العدد : ١٧٠٥٤ - الأحد ٠١ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٤ - الأحد ٠١ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

بصمات نسائية

الصدمات والتجارب الأليمة صنعت قوتي ونجاحي

أجرت الحوار: هالة كمال الدين

الأربعاء ٠٨ مارس ٢٠٢٣ - 02:00


 

يقول‭ ‬خبير‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ ‬إبراهيم‭ ‬الفقي‭: ‬‮«‬إن‭ ‬كل‭ ‬كلمة،‭ ‬وكل‭ ‬فكرة،‭ ‬تعد‭ ‬بمثابة‭ ‬طاقة‭ ‬روحية،‭ ‬تقوم‭ ‬بتنشيط‭ ‬قوى‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬داخلك،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬ذات‭ ‬طبيعة‭ ‬سلبية‭ ‬أو‭ ‬إيجابية‮»‬‭!‬

نعم،‭ ‬وهنا‭ ‬تكمن‭ ‬مقدرة‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬أي‭ ‬ألم‭ ‬إلى‭ ‬أمل،‭ ‬وأي‭ ‬فشل‭ ‬إلى‭ ‬نجاح،‭ ‬وأي‭ ‬ضعف‭ ‬إلى‭ ‬قوة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بالفعل‭ ‬لهذه‭ ‬المرأة‭ ‬المبدعة‭ ‬التي‭ ‬قررت‭ ‬عدم‭ ‬التوقف‭ ‬عند‭ ‬العثرات‭ ‬أو‭ ‬التجارب‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬بها‭ ‬عبر‭ ‬مسيرتها،‭ ‬واستخدامها‭ ‬كوسيلة‭ ‬لإخراج‭ ‬ما‭ ‬بداخلها‭ ‬من‭ ‬طاقات‭ ‬إيجابية‭ ‬مخزونة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬إحداث‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬حياتها،‭ ‬حتي‭ ‬تركت‭ ‬لها‭ ‬بصمة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬النساء‭ ‬البحرينيات‭ ‬المتميزات،‭ ‬أهلتها‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬امتياز‭ ‬الشرف‭ ‬لرائدة‭ ‬الأعمال‭ ‬الشابة‭ ‬مؤخرا‭.‬

فاطمة‭ ‬إبراهيم‭ ‬الأنصاري،‭ ‬أصغر‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬رواد‭ ‬الأعمال‭ ‬العالمية‭ ‬‮«‬إي‭ ‬أو‮»‬،‭  ‬صاحبة‭ ‬مشروع‭ ‬هندسي‭ ‬يتبنى‭ ‬تقنيات‭ ‬الواقع‭ ‬الافتراضي‭ ‬لتقديم‭ ‬تصاميم‭ ‬هندسية‭ ‬تواكب‭ ‬مبادئ‭ ‬الاستدامة‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة،‭ ‬وذلك‭ ‬اعتمادا‭ ‬على‭ ‬الجمال‭ ‬الحسي‭ ‬وليس‭ ‬البصري‭.‬

هي‭ ‬شخصية‭ ‬معطاءة‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬الحدود،‭ ‬تجد‭ ‬سعادتها‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬التغيير‭ ‬الإيجابي‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الآخرين،‭ ‬مبدأها‭ ‬هو‭ ‬الثقة‭ ‬بالنفس‭ ‬والايمان‭ ‬بما‭ ‬تملك‭ ‬من‭ ‬قدرات،‭ ‬تتمتع‭ ‬بمهارة‭ ‬استخدام‭ ‬الحياة‭ ‬بأسلوب‭ ‬يتسم‭ ‬بالذكاء‭ ‬لجعلها‭ ‬ذات‭ ‬معنى،‭ ‬لا‭ ‬تستنفد‭ ‬وقتا‭ ‬أو‭ ‬جهدا‭ ‬في‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الخلف،‭ ‬تؤمن‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يمد‭ ‬حياتك‭ ‬بالطاقة‭ ‬مثل‭ ‬التركيز‭ ‬المطلق‭ ‬على‭ ‬جملة‭  ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬والغايات‭. ‬

حول‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬الملهمة‭ ‬كان‭ ‬الحوار‭ ‬التالي‭:‬

متى‭ ‬بدأت‭ ‬رحلتك‭ ‬مع‭ ‬التصميم؟

أعترف‭ ‬بأنني‭ ‬كنت‭ ‬طفلة‭ ‬تتمتع‭ ‬بشخصية‭ ‬خجولة،‭ ‬لا‭ ‬تجيد‭ ‬التعبير‭ ‬عما‭ ‬بداخلها،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬حلمها‭ ‬الدائم‭ ‬الذي‭ ‬يداعب‭ ‬خيالها‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬شخصية‭ ‬مهمة‭ ‬وشهيرة‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬وقد‭ ‬بدأت‭ ‬معي‭ ‬هواية‭ ‬فن‭ ‬الرسم‭ ‬عند‭ ‬عمر‭ ‬ثماني‭ ‬سنوات،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رسم‭ ‬الطبيعة،‭ ‬حيث‭ ‬أتمتع‭ ‬بمهارة‭ ‬شديدة‭ ‬في‭ ‬النقل‭ ‬والتقليد،‭ ‬وكانت‭ ‬رسوماتي‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬باللونين‭ ‬الأبيض‭ ‬والأسود،‭  ‬ثم‭ ‬بالألوان‭ ‬الزيتية،‭ ‬وعند‭ ‬عمر‭ ‬12‭ ‬عاما‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬أطور‭ ‬من‭ ‬هوايتي‭ ‬لتأخذ‭ ‬صبغة‭ ‬احترافية،‭ ‬وشجعني‭ ‬والدي‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬استشف‭ ‬أن‭ ‬لدي‭ ‬هذه‭ ‬الموهبة،‭ ‬فذهب‭ ‬واشترى‭ ‬لي‭ ‬كل‭ ‬الأدوات‭ ‬والمستلزمات‭ ‬لممارسة‭ ‬الفن‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬تطورا‭ ‬وعمقا‭.‬

باكورة‭ ‬أعمالك‭ ‬الفنية؟

حين‭ ‬رسمت‭ ‬أول‭ ‬لوحة،‭ ‬لم‭ ‬تخرج‭ ‬بالشكل‭ ‬المرجو،‭ ‬بل‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بأنني‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬التجربة،‭ ‬وأذكر‭ ‬أن‭ ‬والدي‭ ‬كان‭ ‬يقف‭ ‬خلفي‭ ‬يرقبني‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأثناء،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬اصابني‭ ‬بنوع‭ ‬من‭ ‬التوتر،‭ ‬فقمت‭ ‬بصباغتها‭ ‬كاملة‭ ‬باللون‭ ‬الأسود،‭ ‬ولكني‭ ‬لم‭ ‬أستسلم،‭ ‬وبعدها‭ ‬بيومين‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬سطح‭ ‬المنزل،‭ ‬وعشت‭ ‬الأجواء‭ ‬الملهمة،‭ ‬ورسمت‭ ‬ثاني‭ ‬لوحاتي‭ ‬وكانت‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬منظر‭ ‬طبيعي،‭ ‬وقد‭ ‬أبدعت‭ ‬فيها،‭ ‬وانبهر‭ ‬بها‭ ‬والدي،‭ ‬وأهديتها‭ ‬إلى‭ ‬معلمة‭ ‬العلوم‭ ‬بالمدرسة،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬اكتشف‭ ‬الجميع‭ ‬موهبتي،‭ ‬التي‭ ‬احتضنتها‭ ‬معلمة‭ ‬الرسم‭.‬

بداية‭ ‬الاحتراف؟

لقد‭ ‬شجعتني‭ ‬معلمة‭ ‬التربية‭ ‬الفنية‭ ‬ودعمتني‭ ‬وحققت‭ ‬الانطلاقة‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬ذلك،‭ ‬وشاركت‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مسابقات‭ ‬فنية،‭ ‬وفزت‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الجوائز،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬كنت‭ ‬أحلم‭ ‬دوما‭ ‬بأن‭ ‬أصبح‭ ‬طبيبة،‭ ‬وهو‭ ‬طموح‭ ‬يشبع‭ ‬شعوري‭ ‬بأن‭ ‬أكون‭ ‬شخصية‭ ‬مهمة،‭ ‬ولكن‭ ‬والدي‭ ‬كان‭ ‬يرى‭ ‬مستقبلي‭ ‬في‭ ‬التصميم‭ ‬الداخلي،‭ ‬ووجهني‭ ‬إليه‭ ‬إيمانا‭ ‬بموهبتي،‭ ‬وبالفعل‭ ‬أقبلت‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬هذا‭ ‬التخصص‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬البحرين،‭ ‬ومن‭ ‬أول‭ ‬فصل‭ ‬وجدت‭ ‬نفسي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬وكانت‭ ‬بداية‭ ‬الاحتراف‭ ‬أثناء‭ ‬مرحلة‭ ‬الجامعة‭.‬

 

أول‭ ‬محطة‭ ‬عملية؟

اثناء‭ ‬دراستي‭ ‬بالجامعة‭ ‬قررت‭ ‬ان‭ ‬أبدأ‭ ‬مشواري‭ ‬العملي،‭ ‬فالتحقت‭ ‬بأول‭ ‬وآخر‭ ‬وظيفة‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬وكانت‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬مفروشات،‭ ‬حيث‭ ‬استمررت‭ ‬فيها‭ ‬حوالى‭ ‬شهر‭ ‬فقط،‭ ‬أيقنت‭ ‬خلاله‭ ‬بأن‭ ‬شخصيتي‭ ‬قيادية‭ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬تقبل‭ ‬الأوامر‭ ‬من‭ ‬الآخرين،‭ ‬وقررت‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬مديرة‭ ‬نفسي‭ ‬وأن‭ ‬أطور‭ ‬من‭ ‬ذاتي،‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬مروري‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬سببت‭ ‬لي‭ ‬ألما‭ ‬كبيرا‭.‬

أهم‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬أثرت‭ ‬في‭ ‬مسيرتك؟

أذكر‭ ‬أنني‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الجامعة‭ ‬عجزت‭ ‬أن‭ ‬أعرض‭ ‬مشروعي‭ ‬على‭ ‬الحضور‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬خجلي‭ ‬الشديد،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬الدكتور‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬صاحبة‭ ‬التصميم‭ ‬الذي‭ ‬أبهر‭ ‬الجميع،‭ ‬وكان‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬تصميم‭ ‬لفيلا‭ ‬على‭ ‬البحر،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬بكائي،‭ ‬وحين‭ ‬شاهدني‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬اتهمني‭ ‬بالدلع،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬مكان‭ ‬الدلع‭ ‬هو‭ ‬البيت‭ ‬وليس‭ ‬الجامعة،‭ ‬وبالطبع‭ ‬سبب‭ ‬لي‭ ‬إحراجا‭ ‬شديدا‭ ‬بل‭ ‬صدمة،‭ ‬وهنا‭ ‬قررت‭ ‬ان‭ ‬أطور‭ ‬من‭ ‬شخصيتي،‭ ‬هذا‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬جملة‭ ‬أخرى‭ ‬قيلت‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬الثاني‭ ‬تأثرت‭ ‬بها‭ ‬بشدة‭ ‬وصنعت‭ ‬مستقبلي‭. ‬

وما‭ ‬هي؟

بعد‭ ‬أن‭ ‬اعتدت‭ ‬التفوق‭ ‬وحصولي‭ ‬دوما‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬الدرجات،‭ ‬فوجئت‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬الجامعة‭ ‬بأنني‭ ‬حصلت‭ ‬في‭ ‬مادة‭ ‬التصميم‭ ‬على‭ ‬معدل‭ ‬أقل،‭ ‬فغضبت‭ ‬وحزنت‭ ‬كثيرا،‭ ‬وأرسلت‭ ‬رسالة‭ ‬للدكتورة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بتدريسها‭ ‬أسأل‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬السبب،‭ ‬فقالت‭ ‬لي‭ ‬بأنني‭ ‬لا‭ ‬أفكر‭ ‬بعمق،‭ ‬وهي‭ ‬نفس‭ ‬الجملة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬أبي‭ ‬قد‭ ‬قالها‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬عمري‭ ‬الفني‭ ‬ولم‭ ‬أنساها،‭ ‬وقد‭ ‬ظللت‭ ‬أبكي‭ ‬حوالي‭ ‬أسبوع‭ ‬من‭ ‬شدة‭ ‬ألمي،‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬الواقعة‭ ‬كانت‭ ‬وراء‭ ‬إحداث‭ ‬نقلة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬شخصيتي،‭ ‬واعتمادي‭ ‬دوما‭ ‬على‭ ‬التحليل‭ ‬والتفكير‭ ‬العميق‭. ‬

بداية‭ ‬مشروعك‭ ‬الخاص؟

في‭ ‬العام‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬الجامعة‭ ‬منحني‭ ‬والدي‭ ‬فرصة‭ ‬تصميم‭ ‬صالة‭ ‬بيتنا،‭ ‬وقمت‭ ‬بذلك‭ ‬بشكل‭ ‬رائع،‭ ‬وحين‭ ‬شاهد‭ ‬ذلك‭ ‬أحد‭ ‬أصحاب‭ ‬المكاتب‭ ‬من‭ ‬المعارف‭ ‬منحني‭ ‬الفرصة‭ ‬لأن‭ ‬أصبح‭ ‬شريكة‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬المشاريع،‭ ‬وقد‭ ‬أعجبت‭ ‬كثيرا‭ ‬بثقته‭ ‬بي،‭ ‬وتخلصت‭ ‬هنا‭ ‬من‭ ‬مشاعر‭ ‬الضعف‭ ‬والخوف‭ ‬تماما،‭ ‬وتولد‭ ‬بداخلي‭ ‬حافز‭ ‬قوي‭ ‬لإثبات‭ ‬ذاتي،‭ ‬وقد‭ ‬حدث‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬لافت‭ ‬أثناء‭ ‬عرض‭ ‬مشروع‭ ‬لي‭ ‬كان‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬تصميم‭ ‬قاعة‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬البوليتكنيك،‭ ‬وبالصدفة‭ ‬كانت‭ ‬نفس‭ ‬القاعة‭ ‬التي‭ ‬فشلت‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬عرض‭  ‬مشروعي‭ ‬سابقا،‭ ‬وسخر‭ ‬مني‭ ‬الدكتور‭ ‬المشرف،‭ ‬واتهمني‭ ‬بالدلع‭.‬

كيف‭ ‬كان‭ ‬رد‭ ‬الفعل؟

لقد‭ ‬جاء‭ ‬مشروعي‭ ‬ليمثل‭ ‬تحفة‭ ‬فنية‭ ‬بشهادة‭ ‬الجميع،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬الرابعة‭ ‬من‭ ‬الجامعة،‭ ‬وكم‭ ‬كنت‭ ‬سعيدة‭ ‬وفخورة‭ ‬حين‭ ‬قيل‭ ‬لي‭ ‬بأن‭ ‬أجمل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬تصاميمي‭ ‬أنها‭ ‬تعكس‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬التحليل‭ ‬والتفكير‭ ‬العميق،‭ ‬وهو‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يقال‭ ‬عني‭ ‬سابقا،‭ ‬وهنا‭ ‬أدركت‭ ‬أن‭ ‬الألم‭ ‬يجعلنا‭ ‬نفكر‭ ‬وننتبه‭ ‬ونتطور‭.‬

وماذا‭ ‬عن‭ ‬مشروع‭ ‬التخرج؟

مشروع‭ ‬التخرج‭ ‬كان‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬تصميم‭ ‬لكلية‭ ‬الهندسة،‭ ‬وقد‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬درجة،‭ ‬والجميل‭ ‬أنني‭ ‬قمت‭ ‬بعرضه‭  ‬بشكل‭ ‬مختلف‭ ‬ومبهر،‭ ‬وبكل‭ ‬ثقة‭ ‬في‭ ‬النفس،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬الدكتور‭ ‬قال‭ ‬لي‭: ‬‮«‬عادة‭ ‬يتسم‭ ‬طلبة‭ ‬التصميم‭ ‬الداخلي‭ ‬بالحساسية‭ ‬المفرطة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجعلهم‭ ‬يبكون‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الموقف،‭ ‬ولكن‭ ‬يبدو‭ ‬انك‭ ‬أنت‭ ‬التي‭ ‬سوف‭ ‬تدفعينا‭ ‬إلى‭ ‬البكاء‮»‬،‭ ‬وهنا‭ ‬أدركت‭ ‬تماما‭ ‬أنني‭ ‬تغلبت‭ ‬على‭ ‬نقاط‭ ‬ضعفي،‭ ‬وبعد‭ ‬التخرج‭ ‬واصلت‭ ‬عملي‭ ‬مع‭ ‬نفس‭ ‬المكتب‭ ‬كشريك‭ ‬في‭ ‬المشاريع،‭ ‬ثم‭ ‬قررت‭ ‬إنشاء‭ ‬مشروع‭ ‬خاص‭ ‬مع‭ ‬ثلاثة‭ ‬شركاء‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التصميم‭ ‬الداخلي‭ ‬والتأثيث‭ ‬والتنفيذ‭ ‬ومعرض‭ ‬للأثاث،‭ ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬عامين‭ ‬انسحبت‭ ‬وبدأت‭ ‬من‭ ‬الصفر‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬ولثاني‭ ‬مرة،‭ ‬ولم‭ ‬أسقط‭ ‬أو‭ ‬أنكسر،‭ ‬ووقفت‭ ‬على‭ ‬قدمي‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬وأطلقت‭ ‬مشروعا‭ ‬باسمي‭.‬

حدثينا‭ ‬عن‭ ‬المنافسات‭ ‬والحروب؟

لا‭ ‬شك‭ ‬أنني‭ ‬تعرضت‭ ‬لحروب‭ ‬وصدمات‭ ‬عديدة،‭ ‬ولكنها‭ ‬كانت‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬مصدرا‭ ‬للقوة؛‭ ‬لأنها‭ ‬علمتني‭ ‬دروسا‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬نسير‭ ‬إلى‭ ‬الأمام،‭ ‬ولا‭ ‬ننظر‭ ‬إلى‭ ‬الوراء،‭ ‬وألا‭ ‬نتوقف‭ ‬عن‭ ‬الأحلام‭ ‬ورسم‭ ‬الأهداف،‭ ‬وأنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬مستحيل،‭ ‬المهم‭ ‬ألا‭ ‬نستسلم‭ ‬لأي‭ ‬عثرات‭ ‬أو‭ ‬محبطات،‭ ‬وبالفعل‭ ‬أصبحت‭ ‬لدي‭ ‬قدرة‭ ‬على‭  ‬تحويل‭ ‬أي‭ ‬طاقة‭ ‬سلبية‭ ‬إلى‭ ‬إيجابية،‭  ‬وتركت‭ ‬بصمة‭ ‬خاصة‭ ‬بي‭ ‬في‭ ‬مجالي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الجمال‭ ‬الحسي‭ ‬وليس‭ ‬البصري،‭ ‬وجاءت‭ ‬جائزة‭ ‬امتياز‭ ‬الشرف‭ ‬لرائدة‭ ‬الأعمال‭ ‬الشابة‭ ‬تتويجا‭ ‬لمسيرتي‭ ‬ولمشواري‭ ‬الطويل،‭ ‬وكم‭ ‬كنت‭ ‬فخورة‭ ‬بهذا‭ ‬التقدير‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وطني‭ ‬ممثلا‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬صاحبة‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأميرة‭ ‬سبيكة‭ ‬بنت‭ ‬إبراهيم‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭. ‬

خطأ‭ ‬تعلمتِ‭ ‬منه‭ ‬درسا؟

الخطأ‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬وقعت‭ ‬فيه‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬دقة‭ ‬الاختيار،‭ ‬والثقة‭ ‬الزائدة‭ ‬في‭ ‬أناس‭ ‬ليسوا‭ ‬في‭ ‬محلها،‭ ‬ومع‭ ‬أنني‭ ‬مررت‭ ‬بتجارب‭ ‬أليمة‭ ‬بسبب‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أتعثر‭ ‬وواصلت‭ ‬ووصلت،‭ ‬وأنا‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬عموما‭ ‬قد‭ ‬تفشل‭ ‬إذا‭ ‬شعرت‭ ‬بأنها‭ ‬ضعيفة،‭ ‬وإذا‭ ‬فقدت‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬قدراتها،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬معي‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬عمري‭ ‬يمكن‭ ‬وصفها‭ ‬بالأصعب،‭ ‬وكانت‭ ‬هي‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬تواجد‭ ‬فيها‭ ‬أشخاص‭ ‬خطأ‭ ‬في‭ ‬حياتي،‭ ‬ولكنها‭ ‬كانت‭ ‬انطلاقة‭ ‬نحو‭ ‬الأفضل،‭ ‬فقد‭ ‬اعتدت‭ ‬عدم‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬أو‭ ‬الندم‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬تصرف‭ ‬أو‭ ‬قرار،‭  ‬وأجد‭ ‬سعادتي‭ ‬في‭ ‬العطاء،‭ ‬وفي‭ ‬إحداث‭ ‬التغيير‭ ‬الإيجابي‭ ‬في‭ ‬الآخرين،‭ ‬ومن‭ ‬كثرة‭ ‬الصدمات‭ ‬أصبحت‭ ‬أخشى‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬الأخذ،‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬تكرار‭ ‬أخطاء‭ ‬الماضي‭.‬

رسالة‭ ‬إلى‭ ‬المرأة؟

رسالتي‭ ‬لأي‭ ‬امرأة‭ ‬أن‭ ‬تحرص‭ ‬دائما‭ ‬على‭ ‬حسن‭ ‬الاختيار،‭ ‬وأن‭ ‬تتمسك‭ ‬بأنوثتها،‭ ‬وتثق‭ ‬في‭ ‬نفسها‭ ‬وفي‭ ‬قدراتها‭ ‬مهما‭ ‬واجهها‭ ‬من‭ ‬صعاب‭ ‬أو‭ ‬تحديات‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا