صدر المرسوم بقانون رقم (30) لسنة 2025 بتعديل بعض أحكام قانون المرور الصادر بالقانون رقم (23) لسنة 2014، بعد إقراره من قبل مجلسي الشورى والنواب مؤخراً، والذي من شأنه تأسيس مرحلة جديدة من الالتزام والانضباط المروري.
في البداية وقبل طرح الموضوع، أتوجه بجزيل الشكر والامتنان إلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البلاد المعظم حفظه الله ورعاه لتفضله بإصدار المرسوم بقانون، والذي يقضي بتشديد العقوبات المتعلقة بالمخالفات والحوادث المرورية التي ينتج عنها إصابات بليغة ووفيات، وذلك في إطار حرص الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله على تعزيز السلامة العامة والحد من الحوادث المرورية. كما أشكر أيضاً الإدارة العامة للمرور التي قامت بالتطبيق الفعلي لهذه التعديلات.
على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الإدارة العامة للمرور، إلا أنه لا يزال هناك استهتار من بعض مستخدمي الطريق، وخصوصاً فئة الشباب ممن يقوم بقيادة الدراجات النارية، من دون لوحة أرقام، إلى جانب استخدام مسار الطوارئ، الأمر الذي يعرض مستخدمي الطريق للخطر والحوادث، وتحديداً مستخدمي شارع الشيخ خليفة بن سلمان باتجاه المنامة.
تابعت الأخبار المحلية عند مناقشة مجلسي الشورى والنواب لقانون المرور، حيث كانت الأرقام صادمة في التحليل الإحصائي للحوادث المرورية، والتي تم استعراضها في الجلسة الأسبوعية لمجلس الشورى، حيث تظهر في الإحصاءات أن 48% من الحوادث أصبحت بليغة، ومنذ عام 2019 لغاية يومنا هذا، تحدث حوادث مميتة بشكل أسبوعي، حيث أسفرت هذه الحوادث عن 300 حالة وفاة نتيجة حوالي 2000 حادث بليغ بين عامي 2019 و2024.
هناك العديد من الدول التي اتخذت إجراءات صارمة ضد المخالفين ممن يمارسون هواية (التفحيط) واستبدال كتم الصوت (الإكزوز) الأصلي بآخر يصدر أصواتاً مزعجة، بالإضافة إلى قيادة المركبة بسرعة سواء في الشارع العام أو داخل المناطق، والتسبب في حوادث مميتة.
لذلك أقترح إصدار قانون يتيح كبس السيارات المخالفة، أسوة بالدول الشقيقة، التي قامت بتطبيق العقوبة القاسية على السيارة المخالفة ومنها الفاخرة والفارهة، إذ تم نشر فيديو مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي يتضمن تطبيق العقوبة، حيث يتم كبس السيارة المخالفة وتحويلها في لحظات إلى خردة، والتي يتجاوز سعرها 20 ألف دينار بحريني، بسبب تهور صاحب المركبة على الشارع العام، إذ يعتبر هذا الإجراء درساً قاسياً لصاحب السيارة على ارتكابه تلك المخالفة الشنيعة، وتعريض أرواح الآخرين للخطر، الأمر الذي يعكس التزام الدولة بحماية أرواح المجتمع والحفاظ على السلامة العامة.
إنه من الضروري أن يشعر المجتمع بخطورة موضوع حوادث المرور، حيث يعتبر تجاوز الإشارة الحمراء، السرعة الزائدة، والانشغال بالهاتف من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى هذه الحوادث، إذ ينبغي على الجميع الالتزام بقوانين المرور، فالأرواح ليست هدراً ودماء الناس ليست رخيصة، إذ عُرف المجتمع البحريني بالانضباط والالتزام، وهو جزء من هويتنا الوطنية، كما تعتبر تلك السلوكيات السلبية دخيلة على مجتمعنا البحريني، حيث تمتلك البحرين أرقاماً مشرفة في جودة الطرق في مملكة البحرين، والتي تعتبر من أفضل الدول من ناحية البنية التحتية.
يبقى السؤال: لماذا هذا الاستهتار؟ على الجميع أن يلتزم بالقوانين ويحترم حقوق الآخرين لضمان سلامة وأمن مستخدمي الطرق، كما أتمنى من الجهات المعنية تكثيف الحملات التوعوية والتثقيفية باستمرار، وأن يتم طرح الثقافة المرورية عبر التلفزيون والراديو ومواقع التواصل الاجتماعي، لزيادة الوعي بخطورة هذه القضايا وتأثيرها على المجتمع.
يعتبر الانضباط والالتزام جزءاً لا يتجزأ من هويتنا الوطنية في مملكة البحرين، فالمجتمع البحريني معروف بقيمه الراسخة في احترام القوانين والنظم، حيث تعكس هذه القيم التزام المواطنين بسلامتهم وسلامة الآخرين، وإن التهاون في قوانين المرور يعد انتهاكاً لمبادئنا التي نفتخر بها، فالحرص على الالتزام بقواعد السير لا يهدف فقط إلى حماية الأرواح، بل يمثل أيضاً تجسيداً لروح المواطن البحريني الذي يسعى دائماً نحو السلامة والازدهار، من خلال السلوكيات الإيجابية بما يعزز من ترابط المجتمع ويسهم في بناء مستقبل أفضل للجميع.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك