الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
لأنها مواطنة.. ولأنه القانون
حكاية المواطنة «فنانة بحرينية» مع المواطن الذي تسلم سيارتها لغرض «التصليح» ثم تأخر في إرجاعها وإصلاحها مدة من الوقت، وبعدها لجأت المواطنة إلى الشرطة التي باشرت باتخاذ الإجراءات القانونية، وقامت بضبط المواطن والعثور على المركبة وتسليمها لمالكتها.. حكاية تؤكد عدة نقاط، أهمها أننا في دولة القانون والمؤسسات.
ذلك أن تجاوب الشرطة مع بلاغ المواطنة ليس لأنها «فنانة بحرينية»، أو شخصية عامة أو مشهورة، وليس لأنها نشرت الحكاية في حسابات التواصل، وليس لأي اعتبارات أخرى.. ولكن لأنها مواطنة أولا لجأت إلى القنوات الصحيحة والجهات المختصة، وتم إرجاع حقها المسلوب منها، شأنها شأن أي مواطن أو مقيم أو أي إنسان صاحب حق، تقوم الشرطة بحفظ النظام والأمن العام والسلامة والآداب، وحماية الأرواح والممتلكات، ومنع الجرائم وضبطها.
لا شك أن هذه الحكاية تفتح ملف تأخير إصلاح المركبات لدى عديد من الورش والكراجات.. تماما كما تفتح ملف تأخر الصيانة لدى بعض «وكالات السيارات».. وكيف تقوم بعض الدول باتخاذ إجراءات مشددة تصل إلى حد إغلاق مؤقت للكراج والوكالة، لعدم الالتزام بتقديم الخدمة للمستهلك في الوقت المحدد.
لا شك كذلك أن تلك الحكاية تفتح ملفا آخر، وهو أهمية وضرورة توخي الحيطة والحذر والتعامل مع جهات مرخصة وموثوقة.. فكم من مواطن أو مقيم وصاحب بيت لجأ إلى «كهربائي» أو «نجار» أو «مقاول» أو غيرهم لإصلاح خلل ما، ثم يجد أن ما تم إصلاحه تسبب في خراب أمر آخر، أو أن السعر كان مبالغا فيه، أو أن جودة إنجاز العمل ليست بالصورة المناسبة.
تماما كما أن الأمر ينطبق كذلك على بعض العيادات الطبية والمحلات التجارية ومنصات البيع «غير المرخصة»، حيث يلجأ إليها البعض لأن أسعارها مخفضة، أو أنه سمع عنها من أصحابه، ثم يكتشف المواطن أو المقيم أنه وقع في عملية نصب واحتيال.. وبعدها يسرع إلى مركز الشرطة والجهات المختصة لتقديم بلاغ وشكوى ضدها.
نقطة أخرى بالغة الأهمية وهي في اضطرار أو «سرعة» الناس إلى نشر شكاويهم ومظالمهم في وسائل الإعلام ومنصات التواصل، ثم اللجوء إلى الشرطة والجهات المختصة بعدها، مع أن الواقع يقول إن اللجوء إلى الشرطة والقنوات القانونية هو الأول والأولى في مثل هذه الأمور.
ذات الأمر يقودنا إلى الحديث عن ظاهرة غريبة انتشرت منذ فترة في بعض حسابات التواصل، سواء عند العثور على طفل تائه، أو مبلغ من المال، أو غرض معين، أو جواز سفر، أو بطاقة شخصية وغيرها، حيث يقوم صاحب الحساب بالإعلان عن الشيء المفقود في حسابه وموقعه الإلكتروني، ويناشد صاحب الغرض أو أهل الطفل والمفقود بالتواصل معه.. وهذا أمر غير سليم، وقد يجلب مشاكل أخرى على صاحب الحساب والمنصة الإلكترونية، ولا بد من توجيه أصحاب حسابات التواصل بالرجوع إلى أقرب مركز للشرطة لتقوم السلطات المختصة باتخاذ الإجراءات القانونية، ويخلي صاحب الحساب مسؤوليته عن أي تبعات وتداعيات أخرى.
ندرك أن النيات طيبة في هذه الممارسات، ولكن الأمر لا يعني أن تقوم بعض منصات التواصل بمهام ومسؤوليات هي من صميم اختصاصات الجهات الرسمية في البلاد.
عموما.. في حكاية المواطنة مع صاحب الكراج «غير المرخص» فوائد عديدة.. أهمها أننا في دولة القانون والمؤسسات، وأن الوعي المجتمعي مهم جدا، حتى لو كانت أسعار الخدمات زهيدة.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك