

وهذه‭ ‬الصورة‭ ‬ليست‭ ‬المثال‭ ‬الوحيد‭ ‬الموجود‭ ‬حالياً‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الصورة‭ ‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬حالة‭ ‬فردية‭ ‬استثنائية‭ ‬قد‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬إنجلترا،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬مثال‭ ‬لعشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬‮«‬المخلوقات‭ ‬الغريبة‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬الحالات‭ ‬المشوهة‭ ‬والمعوقة‭ ‬للجسد‭ ‬البشري‭ ‬التي‭ ‬شاهدناها‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬46‭ ‬دولة‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬مثل‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬وأستراليا،‭ ‬وبعض‭ ‬دول‭ ‬أمريكا‭ ‬الجنوبية‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬هناك‭ ‬ألبوم‭ ‬خاص‭ ‬من‭ ‬الصور‭ ‬الفوتوغرافية‭ ‬لأفراد‭ ‬عائلة‭ ‬بريطانية‭ ‬أخرى،‭ ‬وتشاهد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الألبوم‭ ‬الخاص‭ ‬صور‭ ‬أفراد‭ ‬هذه‭ ‬العائلة‭ ‬المنكوبة‭ ‬منذ‭ ‬ولادتهم‭ ‬وحتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬فمنهم‭ ‬من‭ ‬قضى‭ ‬نحبه‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬ينتظر‭ ‬مصيره‭ ‬وقَدَره،‭ ‬وهذه‭ ‬العائلة‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬حالياً‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬‭(‬Cheltenham‭)‬‭ ‬أُطلق‭ ‬عليها‭ ‬اسم‭ ‬غريب،‭ ‬ولقب‭ ‬غير‭ ‬مألوف،‭ ‬وهو‭ ‬عائلة‭ ‬‮«‬الثاليدوميد‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬يرمز‭ ‬إلى‭ ‬العائلة‭ ‬المـُشوهة‭ ‬والمعوقة‭ ‬خَلْقياً‭ ‬وجسدياً‭ ‬منذ‭ ‬ولادتها،‭ ‬والتي‭ ‬تعاني‭ ‬عشرات‭ ‬السنين‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التشوهات‭ ‬الخَلْقية‭ ‬الغريبة‭ ‬والنادرة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬البشر‭.‬

فقصة‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬وعشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬‮«‬المخلوقات‭ ‬الغريبة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬وُلدت‭ ‬في‭ ‬الستينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬المنصرم‭ ‬بسيطة‭ ‬جداً،‭ ‬ولكنها‭ ‬كبيرة‭ ‬وعظيمة‭ ‬في‭ ‬مضمونها‭ ‬وتداعياتها‭ ‬العقلية‭ ‬والجسدية‭ ‬والنفسية‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الذين‭ ‬وُلدوا‭ ‬مشوهين‭ ‬بهذه‭ ‬الحالات‭ ‬الغامضة‭ ‬والنادرة،‭ ‬وإنما‭ ‬على‭ ‬باقي‭ ‬أفراد‭ ‬أسرته‭ ‬الصغيرة‭ ‬والكبيرة‭ ‬والمجتمع‭ ‬برمته‭ ‬الذي‭ ‬وقف‭ ‬حائراً‭ ‬وخائفاً‭ ‬من‭ ‬ولادة‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬المهول‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬الأجنة‭ ‬المشوهة‭ ‬كلياً،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬قصة‭ ‬عقيمة‭ ‬نستخلص‭ ‬منها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العبر‭ ‬والعظات‭ ‬والفوائد‭ ‬الجمة‭. ‬

فالفصل‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القصة‭ ‬المأساوية‭ ‬تبدأ‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬والدة‭ ‬‮«‬كيفن‭ ‬دونيلون‮»‬‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ستة‭ ‬عقود‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬آلام‭ ‬ومعاناة‭ ‬تصيب‭ ‬معظم‭ ‬النساء‭ ‬الحوامل‭ ‬بعد‭ ‬الاستيقاظ‭ ‬صباحاً‭ ‬من‭ ‬النوم،‭ ‬وهي‭ ‬الأرق‭ ‬والصداع‭ ‬المزمن‭ ‬والقيء‭ ‬الشديد‭ ‬عند‭ ‬الصباح،‭ ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬الخمسينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬المنصرم‭ ‬كان‭ ‬الدواء‭ ‬السحري‭ ‬الأعجوبة‭ ‬الذي‭ ‬يصفه‭ ‬الأطباء‭ ‬دائماً‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬للعلاج‭ ‬الشافي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأعراض‭ ‬المرضية‭ ‬لجميع‭ ‬النساء‭ ‬الحوامل‭ ‬هو‭ ‬كبسولة‭ ‬الثاليدوميد‭ ‬البيضاء‭(‬Thalidomide‭)( (‬Diethylstilboestrol‭)‬‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تُباع‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬تجاري‭ ‬هو‭ ‬ديستافال‭(‬Distaval‭)‬،‭ ‬وتُنتجها‭ ‬شركة‭ ‬ألمانية‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬العقاقير‭ ‬هي‭ ‬مجموعة‭ ‬جرونينثال‭(‬Grünenthal‭ ‬Group‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬تمت‭ ‬صناعتها‭ ‬عام‭ ‬1953،‭ ‬وتسويقها‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬عام‭ ‬1958،‭ ‬واستُخدمت‭ ‬مدة‭ ‬قرابة‭ ‬ثلاثين‭ ‬عاماً‭.‬

والفصل‭ ‬الثاني‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬انكشاف‭ ‬ظاهرة‭ ‬غامضة‭ ‬ونادرة‭ ‬لم‭ ‬يعرفها‭ ‬الأطباء‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وهي‭ ‬زيادة‭ ‬مطردة‭ ‬في‭ ‬الإجهاض‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وولادة‭ ‬أجنة‭ ‬غريبة‭ ‬ومعوقة‭ ‬ومشوهة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬وبعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬متابعة‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬ومراقبتها‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬أكد‭ ‬الأطباء‭ ‬أن‭ ‬السبب‭ ‬هو‭ ‬تناول‭ ‬المرأة‭ ‬الحامل‭ ‬لدواء‭ ‬الثاليدوميد،‭ ‬أي‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الدواء‭ ‬غير‭ ‬‮«‬مستدام‮»‬،‭ ‬فهو‭ ‬يبني‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬ولكن‭ ‬يهدم‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬ويعالج‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬ولكن‭ ‬يسبب‭ ‬لها‭ ‬مشكلة‭ ‬مرضية‭ ‬مزمنة‭ ‬فتضع‭ ‬جنيناً‭ ‬من‭ ‬المخلوقات‭ ‬الغريبة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭. ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬الميدانية‭ ‬تأكد‭ ‬المجتمع‭ ‬الطبي‭ ‬أن‭ ‬المتهم‭ ‬في‭ ‬ولادة‭ ‬هذه‭ ‬المخلوقات‭ ‬الغريبة‭ ‬هو‭ ‬هذا‭ ‬الدواء‭ ‬السحري‭ ‬الأعجوبة‭! ‬

ولكن‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الأدلة‭ ‬الدامغة‭ ‬التي‭ ‬قدَّمها‭ ‬الأطباء‭ ‬عن‭ ‬الآثار‭ ‬الجانبية‭ ‬المهلكة‭ ‬لهذا‭ ‬الدواء،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الشركة‭ ‬المصنعة‭ ‬للدواء‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬لم‭ ‬تعترف‭ ‬بداية‭ ‬بهذه‭ ‬العلاقة‭ ‬السببية‭ ‬واستمرت‭ ‬على‭ ‬غيها‭ ‬وتدافع‭ ‬عن‭ ‬دوائها‭ ‬عدة‭ ‬سنوات،‭ ‬حتى‭ ‬رُفعت‭ ‬ضدها‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬في‭ ‬المحاكم‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬دول‭. ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ستين‭ ‬عاماً‭ ‬على‭ ‬النكبة‭ ‬البشرية‭ ‬اعترف‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬للشركة‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2012،‭ ‬وأعرب‭ ‬عن‭ ‬أسفه‭ ‬لوقوع‭ ‬هذه‭ ‬المأساة‭ ‬البشرية‭ ‬العضوية‭ ‬والنفسية،‭ ‬وتخليداً‭ ‬لذكرى‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬أَسدل‭ ‬الستار‭ ‬عن‭ ‬تمثال‭ ‬فريد‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬مصنوعاً‭ ‬من‭ ‬البرونز‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬ستولبرج‭ (‬Stolberg‭) ‬غرب‭ ‬ألمانيا،‭ ‬ومثل‭ ‬هذا‭ ‬التمثال‭ ‬لا‭ ‬تُشاهده‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬دولةٍ‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬فهو‭ ‬يُجسم‭ ‬منظر‭ ‬طفلٍ‭ ‬صغيرٍ‭ ‬لا‭ ‬أطراف‭ ‬له،‭ ‬أي‭ ‬ليست‭ ‬له‭ ‬أيدٍ‭ ‬أو‭ ‬أرجل‭ ‬وأُطلق‭ ‬عليه‭ ‬بالطفل‭ ‬المريض‭(‬the‭ ‬sick‭ ‬child‭).‬

ولكن‭ ‬السؤال‭ ‬الأخير‭ ‬الذي‭ ‬عجز‭ ‬العلماء‭ ‬عن‭ ‬الإجابة‭ ‬عليه‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ستين‭ ‬عاماً‭ ‬هو‭ ‬آلية‭ ‬تأثير‭ ‬الدواء‭ ‬على‭ ‬الجنين‭ ‬في‭ ‬بطن‭ ‬أمه،‭ ‬وكيفية‭ ‬ولادة‭ ‬أجنة‭ ‬غريبة‭ ‬ومشوهة،‭ ‬وقد‭ ‬جاءت‭ ‬الإجابة‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2021‭ ‬في‭ ‬مجلة‭(‬eLife‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬اكتشف‭ ‬الباحثون‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬دانا‭_‬فاربر‭ ‬للسرطان‭(‬Dana‭-‬Farber‭ ‬Cancer‭ ‬Institute‭)‬‭ ‬آلية‭ ‬هذا‭ ‬الدواء‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬التشوهات‭ ‬للجنين‭. ‬فهذا‭ ‬الدواء‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬عمل‭ ‬البروتين‭ ‬الرئيس‭ ‬الموجود‭ ‬في‭ ‬الخلية‭ ‬والمعني‭ ‬بنمو‭ ‬الجنين،‭ ‬فيعمل‭ ‬على‭ ‬تحفيز‭ ‬تحلل‭ ‬البروتين‭ ‬في‭ ‬الخلايا‭ ‬ويؤثر‭ ‬في‭ ‬الجينات‭ ‬داخل‭ ‬الخلية،‭ ‬وبالتحديد‭(‬SALL4‭)‬،‭ ‬وتحلل‭ ‬هذا‭ ‬الجين‭ ‬وحدوث‭ ‬طفرات‭ ‬له‭ ‬يلغي‭ ‬نمو‭ ‬الأطراف‭ ‬والأعضاء‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬جسم‭ ‬الجنين‭ ‬كالأذن‭ ‬والعين‭ ‬وغيرهما،‭ ‬فينجم‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬الطفرية‭ ‬في‭ ‬البروتين‭ ‬أو‭ ‬الجينات‭ ‬في‭ ‬ولادة‭ ‬الأجنة‭ ‬المشوهة،‭ ‬أو‭ ‬الإصابة‭ ‬بأمراض‭ ‬القلب،‭ ‬أو‭ ‬الإجهاض‭.‬

ونهاية‭ ‬القول‭ ‬المفيد‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الطامة‭ ‬الكبرى‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬ألا‭ ‬يستعجل‭ ‬في‭ ‬إدخال‭ ‬أية‭ ‬مادة‭ ‬كيميائية،‭ ‬أو‭ ‬حيوية،‭ ‬أو‭ ‬فيزيائية‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬وإلى‭ ‬بيئتنا،‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬أدوية‭ ‬وعقاقير،‭ ‬أو‭ ‬منتجات‭ ‬استهلاكية،‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬قبل‭ ‬إجراء‭ ‬الدراسات‭ ‬الكاملة‭ ‬والشاملة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تأثيرها‭ ‬في‭ ‬الإنسان،‭ ‬ومصيرها‭ ‬عند‭ ‬دخولها‭ ‬في‭ ‬مكونات‭ ‬بيئتنا،‭ ‬حتى‭ ‬نتأكد‭ ‬من‭ ‬سلامتها‭ ‬علينا‭ ‬وعلى‭ ‬عناصر‭ ‬بيئتنا‭ ‬الحية‭ ‬وغير‭ ‬الحية‭ ‬ونتجنب‭ ‬وقوع‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬النكبات‭ ‬البشرية‭.‬

bncftpw@batelco‭.‬com‭.‬bh

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا