إلى وقت ليس ببعيد، كانت تقنيات تقليل استهلاك الطاقة في مختلف أنواع العقارات تعد أمرا ترفيهيا أو خيارا ينحصر إلى حد كبير لدى الطبقة المقتدرة أو العقارات الكبيرة. ولكن باتت هذه التقنيات اليوم ضرورة ملحة لا سيما مع التطورات التي تشهدها التكنولوجيا وانخفاض تكلفة توفير مثل هذه التقنيات التي تسهم في تقليل استهلاك الطاقة، ما ينعكس بشكل مباشر وغير مباشر على البيئة والاستدامة ومبادرات رفع كفاءة الطاقة، والتحول نحو اقتصاد أخضر يتحقق. بل بات توفرها في العقارات عاملا مؤثرا حتى في القيمة السوقية لهذا العقار أو ذاك، كما تؤثر إيجابا في جذب المستثمرين الأجانب للمشاريع العقارية، وتحقق نسب إشغال أعلى مع عوائد استثمارية أفضل.
تقرير لمنصة نفوذ العقارية سلط الضوء على أهمية هذه التقنيات مشيرا إلى أن إدارة الطاقة باتت تمثل أحد أكبر التحديات في قطاع العقارات حول العالم. حيث إن المباني السكنية والتجارية تستهلك نسبًا عالية من إجمالي الطاقة المنتجة، وهو ما ينعكس على التكاليف التشغيلية للملاك والمستأجرين، ويؤثر أيضًا في البيئة من خلال الانبعاثات الناتجة عن الاستهلاك المفرط. ومع ازدياد الوعي بأهمية الاستدامة ودور العقارات في خفض الانبعاثات الكربونية، أصبح تقليل استهلاك الطاقة في المرافق العقارية ضرورة استراتيجية وليس مجرد خيار. كل ذلك يجعل من تبني حلول مبتكرة في إدارة المرافق العقارية جزءا أساسيا من ضمان استدامة العقار وزيادة قيمته السوقية.
ويلخص التقرير أبرز إيجابيات اعتماد تقنيات تقليل استهلاك الطاقة في العقارات في:
- خفض النفقات التشغيلية من خلال تقليل استهلاك الكهرباء والمياه والتبريد، وهذا ما يسهم في تحسين العائد الاستثماري.
- رفع القيمة السوقية للعقار. حيث إن المباني ذات الكفاءة العالية في استهلاك الطاقة تُعد أكثر جذبًا للمستثمرين والمستأجرين.
- تحقيق أهداف الاستدامة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية والالتزام بالمعايير البيئية.
- تحسين تجربة المستخدم بتوفير بيئة صحية مريحة في المباني المستدامة.
ويتطرق التقرير إلى أبرز الاستراتيجيات الفعالة لتقليل استهلاك الطاقة، ومن ذلك
* أنظمة التبريد والتكييف الذكية، حيث إن أكثر من 60% من استهلاك الطاقة في المباني يعود إلى التبريد والتكييف. لذلك فإن استخدام أنظمة تحكم ذكية أو ما يعرف بـ (Smart HVAC) القادرة على التكيف مع درجة الحرارة وعدد الأشخاص داخل المبنى يسهم بشكل مباشر في تقليل الاستهلاك.
* الإضاءة الموفرة للطاقة، كالتحول إلى مصابيح LED مع أنظمة استشعار للحركة والإضاءة الطبيعية، وهذا ما يساعد على تقليل استهلاك الكهرباء بشكل كبير، مع تحسين مستوى الإضاءة داخل العقار.
* العزل الحراري للمباني في الجدران والأسطح الأمر الذي يسهم في تقليل الحاجة إلى التكييف، مما يؤدي إلى خفض التكاليف بشكل ملحوظ.
* استخدام أنظمة الطاقة المتجددة، مثل تركيب الألواح الشمسية على أسطح المباني السكنية والتجارية، فهذه التقنيات توفر طاقة نظيفة وتقلل الاعتماد على الشبكة وتدعم أهداف الطاقة المتجددة.
* أنظمة إدارة المباني (BMS)التي توفر تحكمًا مركزيًا في الإضاءة والتكييف واستهلاك المياه وأنظمة الأمان، مما يضمن مراقبة دقيقة وتوفيرا ملموسًا في الطاقة.
وهنا يبرز جانب مهم هو استثمار البيانات والتحليلات الذكية التي تمثل أحد ثمار التطورات الحديثة في إدارة العقارات، حيث يتم جمع بيانات استهلاك الطاقة وتحليلها بشكل مستمر، وبالتالي يمكن التنبؤ بالأنماط وتحديد نقاط الهدر وتطوير حلول فعالة.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك