العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

البحرين والتحديات الأمنية الجديدة

في‭ ‬العقدين‭ ‬الماضيين‭ ‬حدث‭ ‬تحول‭ ‬هائل‭ ‬في‭ ‬مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬للدول‭ ‬وسبل‭ ‬حمايته‭ ‬والدفاع‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭.‬

قبل‭ ‬ذلك،‭ ‬كان‭ ‬مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬للدولة‭ ‬يكاد‭ ‬ينحصر‭ ‬تقليديا‭ ‬في‭ ‬حمايتها‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬والأخطار‭ ‬والاعتداءات‭ ‬الخارجية‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬سيادة‭ ‬الدولة‭ ‬وأراضيها‭.‬

ولهذا‭ ‬كان‭ ‬العامل‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬الأمن‭ ‬والدفاع‭ ‬عنه‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬القوة‭ ‬التقليدية‭ ‬العسكرية‭ ‬والأمنية‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬الدولة‭ ‬بهذا‭ ‬المعنى‭. ‬وكانت‭ ‬قوة‭ ‬الدولة‭ ‬ومكانتها‭ ‬تقاسان‭ ‬بهذه‭ ‬المعايير‭ ‬التقليدية‭ ‬للقوة‭.‬

منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬عاما‭ ‬حدث‭ ‬تحول‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الجوانب‭. ‬مع‭ ‬بقاء‭ ‬المفهوم‭ ‬التقليدي‭ ‬للأمن‭ ‬كعنصر‭ ‬أساسي‭ ‬بالطبع،‭ ‬الا‭ ‬ان‭ ‬التحول‭ ‬الكبير‭ ‬حدث‭ ‬على‭ ‬جبهتين‭:‬

الأولى‭: ‬جبهة‭ ‬الأخطار‭ ‬والتهديدات‭ ‬التي‭ ‬ارتبطت‭ ‬بالتطور‭ ‬الالكتروني‭ ‬ممثلا‭ ‬في‭ ‬الانترنت‭ ‬ومواقع‭ ‬التواصل‭ ‬بما‭ ‬يحملانه‭ ‬من‭ ‬أخطار‭ ‬مهولة‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬كثيرة‭ ‬جدا‭.‬

والثانية‭: ‬جبهة‭ ‬المجتمع‭ ‬ووجود‭ ‬مخططات‭ ‬لتفكيك‭ ‬المجتمعات‭ ‬وتحطيمها‭ ‬ومحاولة‭ ‬محو‭ ‬هويتها‭.‬

الأخطار‭ ‬والتهديدات‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الجبهة‭ ‬جسيمة‭ ‬جدا‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬المخططات‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭ ‬تستهدف‭ ‬العقل‭ ‬والفكر‭ ‬والقيم‭ ‬والتقاليد‭ ‬وكيان‭ ‬الأسرة‭.‬

هذه‭ ‬التحولات‭ ‬الجديدة‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬للدول‭ ‬فرضت‭ ‬تحديات‭ ‬جديدة،‭ ‬وفرضت‭ ‬مفاهيم‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬وحمايتها‭.‬

على‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭ ‬في‭ ‬مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬تتضح‭ ‬أهمية‭ ‬الكلمة‭ ‬التي‭ ‬ألقاها‭ ‬الفريق‭ ‬أول‭ ‬الشيخ‭ ‬راشد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬وزراء‭ ‬الداخلية‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬مؤخرا‭.‬

وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬أثار‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬قضيتين‭ ‬على‭ ‬جانب‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭:‬

الأولى‭: ‬ان‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تواجه‭ ‬واقعاً‭ ‬خطيراً‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬الجرائم‭ ‬المستحدثة،‭ ‬التي‭ ‬انعكس‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬السلم‭ ‬والاستقرار‭ ‬الأهلي،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أوجد‭ ‬مستوى‭ ‬جديدا‭ ‬من‭ ‬التحدي‭ ‬والتهديد،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ظهور‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجرائم،‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬الجرائم‭ ‬الإلكترونية‭ ‬أو‭ ‬الرقمية،‭ ‬وما‭ ‬تشكله‭ ‬من‭ ‬تحدّ‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬والهجمات‭ ‬السيبرانية‭ ‬كمصدر‭ ‬تهديد‭ ‬للأمن‭ ‬القومي،‭ ‬والمنصات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬الأطفال‭ ‬والشباب‭.‬

والثاني‭: ‬أن‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬والعادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬العربية‭ ‬الأصيلة‭ ‬تشكل‭ ‬أساسا‭ ‬أصيلا‭ ‬في‭ ‬السعي‭ ‬لحفظ‭ ‬الأمن‭ ‬والنظام‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬قوة‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬الأسرة‭.‬

بالطبع،‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬الجديدة‭ ‬يتطلب‭ ‬أساليب‭ ‬وسبلا‭ ‬مختلفة‭ ‬تتعدى‭ ‬مجرد‭ ‬الإجراءات‭ ‬الأمنية‭ ‬المباشرة،‭ ‬وتتطلب‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬الوزير‭ ‬إجراءات‭ ‬استباقية‭.‬

‭ ‬البحرين،‭ ‬كما‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تواجه‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬الجديدة‭.‬

لسنا‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬القول‭ ‬ان‭ ‬الأخطار‭ ‬والتهديدات‭ ‬الجديدة‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬أكثر‭ ‬خطورة‭ ‬وجسامة‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬السابق‭. ‬السبب‭ ‬ببساطة‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬الأخطار‭ ‬أصبحت‭ ‬تستهدف‭ ‬المجتمع‭ ‬وهويته‭ ‬وحتى‭ ‬بقاء‭ ‬الدولة‭ ‬ذاته‭.‬

لهذا‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬ننبه‭ ‬اليها‭ ‬باستمرار‭ ‬ان‭ ‬مواجهة‭ ‬الأخطار‭ ‬والتهديدات‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬وحماية‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع‭ ‬ليست‭ ‬مسؤولية‭ ‬الدولة‭ ‬وحدها‭ ‬وإنما‭ ‬مسؤولية‭ ‬كل‭ ‬قوى‭ ‬المجتمع‭ ‬بلا‭ ‬استثناء‭. ‬السبب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ليس‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المفروض‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المبدأ‭ ‬فقط،‭ ‬وانما‭ ‬بحكم‭ ‬طبيعة‭ ‬الأخطار‭ ‬والتحديات‭ ‬الجديدة‭.‬

نعني‭ ‬انه‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬حماية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬أصبحت‭ ‬قضايا‭ ‬مثل‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬وقيم‭ ‬المجتمع‭ ‬وتكريس‭ ‬الولاء‭ ‬الوطني‭ ‬تحتل‭ ‬أولوية‭ ‬كبرى‭.‬

مثل‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تتحمل‭ ‬الدولة‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬وحدها‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تلعب‭ ‬كل‭ ‬قوى‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬دورا‭ ‬أساسيا‭ ‬فيها‭ ‬حماية‭ ‬للدولة‭ ‬والمجتمع‭.‬

في‭ ‬الحقيقة‭ ‬ما‭ ‬تواجهه‭ ‬البحرين‭ ‬وكل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬أمنية‭ ‬جديدة‭ ‬يحتم‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬في‭ ‬موقعه‭ ‬أيا‭ ‬كان‭ ‬أن‭ ‬يعتبر‭ ‬نفسه‭ ‬مسؤولا‭ ‬عن‭ ‬حماية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬للبلاد‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا