يشكل الهيدروجين الأخضر اليوم أحد أبرز التحولات العالمية في مجال الطاقة النظيفة، لما يحمله من إمكانات هائلة لدعم الاقتصادات نحو مسار أكثر استدامة وكفاءة. وفي مملكة البحرين، يمثل هذا القطاع الواعد فرصة استراتيجية لتسريع التنويع الاقتصادي، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتعزيز الابتكار الصناعي والتكنولوجي في الوقت ذاته.
فالهيدروجين الأخضر، الذي يتم إنتاجه باستخدام مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية والرياح عبر عملية التحليل الكهربائي، يتيح إنتاج طاقة نظيفة لا ينتج عنها أي انبعاثات كربونية تُذكر. وتكمن أهميته في قدرته على توفير بدائل آمنة ومستدامة لقطاعات الصناعة والنقل والطاقة، حيث يمكن استخدامه كوقود في خلايا الطاقة لتوليد الكهرباء، أو لتخزين الطاقة المتولدة من المصادر المتجددة لاستخدامها عند الحاجة.
وتبرز أهمية هذا التحول في السياق البحريني، إذ إن تبني مشاريع الهيدروجين الأخضر من شأنه أن يخلق فرصًا استثمارية ضخمة، بدءًا من إنشاء مصانع متخصصة لإنتاج وتخزين الهيدروجين، وصولًا إلى تطوير سلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية المرتبطة به. كما يمكن أن يسهم هذا التوجه في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعزيز الشراكات الإقليمية مع دول الخليج التي تسير في الاتجاه ذاته، لتشكيل منظومة خليجية متكاملة للطاقة النظيفة.
ومن الناحية الاستراتيجية، يمكن للبرلمان والجهات الحكومية في البحرين وضع تشريعات جديدة تشجع على البحث العلمي وتمويل المشاريع التجريبية في هذا المجال، إلى جانب بناء شراكات مع شركات عالمية متخصصة لنقل المعرفة (Know-How) وتدريب الكفاءات الوطنية. كما أن الاستثمار في مراكز البحوث الجامعية وتطوير القدرات المحلية سيُسهم في تحويل البحرين إلى مركز بحثي وإقليمي للطاقة النظيفة في المنطقة.
إن التحول نحو اقتصاد قائم على الهيدروجين الأخضر لا يمثل مجرد خيار بيئي، بل هو مشروع اقتصادي وتنموي متكامل يعزز الاستدامة ويواكب التوجه العالمي نحو الحياد الكربوني. وبفضل القيادة الرشيدة لجلالة الملك المعظم، ومتابعة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظهم الله ورعاهم، تمضي البحرين بخطى ثابتة نحو مستقبل طاقي متجدد يضمن النمو، ويحافظ على البيئة، ويضع المملكة في مقدمة الدول التي تستثمر بذكاء في طاقة الغد.
ماجستير تنفيذي بالإدارة من المملكة المتحدة (EMBA).
عضو بمعهد المهندسين والتكنولوجيا البريطانية العالمية.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك