العدد : ١٧٤٤٦ - الأحد ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ رجب ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٤٦ - الأحد ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ رجب ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

إلى متى الاستهتار بأرواح الناس؟!

بقلم: نوف محمد ضاحي

الأحد ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٥ - 02:00

صدر‭ ‬المرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ (‬30‭) ‬لسنة‭ ‬2025‭ ‬بتعديل‭ ‬بعض‭ ‬أحكام‭ ‬قانون‭ ‬المرور‭ ‬الصادر‭ ‬بالقانون‭ ‬رقم‭ (‬23‭) ‬لسنة‭ ‬2014،‭ ‬بعد‭ ‬إقراره‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجلسي‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب‭ ‬مؤخراً،‭ ‬والذي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تأسيس‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الالتزام‭ ‬والانضباط‭ ‬المروري‭.‬

في‭ ‬البداية‭ ‬وقبل‭ ‬طرح‭ ‬الموضوع،‭ ‬أتوجه‭ ‬بجزيل‭ ‬الشكر‭ ‬والامتنان‭ ‬إلى‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬مملكة‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬لتفضله‭ ‬بإصدار‭ ‬المرسوم‭ ‬بقانون،‭ ‬والذي‭ ‬يقضي‭ ‬بتشديد‭ ‬العقوبات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالمخالفات‭ ‬والحوادث‭ ‬المرورية‭ ‬التي‭ ‬ينتج‭ ‬عنها‭ ‬إصابات‭ ‬بليغة‭ ‬ووفيات،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬حرص‭ ‬الحكومة‭ ‬الموقرة‭ ‬برئاسة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬السلامة‭ ‬العامة‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬الحوادث‭ ‬المرورية‭. ‬كما‭ ‬أشكر‭ ‬أيضاً‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للمرور‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بالتطبيق‭ ‬الفعلي‭ ‬لهذه‭ ‬التعديلات‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تبذلها‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للمرور،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬استهتار‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬مستخدمي‭ ‬الطريق،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬فئة‭ ‬الشباب‭ ‬ممن‭ ‬يقوم‭ ‬بقيادة‭ ‬الدراجات‭ ‬النارية،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬لوحة‭ ‬أرقام،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬استخدام‭ ‬مسار‭ ‬الطوارئ،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعرض‭ ‬مستخدمي‭ ‬الطريق‭ ‬للخطر‭ ‬والحوادث،‭ ‬وتحديداً‭ ‬مستخدمي‭ ‬شارع‭ ‬الشيخ‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬باتجاه‭ ‬المنامة‭.‬

تابعت‭ ‬الأخبار‭ ‬المحلية‭ ‬عند‭ ‬مناقشة‭ ‬مجلسي‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب‭ ‬لقانون‭ ‬المرور،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬الأرقام‭ ‬صادمة‭ ‬في‭ ‬التحليل‭ ‬الإحصائي‭ ‬للحوادث‭ ‬المرورية،‭ ‬والتي‭ ‬تم‭ ‬استعراضها‭ ‬في‭ ‬الجلسة‭ ‬الأسبوعية‭ ‬لمجلس‭ ‬الشورى،‭ ‬حيث‭ ‬تظهر‭ ‬في‭ ‬الإحصاءات‭ ‬أن‭ ‬48‭% ‬من‭ ‬الحوادث‭ ‬أصبحت‭ ‬بليغة،‭ ‬ومنذ‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬لغاية‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬تحدث‭ ‬حوادث‭ ‬مميتة‭ ‬بشكل‭ ‬أسبوعي،‭ ‬حيث‭ ‬أسفرت‭ ‬هذه‭ ‬الحوادث‭ ‬عن‭ ‬300‭ ‬حالة‭ ‬وفاة‭ ‬نتيجة‭ ‬حوالي‭ ‬2000‭ ‬حادث‭ ‬بليغ‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2019‭ ‬و2024‭.‬

هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬اتخذت‭ ‬إجراءات‭ ‬صارمة‭ ‬ضد‭ ‬المخالفين‭ ‬ممن‭ ‬يمارسون‭ ‬هواية‭ (‬التفحيط‭) ‬واستبدال‭ ‬كتم‭ ‬الصوت‭ (‬الإكزوز‭) ‬الأصلي‭ ‬بآخر‭ ‬يصدر‭ ‬أصواتاً‭ ‬مزعجة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬قيادة‭ ‬المركبة‭ ‬بسرعة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬داخل‭ ‬المناطق،‭ ‬والتسبب‭ ‬في‭ ‬حوادث‭ ‬مميتة‭.‬

لذلك‭ ‬أقترح‭ ‬إصدار‭ ‬قانون‭ ‬يتيح‭ ‬كبس‭ ‬السيارات‭ ‬المخالفة،‭ ‬أسوة‭ ‬بالدول‭ ‬الشقيقة،‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بتطبيق‭ ‬العقوبة‭ ‬القاسية‭ ‬على‭ ‬السيارة‭ ‬المخالفة‭ ‬ومنها‭ ‬الفاخرة‭ ‬والفارهة،‭ ‬إذ‭ ‬تم‭ ‬نشر‭ ‬فيديو‭ ‬مؤخراً‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬يتضمن‭ ‬تطبيق‭ ‬العقوبة،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬كبس‭ ‬السيارة‭ ‬المخالفة‭ ‬وتحويلها‭ ‬في‭ ‬لحظات‭ ‬إلى‭ ‬خردة،‭ ‬والتي‭ ‬يتجاوز‭ ‬سعرها‭ ‬20‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬بحريني،‭ ‬بسبب‭ ‬تهور‭ ‬صاحب‭ ‬المركبة‭ ‬على‭ ‬الشارع‭ ‬العام،‭ ‬إذ‭ ‬يعتبر‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬درساً‭ ‬قاسياً‭ ‬لصاحب‭ ‬السيارة‭ ‬على‭ ‬ارتكابه‭ ‬تلك‭ ‬المخالفة‭ ‬الشنيعة،‭ ‬وتعريض‭ ‬أرواح‭ ‬الآخرين‭ ‬للخطر،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعكس‭ ‬التزام‭ ‬الدولة‭ ‬بحماية‭ ‬أرواح‭ ‬المجتمع‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬السلامة‭ ‬العامة‭.‬

إنه‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬المجتمع‭ ‬بخطورة‭ ‬موضوع‭ ‬حوادث‭ ‬المرور،‭ ‬حيث‭ ‬يعتبر‭ ‬تجاوز‭ ‬الإشارة‭ ‬الحمراء،‭ ‬السرعة‭ ‬الزائدة،‭ ‬والانشغال‭ ‬بالهاتف‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الحوادث،‭ ‬إذ‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬الالتزام‭ ‬بقوانين‭ ‬المرور،‭ ‬فالأرواح‭ ‬ليست‭ ‬هدراً‭ ‬ودماء‭ ‬الناس‭ ‬ليست‭ ‬رخيصة،‭ ‬إذ‭ ‬عُرف‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬بالانضباط‭ ‬والالتزام،‭ ‬وهو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هويتنا‭ ‬الوطنية،‭ ‬كما‭ ‬تعتبر‭ ‬تلك‭ ‬السلوكيات‭ ‬السلبية‭ ‬دخيلة‭ ‬على‭ ‬مجتمعنا‭ ‬البحريني،‭ ‬حيث‭ ‬تمتلك‭ ‬البحرين‭ ‬أرقاماً‭ ‬مشرفة‭ ‬في‭ ‬جودة‭ ‬الطرق‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬والتي‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭.‬

يبقى‭ ‬السؤال‭: ‬لماذا‭ ‬هذا‭ ‬الاستهتار؟‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬يلتزم‭ ‬بالقوانين‭ ‬ويحترم‭ ‬حقوق‭ ‬الآخرين‭ ‬لضمان‭ ‬سلامة‭ ‬وأمن‭ ‬مستخدمي‭ ‬الطرق،‭ ‬كما‭ ‬أتمنى‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬تكثيف‭ ‬الحملات‭ ‬التوعوية‭ ‬والتثقيفية‭ ‬باستمرار،‭ ‬وأن‭ ‬يتم‭ ‬طرح‭ ‬الثقافة‭ ‬المرورية‭ ‬عبر‭ ‬التلفزيون‭ ‬والراديو‭ ‬ومواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬لزيادة‭ ‬الوعي‭ ‬بخطورة‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬وتأثيرها‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭.‬

يعتبر‭ ‬الانضباط‭ ‬والالتزام‭ ‬جزءاً‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬هويتنا‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬فالمجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬معروف‭ ‬بقيمه‭ ‬الراسخة‭ ‬في‭ ‬احترام‭ ‬القوانين‭ ‬والنظم،‭ ‬حيث‭ ‬تعكس‭ ‬هذه‭ ‬القيم‭ ‬التزام‭ ‬المواطنين‭ ‬بسلامتهم‭ ‬وسلامة‭ ‬الآخرين،‭ ‬وإن‭ ‬التهاون‭ ‬في‭ ‬قوانين‭ ‬المرور‭ ‬يعد‭ ‬انتهاكاً‭ ‬لمبادئنا‭ ‬التي‭ ‬نفتخر‭ ‬بها،‭ ‬فالحرص‭ ‬على‭ ‬الالتزام‭ ‬بقواعد‭ ‬السير‭ ‬لا‭ ‬يهدف‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬حماية‭ ‬الأرواح،‭ ‬بل‭ ‬يمثل‭ ‬أيضاً‭ ‬تجسيداً‭ ‬لروح‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬دائماً‭ ‬نحو‭ ‬السلامة‭ ‬والازدهار،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬السلوكيات‭ ‬الإيجابية‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬ترابط‭ ‬المجتمع‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مستقبل‭ ‬أفضل‭ ‬للجميع‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا