العدد : ١٧٤٤٦ - الأحد ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ رجب ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٤٦ - الأحد ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ رجب ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

ألفريد نوبل .. وعقدة الذنب!

بقلم: عبدالرحمن علي البنفلاح

الأحد ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٥ - 02:00

جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬هي‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الجوائز‭ ‬الدولية‭ ‬السنوية‭ ‬الممنوحة‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬فئات‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مؤسسات‭ ‬سويدية‭ ‬ونرويجية‭ ‬تقديرًا‭ ‬للإنجازات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬أو‭ ‬الثقافية‭ ‬أو‭ ‬العلمية،‭ ‬والأب‭ ‬الروحي‭ ‬لجائزة‭ ‬نوبل‭ ‬هو‭ ‬الصناعي‭ ‬السويدي‭ ‬ومخترع‭ ‬الديناميت‭. ‬هذا‭ ‬تعريف‭ ‬موجز‭ ‬للجائزة‭ ‬التي‭ ‬يحرص‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬والمفكرين‭ ‬والأدباء‭ ‬على‭ ‬الحصول‭ ‬عليها،‭ ‬وهذه‭ ‬الجائزة‭ ‬تمنح‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الآتية‭: ‬الفيزياء،‭ ‬والكيمياء،‭ ‬وعلم‭ ‬وظائف‭ ‬الأعضاء،‭ ‬أو‭ ‬الطب،‭ ‬والأدب‭ ‬والسلام‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1968‭ ‬بادر‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬السويدي‭ ‬للعلوم‭ ‬إنشاء‭ ‬جائزة‭ ‬العلوم‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬ذكرى‭ ‬ألفريد‭ ‬نوبل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تبرع‭ ‬لمؤسسة‭ ‬نوبل،‭ ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬تتولى‭ ‬الأكاديمية‭ ‬الملكية‭ ‬السويدية‭ ‬للعلوم‭ ‬منح‭ ‬هذه‭ ‬الجائزة‭ ‬وفق‭ ‬المبادئ‭ ‬ذاتها‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬عليها‭ ‬جوائز‭ ‬نوبل‭ ‬الأخرى‭. ‬وتعلن‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1901،‭ ‬ويبدو‭ ‬والله‭ ‬أعلم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الجوائز‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬منحها‭ ‬للعلماء‭ ‬والمفكرين‭ ‬والأدباء‭ ‬الذين‭ ‬قدموا‭ ‬للبشرية‭ ‬منفعة،‭ ‬وفكرة‭ ‬الجائزة‭ ‬جاءت‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬لودفيج‭ ‬شقيق‭ ‬ألفريد‭ ‬نوبل‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬زيارة‭ ‬لمدينة‭ ‬كان،‭ ‬وقامت‭ ‬صحيفة‭ ‬فرنسية‭ ‬بنشر‭ ‬نعي‭ ‬ألفرد‭ ‬نوبل‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الخطأ،‭ ‬وتم‭ ‬التنديد‭ ‬به‭ ‬لاختراعه‭ ‬الديناميت‭ ‬وقيل‭ ‬إنه‭ ‬نجم‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬اتخاذه‭ ‬قرار‭ ‬أفضل‭ ‬ميراث‭ ‬بعد‭ ‬وفاته،‭ ‬وتمت‭ ‬كتابة‭ ‬النعي‭ ‬بجملة‭ ‬‮«‬تاجر‭ ‬الموت‭ ‬يموت‮»‬،‭ ‬وأضافت‭ ‬الصحيفة‭ ‬الفرنسية‭: ‬الدكتور‭ ‬ألفريد‭ ‬نوبل‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬غنيًا‭ ‬من‭ ‬إيجاد‭ ‬طرق‭ ‬لقتل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬أسرع‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬بالأمس‭ ‬شعر‭ ‬بخيبة‭ ‬أمل‭ ‬مما‭ ‬قرأه‭ ‬وارتابه‭ ‬القلق‭ ‬بشأن‭ ‬ذكراه‭ ‬بعد‭ ‬موته‭ ‬بنظر‭ ‬الناس‭. ‬توقفت‭ ‬طويلًا‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الخبر،‭ ‬والسبب‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬العالم‭ ‬ألفريد‭ ‬نوبل‭ ‬إلى‭ ‬رصد‭ ‬هذه‭ ‬الجائزة‭ ‬لشعوره‭ ‬بالذنب‭ ‬لاختراعات‭ ‬شك‭ ‬أنه‭ ‬حين‭ ‬يساء‭ ‬استعمالها‭ ‬سوف‭ ‬تجلب‭ ‬للبشرية‭ ‬دمارًا‭ ‬شاملًا،‭ ‬وتسهم‭ ‬في‭ ‬تأجيج‭ ‬الحروب،‭ ‬والزيادة‭ ‬في‭ ‬اشتعالها‭ ‬واستمرارها،‭ ‬وتوقفت‭ ‬عند‭ ‬قوله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬أرسلنا‭ ‬رسلنا‭ ‬بالبينات‭ ‬وأنزلنا‭ ‬معهم‭ ‬الكتاب‭ ‬والميزان‭ ‬ليقوم‭ ‬الناس‭ ‬بالقسط‭ ‬وأنزلنا‭ ‬الحديد‭ ‬فيه‭ ‬بأس‭ ‬شديد‭ ‬ومنافع‭ ‬للناس‭ ‬وليعلم‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬ينصره‭ ‬ورسله‭ ‬بالغيب‭ ‬إن‭ ‬الله‭ ‬قوي‭ ‬عزيز‮»‬‭ ‬الحديد‭: ‬25‭.‬

إن‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬لا‭ ‬يهضم‭ ‬العباد‭ ‬والمكتشفين‭ ‬حقوقهم‭ ‬من‭ ‬منافع،‭ ‬وما‭ ‬قدموه‭ ‬إلى‭ ‬البشرية،‭ ‬لكنه‭ ‬سبحانه‭ ‬يذكرهم‭ ‬بالمساوئ‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تنتج‭ ‬من‭ ‬مخترعاتهم،‭ ‬وربما‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قصد‭ ‬منهم‭. ‬لهذا‭ ‬من‭ ‬وصايا‭ ‬الرسول‭ ‬الأعظم‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬تشديده‭ ‬في‭ ‬وصاياه‭ ‬في‭ ‬طلب‭ ‬العلم‭ ‬النافع‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يسيء‭ ‬إلى‭ ‬البشر‭ ‬ولا‭ ‬يقف‭ ‬حجر‭ ‬عثرة‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬التقدم‭ ‬العلمي،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬ترشده،‭ ‬وتحميه‭ ‬من‭ ‬انفلات‭ ‬أمره‭ ‬وانحرافه‭ ‬عن‭ ‬جادة‭ ‬الطريق،‭ ‬وحماية‭ ‬للعلم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يستغله‭ ‬من‭ ‬يقصد‭ ‬به‭ ‬الإضرار‭ ‬بمصالح‭ ‬العباد،‭ ‬يقول‭ (‬صلوات‭ ‬ربي‭ ‬وسلامه‭ ‬عليه‭) ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يولد‭ ‬ألفريد‭ ‬نوبل‭ ‬ويخترع‭ ‬الديناميت‭ ‬ليطغى‭ ‬به‭ ‬الطغاة،‭ ‬وليزدادوا‭ ‬به‭ ‬طغيانًا‭ ‬على‭ ‬طغيانهم‭ ‬والمستبدون‭ ‬على‭ ‬استبدادهم،‭ ‬ويعيثوا‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬فسادًا،‭ ‬يقول‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: (‬إذا‭ ‬مات‭ ‬الإنسان‭ ‬انقطع‭ ‬عمله‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭: ‬صدقة‭ ‬جارية،‭ ‬أو‭ ‬علم‭ ‬ينتفع‭ ‬به،‭ ‬أو‭ ‬ولد‭ ‬صالح‭ ‬يدعو‭ ‬له‭) ‬رواه‭ ‬مسلم‭.‬

واشتراط‭ ‬الرسول‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العلم‭ ‬نافعًا‭ ‬هو‭ ‬كبح‭ ‬لجماح‭ ‬العلم،‭ ‬وضبط‭ ‬لحركته،‭ ‬وأيضًا‭ ‬فإن‭ ‬في‭ ‬استحضار‭ ‬هذه‭ ‬الشروط‭ ‬التي‭ ‬تسدد‭ ‬للعلم‭ ‬وسائله‭ ‬وغاياته،‭ ‬والعلم‭ ‬لا‭ ‬يطلب‭ ‬لمجرد‭ ‬كسب‭ ‬المعرفة‭ ‬بل‭ ‬يطلب‭ ‬لغايات‭ ‬سامية‭ ‬ولمقاصد‭ ‬شريفة‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬حصاده‭ ‬الخير‭ ‬العميم‭.‬

إذًا،‭ ‬فحتى‭ ‬تحصد‭ ‬البشرية‭ ‬ثمار‭ ‬ما‭ ‬تزرع،‭ ‬وتأمن‭ ‬شر‭ ‬ما‭ ‬تصنع‭ ‬وتكتشف،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الاكتشافات،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬حراسة‭ ‬الإسلام‭ ‬ورعايته،‭ ‬وبغير‭ ‬هذا‭ ‬فإن‭ ‬البشرية‭ ‬سوف‭ ‬تعاني‭ ‬طويلًا‭ ‬من‭ ‬انفلات‭ ‬سيطرة‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬مكنه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬الإنجازات‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التطور‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا