العدد : ١٧٠٢٢ - الأربعاء ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ ربيع الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٢٢ - الأربعاء ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ ربيع الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ثقافة إدارة الخطأ البشري في العمل المؤسسي (2)

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ١٩ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

يروي‭ ‬الموقع‭ ‬الإلكتروني‭ (‬المرسال‭) ‬أنه‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬ارتكب‭ ‬أحد‭ ‬المديرين‭ ‬الناشئين‭ ‬خطأ‭ ‬رهيبًا‭ ‬كلف‭ ‬الشركة‭ (‬IBM‭) ‬حوالي‭ ‬10‭ ‬ملايين‭ ‬دولار؛‭ ‬فتم‭ ‬استدعاء‭ ‬المدير‭ ‬الصغير‭ ‬إلى‭ ‬مكتب‭ (‬توم‭ ‬واطسون،‭ ‬وهو‭ ‬الرجل‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬نظر‭ ‬المدير‭ ‬الصغير‭ ‬إلى‭ ‬رئيسه‭ ‬وقال‭ ‬له‭: ‬‮«‬أعتقد‭ ‬أنك‭ ‬تريد‭ ‬مني‭ ‬تقديم‭ ‬استقالتي،‭ ‬أليس‭ ‬كذلك؟‮»‬،‭ ‬عندها‭ ‬نظر‭ ‬إليه‭ ‬واطسون،‭ ‬وقال‭ ‬له‭: ‬‮«‬بالطبع‭ ‬لا،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للشركة‭ ‬أن‭ ‬تستغني‭ ‬عنك‭ ‬الآن،‭ ‬لقد‭ ‬أنفقنا‭ ‬للتو‭ ‬10‭ ‬ملايين‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬تدريبك‮»‬‭.‬

هل‭ ‬كان‭ (‬توم‭ ‬واطسون‭) ‬محقًا‭ ‬في‭ ‬قراره؟‭ ‬دعونا‭ ‬نتعرف‭ ‬على‭ ‬ذلك‭.‬

قلنا‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬سابق‭ ‬إن‭ ‬الخطأ‭ ‬البشري‭ ‬أمر‭ ‬متوقع‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬المؤسسي،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬ألا‭ ‬تقع‭ ‬أي‭ ‬أخطاء‭ ‬أثناء‭ ‬العمل،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬فإن‭ ‬وجد‭ ‬المسؤول‭ ‬الإداري‭ ‬القائد‭ ‬عدمية‭ ‬وجود‭ ‬الأخطاء‭ ‬فإنه‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يتحرى‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬يفرح‭ ‬ويهلل،‭ ‬فعدم‭ ‬وقوع‭ ‬الأخطاء‭ ‬ربما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يعمل،‭ ‬ويمكننا‭ ‬أن‭ ‬نستعيد‭ ‬بضع‭ ‬كلمات‭ ‬من‭ ‬الفنان‭ ‬محمد‭ ‬صبحي‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭ ‬‮«‬اعمل‭ ‬قليلا‭ ‬تخطئ‭ ‬قليلا،‭ ‬تعمل‭ ‬كثيرا‭ ‬تخطئ‭ ‬كثيرا‮»‬،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬المنطق‭.‬

حسنٌ،‭ ‬ولكن‭ ‬السؤال‭ ‬هنا،‭ ‬ماذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نفعل؟‭ ‬هل‭ ‬نترك‭ ‬الأخطاء‭ ‬تقع‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أي‭ ‬ردة‭ ‬فعل،‭ ‬ولا‭ ‬نعاقب،‭ ‬وإنما‭ ‬نعفو‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬خطأ؟‭ ‬أم‭ ‬ماذا‭ ‬نفعل؟

نجد‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬توجد‭ ‬استراتيجية‭ ‬أو‭ ‬دستور‭ ‬مكتوب‭ ‬لإدارة‭ ‬الخطأ‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مؤسسة‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬صغيرة‭ ‬أو‭ ‬كبيرة،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الدستور‭ ‬واضحًا‭ ‬لجميع‭ ‬المنخرطين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬منذ‭ ‬اللحظات‭ ‬الأولى‭ ‬حتى‭ ‬تكون‭ ‬الأمور‭ ‬واضحة،‭ ‬حسنٌ،‭ ‬ماذا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحوي‭ ‬هذا‭ ‬الدستور؟‭ ‬وكيف‭ ‬يعمل؟

نعتقد‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬الخطأ‭ ‬تنقسم‭ ‬حسب‭ ‬هذا‭ ‬الدستور‭ ‬إلى‭ ‬ثلاثة‭ ‬أقسام،‭ ‬وهي‭ ‬كالتالي‭:‬

أولاً‭: ‬منع‭ ‬وقوع‭ ‬الخطأ

وقد‭ ‬يعترض‭ ‬البعض‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬منع‭ ‬الخطأ،‭ ‬وهذا‭ ‬حق،‭ ‬وإنما‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الدستور‭ ‬سنحاول‭ ‬أن‭ ‬نقلل‭ ‬‭ ‬بقدر‭ ‬الإمكان‭ ‬‭ ‬من‭ ‬وقوع‭ ‬الخطأ،‭ ‬ولكن‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬ذلك؟

فهرس‭ ‬تصنيف‭ ‬أنواع‭ ‬الخطأ‭ ‬وعواقب‭ ‬وقوعها

نجد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬الإدارة‭ ‬المسؤولة‭ ‬بتصنيف‭ ‬كل‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تقع،‭ ‬وهذه‭ ‬تسمى‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الإدارة‭ (‬الخطوة‭ ‬الاستباقية‭)‬،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬نمنع‭ ‬وقوع‭ ‬الخطأ‭ ‬قبل‭ ‬وقوعه‭ ‬وذلك‭ ‬بتعريف‭ ‬الأفراد‭ ‬بأنواع‭ ‬الأخطاء‭ ‬المقبولة‭ ‬والأخطاء‭ ‬غير‭ ‬المقبولة،‭ ‬والأخطاء‭ ‬التي‭ ‬يجرم‭ ‬عليها،‭ ‬والأخطاء‭ ‬العفوية،‭ ‬وهكذا‭.‬

يحوي‭ ‬هذا‭ ‬الدستور‭ ‬تحليل‭ ‬متكامل‭ ‬للأخطاء‭ ‬وعواقب‭ ‬وقوعها،‭ ‬والعوامل‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬وقوع‭ ‬الخطأ،‭ ‬بالتفصيل،‭ ‬وما‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعاقب‭ ‬عليها‭ ‬الفرد‭ ‬حال‭ ‬وقوعها،‭ ‬ليس‭ ‬ذلك‭ ‬فحسب‭ ‬وإنما‭ ‬ما‭ ‬العقوبة‭ ‬التي‭ ‬تقتضي‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الخطأ،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬الحكمة‭ ‬أن‭ ‬نعاقب‭ ‬الموظف‭ ‬الفلاني‭ ‬بعقوبة‭ ‬وقف‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام،‭ ‬ويأتي‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭ ‬فيقع‭ ‬في‭ ‬الخطأ‭ ‬نفسه‭ ‬ونعفو‭ ‬عنه‭.  ‬

يشمل‭ ‬هذا‭ ‬الدستور‭ ‬أيضًا‭:‬

{‭ ‬استراتيجية‭ ‬واضحة‭ ‬للإدارة‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الخطأ‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقع‭ ‬وأثناء‭ ‬وبعد‭ ‬وقوعه

{‭ ‬أن‭ ‬يتعرف‭ ‬الموظف‭ ‬على‭ ‬مهام‭ ‬وظيفته‭ ‬وأبعاد‭ ‬التوصيف‭ ‬الوظيفي‭ ‬منذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭.‬

{‭ ‬تدريب‭ ‬الموظف‭ ‬على‭ ‬مهام‭ ‬الوظيفة‭ ‬وخاصة‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬الجمهور،‭ ‬تدريبه‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الخطأ‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقع،‭ ‬وإن‭ ‬وقع،‭ ‬وكيف‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الأمور،‭ ‬مع‭ ‬تعليمه‭ ‬أن‭ ‬الخطأ‭ ‬جزء‭ ‬أصيل‭ ‬من‭ ‬العمل،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للموظف‭ ‬الأمان‭ ‬النفسي‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الخطأ‭.‬

{‭ ‬يتدرب‭ ‬وأن‭ ‬يتعرف‭ ‬الموظف‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الدستور،‭ ‬وكيف‭ ‬يتعامل‭ ‬معه،‭ ‬ومتى‭ ‬يسأل‭ ‬ومتى‭ ‬يعمل،‭ ‬وهكذا‭.‬

وهذا‭ ‬هو‭ ‬دستور،‭ ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحوي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمور،‭ ‬وأن‭ ‬يعرف‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الدستور،‭ ‬وأن‭ ‬توجد‭ ‬نسخة‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬درج‭ ‬كل‭ ‬موظف‭ ‬أيًا‭ ‬كان‭ ‬مركزه‭.‬

رؤية‭ ‬واستراتيجية

من‭ ‬ضمن‭ ‬أبرز‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الإدارة‭ ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬إغفالها‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬وضع‭ ‬توقعات‭ ‬واضحة‭ ‬لأعضاء‭ ‬الفريق،‭ ‬وعدم‭ ‬اطلاعهم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تتوقعه‭ ‬الإدارة‭ ‬منهم‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬واضح؛‭ ‬فمن‭ ‬شأن‭ ‬خطأ‭ ‬كهذا‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬منهك‭ ‬من‭ ‬كثرة‭ ‬العمل،‭ ‬وخاصة‭ ‬إذا‭ ‬كانوا‭ ‬يبذلون‭ ‬جهدًا‭ ‬شاقًا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعرفوا‭ ‬أنهم‭ ‬حققوا‭ ‬ما‭ ‬طُلب‭ ‬منهم،‭ ‬لذلك‭ ‬فمن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يقعوا‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭.‬

عدم‭ ‬وضوح‭ ‬الرؤية‭ ‬وغياب‭ ‬التوقعات‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬سوف‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تدني‭ ‬الروح‭ ‬المعنوية،‭ ‬وإلى‭ ‬غياب‭ ‬أي‭ ‬حافز؛‭ ‬فمن‭ ‬شأن‭ ‬الهدف‭ ‬أن‭ ‬يحفز‭ ‬الموظفين‭ ‬على‭ ‬بذل‭ ‬جهد‭ ‬مضاعف‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭. ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬غياب‭ ‬الهدف‭ ‬والتوقعات‭ ‬الواضحة‭ ‬فلن‭ ‬يعمل‭ ‬الموظفون‭ ‬سوى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الراتب‭ ‬الشهري،‭ ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الإدارة‭.‬

تقدير‭ ‬الموظفين

قد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬مفاجئا‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المال‭ ‬ليس‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬الوحيد‭ ‬من‭ ‬العمل؛‭ ‬إذ‭ ‬يريد‭ ‬الناس‭ ‬أن‭ ‬يشعروا‭ ‬بأهمية‭ ‬ما‭ ‬يقومون‭ ‬به،‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬يقومون‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬وما‭ ‬يبذلونه‭ ‬من‭ ‬جهد‭ ‬يُلاحظ،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يكافؤوا‭ ‬عليه،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬عدم‭ ‬تقدير‭ ‬الموظفين‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الإدارة؛‭ ‬إذ‭ ‬ستؤدي‭ ‬معاملة‭ ‬الموظفين‭ ‬بشكل‭ ‬عادل‭ ‬والاعتراف‭ ‬بإنجازاتهم‭ ‬إلى‭ ‬قطع‭ ‬شوط‭ ‬طويل‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬معدل‭ ‬دوران‭ ‬الموظفين‭ ‬وتحسين‭ ‬الإنتاجية‭ ‬وتقليل‭ ‬الخطأ‭.‬

والمؤسف‭ ‬أن‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الخطأ‭ ‬وعدم‭ ‬السماح‭ ‬له‭ ‬بالوقوع‭ ‬من‭ ‬الأساس‭ ‬أمر‭ ‬ميسور‭ ‬جدًا؛‭ ‬كلمة‭ (‬شكرًا‭) ‬تساوي‭ ‬الكثير،‭ ‬وتحمل‭ ‬معاني‭ ‬محفزة‭ ‬للمجدين‭ ‬من‭ ‬الموظفين،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬السلبيات‭ ‬التي‭ ‬تنجم‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الخطأ‭ ‬الإداري‭ ‬وخيمة‭ ‬جدًا‭.‬

ثانيًا‭: ‬اكتشاف‭ ‬الخطأ

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الدستور،‭ ‬إلا‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬منع‭ ‬وقوع‭ ‬الخطأ،‭ ‬لذلك‭ ‬كيف‭ ‬نكتشف‭ ‬وقوع‭ ‬الخطأ؟

1‭. ‬الأمان‭ ‬النفسي‭ ‬للموظف،‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬جدًا‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬الموظف‭ ‬بالأمان‭ ‬النفسي‭ ‬إن‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬خطأ‭ ‬حتى‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يعترف‭ ‬بالخطأ‭ ‬وأن‭ ‬يتعامل‭ ‬معه‭ ‬بطريقة‭ ‬منهجية،‭ ‬فإن‭ ‬كانت‭ ‬المؤسسة‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأخطاء‭ ‬بطريقة‭ ‬سيئة‭ ‬وبشعة،‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬فيها‭ ‬الموظف‭ ‬بالأمان‭ ‬النفسي،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬أن‭ ‬يقر‭ ‬الموظف‭ ‬بالخطأ‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬تم‭ ‬إثبات‭ ‬أن‭ ‬الخطأ‭ ‬وقع‭.‬

2‭. ‬وجود‭ ‬استراتيجية‭ ‬واضحة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الخطأ،‭ ‬كما‭ ‬أشرنا‭ ‬سابقًا‭ ‬أن‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الخطأ‭ ‬وإدارته‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تتم‭ ‬وفق‭ ‬الأهواء،‭ ‬فتارة‭ ‬تعاقب‭ ‬وتارة‭ ‬تعفو‭ ‬عن‭ ‬الزميل‭ ‬الآخر‭ ‬الذي‭ ‬عمل‭ ‬نفس‭ ‬الخطأ،‭ ‬فالمساواة‭ ‬مطلوبة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الخطأ،‭ ‬فالمساواة‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬نتعامل‭ ‬مع‭ ‬الجميع‭ ‬بنفس‭ ‬المنهجية‭.‬

3‭. ‬استفسر‭ ‬عن‭ ‬الخطأ‭ ‬إن‭ ‬وقع،‭ ‬مع‭ ‬إحسان‭ ‬الظن‭ ‬والتثبت،‭ ‬كمسؤول‭ ‬إداري‭ ‬قائد‭ ‬وعندما‭ ‬يبلغك‭ ‬أن‭ ‬فلان‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬قد‭ ‬أخطأ‭ ‬فتثبت‭ ‬منه،‭ ‬واستفسر‭ ‬عنه‭ ‬مع‭ ‬إحسان‭ ‬الظن‭ ‬به،‭ ‬فأنت‭ ‬بهذا‭ ‬تشعره‭ ‬بالاحترام‭ ‬والتقدير‭ ‬والأمان،‭ ‬كما‭ ‬يشعر‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬بالخجل‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الخطأ‭ ‬لا‭ ‬يليق‭ ‬بمثله‭.‬

4‭. ‬آلية‭ ‬ومنهجية‭ ‬واضحة‭ ‬لاكتشاف‭ ‬الأخطاء،‭ ‬ولا‭ ‬يعني‭ ‬أبدًا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لك‭ ‬جواسيس‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬يأتونك‭ ‬وبالأحرى‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬الأخطاء‭ ‬الصغيرة‭ ‬التي‭ ‬يقع‭ ‬فيها‭ ‬زملاء‭ ‬العمل،‭ ‬وإنما‭ ‬عندما‭ ‬نطبق‭ ‬في‭ ‬العمل‭ (‬الهندسة‭ ‬الإدارية‭) ‬وأنظمة‭ (‬فرق‭ ‬العمل‭) ‬فإن‭ ‬الأخطاء‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬واضحة‭ ‬للعيان،‭ ‬وخاصة‭ ‬للمسؤول‭ ‬الإداري‭ ‬القائد،‭ ‬فالمنهجية‭ ‬تقول‭ ‬إنه‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬مؤشرات‭ ‬واضحة‭ ‬لتحديد‭ ‬الخطأ‭ ‬وتصنيفه‭ ‬حال‭ ‬وقوعه،‭ ‬فمثل‭ ‬هذه‭ ‬الآليات‭ ‬تقلل‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬وتسهم‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬إدارتها‭.‬

ثالثًا‭: ‬إدارة‭ ‬الخطأ

الهدف‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬الخطأ‭ ‬هو‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬المؤسسة،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬المالية‭ ‬أو‭ ‬الصورة‭ ‬الذهنية‭ ‬والمجتمعية‭ ‬أو‭ ‬خلاف‭ ‬ذلك،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬إدارة‭ ‬الخطأ‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬عقلية‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬الإنسان‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬آلة،‭ ‬فالموظف‭ ‬إنسان‭ ‬وليس‭ ‬آلة،‭ ‬والإنسان‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬الخطأ‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬حريصًا،‭ ‬وهذا‭ ‬أول‭ ‬أمر‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يؤمن‭ ‬به‭ ‬المسؤول‭ ‬الإداري‭ ‬القائد،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬تأتي‭ ‬الأمور‭ ‬التالية؛

1‭. ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الخطأ،‭ ‬تحدثنا‭ ‬قبل‭ ‬لحظات‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬مساواة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المخطئين،‭ ‬وهنا‭ ‬نضيف‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأفراد‭ ‬بطريقة‭ ‬عادلة،‭ ‬إذ‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتعرف‭ ‬على‭ ‬حيثيات‭ ‬الخطأ،‭ ‬فلكل‭ ‬خطأ‭ ‬أسباب‭ ‬ومسببات،‭ ‬لذلك‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬المسؤول‭ ‬الإداري‭ ‬القائد‭ ‬أن‭ ‬يتعامل‭ ‬بحذر‭ ‬مع‭ ‬الأفراد،‭ ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬الخطأ‭ ‬غير‭ ‬مقصود،‭ ‬وإنما‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬سبب‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬سبب،‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬الحري‭ ‬بالمسؤول‭ ‬الإداري‭ ‬القائد‭ ‬أن‭ ‬يتحرى‭ ‬عن‭ ‬الأسباب‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬حدوث‭ ‬الخطأ‭.‬

2‭. ‬الخسائر‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬الخطأ،‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬على‭ ‬الإدارة‭ ‬والمسؤول‭ ‬الإداري‭ ‬القائد‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬وبلغة‭ ‬الأرقام‭ ‬نقول‭ (‬أن‭ ‬يحسب‭ ‬قيمة‭ ‬الخطأ‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭)‬،‭ ‬فبعض‭ ‬الأخطاء‭ ‬تقدر‭ ‬بالملايين‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أخطاء‭ ‬مادية،‭ ‬فالصورة‭ ‬الذهنية‭ ‬لمؤسسة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬تقدر‭ ‬بالملايين‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يشعر‭ ‬الموظف‭ ‬بذلك،‭ ‬ووفاة‭ ‬ولي‭ ‬أمر‭ ‬أطفال‭ ‬وهو‭ ‬عائلهم‭ ‬الوحيد‭ ‬بسبب‭ ‬خطأ‭ ‬طبي‭ ‬لا‭ ‬تقدر‭ ‬بثمن،‭ ‬لذلك‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحسب‭ ‬بالأرقام‭.‬

3‭. ‬التعويض،‭ ‬إن‭ ‬وقع‭ ‬خطأ‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬إنسان‭ ‬أو‭ ‬عميل‭ ‬أو‭ ‬زميل‭ ‬عمل‭ ‬أو‭ ‬أيًا‭ ‬كان‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعوض‭ ‬فهذا‭ ‬حقه،‭ ‬ويجب‭ ‬ألا‭ ‬تتهرب‭ ‬المؤسسة‭ ‬من‭ ‬المسؤولية‭.‬

4‭. ‬المعالجة‭ ‬وليس‭ ‬الكراهية،‭ ‬إن‭ ‬وقع‭ ‬خطأ،‭ ‬وجلسنا‭ ‬مع‭ ‬الموظف‭ ‬المخطئ،‭ ‬فتبين‭ ‬لنا‭ ‬أنه‭ ‬بالفعل‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬الخطأ‭ ‬وذلك‭ ‬حسب‭ ‬الدستور‭ ‬الموجود‭ ‬مسبقًا‭ ‬في‭ ‬المؤسسة،‭ ‬فإن‭ ‬كان‭ ‬يستحق‭ ‬العقوبة‭ ‬فإنه‭ ‬يعاقب‭ ‬حسب‭ ‬الدستور‭ ‬أيضًا،‭ ‬فقد‭ ‬قلنا‭ ‬إن‭ ‬لكل‭ ‬خطأ‭ ‬العقوبة‭ ‬المناسبة،‭ ‬ليس‭ ‬أكثر‭ ‬ولا‭ ‬أقل‭. ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬يعود‭ ‬الموظف‭ ‬إلى‭ ‬عمله‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أي‭ ‬كراهية‭ ‬شخصية‭ ‬له،‭ ‬أو‭ ‬تهميش‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬آخر‭. ‬وإنما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتعلم‭ ‬الدرس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توضح‭ ‬كل‭ ‬الأمور‭ ‬له‭ ‬وألا‭ ‬يترك‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬ألا‭ ‬يعرف‭ ‬ماذا‭ ‬وكيف؟

عمومًا،‭ ‬هذه‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬المتعلقة‭ ‬بإدارة‭ ‬الخطأ‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬المؤسسي،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬الموضوع‭ ‬كبير‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬سوف‭ ‬نكتفي‭ ‬بذلك،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬نترككم‭ ‬اليوم،‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬سؤال‭ ‬البداية‭ (‬في‭ ‬رأيك،‭ ‬هل‭ ‬كان‭ ‬توم‭ ‬واطسون‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الخطأ‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬على‭ ‬المؤسسة؟‭).‬

 

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا