رئيسة فريق «إحنا نقدر» التطوعي.. صاحبة أول برنامج إلكتروني من نوعه لنشر الثقافة الجنسية بين الشباب بعنوان «قصر شهرزاد».. مدربة مهارات الأطفال والمراهقين.. الاستشارية الأسرية عائشة جاسم السليطي لـ«أخبار الخليج»:
يقول المهاتما غاندي: «جميل أن تعرف معنى العطاء.. والأجمل أن تعطي»!
نعم، العطاء شرف لا يناله إلا من عرف معناه الحقيقي، وما نحتاج إليه حقا هو المزيد من العطاء لمن هم في حاجة إلينا، فإن تعمل الخير بصوت هادئ فغدا يتحدث عنك عملك بصوت مرتفع!!
فكم هو رائع أن تشارك في رسم الابتسامة على الشفاه، وأن تسهم في صنع السعادة في القلوب، فجميل ذلك الشخص الذي يدفعك إلى أن تعيش حياة سعيدة، ولا شك أن الأشياء التي تعطى تعود إلينا يوما ما مع ابتسامة، وهذا ما حدث فعليا مع هذه المرأة التي اتخذت من العطاء رسالة لها في الحياة.
عائشة جاسم السليطي، الاستشارية الأسرية في مركز «ود للاستشارات الأسرية، ورئيسة فريق» إحنا نقدر التطوعي، وصاحبة أول برنامج قصصي إلكتروني لنشر الثقافة الجنسية بعنوان «قصر شهرزاد»، ومدربة للأطفال والمراهقين على مهارات الحياة، وخاصة فيما يتعلق بحمايتهم من التحرش والتنمر.
لقد وجدت نفسها في إسعاد الآخرين، واكتشفت شغفها في خدمة مجتمعها، وأخذت على نفسها عهدا بأن يصبح لها رسالة في الحياة، ودور في مجتمعها، وعكفت علي تطوير ذاتها ومهاراتها كي تؤهل نفسها للقيام بذلك، وشقت طريق الخير، لتترك لها بصمة خاصة ومميزة لها في عالم التطوع.
«أخبار الخليج» حاورتها عن رسالتها الإنسانية الملهمة، والتي صنعت لها صيتا ذائعا، ومحبة كبيرة في القلوب، وذلك في الحوار التالي:
*ما أهم الأنشطة التي تشكل رسالتك الإنسانية؟
-أنا استشارية أسرية في مركز ود للاستشارات الأسرية، وصاحبة برنامج قصصي إلكتروني يعد الأول من نوعه تحت مسمى «قصر شهرزاد» وهو معني بنشر الثقافة الجنسية بين الشباب، كما أتقلد منصب رئيس فريق «إحنا نقدر» التطوعي، وأعمل كذلك مدرب مهارات للأطفال والمراهقين، وخاصة فيما يتعلق بحمايتهم من ظاهرتي التنمر والتحرش المنتشرتين اليوم بشكل كبير في كل المجتمعات وليس البحرين فقط.
*ماذا كان حلم طفولتك؟
-لقد نشأت وسط عائلة محافظة بحكم المنطقة التي كنا نعيش فيها، وكان حلمي منذ الطفولة أن أصبح ممثلة في المستقبل، كما كنت عاشقة للموسيقي، ولكن نظرا إلى البيئة المحكومة بعادات وتقاليد معينة مثلت أهم تحد لي عبر مشواري، فقد حرمت من تحقيق هذا الحلم، وقد نصحتني والدتي بأن أصبح معلمة في المستقبل، وحدث أن تزوجت عند عمر عشرين عاما، وكأي فتاة ركزتُ على الاهتمام والتفرغ لأسرتي، وتربية أبنائي الأربعة لسنوات طوال، تفرغت لهم خلالها بصورة تامة، إلى أن حدثت النقلة في حياتي.
*وما تلك النقلة؟
-يمكن القول إن أهم نقلة في حياتي أحدثتها صفعة قوية تلقيتها من صديقة مقربة لي كانت عبارة عن جملة آلمتني حين قالت عني بأسلوب ساخر بأنني ليس عندي سوى سوالف الحريم التقليدية، والشكوى من واجباتي الأسرية، وحين بلغني هذا الكلام قررت إحداث نوع من الصحوة في حياتي، وأن ألتفت إلى نفسي، وأضع هدفا لي في الحياة، لفعل شيء مختلف ومهم، فأخذت عهدا على نفسي بالتغيير، ورغم حزني من تلك الجملة وشعوري بالغضب منها حينئذ، إلا أنني اليوم أشكر صديقتي هذه التي صنعت مني شخصية جديدة ومعطاءة في المجتمع.
*كيف حدث التغيير؟
-بعد دراستي لتخصص الخدمة الاجتماعية من جامعة البحرين، وحصولي على دبلوم إرشاد اجتماعي وأسري نفسي ومعرفي وسلوكي، قررت الالتحاق بدورات لتنمية الذات، وتطوير المهارات، والتعرف علي نقاط الضعف والقوة في شخصيتي، واكتشفت ميولا وقدرات لدي لم أكن أعلم منها شيئا علي سبيل المثال التدريب على مهارات الأطفال، وخاصة فيما يتعلق بمحاربة ظاهرتي التنمر والتحرش، وهما ظاهرتان نعاني منهما اليوم بشدة، وتكمن خطورتهما في أنهما يخضعان لنوع من التستر والتكتم بسبب العادات والتقاليد المحافظة، فركزت على أن أدرب الطفل على قول كلمة لا للتنمر وللتحرش، انطلاقا من أنني شخصيا عانيت من التنمر، وقد عملت كمدربة مع عديد من الجهات منها المؤسسة الملكية للأيتام، ومدينة الشباب، وغيرهما، كما انخرطت في العمل التطوعي والإنساني.
*حدثينا عن تجربتك مع التنمر؟
-لقد عانيت من تنمر البعض ومررت بتجارب صعبة، ولكني مع الوقت تعلمت ألا ألتفت إلى كلام الناس، أو إلى أي انتقادات غير موضوعية، ولا أعير ذلك أي أهمية، طالما أنني ملتزمة أمام الخالق، وأؤدي رسالتي بمنتهي الأمانة، خاصة وأنه في المقابل وجدت أناسا يدعمونني بشدة، ولا شك أن ذلك مثل لي حافزا قويا لتدريب الأطفال على مواجهة هذه الظاهرة وكيفية التعامل معها.
*كيف انطلق فريق «إحنا نقدر»؟
-فريق «إحنا نقدر» انطلق في شهر أكتوبر عام 2017، وكان عدد أعضائه حينئذ حوالي عشرة أعضاء، واليوم وصل إلى 110 أعضاء تقريبا، وكان الأستاذ يوسف الصيادي هو صاحب فكرة تكوينه، وكنت أنا أكبرهم سنا، وتقلدت رئاستهم، والجميع يعتبرونني أما لهم، وهذا ما يميز هذا الفريق التطوعي، حيث نكن كل الاحترام والتقدير والمحبة لبعضنا البعض، وقد أنجزنا الكثير في هذا المجال، منها المشاركة في بطولات الرجل الحديدي والمبارزة وكأس العالم للناشئين، كذلك أعددنا حملة إفطار صائم في شهر رمضان، وغيرها من الفعاليات والأحداث المحلية المهمة.
*أهم التحديات؟
يمكن القول إن أهم التحديات التي تواجهنا تتعلق بمسألة الموارد المالية وبحجم الدعم المادي الذي نتلقاه، إلى جانب غياب المقر اللازم لفريقنا، حيث نمارس عملنا حاليا من منزلي.
*ماذا حققت في مجال الإرشاد النفسي؟
-حاولت أن أركز دائما على المشاكل الأسرية بين الزوجين، والتوعية بالنسبة إلى المقبلين على الزواج، وتأكيد أن سلاح المرأة اليوم هو العلم والعمل وليس الزواج والستر كما كان سابقا، كما أقوم بإعداد ورش ودورات من خلال مركز «ود للاستشارات الأسرية» حول تلك القضايا المهمة خاصة في ظل التطورات الاجتماعية التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي والتي أثرت في احتياجات ومطالب الجيل الجديد، حيث طغت الماديات والتقليد على حياة الكثيرين، وأسعى جاهدة كي أعيد هذا الجيل إلى عالمه الواقعي، والخروج من العالم الافتراضي الذي يعيش فيه اليوم.
*ما أسباب الطلاق بين الشباب في رأيك؟
-أنا أعتقد بأن الطلاق يحدث اليوم بسبب الخيانة، وغياب الثقافة الجنسية، وعدم الصبر، والمقارنة بالآخرين، وأرى أن دور الرجل قد تراجع، حتى الكثير من النساء بتن يلعبن أدوار الرجال، وأحاول أن ألفت الانتباه لذلك عبر منصتي «قصر شهرزاد»، والذي شجعتني على إطلاقها الشيخة نجاة آل خليفة مسؤولة مركز ود للاستشارات الأسرية، وأوضح للفتيات الراغبات في الزواج الضروريات والمحظورات فيما يتعلق بمواصفات شريك الحياة، وأسعى نحو نشر الثقافة الجنسية المنسية في مجتمعاتنا العربية بشكل عام بأسلوب قصصي يمكن التعلم منه بسهولة، من خلال قراءة ما بين السطور، ورغم انتقادات البعض أحيانا، إلا أنني أرى ذلك يمثل ضرورة وحاجة ماسة لشبابنا، وذلك انطلاقا من مبدأ لا حياء في العلم ولا شك أن للأمهات الدور الأكبر في ذلك وكذلك وسائل الإعلام بكل قنواتها.
*حلم ضائع؟
-لا شك أنه وسط زحمة الحياة تضيع منا بعض أحلامنا، وأذكر أن حلمي منذ صغري كان أن أصبح ممثلة في المستقبل، وقد حققته على أرض الواقع من خلال نشاطي التطوعي، فحين اندلعت أزمة كورونا فكرنا في إعداد عمل تطوعي يمكن أن نقدمه من خلال فريق «إحنا نقدر»، وذلك بأسلوب تمثيلي، ومارست فيه هوايتي وشغفي، من خلال فيلم قصير عن الحية بيه، وتطرقنا فيه إلى رحلات الغوص قديما، وتعاون معنا في ذلك فرقة الحد الشعبية، ونفذنا الفكرة بأبسط الإمكانيات ونال إعجاب الكثيرين.
*أمنية؟
-أتمنى أن يتوسع ويتطور فريق «إحنا نقدر» التطوعي، ويتحول إلى جمعية تطوعية لها شأن كبير في هذا المجال، وأن تضم العديد من الأنشطة والبرامج ومنها علي سبيل المثال تقديم الاستشارات الزواجية، ونشر الثقافة الجنسية بأسلوب علمي، وذلك للتصدي للكثير من المشاكل الاجتماعية التي نعاني منها اليوم بعد أن انتشرت واستفحلت بصورة تتطلب تدخلا سريعا من قبل كثير من الجهات المعنية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك