يُعدّ ملف الإسكان من أهم المرتكزات في منظومة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إذ يمثل ركيزة أساسية في تحقيق الاستقرار المعيشي وتعزيز النمو المستدام. وفي مملكة البحرين، التي حققت إنجازات بارزة في هذا القطاع خلال السنوات الماضية، تأتي الحاجة إلى وضع استراتيجيات أكثر شمولية تجمع بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وتواكب تطورات السوق العقاري وتغيرات الدخل المعيشي للمواطنين.
ويمكن أن تسهم الحلول الإسكانية في تحفيز النشاط الاقتصادي من خلال توفير قروض ميسرة للمواطنين ذوي الدخل المحدود بأسعار رمزية، بما يضمن القدرة على السداد ويعزز في الوقت نفسه الدورة المالية داخل البنوك. وتقليص مدة القرض مع تحديد سقف لا يتجاوز 15% من دخل المواطن الشهري للاستقطاع يضمن استدامة المشاركة السكنية من دون الضغط المالي على الأسر، فيما يتيح للبنوك تحقيق عوائد مستقرة تعزز السيولة العامة للاقتصاد الوطني.
كما أن تنويع فئات الدعم الإسكاني بين الشقق والبيوت والأراضي وفقاً لقدرة المواطن المادية، يمثل خطوة نحو عدالة اجتماعية واقتصادية شاملة. ويمكن تعزيز ذلك بإنشاء لجنة محايدة تتولى الإشراف على التوزيع بما يحقق الشفافية ويضمن تكافؤ الفرص بين المواطنين. وفي الوقت ذاته، فإن إعادة تعمير المناطق القديمة وإرجاع بعض العائلات البحرينية إليها يسهم في تنشيط الحركة التجارية بالمناطق السكنية، ويعيد التوازن العمراني والاجتماعي في مختلف المحافظات.
من جانب آخر، يمكن لمصرف البحرين المركزي مراجعة نسب الأرباح المطبقة على القروض العقارية بالتنسيق مع البنوك المحلية، لضمان توافقها مع مستويات الدخل وخلق بيئة مصرفية مستدامة. كما يُقترح استقطاع مبلغ رمزي شهرياً مخصص لأعمال الصيانة الدورية للمباني، حفاظاً على جودة البنية السكنية وتجنب التكاليف الطارئة مستقبلاً.
وتطوير القطاع الإسكاني لا يتوقف عند بناء المنازل فقط، بل يشمل إدارة مالية رشيدة تضمن دوران الأموال داخل المملكة، بما يعزز السيولة ويقلل الاعتماد على التمويلات الخارجية. بهذه الرؤية، يصبح القطاع الإسكاني أحد المحركات الرئيسية للنمو، ليس فقط كخدمة اجتماعية، بل كرافد اقتصادي حيوي يدعم الاستدامة ويُسهم في تحسين جودة الحياة للمواطنين.
وتظل القيادة الرشيدة، برؤية جلالة الملك المعظم، ومتابعة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الداعم الأكبر لهذه الجهود من خلال السياسات الإسكانية الطموحة التي تضع المواطن في قلب التنمية، وتجعل من البحرين نموذجاً متقدماً في العدالة السكنية والتنمية الاقتصادية المتوازنة.
ماجستير تنفيذي بالإدارة من المملكة المتحدة (EMBA)
عضو بمعهد المهندسين والتكنولوجيا البريطانية العالمية (MIET)

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك