يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
الإمام والرئيسة.. درس في الحضارة
الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، من أكبر المدافعين في العالم العربي والاسلامي عن الإسلام والدول والشعوب العربية والاسلامية. وهذا أمر طبيعي على اعتبار ان الإمام الأكبر هو أكبر مرجعية إسلامية اليوم.
الذي يتابع لقاءات وتصريحات الإمام الأكبر يعرف حتما أنه ما من مرة يلتقي مسؤولا غربيا إلا ويحدثه بصراحة مطلقة ويعبر امامه عن انتقاداته اللاذعة للسياسات والمواقف الغربية عموما وتجاه الإسلام وأوضاع المسلمين خصوصا.
هذا هو ما حدث بالضبط حين استقبل الإمام الكبر قبل يومين في مقر الأزهر ميتي فريدريكسن رئيسة وزراء الدنمارك.
الإمام الأكبر وجه في اللقاء انتقادات حادة للغرب وفهمه المنحرف للحرية وتعامله مع العرب والمسلمين.
تحديدا أثار الإمام الكبر أربع قضايا كبرى على النحو التالي:
1 – ان الغرب يسيء استخدام مصطلح الحرية ويوظفه أسوأ توظيف لفرض قيمه وثقافته. قال الإمام: «مصطلح الحريَّات يُساء استخدامه كثيرًا من الغرب مع توظيفه في فرض بعض الرؤى والأعراف الغربية على ثقافتنا الشرقية والعربية، كتطبيع الشذوذ الجنسي من خلال القنوات الإعلامية الموجهة لمنطقتنا العربية وللشرق الأوسط بشكل عام، ومحاولة فرضه قانونًا وواقعًا، مع الضرب بحقوق الإنسان والأطفال والأسرة عرض الحائط، بهذه السلوكيات والجرائم التي تتنافى مع تعاليم الأديان والفطرة الإنسانية وتقلب موازين الكون وسنة الله في خلقه».
الإمام الأكبر وصف هذا الذي يفعله الغرب بالاستعمار الجديد، وهو استعمار فكري وثقافي وطالب بوضع حد له.
2 - انه لا يمكن قبول حرية التعبير والتذرع بها للإساءة للآخرين والمساس بمقدساتهم ورموزهم الدينية. وقد آن الأوان لأن يحترم الغرب العرب والمسلمين وأن «يتعامل مع الإنسان الشرقي على أنَّه إنسانٌ كاملٌ شأنه شأن الغربي، وأن يفهم ان شعوب الشرق تستحق أن تعيش حياة أفضل بكثير».
3 - أن الغرب يجب ان يفهم ان «تمسك المسلمين وأهل الشرق بقيم الدين والأخلاق جزء لا يتجزأ من شخصيتهم وهويتهم التي يعتزون بها ويقدرونها جيدًا». بمعنى ان الغرب يجب ان يفهم ان أي محاولة او مخطط لتدمير الهوية مرفوضة ومآلها الفشل.
4 - وتحدث الإمام الأكبر عن قضية الهجرة غير الشرعية الى أوروبا وعلاقتها بأوضاع القارة الإفريقية والنهب الغربي لمواردها. قال: «إذا أردنا حلًّا جذريًّا لهذه الظاهرة فعلينا دراسةُ أسبابها الحقيقية، والبحث في الدوافع التي تجبر هؤلاء الشباب وبخاصة الأفارقة على مغادرة بلادهم والهجرة إلى مستقبل غامض مجهول، ولا بد من الاهتمام بالقارة الإفريقية -قارة الذهب والثروات- والتي نُهبت خيراتها والاستيلاء على مصادرها ولا يزال؛ ومدُّ يد العون إلى أبناء هذه القارة ومساعدتهم على النهوض والعمل، حينها ربما نجد بعض الشعوب الغربية هي من تهاجر إلى إفريقيا وليس العكس».
هذه هي القضايا التي أثارها الإمام الأكبر في اللقاء مع رئيسة وزراء الدنمارك.
وكي ندرك أهمية ما قاله ولماذا طرح هذه القضايا بهذا الشكل، يجب ان نتذكر انه جاء على خلفية الحملة المتصاعدة في الدنمارك، كما في باقي الدول الغربية، ضد الإسلام والمسلمين.
حقيقة الأمر أن الإمام الأكبر بما قاله لقنهم في الغرب درسا.. ليس درسا فقط في معنى الحرية وحدودها، وانما هو في المقام الأول درس في الحضارة.. درس في معنى ان تكون مواقف الحكومات والدول متحضرة تحترم الانسان وقيمه وثقافته.
بالطبع، ليس من شأن هذا ان يغير من سياسات الحكومات الغربية ومن عنصريتها ومخططاتها الاستعمارية الجديدة. لكن على الأقل هذا صوت الحق العربي الإسلامي الذي يجب ان يسمعه الغرب.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك