يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
تخاريف وآراء مشبوهة
حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر الأسبق والذي لم تعد له صفة رسمية يحلو له بين الحين والآخر أن يتفلسف ويدعي ارتداء ثوب الحكمة ويكتب أو يدلي بتصريحات معبرا عن آراء أقل ما يقال عنها إنها تخاريف وتهاويم وهي في كل الأحوال مستفزة ومشبوهة.
ما كان ما يكتبه أو يقوله ليستحق التوقف عنده أو التعليق عليه لولا سببان:
1 - إنني لاحظت أن مواقع غربية، وخصوصا موقع سي إن إن الأمريكي، ولحاجة في نفس يعقوب، يحرص على الاحتفاء بما يكتب وينشره بتوسع.
2 - إن بعض الآراء التي يعبر عنها تعدُّ مستفزة ومشبوهة من وجهة نظر المصالح الخليجية العربية.
يكفي أن نتأمل هنا ما قاله قبل أيام.
أدلى حمد بن جاسم بتصريحات لقناة «بلومبيرج» عن أزمة العلاقات بين دول مجلس التعاون وإيران، وسألوه عن قلق العديد من الدول العربية من إيران، وخصوصا المملكة العربية السعودية.
ردا على السؤال قال كلاما غريبا وشاذا وخطيرا ومسيئا لدول الخليج العربية.
في تعليقاته حمّل دول الخليج العربية مسئولية الأزمة مع إيران. ليس هذا فحسب بل إنه اتهمها بعدم التحضر في التعامل مع الأزمة.
انظر ماذا قال. قال: «أول مخاوفي ليست إيران، بل نحن في المنطقة والطريقة التي نتصرف بها، أعني القادة فأنا لست واحدًا منهم، أعتقد إذا استطعنا التحكم في سعادتنا وإحباطنا وغضبنا، ونقول حسنا سنعمل، لدينا بعض الخلافات مع هذه الدولة أو تلك، ولكن هذا الخلاف يجب مناقشته بطريقة متحضرة».
وأضاف: «إذا كان أمامنا تحديات وإذا اتفقنا على أن إيران هي عدونا الأول فكيف سنتعامل مع هذا الأمر؟ هل سنتعامل معه عن طريق مفاوضات مباشرة أو حرب؟ لا أحد يريد الحرب لأنها ليست في مصلحتنا».
ودعا دول مجلس التعاون الخليجي إلى أن تبادر هي بالجلوس مع إيران والتوصل إلى حل و«العيش في انسجام بين إيران والعراق ودول مجلس التعاون الخليجي».
هذه آراء في منتهى الغرابة وتنطوي على مغالطات لا أول لها ولا آخر.
بداية، لم يحدث أن قالت أي دولة خليجية أو عربية إنها تريد حربا مع إيران في أي وقت.
ودول الخليج العربية والدول العربية عموما لم تكن هي التي بادرت بتفجير الأزمة أو هي التي بادرت بإبداء الخصومة أو العداء مع إيران.
جذور الأزمة تكمن كما يعلم الكل في المشروع الطائفي التوسعي الإيراني في المنطقة الذي يهدف إلى السعي لفرض الهيمنة الإيرانية في المنطقة. ومن أجل تحقيق هذا الهدف لجأت إيران على امتداد السنوات الطويلة الماضية إلى سياساتها العدوانية الإرهابية في كل المنطقة العربية. لجأت إلى التدخل السافر في الشئون الداخلية ودعم قوى وجماعات طائفية إرهابية، وأنشأت ودعمت المليشيات الإرهابية في دول مثل العراق ولبنان واليمن كي تفرض هيمنتها عبرها.. إلى آخر السياسات والمواقف العدوانية المعروفة.
من السخف والاستفزاز إذن أن يأتي حمد بن جاسم ويتهم دول مجلس التعاون بأنها هي المسئولة عن الأزمة.
أما عن دعوته إلى التفاوض مع إيران بل وإقامة حوار معها، فهذا أيضا إساءة متعمدة لدول مجلس التعاون ومواقفها.
على أي أساس يتم التفاوض مع إيران؟
هل إيران مستعدة لإعلان تخليها عن مشروعها التوسعي؟
هل إيران مستعدة للتعهد بالتوقف عن سياستها العدوانية والتخلي عن القوى والمليشيات الإرهابية العميلة لها؟
هل إيران مستعدة للإقدام على أي خطوة عملية تؤكد فعلا جديتها في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الدول العربية؟
النظام الإيراني ليس مستعدا لأي شيء من هذا.
والدليل الأكبر على هذا أن السعودية عقدت فعلا عدة جولات من التفاوض مع إيران. لكن لم تصل هذه المفاوضات إلى أي نتيجة لهذا السبب بالذات.. إن إيران لم يبدر عنها أي إشارة جدية تؤكد احتمال تغيير مواقفها وسياساتها وممارساتها. ليس هذا فحسب، بل لم تكف إيران عن دفع القوى العميلة لها إلى شن الهجمات على السعودية طوال الوقت.
كما كتبت أكثر من مرة إن الدعوة إلى التفاوض مع إيران من دون أي ضمانات ومن دون أي تغيير في السياسات والممارسات الإيرانية هي في جوهرها دعوة إلى الاستسلام عربيا للمشروع الإيراني.
الأمر كما نرى أن مثل هذ الآراء التي يبديها حمد بن جاسم مشبوهة وتنطوي على التجني على دول مجلس التعاون والتشويه لمواقفها. وهي في كل الأحوال لا يمكن أن تخدم أي مصلحة خليجية عربية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك