العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

السعادة الوظيفية في بيئة العمل.. من ضروريات الاستدامة

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ٠٢ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

من‭ ‬منا‭ ‬لا‭ ‬يود‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬بسعادة،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان؟‭ ‬ولكن‭ ‬هل‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬والوظيفة‭ ‬سعادة؟‭ ‬كيف‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نحقق‭ ‬ذلك؟

تقول‭ ‬الأدبيات‭ ‬إن‭ ‬مفهوم‭ ‬السعادة‭ ‬الوظيفية‭ ‬تُعد‭ ‬من‭ ‬المفاهيم‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العلوم‭ ‬الإدارية،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬أطلقت‭ ‬إلا‭ ‬أصبحت‭ ‬واسعة‭ ‬الانتشار‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬اتجاه‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬شعور‭ ‬العاملين‭ ‬بالسعادة‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬العمل،‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬تعزيز‭ ‬الطاقة‭ ‬الإيجابية‭ ‬لديهم،‭ ‬ودفعهم‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬بحماس،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تحقيق‭ ‬تلك‭ ‬المؤسسات‭ ‬لأهدافها‭. ‬

ربما‭ ‬كان‭ ‬السبب‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬‭ ‬أي‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬السعادة‭ ‬الوظيفية‭ ‬للعاملين‭ ‬‭ ‬نابعا‭ ‬من‭ ‬اعتقاد‭ ‬المؤسسات‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬العاملين‭ ‬سيكون‭ ‬أداؤهم‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬أكثر‭ ‬إبداعًا‭ ‬وتميزًا،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ستزداد‭ ‬الأرباح‭ ‬وتتحسن‭ ‬الصورة‭ ‬الذهنية‭ ‬للمؤسسة،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬زلنا‭ ‬لم‭ ‬نعرف‭ ‬ماذا‭ ‬يعني‭ ‬مصطلح‭ (‬السعادة‭ ‬الوظيفية‭).‬

وكالعادة‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وجدنا‭ ‬اختلافًا‭ ‬واضحًا‭ ‬بين‭ ‬الكتّاب‭ ‬والباحثين‭ ‬حول‭ ‬مفهوم‭ ‬السعادة‭ ‬الوظيفية،‭ ‬نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬كونه‭ ‬مفهومًا‭ ‬سلوكيًا‭ ‬لا‭ ‬يظهر‭ ‬بشكل‭ ‬مادي،‭ ‬وإنما‭ ‬يرتبط‭ ‬بالحالة‭ ‬النفسية‭ ‬للعاملين‭. ‬ويرى‭ ‬بعض‭ ‬الباحثين‭ ‬أن‭ ‬السعادة‭ ‬الوظيفية‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬شعور‭ ‬الموظف‭ ‬بارتباط‭ ‬عاطفي‭ ‬قوي‭ ‬نحو‭ ‬مكان‭ ‬عمله،‭ ‬بجانب‭ ‬ارتباطه‭ ‬واندماجه‭ ‬عاطفيًا‭ ‬وفكريًا‭ ‬في‭ ‬وظيفته،‭ ‬وبأنه‭ ‬مسؤول‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬المؤسسة‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬بها‭ ‬ونجاحها،‭ ‬وينبع‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬تطبقه‭ ‬المؤسسة‭ ‬من‭ ‬ممارسات‭ ‬وسياسات،‭ ‬وعلاقة‭ ‬الإدارة‭ ‬مع‭ ‬العاملين،‭ ‬فكلما‭ ‬اهتمت‭ ‬المؤسسة‭ ‬بسعادة‭ ‬العاملين،‭ ‬زاد‭ ‬حماس‭ ‬هؤلاء‭ ‬العاملين،‭ ‬وحرصهم‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬وظائفهم‭ ‬بشكل‭ ‬فعال،‭ ‬والتزامهم‭ ‬وولاؤهم‭. ‬

وفي‭ ‬تعريف‭ ‬آخر‭ ‬يرى‭ ‬الباحث‭ ‬أن‭ ‬السعادة‭ ‬الوظيفية‭ ‬هو‭ ‬شعور‭ ‬الموظف‭ ‬بالرضا‭ ‬والراحة‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬وقناعته‭ ‬الداخلية‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬أو‭ ‬يحققه‭ ‬من‭ ‬إنجاز‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬أهدافه‭ ‬الخاصة‭ ‬وطموحه‭ ‬الوظيفي‭. ‬وأن‭ ‬السعادة‭ ‬الوظيفية‭ ‬هي‭ ‬التوافق‭ ‬والانسجام‭ ‬الكامل‭ ‬بين‭ ‬الفرد‭ ‬ووظيفته‭ ‬وزملائه‭ ‬بشكل‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافه‭ ‬وإشباع‭ ‬طموحه‭ ‬الوظيفي‭. ‬

عمومًا،‭ ‬ببساطة‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬السعادة‭ ‬الوظيفية‭ ‬هو‭ ‬شعور‭ ‬العاملين‭ ‬بالرضا‭ ‬والإيجابية‭ ‬والتقدير‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬وارتباطهم‭ ‬بوظائفهم،‭ ‬واندماجهم‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬وتقوية‭ ‬علاقاتهم‭ ‬بالغير،‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الإنجازات‭.‬

وبناء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المفاهيم،‭ ‬سعت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬لتوفير‭ ‬كل‭ ‬متطلبات‭ ‬تحقيق‭ ‬السعادة‭ ‬الوظيفية‭ ‬مثل‭ ‬خلق‭ ‬بيئة‭ ‬عمل‭ ‬إيجابية،‭ ‬وتقوية‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬العاملين،‭ ‬وسيادة‭ ‬السلوكيات‭ ‬الإيجابية‭ ‬في‭ ‬العمل‭. ‬وذلك‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬السعادة‭ ‬الوظيفية‭ ‬تسهم‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬ولاء‭ ‬العاملين،‭ ‬وزيادة‭ ‬إنتاجيتهم،‭ ‬وزيادة‭ ‬الأرباح،‭ ‬وتحسين‭ ‬خدمة‭ ‬العملاء،‭ ‬فوفقًا‭ ‬لدراسة‭ ‬أجرتها‭ ‬جامعة‭ (‬وارويك‭ ‬Warwick‭)‬،‭ ‬فإن‭ ‬اتخاذ‭ ‬خطوات‭ ‬جادّة‭ ‬نحو‭ ‬تعزيز‭ ‬السعادة‭ ‬وجودة‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬الإنتاجيّة‭ ‬بنسبة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬12%‭. ‬

ولكن‭ ‬يبقى‭ ‬السؤال‭ ‬الأهم،‭ ‬كيف‭ ‬نحقق‭ ‬تلك‭ ‬السعادة‭ ‬وخاصة‭ ‬أنها‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬السلوكيات‭ ‬والشعور‭ ‬وليست‭ ‬عملية‭ ‬مادية‭ ‬بحتة؟

وجدنا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬خمسة‭ ‬عناصر‭ ‬مهمة‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تحقيق‭ ‬السعادة‭ ‬الوظيفية‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬الاقتراب‭ ‬منها،‭ ‬وهي‭:‬

عناصر‭ ‬بيئية،‭ ‬وتشمل‭ ‬كل‭ ‬العناصر‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬حتى‭ ‬تسهل‭ ‬على‭ ‬الموظف‭ ‬القيام‭ ‬بعمله،‭ ‬مثل‭: ‬وجود‭ ‬ماء‭ ‬للشرب،‭ ‬حمامات‭ ‬نظيفة،‭ ‬إضاءة‭ ‬جيدة،‭ ‬مكاتب‭ ‬وطاولات‭ ‬نظيفة،‭ ‬أوراق‭ ‬وأقلام،‭ ‬وأجهزة‭ ‬حاسوب‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭. ‬

عناصر‭ ‬اجتماعية،‭ ‬وتشمل‭ ‬العلاقات‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل،‭ ‬سواء‭ ‬بين‭ ‬المسؤول‭ ‬والموظفين،‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬الموظفين‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض،‭ ‬مثل‭: ‬الذكاء‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والعاطفي‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتمتع‭ ‬به‭ ‬الجميع،‭ ‬وهذا‭ ‬يمكن‭ ‬تعلمه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بعض‭ ‬الدورات‭ ‬التدريبية‭. ‬إدارة‭ ‬الصراع‭ ‬إذ‭ ‬نحن‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬وبوجود‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬وكلهم‭ ‬آتون‭ ‬من‭ ‬أماكن‭ ‬ومن‭ ‬بيئات‭ ‬مختلفة‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬صراع‭ ‬واختلاف‭ ‬بين‭ ‬الأمزجة،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬على‭ ‬القياديين‭ ‬أن‭ ‬يتعلموا‭ ‬كيفية‭ ‬إدارة‭ ‬الصراع‭ ‬إن‭ ‬حدث‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬مهم‭.‬

ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬إن‭ ‬جهدا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأجواء‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬إدارة‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة‭ ‬والمسؤول‭ ‬الإداري‭ ‬القائد‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬يجب‭ ‬التفكير‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬المناسبات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والأعياد‭ ‬وحتى‭ ‬أعياد‭ ‬الميلاد‭ ‬وموضوع‭ ‬موظف‭ ‬الشهر‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المظاهر‭ ‬تقرب‭ ‬بين‭ ‬الموظفين‭ ‬وتسهم‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬إذابة‭ ‬الحواجز‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬سميكة‭. ‬وعند‭ ‬توفير‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأجواء‭ ‬يشعر‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬حضوره‭ ‬للعمل‭ ‬بصورة‭ ‬يومية‭ ‬لا‭ ‬يُعد‭ ‬عبئا‭ ‬وإنما‭ ‬متعة‭. ‬

عناصر‭ ‬نفسية،‭ ‬هنا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يسأل‭ ‬المسؤول‭ ‬الإداري‭ ‬القائد‭ ‬نفسه،‭ ‬ترى‭ ‬ماذا‭ ‬يريد‭ ‬الموظف‭ ‬لنفسه؟‭ ‬ثم‭ ‬يضع‭ ‬أمامه‭ ‬ورقة‭ ‬وقلم‭ ‬ويكتب،‭ ‬فإن‭ ‬عجز‭ ‬عن‭ ‬الإجابة،‭ ‬فإنه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعيد‭ ‬صياغة‭ ‬السؤال‭ ‬بطريقة‭ ‬أخرى،‭ ‬ماذا‭ ‬يريد‭ ‬هو؟‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬موظف‭. ‬الموظف‭ ‬يريد‭: ‬التحفيز،‭ ‬العدالة‭ ‬والمساواة‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬بقية‭ ‬الموظفين،‭ ‬يريد‭ ‬التقدير‭ ‬والاحترام،‭ ‬يريد‭ ‬من‭ ‬يقوم‭ ‬بتطوير‭ ‬ذاته‭ ‬ومهاراته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التدريب‭ ‬والتعليم،‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬ذات‭ ‬طاقة‭ ‬إيجابية،‭ ‬ولا‭ ‬يريد‭ ‬التنمر‭ ‬والتهميش،‭ ‬إذ‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بتهميش‭ ‬الموظف‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭ ‬فكرة‭ ‬ويناقش‭ ‬وربما‭ ‬يجد‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬المسؤول‭ ‬‭ ‬ربما‭ ‬‭ ‬يكون‭ ‬خاطئًا‭. ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬كم‭ ‬موظف‭ ‬مهمش‭! ‬كم‭ ‬موظف‭ ‬لا‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬ترقية‭ ‬في‭ ‬الراتب‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الدرجة،‭ ‬ويبقى‭ ‬في‭ ‬مكانه‭ ‬وفي‭ ‬درجته‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭!‬،‭ ‬فقط‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬موظفي‭ ‬الظل،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬يخجلون‭ ‬بالمطالبة‭ ‬بحقوقهم‭ ‬أو‭ ‬التحدث‭ ‬مع‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬الترقيات‭ ‬المالية‭ ‬أو‭ ‬توفير‭ ‬ذلك،‭ ‬وينتظرون‭ ‬في‭ ‬موقعهم‭ ‬حتى‭ ‬يلتفت‭ ‬إليهم‭ ‬المسؤول‭ ‬ذات‭ ‬يوم،‭ ‬فهل‭ ‬نعرف‭ ‬بعض‭ ‬الأفراد‭ ‬مثل‭ ‬هؤلاء؟‭ ‬

عناصر‭ ‬إدارية،‭ ‬وعندما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬العناصر‭ ‬الإدارية‭ ‬فإننا‭ ‬نوجه‭ ‬حديثنا‭ ‬بصورة‭ ‬أساسية‭ ‬إلى‭ ‬الإدارة‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬المؤسسة،‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬هي‭ ‬المتحكمة‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الهيكل‭ ‬التنظيمي‭ ‬العمودي،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬أن‭ ‬تتمتع‭ ‬باستراتيجية‭ ‬عمل‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬تتمتع‭ ‬برؤية‭ ‬وأهداف‭ ‬وخطة‭ ‬عمل‭ ‬متكاملة،‭ ‬ليس‭ ‬ذلك‭ ‬فحسب‭ ‬وإنما‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬دائمًا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬قد‭ ‬وضعت‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬أكبر‭ ‬قطاع‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬والإدارات‭ ‬حتى‭ ‬يشعر‭ ‬الجميع‭ ‬أنه‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬تلك‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لذلك‭ ‬نجده‭ ‬يهتم‭ ‬في‭ ‬تنفيذها،‭ ‬على‭ ‬الإدارة‭ ‬المسؤولة‭ ‬أن‭ ‬تهتم‭ ‬بترسيخ‭ ‬ثقافة‭ ‬العمل‭ ‬بروح‭ ‬الفريق‭ ‬الواحد‭ ‬ففي‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭ ‬تقل‭ ‬الأخطاء‭ ‬وتزيد‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭ ‬نجد‭ ‬أنه‭ ‬ينصب‭ ‬الاهتمام‭ ‬على‭ ‬التفكير‭ ‬الإبداعي‭ ‬والابتكاري‭ ‬الجماعي،‭ ‬وهذا‭ ‬يسهم‭ ‬كثيرًا‭ ‬وبصورة‭ ‬منقطعة‭ ‬النظير‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الأعمال‭. ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬صعوبة‭ ‬التطوير‭ ‬الوظيفي‭ ‬والمهني‭ ‬العمودي‭ ‬يمكن‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬التطوير‭ ‬الوظيفي‭ ‬والمهني‭ ‬الأفقي،‭ ‬إذ‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الطريقة‭ ‬تقلل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأعباء‭ ‬والأخطاء‭ ‬التي‭ ‬تصاحب‭ ‬العمل‭ ‬والتحفيز‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أمور‭ ‬متعلقة‭ ‬بالعناصر‭ ‬النفسية‭. ‬وربما‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬القضايا‭ ‬الإدارية‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬إعادة‭ ‬التفكير‭ ‬فيها‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬إدخال‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬الأعمال‭ ‬مثل‭ ‬موضوع‭ ‬ساعات‭ ‬العمل‭ ‬المرنة،‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬ضغوط‭ ‬العمل،‭ ‬الثقة‭ ‬بالموظفين،‭ ‬والهندسة‭ ‬الإدارية‭ (‬الهندرة‭)‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬اليوم‭ ‬بالذكاء‭ ‬الإداري،‭ ‬الذي‭ ‬يوازن‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الجوانب‭ ‬الإنسانية‭ ‬والجوانب‭ ‬المهنية‭ ‬فلا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يطغى‭ ‬جانب‭ ‬على‭ ‬آخر‭ ‬وإنما‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬التوازن‭ ‬الدقيق‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل،‭ ‬وهذا‭ ‬موضوع‭ ‬تحدثنا‭ ‬فيه‭ ‬سابقًا‭.‬

عنصر‭ ‬الموظف،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬تحدثنا‭ ‬عنها‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬زرع‭ ‬جودة‭ ‬من‭ ‬السعادة‭ ‬الوظيفية،‭ ‬ولكن‭ ‬لمن؟‭ ‬الإجابة‭ ‬واضحة‭: ‬للموظف،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬دور‭ ‬الموظف‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذا؟‭ ‬هل‭ ‬يجلس‭ ‬الموظف‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬عمل‭ ‬ويطالب‭ ‬بتوفير‭ ‬السعادة‭ ‬الوظيفية؟‭ ‬لا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الإجابة‭ ‬تكون‭ ‬بـ‭(‬نعم‭)‬،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬أن‭ ‬الموظف‭ ‬هو‭ ‬العنصر‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬موظفا‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬المكاتب‭ ‬الأمامية‭ ‬أو‭ ‬هو‭ ‬المسؤول‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬المؤسسة،‭ ‬فالكل‭ ‬موظف‭.‬

هذا‭ ‬الموظف‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬كاهله‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬فهو‭ ‬الذي‭ ‬يستقبل‭ ‬العملاء‭ ‬والمراجعين،‭ ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتمتع‭ ‬بنوع‭ ‬من‭ ‬الذكاء‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأمزجة،

الموظف‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬زملاء‭ ‬العمل،‭ ‬لذلك‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬كيف‭ ‬يتعامل‭ ‬معهم،

الموظف‭ ‬يقبص‭ ‬الفلوس‭ ‬والأموال،‭ ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أمينا،

الموظف‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬أسرار‭ ‬العملاء‭ ‬والمراجعين‭ ‬لذلك‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬ينقل‭ ‬أسرارهم‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬وينشرها‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬الموظف‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يلبس‭ ‬الملابس‭ ‬التي‭ ‬تليق‭ ‬بالعمل،‭ ‬الموظف‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحترم‭ ‬المسؤول‭ ‬وخاصة‭ ‬أمام‭ ‬العملاء‭ ‬والمراجعين،‭ ‬الموظف‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتقن‭ ‬الابتسامة‭ ‬مع‭ ‬الجميع‭.‬

وهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتقنها‭ ‬الموظف‭ ‬‭ ‬أيًا‭ ‬كان‭ ‬منصبه‭ ‬‭ ‬فلا‭ ‬يعتقد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬يتبوأ‭ ‬منصبًا‭ ‬كبيرا‭ ‬أصبح‭ ‬بعيدًا‭ ‬من‭ ‬المسؤولية،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس،‭ ‬فكلما‭ ‬ارتفع‭ ‬في‭ ‬منصبه‭ ‬تكالبت‭ ‬عليها‭ ‬المسؤوليات‭ ‬والمهام،‭ ‬لذلك‭ ‬فليفكر‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المقولة‭: ‬‮«‬في‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬قبلت‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مسؤولاً‭ ‬فقدت‭ ‬حقك‭ ‬في‭ ‬التماس‭ ‬الأعذار،‭ ‬فإما‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬المسؤول‭ ‬بالفعل‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مسؤول‮»‬‭.‬

فعندما‭ ‬يشعر‭ ‬العاملون‭ ‬بالسعادة‭ ‬الوظيفية؛‭ ‬فإنهم‭ ‬يمتلكون‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الخصائص‭ ‬والاتجاهات‭ ‬الإيجابية‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬والتي‭ ‬تميزهم‭ ‬عن‭ ‬غيرهم‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬يشعرون‭ ‬بتلك‭ ‬السعادة‭. ‬وتشمل‭ ‬أهم‭ ‬تلك‭ ‬الخصائص‭ ‬نشاط‭ ‬العاملين‭ ‬وحيويتهم،‭ ‬وتفكيرهم‭ ‬في‭ ‬حاضرهم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الانشغال‭ ‬بالماضي‭ ‬أو‭ ‬القلق‭ ‬من‭ ‬المستقبل،‭ ‬بجانب‭ ‬التفاؤل‭ ‬والأمل‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬وسعيهم‭ ‬المستمر‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬علاقات‭ ‬قوية‭ ‬مع‭ ‬زملائهم‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬وسيطرتهم‭ ‬وتجنبهم‭ ‬للمشاعر‭ ‬والاتجاهات‭ ‬السلبية‭ ‬في‭ ‬العمل‭. ‬وتشمل‭ ‬كذلك‭ ‬إدارة‭ ‬الذات،‭ ‬والتعاطف‭ ‬مع‭ ‬زملائهم‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬والإقبال‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬برغبة،‭ ‬وإنجازهم‭ ‬عملهم،‭ ‬وتقديرهم‭ ‬وفخرهم‭ ‬بعملهم،‭ ‬وعدم‭ ‬القيام‭ ‬بأعمال‭ ‬دون‭ ‬تخطيطها‭ ‬وتنظيمها‭ ‬بشكل‭ ‬مسبق،‭ ‬وأخيرًا‭ ‬الاستقرار‭ ‬النفسي‭.‬

والعاملون‭ ‬الذين‭ ‬يشعرون‭ ‬بالسعادة‭ ‬الإيجابية‭ ‬يتسمون‭ ‬بالرضا‭ ‬والاندماج‭ ‬الوظيفي،‭ ‬والاستقلالية،‭ ‬ومقاومة‭ ‬ضغوط‭ ‬العمل،‭ ‬وسعيهم‭ ‬إلى‭ ‬التطور‭ ‬المهني‭ ‬والشخصي،‭ ‬وزيادة‭ ‬فاعليتهم‭ ‬وكفاءتهم‭ ‬الوظيفية،‭ ‬بجانب‭ ‬قدرتهم‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬علاقات‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬بسهولة‭.‬

أليس‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬نريده‭ ‬جميعًا؟

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا