يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
مكافأة مجرمي الحرب والإبادة!!
قبل فترة، أجرى فريد زكريا من شبكة سي إن إن الأمريكية حوارا مع ديانا بطو، المحامية الفلسطينية في مجال حقوق الإنسان والمستشارة القانونية السابقة لمنظمة التحرير الفلسطينية حول خطة ترامب وما إذا كانت ستنهي حرب غزة فعلا أم لا.
من بين ما قالت المحامية الفلسطينية لفت نظري مسألة أثارتها وقالت إنها تستحق التوقف عندها مطولا. قالت إنه لأول مرة في التاريخ يضطر شعب تعرض للإبادة إلى التفاوض مع مرتكبي هذه الإبادة، وأضافت: «الفلسطينيون هم الشعب الوحيد في التاريخ الذي اضطر للتفاوض لإنهاء الإبادة الجماعية، وهذا أمر مقزز. كان ينبغي أن يتوقف القصف منذ زمن طويل دون أن يضطر الفلسطينيون إلى التفاوض». وقالت إن هذا حدث على الرغم من هول الإبادة الجماعية التي شهدتها غزة على امتداد عامين، فالقطاع تدمر، و90% من المنازل سويت بالأرض، وأكثر من 70 ألف قتيل، و20% من السكان جرحى»
بالطبع ما قالته المحامية الفلسطينية صحيح تماما من حيث المبدأ ووفقا للقانون الدولي وكل القيم الإنسانية. كان مفروضا أن تتوقف حر ب الإبادة هذه من دون التفاوض مع مرتكبيها. لكن للأسف كما نعلم أن القانون الدولي معطل وعلى امتداد عامين عجز العالم كله عن إجبار إسرائيل على وقف الإبادة، وموازين القوى في المنطقة والعالم لا تسمح بفرض منطق الحق والعدل. وإنقاذا لشعب فلسطين في غزة كان لا بد من أن تقف الحرب في كل الأحوال.
ومع هذا يبقى أن التفاوض مع مجرمي الحرب والإبادة وإعطاءهم المجال لوضع الشروط والمساومة هو مكافأة كبرى لهم.
ومكافأة مجرمي الحرب الإسرائيليين لا تتوقف عند هذا. الإدارة الأمريكية والإسرائيليون يروجون على نطاق واسع للقول بأنه بمجرد نهاية حرب غزة، فإن كل الدول العربية يجب أن تهرع لإقامة علاقات مع إسرائيل، لتصبح إسرائيل شريكا في النظام الإقليمي.
أي أنهم يريدون من الدول العربية تقديم مكافأة كبرى لمجرمي الحرب الإسرائيليين بإقامة العلاقات الرسمية مع إسرائيل.
الترويج لهذا الأمر يعني بداهة أن على الدول العربية أن تنسى تماما كل ما حل بغزة وكل الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل وكأنها لم تحدث.
نقول هذا لأنه في اعتقادنا هناك جوانب محددة يجب أن تحكم الموقف العربي اليوم في ظل كل الجدل الدائر حول خطة ترامب، هي على النحو التالي:
أولا: إن وقف إطلاق النار، أو حتى إعلان نهاية حرب غزة رسميا، ليس له أي علاقة بحقيقة أن مجرمي الحرب والإبادة الإسرائيليين يجب أن يحاكموا وأن يدفعوا ثمن كل الجرائم التي ارتكبوها.
هناك اليوم بالفعل حملة دولية واسعة النطاق يشارك فيها عشرات المنظمات الحقوقية تطالب بمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين بغض النظر عن توقف الحرب وتنفيذ قرارات المحكمة الجنائية الدولية بهذا الخصوص. الدول العربية يجب أن يكون هذا هو موقفها وتصر عليه بغض النظر عن نهاية حرب غزة.
ثانيا: إن إسرائيل هي التي يجب أن تتحمل كل تكاليف إعادة إعمار غزة.
هذا أمر منطقي وبديهي. إسرائيل هي التي دمرت غزة وهي التي ارتكبت كل هذه الجرائم بحق أهلها. وبالتالي هي التي يجب أن تعيد إعمارها وليس أي أحد آخر.
ليس هذا فحسب، بل إن الدول العربية يجب أن تصر على أن تدفع إسرائيل التعويضات لأهل غزة عن جرائمها بحقهم.
ثالثا: إن نهاية حرب غزة لا علاقة له إطلاقا بإقامة علاقات بين الدول العربية وإسرائيل أو بإشراكها في النظام الإقليمي على نحو ما تريد إدارة ترامب.
الدول العربية يجب أن تصر على الموقف العربي المعروف منذ زمن طويل، والذي حددته مبادرة السلام العربية. هذا الموقف الذي يتلخص في أنه لا سلام إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة. وإذا تحقق هذا يمكن الحديث بعد ذلك عن إقامة أو عدم إقامة علاقات مع إسرائيل. تأكيد هذا الموقف العربي مهم وخصوصا أن خطة ترامب لم تتطرق إلى إقامة الدولة الفلسطينية إلا بعبارات غامضة جدا لا تعني شيئا محددا في الحقيقة.
هذه في تقديرنا مواقف ثلاثة يجب أن تصر عليها الدول العربية .. ولسنا نرى سببا يمنعها من الإصرار عليها.
للحديث بقية بإذن الله.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك