العدد : ١٧٤١١ - الأحد ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤١١ - الأحد ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

مقالات

حرية التعبير عن الرأي

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء‭ ‬

تُشكل‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي‭ ‬حجر‭ ‬أساس‭ ‬للمجتمعات‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬حيث‭ ‬تعتبر‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬شرطا‭ ‬لا‭ ‬غني‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬إرساء‭ ‬مبدأ‭ ‬الشفافية‭ ‬والمساءلة‭ ‬كما‭ ‬يعتبر‭ ‬ضرورة‭ ‬لازمة‭ ‬للتمتع‭ ‬بحقوق‭ ‬سياسية‭ ‬مهمة‭ ‬كالحق‭ ‬في‭ ‬التجمعات‭ ‬السلمية‭ ‬والحق‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬الجمعيات‭ ‬والحق‭ ‬في‭ ‬الانتخاب‭ (‬التصويت‭) ‬وحقوق‭ ‬اقتصادية‭ ‬تضاهيها‭ ‬كالحق‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬النقابات‭ ‬العمالية‭ ‬وحق‭ ‬العمّال‭ ‬في‭ ‬الاضراب‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬كوسيلة‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬رأيهم‭ ‬في‭ ‬المطالبة‭ ‬بحقوقهم‭ ‬العمالية‭ ‬وحقهم‭ ‬في‭ ‬الاصغاء‭ ‬إلى‭ ‬مطالبهم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أرباب‭ ‬العمل‭.‬

وقد‭ ‬كفلت‭ ‬المادة‭ (‬21‭) ‬من‭ ‬العهد‭ ‬الدولي‭  ‬الخاص‭ ‬بالحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬والسياسية‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير‭ ‬بكفالة‭ ‬حق‭ ‬الأفراد‭ ‬في‭ ‬اعتناق‭ ‬الآراء‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مضايقة‭ ‬وعدم‭ ‬جواز‭ ‬تجريم‭ ‬اعتناق‭ ‬الآراء‭ ‬أو‭ ‬المعاقبة‭ ‬عليها‭ ‬كما‭ ‬كفلت‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي‭ ‬مع‭ ‬جواز‭ ‬اخضاعه‭ ‬لبعض‭ ‬القيود‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬محددة‭ ‬بنص‭ ‬القانون‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬ضرورية‭ ‬لحماية‭ ‬النظام‭ ‬العام‭ ‬والأمن‭ ‬القومي‭ ‬ولاحترام‭ ‬حقوق‭ ‬الآخرين‭ ‬وسمعتهم‭ ‬وحياتهم‭ ‬الخاصة،‭ ‬وعلى‭ ‬ألا‭ ‬يستعمل‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬لبث‭ ‬الكراهية‭ ‬القومية‭ ‬أو‭ ‬العنصرية‭ ‬أو‭ ‬الدينية‭ ‬والتحريض‭ ‬على‭ ‬بغض‭ ‬الطوائف‭ ‬أو‭ ‬أمن‭ ‬الدول،‭ ‬كما‭ ‬كفل‭ ‬دستور‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬المادة‭ (‬23‭) ‬منه‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬للمواطنين‭ ‬وغير‭ ‬المواطنين‭ ‬وفقاً‭ ‬للشروط‭ ‬والأوضاع‭ ‬التي‭ ‬يبينها‭ ‬القانون‭ ‬بالنص‭ ‬على‭ ‬أن‭: (‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬مكفولة‭ ‬ولكل‭ ‬انسان‭ ‬حق‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬رأيه‭ ‬ونشره‭ ‬بالقول‭ ‬أو‭ ‬الكتابة‭ ‬أو‭ ‬غيرها،‭ ‬وذلك‭ ‬وفقاً‭ ‬للشروط‭ ‬والأوضاع‭ ‬التي‭ ‬يبينها‭ ‬القانون‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬المساس‭ ‬بأسس‭ ‬العقيدة‭ ‬الإسلامية‭ ‬ووحدة‭ ‬الشعب‭ ‬وبما‭ ‬لا‭ ‬يثير‭ ‬الفرقة‭ ‬أو‭ ‬الطائفية‭).‬

وترتبط‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الراي‭ ‬ارتباطاً‭ ‬وثيقاً‭ ‬بحرية‭ ‬الإعلام‭ ‬والصحافة،‭ ‬حيث‭ ‬يتطلب‭ ‬ضمانها‭ ‬وجود‭ ‬صحافة‭ ‬حرة‭ ‬ووسائط‭ ‬اعلام‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التعليق‭ ‬على‭ ‬المواضيع‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قيد‭ ‬أو‭ ‬رقابة‭ ‬مفرطة،‭ ‬كما‭ ‬ترتبط‭ ‬بالشفافية‭ ‬وحق‭ ‬الأفراد‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭ ‬من‭ ‬الهيئات‭ ‬العامة‭ ‬وانتقاد‭ ‬القصور‭ ‬فيها‭ ‬بما‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬الإصلاح‭ ‬الذي‭ ‬تسعى‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬تحقيقه‭.‬

وقد‭ ‬كانت‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي‭ ‬أحد‭ ‬اهم‭ ‬منجزات‭ ‬العهد‭ ‬الزاهر‭ ‬لحضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬المعظم،‭ ‬وتُعززها‭ ‬مقولة‭ ‬جلالته‭ ‬إن‭ ‬الصحافة‭ ‬هي‭ ‬عين‭ ‬أخرى‭ ‬له‭ ‬للإصلاح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬النقد‭ ‬البنّاء‭ ‬الموضوعي،‭ ‬لذا‭ ‬بادر‭ ‬ذوو‭ ‬الاهتمام‭ ‬من‭ ‬أطياف‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬بإبداء‭ ‬آرائهم‭ ‬في‭ ‬المواضيع‭ ‬المختلفة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالشأن‭ ‬العام،‭ ‬وعززت‭ ‬ذلك‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬اتاحت‭ ‬للجميع‭- ‬بجانب‭ ‬الصحافة‭ - ‬إمكانية‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬رأيهم‭ ‬بطرق‭ ‬التعبير‭ ‬المختلفة‭ ‬المكتوبة‭ ‬والمسموعة‭ ‬والمرئية،‭ ‬بحث‭ ‬أدلى‭ ‬كُلّ‭ ‬بدلوه،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬سقف‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي‭ ‬بما‭ ‬يتلاءم‭ ‬مع‭ ‬النهج‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الذي‭ ‬انتهجه‭ ‬الفكر‭ ‬الملكي‭ ‬السامي‭.‬

وفي‭ ‬رأيي‭ ‬بأن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الآراء‭ ‬التي‭ ‬تطرح‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يستوجب‭ ‬الالتفات‭ ‬إليها‭ ‬بشكل‭ ‬جدّي،‭ ‬وتستحق‭ (‬كما‭ ‬يقتضي‭ ‬علم‭ ‬الاتصال‭) ‬أن‭ ‬تلقى‭ ‬تغذية‭ ‬راجعة‭ ‬من‭ ‬الجهة‭ ‬المعنية‭ ‬بموضوعه،‭ ‬ولاسيما‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬التي‭ ‬تدير‭ ‬المرافق‭ ‬العامة‭ ‬والملتزمة‭ ‬بإعمال‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬ولاسيما‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬الرأي‭ ‬سيُحدث‭ ‬تغييراً‭ ‬ايجابياً‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬خدماتها‭.‬

لذا‭ ‬اقترح،‭ ‬إعمالاً‭ ‬للحق‭ ‬في‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬جهة‭ ‬مختصة‭ ‬تراقب‭ ‬وتدرس‭ ‬الآراء‭ ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬المواضيع‭ ‬المختلفة‭ ‬لأنها‭ ‬بمثابة‭ ‬مرآة‭ ‬لرأي‭ ‬المجتمع‭ ‬وهمومه‭ ‬واحتياجاته،‭ ‬ولكونها‭ ‬أدوات‭ ‬بناء‭ ‬إيجابية‭ ‬لتطوير‭ ‬المجتمع‭ ‬وتقدمه‭ ‬وكماله،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬الهدف‭ ‬الأسمى‭ ‬وهو‭ ‬تحقيق‭ ‬الرفاه‭ ‬للمواطنين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا