العدد : ١٦٨٥١ - الأحد ١٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٤ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥١ - الأحد ١٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٤ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

هل أصبح الصّدام حتميا بين أمريكا والصين؟

بقلم: شاهر الشاهر

الجمعة ١٤ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

يمضي‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬نحو‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التوتر‭ ‬والتصعيد‭. ‬كل‭ ‬المعطيات‭ ‬تنبئ‭ ‬بأن‭ ‬البيئة‭ ‬الإقليمية‭ ‬المحيطة‭ ‬بالصين‭ ‬ستكون‭ ‬الأخطر‭ ‬والأكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للانفجار‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬لحظة‭. ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬يشهد‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الاصطفافات‭ ‬والتحالفات‭ ‬الجديدة،‭ ‬إذ‭ ‬تشكل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ومعها‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬أحد‭ ‬هذه‭ ‬المحاور،‭ ‬فيما‭ ‬تشكل‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المؤيدة‭ ‬للأخيرة‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا‭ ‬المحور‭ ‬الثاني‭. ‬أما‭ ‬المحور‭ ‬الثالث،‭ ‬فتتزعمه‭ ‬الهند،‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تنأى‭ ‬بنفسها‭ ‬عن‭ ‬المحورين‭ ‬السابقين‭.‬

هذه‭ ‬التحالفات‭ ‬شبيهة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬بما‭ ‬حدث‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬حين‭ ‬انقسم‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬معسكرين،‭ ‬شرقي‭ ‬وغربي،‭ ‬وكتلة‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭.‬

ومن‭ ‬المؤشرات‭ ‬المهمة‭ ‬الدالة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭:‬

‭- ‬تزايد‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬الكوريتين‭: ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬ازداد‭ ‬نتيجة‭ ‬تدخلات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وتعاونها‭ ‬مع‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬وإجراء‭ ‬مناورات‭ ‬عسكرية‭ ‬مشتركة‭ ‬معها،‭ ‬مؤخرا،‭ ‬وهي‭ ‬أضخم‭ ‬مناورات‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭.‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المناورات‭ ‬هو‭ ‬محاولة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬طمأنة‭ ‬حلفائها،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬جنوب‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭ ‬والمحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ‭ ‬ومنطقة‭ ‬بحر‭ ‬الصين‭ ‬الجنوبي،‭ ‬ذلك‭ ‬أنَّ‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬باتت‭ ‬تشعر‭ ‬بالقلق‭ ‬وعدم‭ ‬الرضا‭ ‬إزاء‭ ‬التعاطي‭ ‬الأمريكي‭ ‬مع‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭.‬

وما‭ ‬زالت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تنأى‭ ‬بنفسها‭ ‬عن‭ ‬الدفاع‭ ‬المباشر‭ ‬عن‭ ‬كييف،‭ ‬مكتفيةً‭ ‬بتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬بالأسلحة،‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬استمرار‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يراد‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تنتهي،‭ ‬لاستنزاف‭ ‬موسكو‭ ‬وإضعاف‭ ‬هيبتها‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية،‭ ‬كما‭ ‬تعتقد‭.‬

لقد‭ ‬كانت‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬حتى‭ ‬التسعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬محميةً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وجود‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬الأمريكي‭ ‬فيها،‭ ‬لكن،‭ ‬وبعد‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬قامت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بسحب‭ ‬أسلحتها‭ ‬النووية‭ ‬من‭ ‬سيؤول،‭ ‬مكتفية‭ ‬بإبقاء‭ ‬بعض‭ ‬جنودها‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬القواعد‭ ‬العسكرية‭ ‬هناك،‭ ‬والتي‭ ‬يوجد‭ ‬فيها‭ ‬اليوم‭ ‬نحو‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬عسكري‭ ‬أمريكي‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الكوري‭ ‬الجنوبي‭ ‬قوي،‭ ‬ويحتل‭ ‬المرتبة‭ ‬السادسة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬عدد‭ ‬الجنود‭ ‬ونوعية‭ ‬التسليح،‭ ‬فإنه‭ ‬غير‭ ‬قادر،‭ ‬وبكل‭ ‬تأكيد،‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬حدثت‭ ‬أي‭ ‬مواجهة‭ ‬عسكرية‭ ‬بينهما‭.‬

أما‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية،‭ ‬فكانت‭ ‬قد‭ ‬وقعت‭ ‬على‭ ‬معاهدة‭ ‬حظر‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬عام‭ ‬1985،‭ ‬لكنها‭ ‬عادت‭ ‬وانسحبت‭ ‬منها‭ ‬عام‭ ‬2003‭. ‬وكانت‭ ‬بيونج‭ ‬يانج‭ ‬قد‭ ‬أجرت‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1984‭ ‬وحتى‭ ‬الآن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬270‭ ‬تجربة‭ ‬صاروخية،‭ ‬نفذت‭ ‬70‭ ‬تجربة‭ ‬منها‭ ‬عام‭ ‬2022‭.‬

خلاصة‭ ‬تجارب‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬النووية‭ ‬هي‭ ‬أنها‭ ‬أصبحت‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬بصواريخها‭ ‬إلى‭ ‬الداخل‭ ‬الأمريكي‭. ‬هذا‭ ‬التوتر‭ ‬والتصعيد‭ ‬انعكس‭ ‬سباقاً‭ ‬محموماً‭ ‬على‭ ‬التسلح،‭ ‬وانتقل‭ ‬ليصل‭ ‬حد‭ ‬السباق‭ ‬على‭ ‬التسلح‭ ‬النووي،‭ ‬إذ‭ ‬ازداد‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬الساعية‭ ‬إلى‭ ‬دخول‭ ‬النادي‭ ‬النووي،‭ ‬مهما‭ ‬كلف‭ ‬الثمن‭.‬

ولعل‭ ‬أكثر‭ ‬الدول‭ ‬سعياً‭ ‬وراء‭ ‬ذلك‭ ‬هي‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تشعر‭ ‬بحال‭ ‬من‭ ‬الانكشاف‭ ‬وعدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬جارتها‭ ‬وعدوتها‭ ‬التاريخية‭ (‬كوريا‭ ‬الشمالية‭).‬

لدى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬جهتها‭ ‬حسابات‭ ‬خاصة‭ ‬ودقيقة،‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬النووية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ (‬في‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬9‭ ‬دول‭ ‬نووية‭). ‬كما‭ ‬أن‭ ‬لديها‭ ‬شروطاً‭ ‬صارمة‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬إدارة‭ ‬تلك‭ ‬الأسلحة‭ ‬واستعمالها‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قررت‭ ‬تزويد‭ ‬إحدى‭ ‬الدول‭ ‬بها‭. ‬لذا،‭ ‬تحاول‭ ‬طمأنة‭ ‬سيؤول‭ ‬عبر‭ ‬تأكيدها‭ ‬الالتزام‭ ‬بالدفاع‭ ‬عنها،‭ ‬وعدم‭ ‬السماح‭ ‬لجارتها‭ ‬الشمالية‭ ‬بالاستفراد‭ ‬بها،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬تزويدها‭ ‬بالأسلحة‭ ‬النووية‭.‬

‭- ‬تفعيل‭ ‬اليابان‭: ‬عبر‭ ‬السماح‭ ‬لها‭ ‬بالمضي‭ ‬قدماً‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬تسليح‭ ‬جيشها،‭ ‬وزيادة‭ ‬موازنتها‭ ‬الدفاعية،‭ ‬والاستعداد‭ ‬الأمريكي‭ ‬لتزويد‭ ‬طوكيو‭ ‬بأحدث‭ ‬الأسلحة،‭ ‬وكذلك‭ ‬ضمها‭ ‬إلى‭ ‬تحالف‭ ‬‮«‬كواد‮»‬‭ ‬الرباعي‭ (‬أمريكا،‭ ‬اليابان،‭ ‬الهند،‭ ‬أستراليا‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬محاصرة‭ ‬الصين‭ ‬وتضييق‭ ‬الخناق‭ ‬عليها‭.‬

‭- ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬اليابان‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية‭: ‬جاءت‭ ‬زيارة‭ ‬رئيس‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬يون‭ ‬سوك‭ ‬يول‭ ‬مؤخرا‭ ‬إلى‭ ‬اليابان‭ ‬بهدف‭ ‬تحسين‭ ‬العلاقات‭ ‬المتوترة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة،‭ ‬بسبب‭ ‬الخلاف‭ ‬حول‭ ‬العمل‭ ‬القسري‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الحرب،‭ ‬وهي‭ ‬أول‭ ‬زيارة‭ ‬رئاسية‭ ‬لكوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬إلى‭ ‬اليابان‭ ‬منذ‭ ‬12‭ ‬عاماً‭.‬‮ ‬

‭- ‬المساعي‭ ‬الأمريكية‭ ‬لتطويق‭ ‬الصين‭: ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نسج‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬التحالفات‭ ‬حولها،‭ ‬مثل‭ ‬تحالف‭ ‬‮«‬كواد‮»‬‭ ‬و«أوكوس‮»‬،‭ ‬والاستمرار‭ ‬بتزويد‭ ‬حلفاء‭ ‬بكين‭ ‬التقليديين‭ (‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬وأستراليا‭ ‬واليابان‭ ‬وتايوان‭...) ‬بالأسلحة‭ ‬المتطورة،‭ ‬وكذلك‭ ‬التحريض‭ ‬المستمر‭ ‬لزعزعة‭ ‬الأوضاع‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬الصين‭.‬

‭- ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وتداعياتها‭: ‬هي‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬وقفت‭ ‬منها‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬المنتصف،‭ ‬ولم‭ ‬تنجر‭ ‬إلى‭ ‬تأييد‭ ‬موسكو‭ ‬فيها،‭ ‬لأنها‭ ‬لو‭ ‬فعلت‭ ‬ذلك،‭ ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬الانجرار‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬عالمية‭ ‬ثالثة‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭.‬

هذا‭ ‬الموقف‭ ‬جعل‭ ‬الصين‭ ‬الدولة‭ ‬أكثر‭ ‬قبولاً‭ ‬لأداء‭ ‬دور‭ ‬الوساطة‭ ‬بين‭ ‬موسكو‭ ‬وكييف،‭ ‬إذ‭ ‬قدمت‭ ‬مبادرتها‭ ‬لحل‭ ‬الأزمة‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬والتي‭ ‬لقيت‭ ‬قبولاً‭ ‬روسياً‭ ‬ورفضاً‭ ‬أمريكياً‭ ‬منذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬الاستياء‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬أداء‭ ‬الصين‭ ‬دور‭ ‬راعي‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

‭- ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬إلى‭ ‬موسكو‭: ‬هذه‭ ‬الزيارة،‭ ‬بما‭ ‬حملته‭ ‬من‭ ‬دفع‭ ‬للعلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬أنها‭ ‬جاءت‭ ‬بعد‭ ‬يومين‭ ‬من‭ ‬إصدار‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬قراراً‭ ‬بحق‭ ‬الرئيس‭ ‬بوتين‭ ‬واتهامه‭ ‬بارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬جاءت‭ ‬لتؤكد‭ ‬وقوف‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الرئيس‭ ‬بوتين‭ ‬شخصياً،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حرص‭ ‬الرئيس‭ ‬شي‭ ‬بينج‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الصداقة‭ ‬الشخصية‭ ‬بينهما،‭ ‬وتأكيد‭ ‬دور‭ ‬الرئيس‭ ‬بوتين‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬روسيا‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬عظمى،‭ ‬وإعرابه‭ ‬عن‭ ‬ثقته‭ ‬بأن‭ ‬الشعب‭ ‬الروسي‭ ‬سيختار‭ ‬بوتين‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭ ‬رئيساً‭ ‬لروسيا‭ ‬لولاية‭ ‬رئاسية‭ ‬جديدة‭.‬

وبعد‭ ‬تلك‭ ‬الزيارة،‭ ‬وإثر‭ ‬عودة‭ ‬الرئيس‭ ‬شي‭ ‬إلى‭ ‬الصين،‭ ‬جاءت‭ ‬الدعوة‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لعقد‭ ‬اجتماع‭ ‬ثنائي‭ ‬بين‭ ‬الرئيسين‭ ‬الأمريكي‭ ‬والصيني،‭ ‬لكن‭ ‬الرد‭ ‬الصيني‭ ‬جاء‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬أكثر‭ ‬تشدداً،‭ ‬إذ‭ ‬أعلنت‭ ‬بكين‭ ‬عدم‭ ‬رغبتها‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬اجتماعات‭ ‬كهذه‭ ‬إلا‭ ‬للضرورة‭ ‬القصوى‭.‬

هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الصيني‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬معتاداً‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬فلطالما‭ ‬حرصت‭ ‬بكين‭ ‬على‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬دعوة‭ ‬للحوار‭ ‬توجهها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬إيمانها‭ ‬بالحوار‭ ‬طريقاً‭ ‬لحل‭ ‬الخلافات‭ ‬الدولية،‭ ‬لكن‭ ‬بكين،‭ ‬كما‭ ‬يبدو،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬متحمسة‭ ‬للقاء‭ ‬كهذا‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن،‭ ‬لعدة‭ ‬أسباب،‭ ‬فبعد‭ ‬اللقاءات‭ ‬السابقة،‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذ‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليه‭ ‬بين‭ ‬الرئيسين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قالته‭ ‬بكين‭ ‬مراراً،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬لوبي‭ ‬داخل‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬معادٍ‭ ‬للصين‭ (‬لوبي‭ ‬تايوان‭)‬،‭ ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬عرقلة‭ ‬تنفيذ‭ ‬تلك‭ ‬الاتفاقيات‭.‬

‭- ‬سحب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬طائراتها‭ ‬المتطورة‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬واستبدالها‭ ‬بأخرى‭ ‬أقل‭ ‬تطوراً،‭ ‬نظراً‭ ‬إلى‭ ‬حاجتها‭ ‬لهذه‭ ‬الطائرات‭ ‬في‭ ‬صراعها‭ ‬المقبل‭ ‬مع‭ ‬الصين‭.‬

في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬البيئة‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬المضطربة،‭ ‬فإن‭ ‬نجاح‭ ‬الصين‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬بمسك‭ ‬العصا‭ ‬من‭ ‬المنتصف،‭ ‬وعدم‭ ‬الانجرار‭ ‬إلى‭ ‬التحالف‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬عسكرياً،‭ ‬والاستمرار‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬دور‭ ‬الراعي‭ ‬الدولي‭ ‬للسلام‭ ‬ما‭ ‬استطاعت،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬أنَّ‭ ‬روسيا‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قوية‭ ‬ومتماسكة‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الملف‭ ‬الأوكراني‭ ‬بمهارة‭ ‬كبيرة،‭ ‬وهي‭ ‬أيضاً‭ ‬قوية‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬رغم‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬المفروضة‭ ‬عليها‭.‬

كما‭ ‬أنَّ‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬أصدر‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬لموسكو،‭ ‬مثل‭ ‬إعطاء‭ ‬القمح‭ ‬بتسهيلات‭ ‬للدول‭ ‬الأفريقية‭ ‬وشطب‭ ‬الديون‭ ‬المترتبة‭ ‬عليها‭ ‬البالغة‭ ‬20‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬نظراً‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬الكتلة‭ ‬الأفريقية‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬إذ‭ ‬تشكل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ربع‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

نتيجةً‭ ‬لما‭ ‬سبق،‭ ‬فإنّ‭ ‬كل‭ ‬الاحتمالات‭ ‬مطروحة،‭ ‬وأكثر‭ ‬المناطق‭ ‬المرشحة‭ ‬للانفجار‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬هي‭ ‬المناطق‭ ‬المحيطة‭ ‬بالصين‭ (‬تايوان‭ ‬وشبه‭ ‬الجزيرة‭ ‬الكورية‭ ‬ومنطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادي‭).‬

ويبقى‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬قدرة‭ ‬صانع‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬تجنب‭ ‬الطريق‭ ‬الذي‭ ‬سلكته‭ ‬الدول‭ ‬العظمى‭ ‬في‭ ‬سعيها‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬القمة،‭ ‬وهو‭ ‬طريق‭ ‬الحرب‭. ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬بعيداً‭ ‬من‭ ‬الصينيين،‭ ‬وهم‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يستعجلون‭ ‬وضع‭ ‬النقطة‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬السطر،‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬هناك‭ ‬فواصل‭ ‬بدلاً‭ ‬منها‭.‬

 

{ أكاديمي‭ ‬مختص‭ ‬

في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا