«الوقاية خير من العلاج»، لا يقتصر هذا المبدأ على صحة الإنسان أو أموره العامة، بل ينطبق تماما على العقار. فالصيانة الوقائية ليست مجرد تعامل مع ما قد يتطلبه العقار من تصليح أو استبدال بعض الأجزاء، بل باتت ركنا أساسيا كفيلا بتجنيب المالك الكثير من الوقت والجهد.
ويؤكد تقرير نشرته مدونة «نفوذ» العقارية أن الصيانة في عالم إدارة المرافق والعقارات الحديثة، لم تعد مجرد استجابة للأعطال، بل أصبحت نهجًا استراتيجيًا لضمان الاستدامة التشغيلية. وتُعد الصيانة الوقائية القلب النابض لهذا النهج، إذ تركز على مراقبة أداء الأنظمة والمعدات بشكل مستمر لمنع الأعطال قبل وقوعها. ومع التطور التقني الكبير الذي يشهده القطاع العقاري، باتت الصيانة الوقائية الذكية وسيلة فعّالة لخفض التكاليف وتحسين جودة الأداء التشغيلي من خلال حلول متكاملة تعتمد على التقنيات الحديثة والتحليل الدقيق للبيانات.
ووفقا للتقرير، تعني الصيانة الوقائية تنفيذ فحوصات وصيانات دورية مخططة مسبقًا للمعدات والمنشآت بهدف تجنب الأعطال المفاجئة. فهي تعتمد على مبدأ «الوقاية خير من العلاج»، مما يجعلها أكثر فعالية من الصيانة التصحيحية التي تأتي بعد وقوع المشكلة. وتُعد هذه الاستراتيجية أداة أساسية للحفاظ على كفاءة الأصول العقارية وتقليل التكاليف وفترات التوقف عن العمل. لأن توقف أي جزء أو نظام من الأنظمة الحيوية مثل أنظمة التكييف أو الكهرباء أو المياه، تعني خسائر تشغيلية محتملة، بينما تساعد الصيانة الوقائية على تجنبها من خلال خطة متكاملة تشمل الفحص، التحليل، والمعالجة المبكرة.
كما ترتبط الصيانة الوقائية بشكل كبير بجهود الاستدامة التشغيلية، حيث تلعب دورًا رئيسيًا في تعزيز الاستدامة البيئية والاقتصادية من خلال الحفاظ على كفاءة المعدات وتجنب استهلاك الطاقة الزائد، وخفض البصمة الكربونية وتقليل استهلاك الموارد والحفاظ على بيئة عمل مريحة وصحية للمستخدمين.
وبالتالي يمكن القول إن تطبيق الصيانة الوقائية في إدارة العقارات يضمن:
-خفض التكاليف التشغيلية من خلال ضمان تقليل الأعطال غير المتوقعة وعدم الحاجة إلى الإصلاحات الطارئة المكلفة.
-إطالة عمر العقارات. فالفحص الدوري يضمن استدامة المعدات وزيادة فترة استخدامها.
-تحسين أساليب السلامة. لأن الكشف المبكر عن الأعطال المحتملة يمنع الحوادث التشغيلية.
-رفع الكفاءة الإنتاجية. لأن المؤسسة التي تعمل بأنظمة موثوقة تحقق أداءً أفضل وتُرضي المستأجرين والعملاء.
-تعزيز القيمة السوقية للعقار. فالصيانة المنتظمة تُظهر احترافية الإدارة وتجعل العقار أكثر جذبًا للمستثمرين.
وتتضمن الصيانة الوقائية مجموعة من العناصر المتكاملة، أبرزها:
-خطة مسبقة للفحص والتقييم تشمل كل مرافق وأجزاء العقار.
-امتلاك معلومات ووثائق دقيقة حول بيانات التشغيل وتواريخ الصيانة السابقة، والتوصيات المستقبلية.
-توفير أنظمة إنذار مبكر تعتمد على أجهزة استشعار لمراقبة الأداء وتنبيه الفرق الفنية فور اكتشاف أي خلل محتمل.
-تحليل البيانات لتوقع الأعطال باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.
-تدريب الفرق الفنية على أساليب التشخيص المبكر والتعامل مع الأعطال المحتملة بفعالية.
ولكن تبقى هناك تحديات تواجه استراتيجيات الصيانة الوقائية للعقارات، من أبرزها: ارتفاع تكاليف التنفيذ، الحاجة إلى كفاءات بشرية مدرّبة، صعوبة التكامل بين الأنظمة التقنية القديمة والجديدة، ضعف التوثيق وإدارة البيانات في بعض المنشآت التقليدية.
إلا أن التقنيات الحديثة والتحول الرقمي وتبنّي أنظمة إدارة متكاملة، من الممكن أن يسهم في تجاوز هذه التحديات.
وإجمالا، أسهمت التقنيات الحديثة في دعم استراتيجيات الصيانة الوقائية خاصة فيما يتعلق بالتحولات الرقمية، ومن أبرز هذه التقنيات:
-الذكاء الاصطناعي والتحليلات التنبؤية التي تسمح بتحليل البيانات التشغيلية والتنبؤ بالأعطال قبل حدوثها.
-إنترنت الأشياء مثل أجهزة استشعار متصلة تراقب الأداء اللحظي للمعدات وتنقل المعلومات إلى أنظمة المراقبة المركزية.
-البلوك تشين الذي يستخدم لتوثيق عمليات الصيانة وضمان الشفافية في العقود والخدمات.
-الأنظمة السحابية التي تتيح الوصول إلى بيانات الصيانة من أي مكان، وتُسهّل عمليات المتابعة والإدارة.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك