العدد : ١٦٨٥٠ - السبت ١١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٠ - السبت ١١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

ترشيد الاستهلاك في شهر الخير حماية للبيئة

بقلم: د. فاطمة ناصر {

الخميس ٣٠ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

قال‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬محكم‭ ‬كتابه‭ ‬العزيز‭: (‬يَا‭ ‬أَيُّهَا‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬آمَنُوا‭ ‬كُتِبَ‭ ‬عَلَيْكُمُ‭ ‬الصِّيَامُ‭ ‬كَمَا‭ ‬كُتِبَ‭ ‬عَلَى‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬مِنْ‭ ‬قَبْلِكُمْ‭ ‬لَعَلَّكُمْ‭ ‬تَتَّقُونَ‭)‬،‭ ‬بداية‭ ‬نرفع‭ ‬أسمى‭ ‬آيات‭ ‬التهاني‭ ‬والتبريكات‭ ‬للأمة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬جمعاء‭ ‬بحلول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬ونبتهل‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬أن‭ ‬يجعله‭ ‬شهر‭ ‬خير‭ ‬وبركة‭ ‬على‭ ‬مملكتنا‭ ‬الغالية‭ ‬ومن‭ ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬ترابها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬قيادتنا‭ ‬الحكيمة،‭ ‬إن‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬سائر‭ ‬شهور‭ ‬السنة‭ ‬في‭ ‬خاصية‭ ‬منفردة‭ ‬يلتزم‭ ‬فيها‭ ‬جميع‭ ‬المسلمين،‭ ‬هي‭ ‬فريضة‭ ‬الصيام‭ ‬التي‭ ‬شرعها‭ ‬ديننا‭ ‬الحنيف‭ ‬طيلة‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬يوميًا‭ ‬من‭ ‬طلوع‭ ‬الفجر‭ ‬حتى‭ ‬غروب‭ ‬الشمس،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬ترافقه‭ ‬عادات‭ ‬اجتماعية‭ ‬مثل‭ ‬الزيارات‭ ‬العائلية‭ ‬وتبادل‭ ‬الدعوات‭ ‬على‭ ‬وجبات‭ ‬الإفطار‭ ‬والسحور‭ ‬بقصد‭ ‬العبادة‭ ‬والترفيه،‭ ‬ما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬الغذائية‭ ‬واستهلاك‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬والغذائية‭ ‬والطاقة‭. ‬

وامتثالاً‭ ‬لأمر‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬بقوله‭ (‬كُلُوا‭ ‬وَاشْرَبُوا‭ ‬مِن‭ ‬رِّزْقِ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬وَلاَ‭ ‬تَعْثَوْا‭ ‬فِي‭ ‬الأَرْضِ‭ ‬مُفْسِدِينَ‭)‬،‭ ‬فقد‭ ‬جاءت‭ ‬الآية‭ ‬الكريمة‭ ‬صريحة‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬ومقدراتها‭ ‬وحمايتها،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬علاقة‭ ‬متبادلة‭ ‬بين‭ ‬الإنسان‭ ‬والبيئة،‭ ‬ولها‭ ‬تأثير‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬الإنسان،‭ ‬وبالمقابل‭ ‬فإن‭ ‬الإنسان‭ ‬كذلك‭ ‬له‭ ‬أثر‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬بين‭ ‬الإيجابي‭ ‬والسلبي‭ ‬الذى‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬أو‭ ‬تدهور‭ ‬أنظمتها‭ ‬الطبيعية؛‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬واجب‭ ‬أمرنا‭ ‬به‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى؛‭ ‬لذا‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬الترشيد‭ ‬في‭ ‬الاستهلاك‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬الإسراف‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬والأغذية‭ ‬والموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬والطاقة،‭ ‬والتقليل‭ ‬ما‭ ‬استطعنا‭ ‬من‭ ‬استعمال‭ ‬المصنعات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬الضارة‭ ‬بالبيئة‭ ‬غير‭ ‬القابلة‭ ‬للتحلل‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬مناسبة‭ ‬تجتمع‭ ‬فيها‭ ‬العائلات‭ ‬والأصدقاء‭ ‬حول‭ ‬موائد‭ ‬الإفطار‭ ‬المتنوعة،‭ ‬حيثُ‭ ‬تصاحب‭ ‬هذه‭ ‬الولائم‭ ‬ظاهرة‭ ‬الإسراف‭ ‬في‭ ‬الاستهلاك‭ ‬واعتبارها‭ ‬مظهرًا‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬الكرم‭ ‬وحفاوة‭ ‬الاستقبال‭ ‬والفرح،‭  ‬وتبلغ‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬أوجها‭ ‬خلال‭ ‬فترات‭ ‬الصيام‭ ‬الذي‭ ‬يتكون‭ ‬لدى‭ ‬الأنسان‭ ‬شعور‭ ‬بالجوع‭ ‬الشديد،‭ ‬ويدفعه‭ ‬إلى‭ ‬إعداد‭ ‬موائد‭ ‬إفطار‭ ‬تحوي‭ ‬أطعمة‭ ‬تفوق‭ ‬احتياجاته‭ ‬بكثير،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تبدأ‭ ‬قصة‭ ‬الاستهلاك‭ ‬غير‭ ‬المدروس‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الذي‭ ‬تتعدد‭ ‬فيه‭ ‬الأطباق‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬المبالغة‭ ‬والإسراف‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬العوائل،‭ ‬وينشغل‭ ‬أغلبية‭ ‬العائلات‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬التسوق‭ ‬المفرط‭ ‬لشراء‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬الداخلة‭ ‬في‭ ‬المائدة‭ ‬الرمضانية‭ ‬متنوعة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬شتى‭ ‬أنواع‭ ‬اللحوم‭ ‬والخضار‭ ‬وغيرها،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أطباق‭ ‬الحلويات،‭ ‬ربما‭ ‬يدخل‭ ‬بعضها‭ ‬في‭ ‬باب‭ ‬الإسراف‭ ‬الذي‭ ‬نهى‭ ‬عنه‭ ‬الإسلام،‭ ‬فكثير‭ ‬من‭ ‬العائلات‭ ‬تبالغ‭ ‬في‭ ‬تعدد‭ ‬أصناف‭ ‬الطعام‭ ‬وكمياته،‭ ‬ليلقي‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬حاويات‭ ‬القمامة‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭.‬

إن‭ ‬قضية‭ ‬الاستهلاك‭ ‬المفرط‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬والغذائية‭ ‬واستخدامات‭ ‬المياه‭ ‬والطاقة‭ ‬وغيرها‭ ‬ليست‭ ‬حرية‭ ‬شخصية،‭ ‬وينتهي‭ ‬دور‭ ‬المستهلك‭ ‬عندما‭ ‬يتكفل‭ ‬بدفع‭ ‬المستحقات‭ ‬المالية‭ ‬المرتبة‭ ‬جراء‭ ‬شرائه‭ ‬السلع‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬باستهلاكها،‭ ‬إنما‭ ‬هي‭ ‬قضية‭ ‬مجتمعية‭ ‬ومسؤولية‭ ‬وطنية‭ ‬تجاه‭ ‬البيئة‭ ‬واستدامة‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬لأجيالنا‭ ‬المستقبلية،‭ ‬فإن‭ ‬التزم‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬منا‭ ‬بالتعاليم‭ ‬والمبادئ‭ ‬التي‭ ‬تنص‭ ‬عليها‭ ‬جميع‭ ‬الأديان‭ ‬السماوية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬اتباع‭ ‬أسس‭ ‬ترشيد‭ ‬النفقات‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬البيئة‭ ‬التي‭ ‬نعيش‭ ‬فيها،‭ ‬حيثُ‭ ‬إن‭ ‬علينا‭ ‬جميعًا‭ ‬مسؤولية‭ ‬إنسانية‭ ‬ووطنية‭ ‬تجاه‭ ‬تنميتها‭ ‬واستدامتها‭ ‬للأجيال‭ ‬القادمة‭. ‬فنحن‭ ‬شركاء‭ ‬في‭ ‬استهلاك‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية،‭ ‬وكذلك‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬شركاء‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬إذا‭ ‬أوقفنا‭ ‬ما‭ ‬نراه‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الإسراف‭ ‬والهدر‭ ‬الذي‭ ‬يُشكل‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬استمراره‭ ‬مشكلة‭ ‬مستقبلية‭ ‬تواجه‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة،‭ ‬وانطلاقًا‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬المحققة‭ ‬لرؤية‭ ‬المملكة‭ ‬2030،‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬التكاتف‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬وزيادة‭ ‬الوعي‭ ‬لترشيد‭ ‬الاستهلاك‭ ‬المفرط‭ ‬والتقليل‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬المنزلية‭ ‬والقمامة‭ ‬الزائدة‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬نتيجة‭ ‬زيادة‭ ‬الاستهلاك‭ ‬الغذائي‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬مقارنة‭ ‬بالأشهر‭ ‬الأخرى،‭ ‬والتي‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬لها‭ ‬تأثيرات‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬وصحة‭ ‬المجتمع‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬امتداد‭ ‬لصحة‭ ‬أفراده‭ ‬الجسمية‭ ‬وصحة‭ ‬البيئة‭ ‬التي‭ ‬يعيش‭ ‬فيها‭ ‬وسلامتها‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أشكال‭ ‬التلوث‭.‬

يجب‭ ‬علينا‭ ‬العمل‭ ‬جديًّا‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬سلوك‭ ‬الأفراد‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬ترشيد‭ ‬الاستهلاك‭ ‬بقصد‭ ‬حماية‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬واستدامتها‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬الذي‭ ‬سيمتد‭ ‬أثره‭ ‬الإيجابي‭ ‬إلى‭ ‬جميع‭ ‬أشهر‭ ‬السنة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬التزام‭ ‬الأفراد‭ ‬بالقواعد‭ ‬الصحيحة‭ ‬نحو‭ ‬التغيير‭ ‬الفعلي،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يشارك‭ ‬في‭ ‬هذه‭  ‬الممارسات‭ ‬كل‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استخدام‭ ‬لغة‭ ‬التأثير‭ ‬والإقناع‭ ‬الإيجابي‭ ‬نحو‭ ‬شرائح‭ ‬المجتمع‭ ‬وأفراده،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬برمجة‭ ‬قاعدة‭ ‬السلوك‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬المبادرات‭ ‬الوطنية‭ ‬ذات‭ ‬الإجراءات‭ ‬الواضحة،‭ ‬والتي‭ ‬تساعد‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬على‭ ‬تطبيق‭ ‬أفضل‭ ‬الممارسات‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬لنا‭ ‬أفضل‭ ‬النتائج‭ ‬لبيئة‭ ‬صحية‭ ‬وسليمة،‭ ‬وقد‭ ‬رأينا‭ ‬عديدا‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬بفكرة‭ ‬بسيطة‭ ‬وصولًا‭ ‬إلى‭ ‬تحقيقها‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬وأبرزها‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تدشينه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المجالس‭ ‬البلدية‭  ‬الحملات‭ ‬البيئية‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬حملت‭ ‬رسائل‭ ‬رمضانية‭ ‬هدفت‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬الوعي‭ ‬البيئي‭ ‬بقضية‭ ‬المخلفات‭ ‬المنزلية‭ ‬وتأثيرها‭ ‬السلبي‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬حملة‭: ‬‮«‬بيئتنا‭ ‬غير‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬الخير‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬دشنتها‭ ‬بلدية‭ ‬المحافظة‭ ‬الشمالية‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬المجلس‭ ‬البلدي‭ ‬وبشراكة‭ ‬حقيقية‭ ‬مع‭ ‬الأوقاف‭ ‬بوزارة‭ ‬العدل‭ ‬بمناسبة‭ ‬حلول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬والتي‭ ‬أعلن‭ ‬فيها‭ ‬تدشين‭ ‬فعالية‭ ‬المجالس‭ ‬الرمضانية‭ ‬البيئية،‭ ‬وذلك‭ ‬بتنظيم‭ ‬حلقات‭ ‬الحوار‭ ‬الرمضانية‭ ‬النوعية‭ ‬في‭ ‬مجالس‭ ‬الشمالية‭ ‬بمشاركة‭ ‬المختصين‭ ‬والمسؤولين‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬نشطاء‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬البيئي،‭ ‬ودعوة‭ ‬جميع‭ ‬المجالس‭ ‬الرمضانية‭ ‬إلى‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬البلدية‭ ‬لتسجيلها‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬المجالس‭ ‬الرمضانية‭ ‬البيئية‭ ‬لاستضافة‭ ‬الفعاليات‭ ‬البيئية‭. ‬‏كذلك‭ ‬فإن‭ ‬للمبادرات‭ ‬الشبابية‭ ‬الهادفة‭ ‬دورًا‭ ‬فاعًلا‭ ‬في‭ ‬توعية‭ ‬المجتمع‭ ‬نحو‭ ‬الترشيد‭ ‬في‭ ‬استهلاك‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬والغذائية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬وقت‭ ‬وخاصة‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬‮«‬جمعية‭ ‬حفظ‭ ‬النعمة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬توعية‭ ‬المجتمع‭ ‬حول‭ ‬أهمية‭ ‬حفظ‭ ‬النعمة‭ ‬والتصرف‭ ‬في‭ ‬الطعام‭ ‬الزائد‭ ‬وفق‭ ‬آليات‭ ‬صحية‭ ‬مستدامة،‭ ‬ما‭ ‬يسهم‭ ‬بالتأكيد‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬المنزلية‭.‬

وانطلاقًا‭ ‬من‭ ‬الواجب‭ ‬الشرعي‭ ‬والوطني،‭ ‬فإنه‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬منّا‭ ‬مسؤولية‭ ‬مجتمعية‭ ‬تجاه‭ ‬حماية‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية،‭ ‬والترشيد‭ ‬في‭ ‬الاستهلاك‭ ‬الغذائي‭ ‬والتقليل‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬المنزلية‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تؤرق‭ ‬المجتمع‭ ‬كافة‭ ‬لما‭ ‬تسببه‭ ‬من‭ ‬تجمع‭ ‬للحشرات‭ ‬والآفات‭ ‬الضارة‭ ‬بصحة‭ ‬الإنسان‭ ‬وسلامته‭. ‬إن‭ ‬الغرض‭ ‬الأساسي‭ ‬من‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬هو‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬ورفاهيته‭ ‬‏في‭ ‬فترات‭ ‬حياته،‭ ‬ولهذا‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬الأديان‭ ‬السماوية،‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬خطوات‭ ‬فعالة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الثروات‭ ‬والموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬والاقتصاد‭ ‬في‭ ‬استهلاكها‭ ‬بهدف‭ ‬توريثها‭ ‬صالحة‭ ‬للأجيال‭ ‬المستقبلية،‭ ‬وبالأخص‭ ‬الديانة‭ ‬الإسلامية‭ ‬خاتمة‭ ‬الرسالات‭ ‬السماوية‭ ‬إلى‭ ‬البشرية‭ ‬التي‭ ‬اهتمت‭ ‬بالبيئة‭ ‬اهتمامًا‭ ‬‏كبيرًا،‭ ‬كما‭ ‬‏أن‭ ‬الإخلال‭ ‬بالمكونات‭ ‬الطبيعية‭ ‬التي‭ ‬خلقها‭ ‬الله‭ ‬تؤثر‭ ‬سلبًا‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬بكل‭ ‬عناصرها‭  ‬من‭ ‬الماء،‭ ‬والهواء،‭ ‬والتربة،‭  ‬وقد‭ ‬خلق‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬البيئة‭ ‬وسخرها‭ ‬لخدمة‭ ‬الإنسان،‭ ‬فمن‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬يشرع‭ ‬القوانين‭ ‬‏ويضع‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تكفل‭ ‬حفظ‭ ‬التوازن‭ ‬البيئي،‭ ‬وترشيد‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬طريقة‭ ‬حماية‭ ‬البيئة،‭ ‬‏وكيفية‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬أنظمتها‭ ‬وقوانينها،‭ ‬والترشيد‭ ‬في‭ ‬استهلاك‭ ‬الموارد‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬الأفراد‭ ‬للاستهلاك‭ ‬الأفضل‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الركائز‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬عليها‭ ‬المجتمعات‭ ‬السليمة،‭ ‬تحقيقًا‭ ‬لأهداف‭ ‬التنمية‭  ‬المستدامة‭ ‬الشاملة‭.‬

{ مختصة‭ ‬في‭ ‬فلسفة‭ ‬الدراسات

البيئية‭ ‬وآليات‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا