العدد : ١٧٤٢٥ - الأحد ٠٧ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٢٥ - الأحد ٠٧ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

مقالات

مجلس التعاون واقتصاد خليجي موحد ومستدام

بقلم: رجل الأعمال المهندس إسماعيل الصراف.

الأحد ٠٧ ديسمبر ٢٠٢٥ - 02:00

يشكّل‭ ‬انعقاد‭ ‬القمة‭ ‬السادسة‭ ‬والأربعين‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬محطة‭ ‬مفصلية‭ ‬تؤكد‭ ‬متانة‭ ‬المسار‭ ‬الخليجي‭ ‬ورسوخ‭ ‬رؤيته‭ ‬المشتركة‭ ‬للمستقبل‭. ‬فالعالم‭ ‬يتجه‭ ‬نحو‭ ‬تكتلات‭ ‬اقتصادية‭ ‬كبرى‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الاندماج،‭ ‬والتحول‭ ‬الرقمي،‭ ‬وذكاء‭ ‬إدارة‭ ‬الموارد،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬اقتصاد‭ ‬خليجي‭ ‬موحد‭ ‬ومستدام‭ ‬ضرورة‭ ‬استراتيجية‭ ‬تعزز‭ ‬المكانة‭ ‬العالمية‭ ‬لدول‭ ‬المجلس‭ ‬وتُسرّع‭ ‬مسارات‭ ‬التنمية‭ ‬فيها‭.‬

إن‭ ‬بناء‭ ‬اقتصاد‭ ‬رقمي‭ ‬خليجي‭ ‬موحد‭ ‬يعدّ‭ ‬الخطوة‭ ‬الأولى‭ ‬نحو‭ ‬هذا‭ ‬الهدف،‭ ‬عبر‭ ‬ربط‭ ‬الأسواق،‭ ‬وتسهيل‭ ‬حركة‭ ‬الأموال،‭ ‬وتوحيد‭ ‬المنصّات‭ ‬الحكومية‭ ‬والتجارية،‭ ‬مما‭ ‬يخلق‭ ‬سوقاً‭ ‬واحدة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬استقطاب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬النوعية‭ ‬ورفع‭ ‬كفاءة‭ ‬بيئة‭ ‬الأعمال‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬توحيد‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬من‭ ‬موانئ‭ ‬وطرق‭ ‬ومراكز‭ ‬لوجستية،‭ ‬سيمنح‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬قوة‭ ‬تشغيلية‭ ‬مشتركة‭ ‬تُسرّع‭ ‬التدفقات‭ ‬التجارية‭ ‬وتخفض‭ ‬التكاليف‭ ‬على‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭.‬

ومن‭ ‬المبادرات‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬المشهد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬إطلاق‭ ‬صندوق‭ ‬سيادي‭ ‬خليجي‭ ‬مشترك،‭ ‬يُخصص‭ ‬لمواجهة‭ ‬الأزمات‭ ‬الطارئة‭ ‬وتنمية‭ ‬مدخرات‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭. ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الصندوق‭ ‬سيحوّل‭ ‬القوة‭ ‬المالية‭ ‬لدول‭ ‬المجلس‭ ‬إلى‭ ‬عامل‭ ‬استقرار‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المنطقة،‭ ‬ويعزز‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تمويل‭ ‬مشاريع‭ ‬استراتيجية‭ ‬عملاقة‭ ‬تتجاوز‭ ‬قدرات‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬بمفردها‭. ‬ويرتبط‭ ‬بذلك‭ ‬التوجه‭ ‬نحو‭ ‬شراء‭ ‬أصول‭ ‬استراتيجية‭ ‬بشكل‭ ‬مشترك،‭ ‬كالذهب‭ ‬والمعادن‭ ‬النادرة،‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬مراكز‭ ‬الدول‭ ‬المالية‭ ‬ويُحصّن‭ ‬اقتصاداتها‭ ‬من‭ ‬التقلبات‭ ‬العالمية‭.‬

ولا‭ ‬يقل‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬عملة‭ ‬رقمية‭ ‬خليجية‭ ‬موحدة‭ ‬تواكب‭ ‬تطورات‭ ‬النظام‭ ‬المالي‭ ‬العالمي،‭ ‬وتسهّل‭ ‬التجارة‭ ‬البينية،‭ ‬وتدعم‭ ‬مكانة‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬سلاسل‭ ‬المدفوعات‭ ‬الدولية‭. ‬ومع‭ ‬جواز‭ ‬سفر‭ ‬خليجي‭ ‬موحد،‭ ‬تتحول‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬اقتصادي‭ ‬واحد،‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬جذب‭ ‬الشركات‭ ‬العالمية‭ ‬وتحويل‭ ‬الخليج‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬استقرار‭ ‬وتنمية‭ ‬واستثمار‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬التغيرات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬المتسارعة،‭ ‬تصبح‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخليجية‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬الابتكار‭ ‬والتقنيات‭ ‬المتقدمة‭ ‬ضرورة‭ ‬لتعزيز‭ ‬القدرة‭ ‬التنافسية‭ ‬عالمياً‭. ‬وتشمل‭ ‬هذه‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬وحلول‭ ‬الطاقة‭ ‬الجديدة،‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الرقمي،‭ ‬والصناعات‭ ‬المستقبلية‭. ‬كما‭ ‬يشكل‭ ‬التعليم‭ ‬ركيزة‭ ‬رئيسية‭ ‬لهذا‭ ‬التوجه،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استقطاب‭ ‬الجامعات‭ ‬العالمية،‭ ‬وبناء‭ ‬بيئات‭ ‬بحثية‭ ‬رائدة،‭ ‬وتطوير‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬البشري‭ ‬ليكون‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬قيادة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الخليجي‭ ‬الموحد‭.‬

وختاماً،‭ ‬فإن‭ ‬قوة‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬اليوم‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬موارده‭ ‬المالية‭ ‬أو‭ ‬موقعه‭ ‬الجغرافي،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬رؤية‭ ‬موحدة‭ ‬تعزز‭ ‬التكامل،‭ ‬وتبني‭ ‬اقتصاداً‭ ‬مستداماً‭ ‬ومتنوعاً،‭ ‬وتخلق‭ ‬مستقبلاً‭ ‬أكثر‭ ‬ازدهاراً‭ ‬واستقراراً‭ ‬للأجيال‭ ‬القادمة‭. ‬والقمة‭ ‬التي‭ ‬استضافتها‭ ‬البحرين‭ ‬جاءت‭ ‬لتؤكد‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬تمتلك‭ ‬الإرادة‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬إلى‭ ‬التكامل،‭ ‬ومن‭ ‬المبادرات‭ ‬الفردية‭ ‬إلى‭ ‬المشاريع‭ ‬المشتركة،‭ ‬ومن‭ ‬اقتصاد‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬اقتصاد‭ ‬المستقبل‭.‬

 

ماجستير‭ ‬تنفيذي‭ ‬بالإدارة‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ (‬EMBA‭) ‬

عضو‭ ‬بمعهد‭ ‬المهندسين‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬البريطانية‭ ‬العالمية‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا