يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
البحرين والتحديات الأمنية الجديدة
في العقدين الماضيين حدث تحول هائل في مفهوم الأمن القومي للدول وسبل حمايته والدفاع عنه في كل أنحاء العالم.
قبل ذلك، كان مفهوم الأمن القومي للدولة يكاد ينحصر تقليديا في حمايتها من التهديدات والأخطار والاعتداءات الخارجية والحفاظ على سيادة الدولة وأراضيها.
ولهذا كان العامل الأكبر في حماية الأمن والدفاع عنه يتمثل في القوة التقليدية العسكرية والأمنية القادرة على حماية الدولة بهذا المعنى. وكانت قوة الدولة ومكانتها تقاسان بهذه المعايير التقليدية للقوة.
منذ أكثر من عشرين عاما حدث تحول كبير في مفهوم الأمن القومي من كل الجوانب. مع بقاء المفهوم التقليدي للأمن كعنصر أساسي بالطبع، الا ان التحول الكبير حدث على جبهتين:
الأولى: جبهة الأخطار والتهديدات التي ارتبطت بالتطور الالكتروني ممثلا في الانترنت ومواقع التواصل بما يحملانه من أخطار مهولة على الأمن القومي من زوايا كثيرة جدا.
والثانية: جبهة المجتمع ووجود مخططات لتفكيك المجتمعات وتحطيمها ومحاولة محو هويتها.
الأخطار والتهديدات على هذه الجبهة جسيمة جدا إذ إن المخططات بهذا الشأن تستهدف العقل والفكر والقيم والتقاليد وكيان الأسرة.
هذه التحولات الجديدة على صعيد الأمن القومي للدول فرضت تحديات جديدة، وفرضت مفاهيم جديدة في كيفية الدفاع عن الدولة وحمايتها.
على ضوء هذه التحولات في مفهوم الأمن القومي تتضح أهمية الكلمة التي ألقاها الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية في اجتماع وزراء الداخلية العرب في تونس مؤخرا.
وزير الداخلية أثار في كلمته قضيتين على جانب كبير من الأهمية:
الأولى: ان الدول العربية تواجه واقعاً خطيراً يتمثل في الجرائم المستحدثة، التي انعكس تأثيرها على السلم والاستقرار الأهلي، الأمر الذي أوجد مستوى جديدا من التحدي والتهديد، من خلال ظهور العديد من الجرائم، في مقدمتها الجرائم الإلكترونية أو الرقمية، وما تشكله من تحدّ في المجال الاقتصادي، والهجمات السيبرانية كمصدر تهديد للأمن القومي، والمنصات الإلكترونية التي تستهدف الأطفال والشباب.
والثاني: أن المحافظة على القيم والعادات والتقاليد العربية الأصيلة تشكل أساسا أصيلا في السعي لحفظ الأمن والنظام العام في مجتمعاتنا العربية، إذ إن قوة المجتمع من قوة الأسرة.
بالطبع، التعامل مع هذه التحديات الأمنية الجديدة يتطلب أساليب وسبلا مختلفة تتعدى مجرد الإجراءات الأمنية المباشرة، وتتطلب كما قال الوزير إجراءات استباقية.
البحرين، كما كل الدول العربية تواجه هذه التحديات الأمنية الجديدة.
لسنا بحاجة الى القول ان الأخطار والتهديدات الجديدة للأمن القومي أكثر خطورة وجسامة بكثير من السابق. السبب ببساطة ان هذه الأخطار أصبحت تستهدف المجتمع وهويته وحتى بقاء الدولة ذاته.
لهذا من أكبر القضايا التي يجب ان ننبه اليها باستمرار ان مواجهة الأخطار والتهديدات للأمن القومي وحماية الدولة والمجتمع ليست مسؤولية الدولة وحدها وإنما مسؤولية كل قوى المجتمع بلا استثناء. السبب في ذلك ليس ان هذا هو المفروض من حيث المبدأ فقط، وانما بحكم طبيعة الأخطار والتحديات الجديدة.
نعني انه في صلب حماية الأمن القومي أصبحت قضايا مثل الدفاع عن الهوية الوطنية وقيم المجتمع وتكريس الولاء الوطني تحتل أولوية كبرى.
مثل هذه القضايا لا يمكن ان تتحمل الدولة مسؤوليتها وحدها بل يجب ان تلعب كل قوى المجتمع المدني في كل المجالات دورا أساسيا فيها حماية للدولة والمجتمع.
في الحقيقة ما تواجهه البحرين وكل الدول العربية من تحديات أمنية جديدة يحتم على كل مواطن في موقعه أيا كان أن يعتبر نفسه مسؤولا عن حماية الأمن القومي للبلاد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك