العدد : ١٦٨٠٦ - الخميس ٢٨ مارس ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ رمضان ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٠٦ - الخميس ٢٨ مارس ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ رمضان ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

العوامل غير الاقتصادية في سوق النفط

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الجمعة ٣١ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

النفط‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬السلع‭ ‬التي‭ ‬يتأثر‭ ‬سوقها‭ ‬بالعوامل‭ ‬غير‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬العوامل‭ ‬السياسية،‭ ‬ويرجع‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬يلعبه‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي‭ ‬إلى‭ ‬الآن،‭ ‬فلم‭ ‬يبرز‭ ‬بعد‭ ‬البديل‭ ‬الكامل‭ ‬الذي‭ ‬يعوضه‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬كبار‭ ‬مستهلكيه‭ ‬هي‭ ‬الدول‭ ‬الكبيرة،‭ ‬مثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬السلعة،‭ ‬وكان‭ ‬لديها‭ ‬باستمرار‭ ‬رغبة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لاعبًا‭ ‬مؤثرًا‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬سعره‭ ‬عالميا‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬لجأت‭ ‬الدول‭ ‬المنتجة‭ ‬والمصدرة‭ ‬إلى‭ ‬تنظيم‭ ‬سياسات‭ ‬الإنتاج‭ ‬والبيع‭ ‬والتنسيق‭ ‬فيما‭ ‬بينها،‭ ‬وأنشأت‭ ‬لذلك‭ ‬منظمة‭ ‬هي‭ ‬‮«‬أوبك‮»‬،‭ ‬عام1960،‭ ‬وجد‭ ‬ذلك‭ ‬الاتجاه‭ ‬مقاومة‭ ‬شديدة‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬التي‭ ‬سعت‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬إلى‭ ‬منظمة‭ ‬تضم‭ ‬كبار‭ ‬المستهلكين‭ (‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬في‭ ‬1974‭). ‬ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬المنتجة‭ ‬ظلت‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬لا‭ ‬تحصل‭ ‬من‭ ‬نفطها،‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬عائد‭ ‬محدود‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬النفطية‭ ‬الكبرى،‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬امتيازات‭ ‬التنقيب‭ ‬والاستخراج‭ ‬والتصدير،‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬الشركات،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬المعروفة‭ ‬بالشقيقات‭ ‬السبع،‭ ‬تنسق‭ ‬السوق‭ ‬النفطية‭ ‬فيما‭ ‬بينها؛‭ ‬ولأنها‭ ‬شركات‭ ‬أمريكية‭ ‬وأوروبية،‭ ‬فلم‭ ‬تجد‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬رفضًا‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭.‬

وفي‭ ‬14‭ ‬مارس‭ ‬2023،‭ ‬أعلن‭ ‬وزير‭ ‬الطاقة‭ ‬السعودي‭ ‬الأمير‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ -‬ردًا‭ ‬على‭ ‬إعلان‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬الأمريكي،‭ ‬إعادة‭ ‬تقديم‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬نوبك‭ - ‬أن‭ ‬وضع‭ ‬سقف‭ ‬سعر‭ ‬للبترول‭ ‬سيؤدي‭ ‬لا‭ ‬محالة‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬استقرار‭ ‬السوق،‭ ‬وأن‭ ‬الرياض،‭ ‬لن‭ ‬تبيع‭ ‬البترول‭ ‬لأي‭ ‬دولة‭ ‬تفرض‭ ‬سقف‭ ‬أسعار‭ ‬على‭ ‬إمداداتها،‭ ‬فيما‭ ‬أكد‭ ‬العزم‭ ‬على‭ ‬اتفاقية‭ ‬أوبك‭ ‬بلس،‭ ‬لخفض‭ ‬الإنتاج‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬بيّن‭ ‬أن‭ ‬التقديرات‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬سيواصل‭ ‬نموه‭ ‬العام‭ ‬الحالي‭ ‬والعام‭ ‬القادم؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬يظل‭ ‬قائمًا‭ ‬بشأن‭ ‬معدل‭ ‬هذا‭ ‬النمو،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المدة‭ ‬اللازمة‭ ‬لتعافي‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الصيني‭ ‬حتى‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬حالته‭ ‬النشطة‭ ‬مازالت‭ ‬غير‭ ‬معلومة،‭ ‬ويتسبب‭ ‬التعافي‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬ضغوط‭ ‬تضخمية،‭ ‬لذا‭ ‬تلجأ‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية‭ ‬إلى‭ ‬سياسة‭ ‬نقدية‭ ‬متشددة‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬التضخم،‭ ‬فترفع‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة،‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬يظل‭ ‬الاتجاه‭ ‬السليم‭ ‬هو‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬اتفاقية‭ ‬أوبك‭ ‬بلس‭.‬

وفي‭ ‬واقع‭ ‬الأمر،‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬التصريح‭ ‬بمناسبة‭ ‬إعادة‭ ‬طرح‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬نوبك،‭ ‬والتوسع‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬سقف‭ ‬لأسعار‭ ‬النفط،‭ ‬فلا‭ ‬يقتصر‭ ‬هذا‭ ‬السقف‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬الروسي؛‭ ‬وهي‭ ‬سياسات‭ ‬تعني‭ ‬مخاطر‭ ‬جدية‭ ‬وغموضا‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يحتاج‭ ‬فيه‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬إلى‭ ‬الوضوح‭ ‬والاستقرار‭. ‬وسياسة‭ ‬وضع‭ ‬سقف‭ ‬لأسعار‭ ‬النفط‭ ‬تعزز‭ ‬عدم‭ ‬استقرار‭ ‬السوق‭ ‬وتقلباته،‭ ‬ما‭ ‬يؤثر‭ ‬سلبًا‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬البترول‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬استثمارات‭ ‬كبيرة‭. ‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬يضعف‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬نوبك،‭ ‬الميل‭ ‬إلى‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تملك‭ ‬احتياطيات‭ ‬نفطية‭ ‬كبيرة،‭ ‬ما‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬انخفاض‭ ‬المعروض‭ ‬بشدة‭ ‬دون‭ ‬الطلب‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المنتجة‭ ‬والمستهلكة‭ ‬وفي‭ ‬صناعة‭ ‬البترول،‭ ‬سواء‭ ‬فرض‭ ‬سقف‭ ‬الأسعار‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬أو‭ ‬مجموعة‭ ‬دول،‭ ‬وعلى‭ ‬البترول‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬سلعة‭ ‬أخرى،‭ ‬وإذا‭ ‬استمر‭ ‬وضع‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬الآن،‭ ‬فإن‭ ‬نمو‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬سيفوق‭ ‬المستوى‭ ‬الحالي‭ ‬من‭ ‬احتياطي‭ ‬القدرة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬العالمية‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬فإن‭ ‬احتياطيات‭ ‬الطوارئ‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬أدنى‭ ‬مستوياتها،‭ ‬ولهذا‭ ‬فبدلاً‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬معوقات،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬سياسات‭ ‬تدعم‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المطلوبة‭ ‬لزيادة‭ ‬القدرة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬مخزونات‭ ‬طوارئ‭ ‬كافية‭. ‬وبالفعل،‭ ‬شرعت‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬توسيع‭ ‬قدراتها‭ ‬الإنتاجية‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬13‭.‬3‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬بحلول‭ ‬2027،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬مازال‭ ‬في‭ ‬مراحله‭ ‬الأولى،‭ ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬أقدمت‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬إقرار‭ ‬قانون‭ ‬نوبك،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬سيثبط‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬السعودية‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬أساسية‭ ‬لضمان‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬بواكير‭ ‬هذه‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬2025‭.‬

ويحمل‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬الأمريكي‭ ‬المعروف‭ ‬باسم‭ ‬نوبك،‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الاتهام‭ ‬للدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬أوبك،‭ ‬فعنوانه‭ ‬لا‭ ‬لتكتلات‭ ‬إنتاج‭ ‬وتصدير‭ ‬النفط،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬تمارس‭ ‬الاحتكار‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أوبك،‭ ‬ويسمح‭ ‬المشروع‭ ‬لوزارة‭ ‬العدل‭ ‬الأمريكية‭ ‬بمقاضاة‭ ‬أعضاء‭ ‬أوبك‭ ‬وحلفائها‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬الاحتكارية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بقطاع‭ ‬النفط‭. ‬ويهدف‭ ‬القانون‭ -‬الذي‭ ‬ناقشه‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الأمريكي‭- ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬الحصانة‭ ‬عن‭ ‬أوبك‭ ‬وشركات‭ ‬النفط‭ ‬الوطنية،‭ ‬فيما‭ ‬ذهب‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬كسر‭ ‬احتكارها‭ ‬للسوق،‭ ‬وفي‭ ‬أنها‭ ‬تتآمر‭ ‬برفع‭ ‬الأسعار‭ ‬وتلجأ‭ ‬إلى‭ ‬سياسات‭ ‬خفض‭ ‬الإنتاج‭ ‬بهدف‭ ‬رفع‭ ‬سعر‭ ‬الخام‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬العالمي‭.‬

واستند‭ ‬مقدمو‭ ‬المشروع‭ ‬إلى‭ ‬قانون‭ ‬شيرمان‭ ‬الفيدرالي‭ ‬لمكافحة‭ ‬الاحتكار‭ ‬لعام1890،‭ ‬والذي‭ ‬يشكل‭ ‬الأساس‭ ‬لمعظم‭ ‬دعاوى‭ ‬الحكومة‭ ‬الفيدرالية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭. ‬ويعطي‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬نوبك،‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬الأمريكية‭ ‬سلطات‭ ‬مطلقة‭ ‬لتطبيقه،‭ ‬وتحديد‭ ‬طبيعة‭ ‬الدعوى،‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬جنائية‭ ‬أم‭ ‬مدنية‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬رفع‭ ‬الدعوى‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مراجعة‭ ‬قانونية،‭ ‬كما‭ ‬يدعو‭ ‬المشروع‭ ‬إلى‭ ‬حرمان‭ ‬دول‭ ‬أوبك،‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬هامش‭ ‬مناورة‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حدوث‭ ‬اضطراب‭ ‬يتعلق‭ ‬بأسعار‭ ‬النفط‭. ‬

وكان‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬قد‭ ‬قدم‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2000،‭ ‬وعارضته‭ ‬غرفة‭ ‬التجارة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬واتحاد‭ ‬الصناعات‭ ‬البترولية‭ ‬الأمريكي،‭ ‬ولكن‭ ‬المشروع‭ ‬يثار‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬بين‭ ‬حين‭ ‬وآخر‭. ‬وبين‭ ‬عامي‭ ‬2000‭ ‬و2012‭ ‬تعرض‭ ‬المشروع‭ ‬إلى‭ ‬16‭ ‬تعديلا‭. ‬وحتى‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬لم‭ ‬يقر‭ ‬حتى‭ ‬يصبح‭ ‬قانونًا‭ ‬فاعلاً،‭ ‬ومنذ‭ ‬الطرح‭ ‬الأول‭ ‬جرت‭ ‬محاولات‭ ‬لرفع‭ ‬الحصانة‭ ‬السيادية‭ ‬التي‭ ‬تحمي‭ ‬أوبك‭ ‬وحلفاءها‭ ‬من‭ ‬الدعاوى‭ ‬القضائية‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬ينص‭ ‬نوبك‭ ‬على‭ ‬حظر‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أو‭ ‬جهة‭ ‬أجنبية،‭ ‬مثل‭ ‬أوبك،‭ ‬من‭ ‬تحديد‭ ‬سقف‭ ‬الإنتاج‭ ‬أو‭ ‬السعر‭ ‬المستهدف‭ ‬للنفط،‭ ‬كما‭ ‬يمنع‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬فردي‭ ‬أو‭ ‬جماعي‭ ‬للتأثير‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬أو‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬منتج‭ ‬بترولي‭ ‬آخر،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬العرض‭ ‬أو‭ ‬السعر‭ ‬أو‭ ‬التوزيع‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد،‭ ‬وسواء‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التكتل‭ ‬الاحتكاري‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬اتحاد‭ ‬آخر‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬التعاون‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬المشترك،‭ ‬ويحظر‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬يقيد‭ ‬تجارة‭ ‬النفط‭ ‬أو‭ ‬الغاز،‭ ‬خصوصًا‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬لهذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬تأثير‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬المنتجات‭ ‬البترولية‭ ‬وتوزيعها‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬ولا‭ ‬يسمح‭ ‬القانون‭ ‬للمحاكم‭ ‬الأمريكية،‭ ‬برفض‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الدعاوى‭ ‬الخاصة‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭ ‬لأي‭ ‬سبب‭ ‬من‭ ‬الأسباب،‭ ‬مثل‭ ‬تصرفات‭ ‬الدول‭ ‬أو‭ ‬السيادة‭ ‬أو‭ ‬المعتقد‭ ‬السياسي،‭ ‬ويمنع‭ ‬أوبك،‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭ ‬وأعضاءها‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الإجراءات‭ ‬أو‭ ‬التصرفات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بخفض‭ ‬أو‭ ‬زيادة‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬أو‭ ‬تحديد‭ ‬أسعاره،‭ ‬ويلغي‭ ‬الحصانة‭ ‬السيادية‭ ‬للمنظمة‭ ‬والدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬أمام‭ ‬المحاكم‭ ‬الأمريكية‭.‬

وفي‭ ‬2007،‭ ‬وافق‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬القانون،‭ ‬لكن‭ ‬الرئيس‭ ‬جورج‭ ‬بوش،‭ ‬أعاق‭ ‬تمريره‭ ‬بموجب‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ ‬الذي‭ ‬يتمتع‭ ‬به،‭ ‬وكان‭ ‬ترامب،‭ ‬من‭ ‬مؤيديه‭ ‬قبل‭ ‬توليه‭ ‬الرئاسة،‭ ‬ولكنه‭ ‬لم‭ ‬يطرح‭ ‬للتصويت‭ ‬عليه‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬ولايته‭. ‬وفي‭ ‬5‭ ‬مايو‭ ‬2022،‭ ‬مررت‭ ‬اللجنة‭ ‬القضائية‭ ‬التابعة‭ ‬للكونجرس‭ ‬مشروع‭ ‬القانون،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يطرح‭ ‬للمناقشة‭ ‬العامة‭. ‬ونشرت‭ ‬اللجنة‭ ‬القضائية‭ ‬على‭ ‬موقعها‭ ‬الرسمي‭ ‬أن‭ ‬نوبك‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬سيساعد‭ ‬حكومتنا‭ ‬على‭ ‬تطبيق‭ ‬قوانين‭ ‬مكافحة‭ ‬الاحتكار‭ ‬ضد‭ ‬هذه‭ ‬البلاد‭ ‬أعضاء‭ ‬وحلفاء‭ ‬أوبك‭ . ‬وبعد‭ ‬التخفيضات‭ ‬التي‭ ‬أعلنتها‭ ‬أوبك‭ ‬بلس،‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬بمقدار‭ ‬مليوني‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022،‭ ‬لتحقيق‭ ‬تعافي‭ ‬أسعار‭ ‬الخام،‭ ‬أشارت‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لدعم‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬نوبك،‭ ‬الذي‭ ‬يحظى‭ ‬بتأييد‭ ‬كلا‭ ‬الحزبين‭ ‬الجمهوري‭ ‬والديمقراطي‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يقابل‭ ‬هذا‭ ‬التأييد‭ ‬معارضة‭ ‬شديدة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬معهد‭ ‬البترول‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وغرفة‭ ‬التجارة‭ ‬الأمريكية؛‭ ‬طمعًا‭ ‬في‭ ‬استفادة‭ ‬منتجي‭ ‬النفط‭ ‬الصخري‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬انضباط‭ ‬إنتاج‭ ‬أوبك،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الأسعار‭. ‬ويرى‭ ‬معهد‭ ‬البترول‭ -‬وهو‭ ‬أكبر‭ ‬جماعة‭ ‬ضغط‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الأمريكي‭- ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬يضر‭ ‬بمنتجي‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬وأنه‭ ‬سيخلق‭ ‬تذبذبا‭ ‬في‭ ‬السوق،‭ ‬ويفاقم‭ ‬التحديات‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية،‭ ‬وأنه‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬مفيدًا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬ظرف،‭ ‬فيما‭ ‬قد‭ ‬يترتب‭ ‬عليه‭ ‬فرط‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تدهور‭ ‬الأسعار،‭ ‬وقتل‭ ‬الحافز‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬لدى‭ ‬شركات‭ ‬الطاقة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تستطيع‭ ‬دول‭ ‬الأوبك،‭ ‬تحمل‭ ‬الأسعار‭ ‬المنخفضة؛‭ ‬لأن‭ ‬كلفة‭ ‬الإنتاج‭ ‬لديها‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬الأمريكية‭.‬

وفضلاً‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬الذي‭ ‬ينظر‭ ‬إليه‭ ‬كإجراء‭ ‬عقابي،‭ ‬قد‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬ردود‭ ‬أفعال‭ ‬تضر‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭ ‬نفسه،‭ ‬كوضع‭ ‬قيود‭ ‬على‭ ‬استثمارات‭ ‬الشركات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أو‭ ‬بيع‭ ‬النفط‭ ‬بعملات‭ ‬غير‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭. ‬وقد‭ ‬سبق‭ ‬للسعودية‭ ‬أن‭ ‬أعلنت‭ ‬ذلك‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تقويض‭ ‬مكانة‭ ‬الدولار‭ ‬كعملة‭ ‬احتياطية‭ ‬رئيسية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وتقليل‭ ‬نفوذ‭ ‬واشنطن،‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭. ‬

وعليه،‭ ‬فإن‭ ‬السبب‭ ‬الأساسي‭ ‬وراء‭ ‬فشل‭ ‬تمرير‭ ‬القانون‭ ‬طيلة‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬يرتبط‭ ‬بالمصالح‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وعلاقاتها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬مع‭ ‬كبار‭ ‬منتجي‭ ‬النفط،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬الرياض،‭ ‬تقف‭ ‬على‭ ‬قمة‭ ‬مشتري‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وأن‭ ‬مخاطر‭ ‬تمرير‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬أضراره‭ ‬على‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬والرياض‭ ‬فقط،‭ ‬ولكنها‭ ‬قد‭ ‬تأتي‭ ‬بنتائج‭ ‬عكسية‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭ ‬نفسه،‭ ‬فقد‭ ‬يعرض‭ ‬الشركات‭ ‬لإجراءات‭ ‬مضادة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭.‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬آلية‭ ‬وضع‭ ‬سقف‭ ‬لأسعار‭ ‬النفط‭ ‬الروسي،‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الأدوات‭ ‬التي‭ ‬استخدمها‭ ‬الغرب‭ ‬لمعاقبة‭ ‬موسكو،‭ ‬في‭ ‬مجريات‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية؛‭ ‬فإن‭ ‬السعودية‭ ‬أعلنت‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬رفضها‭ ‬لهذه‭ ‬الآلية،‭ ‬وذلك‭ ‬للدور‭ ‬المحوري‭ ‬لروسيا‭ ‬في‭ ‬تحالف‭ ‬أوبك‭ ‬بلس،‭ ‬وفي‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬العالمي،‭ ‬وأن‭ ‬أي‭ ‬اضطراب‭ ‬في‭ ‬تدفق‭ ‬نفطها‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بالفعل،‭ ‬وأضر‭ ‬مستهلكي‭ ‬الطاقة‭ ‬الأمريكيين‭ ‬أنفسهم،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬السعودية‭ ‬ومنتجي‭ ‬النفط‭ ‬الآخرين‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬فإن‭ ‬التعقيدات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬الدولية‭ ‬الراهنة،‭ ‬ومرحلة‭ ‬إعادة‭ ‬التقييم‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬العلاقات‭ ‬السعودية‭ ‬الأمريكية؛‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تلجأ‭ ‬واشنطن،‭ ‬إلى‭ ‬إقرار‭ ‬مشروع‭ ‬نوبك،‭ ‬لأنه‭ ‬يأتي‭ ‬ضد‭ ‬الاتجاه‭ ‬الذي‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬بايدن،‭ ‬لدى‭ ‬زيارته‭ ‬الأخيرة‭ ‬للرياض،‭ ‬ومحاولة‭ ‬استرداد‭ ‬ما‭ ‬خسرته‭ ‬بلاده‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬الخسارة‭ ‬لصالح‭ ‬منافسين‭ ‬في‭ ‬مقدمتهم‭ ‬الصين‭. ‬

وجاءت‭ ‬تصريحات‭ ‬وزير‭ ‬الطاقة‭ ‬السعودي‭ ‬في‭ ‬14‭ ‬مارس‭ ‬الماضي،‭ ‬ردًا‭ ‬على‭ ‬إثارة‭ ‬موضوع‭ ‬نوبك‭ ‬مجددًا؛‭ ‬قوية،‭ ‬حيث‭ ‬أعلن‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬فرض‭ ‬سقف‭ ‬أسعار‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬بلاده‭ ‬من‭ ‬النفط،‭ ‬ستخفض‭ ‬إنتاجها‭ ‬اليومي،‭ ‬وكذلك‭ ‬لن‭ ‬تبيع‭ ‬النفط‭ ‬لأي‭ ‬دولة‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬سقف‭ ‬السعر‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬مارستها‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬لزيادة‭ ‬إنتاج‭ ‬السعودية‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬لتعويض‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭ ‬الذي‭ ‬تعرض‭ ‬لعقوبات‭ ‬أمريكية،‭ ‬تمسكت‭ ‬الرياض،‭ ‬بموقفها‭ ‬النابع‭ ‬من‭ ‬مصلحتها،‭ ‬كأكبر‭ ‬مصدر‭ ‬للنفط‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وقررت‭ ‬خفض‭ ‬الإنتاج‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا