كما هو الحال في الدورة الاقتصادية، يمر السوق العقاري بدورات متناوبة يشبهها الخبراء بتناول الفصول الأربعة في السنة بدءا من الربيع ثم الصيف فالخريف وصولا إلى الشتاء، لتعود دورة الفصول مرة أخرى. وذات الأمر ينسحب على السوق العقاري الذي يمر بمراحل النمو ثم التوسع، يليه فرط العرض، وبعدها تبدأ مرحلة التراجع وصولا إلى الركود. لتعود الدورة من جديد.
عبدالرحمن عزاوي يتناول تفاصيل دورة السوق العقاري في تقرير نشرته «مدونة شي نافع»، مبينا أن قرار الشراء أو البيع في السوق العقاري يعد أحد أكبر القرارات المالية في حياتنا، وهنا يعد التوقيت أمرا مهما، لأن شراء ذروة أسعاره، أو بيعه في وقت غير مناسب، قد لا تكون خيارات ذكية. وبنفس الوقت كثيرا ما تعتبر تحركات السوق غامضة وعشوائية للبعض، ولكن في الحقيقة تسير وفق نمط واضح يمكن التنبؤ به، وهذا النمط يعرف بدورة السوق العقاري. ومن المهم فهم هذه الدورة لتحقيق استثمار ناجح.
وتعرف دورة السوق العقاري بأنها التسلسل المتكرر لمراحل النمو والانكماش التي يمر بها سوق العقارات بمرور الوقت بفعل العرض والطلب، وبفعل مجموعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية، مثل أسعار الفائدة، والنمو السكاني، ومعدلات التوظيف، وثقة المستهلك، إنها ليست فوضى، بل هي نظام ديناميكي له قواعده ومؤشراته.
وبالتالي فإن فهم هذه الدورة يساعد على:
- تجنب الشراء بأسعار مبالغ فيها.
- ضمان تحقيق أرباح جيدة عند البيع في الوقت المناسب.
- اتخاذ قرارات استثمارية أكثر ذكاءً وثقة.
- التخطيط المالي طويل الأجل.
لذلك من الضرورة بمكان معرفة المراحل الأربع التي يمر بها سوق العقار وهي:
المرحلة الأولى: النمو والانتعاش التدريجي، وهي بداية الدورة العقارية التي تبدأ بعد فترة من الركود، وتشهد الأسواق في هذه الفترة استقرارا تدريجيا في الأسعار بعد فترة من الانخفاض، ويعود معدل الطلب الى الارتفاع وبالتالي تنخفض العقارات الشاغرة تدريجيا. وهنا تشهد الإيجارات ارتفاعا تدريجيا هي الأخرى. ولكن بنفس الوقت تبقى المشاريع التطويرية حذرة وخجولة.
وتعد هذه المرحلة هي «الوقت الذهبي للشراء» لأن الأسعار في أدنى مستوياتها، والمنافسة شبه معدومة. ولكن بالنسبة إلى البائع فإنه ينصح بالانتظار لأن الأسعار تكون في أقل مستوياتها.
المرحلة الثانية: التوسع: في هذه المرحلة تبـدا الثقة بالسوق العقاري تعود تدريجيا، ويتزايد الطلب بشكل ملحوظ، والأسعار تبدأ في الارتفاع بشكل واضح.
كما تشهد زيادة كبيرة في مشاريع البناء مع تزايد الثقة في السوق.
وهنا لا يزال وقتًا جيدًا للشراء، ولكن يجب عدم التأخر كثيرا لأن الأسعار ستستمر في الارتفاع. فيما تعتبر هذه المرحلة ممتازة للبيع نظرا للطلب القوي.
المرحلة الثالثة: الذروة وفرط العرض: حيث يصل التفاؤل إلى أقصى حد، ويبدأ العرض في تجاوز الطلب، وتكون السوق مشبعة بالمشاريع الجديدة التي تم بناؤها خلال مرحلة التوسع. وبالتالي تصل الأسعار إلى ذروتها، وتشهد المرحلة زيادة المعروض عن الطلب، وتبدأ الشقق والمكاتب الجديدة في البقاء شاغرة فترات أطول. وهنا يبدأ المطورون في تقديم الحوافز.
وفي هذه المرحلة يجب الحذر الشديد عند الشراء لأن الأسعار تكون في أعلى مستوياتها، واحتمال انخفاضها في المستقبل القريب كبير.
وبالمقابل تعتبر هذه المرحلة هي الفرصة الأخيرة للبيع بأعلى سعر.
المرحلة الرابعة: الركود: يكون العرض قد تجاوز الطلب، وتبدأ الأسعار في الانخفاض. كما تسود النظرة التشاؤمية، ويخرج العديد من المستثمرين من السوق.
وتشهد هذه المرحلة انخفاض الأسعار والإيجارات، وزيادة كبيرة في المعروض يقابله ارتفاع كبير في معدلات الشغور، وتوقف شبه كامل للبناء الجديد.
ويمكن اعتبار هذه المرحلة رحلة البحث عن الفرص والصفقات الممتازة. ولكنها أسوأ وقت ممكن للبيع.
وإلى جانب معرفة هذه المراحل، من الضرورة مراقبة مؤشرات رئيسية تؤثر يجب عليك مراقبتها:
- أسعار الفائدة، فعندما يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة، يصبح الاقتراض أكثر تكلفة، مما يقلل الطلب على العقارات ويدفع نحو الركود، والعكس صحيح.
- معدلات البطالة ونمو الوظائف، فالاقتصاد القوي مع وظائف جديدة يعني أن المزيد من الناس لديهم دخل ثابت وثقة لشراء المنازل. في حين أن ارتفاع البطالة هو علامة خطر واضحة.
- الناتج المحلي الإجمالي، لأن نمو الناتج المحلي الإجمالي يشير إلى صحة الاقتصاد بشكل عام، وهو أمر إيجابي للسوق العقاري. في حين أن انكماش الناتج المحلي الإجمالي هو علامة على الركود الاقتصادي الذي سينعكس سلبًا على العقارات.
- عدد تصاريح البناء الجديدة، وهو ما يعكس ثقة وتفاؤل المطورين والطلب القوي.
- متوسط أيام عرض العقار في السوق، فعندما تُباع العقارات بسرعة، يعني ذلك أن الطلب قوي جدًا.
- نسبة الإشغال، خاصة العقارات الاستثمارية والتجارية. انخفاض معدل الشغور علامة صحية للغاية، بينما ارتفاعه هو مؤشر على فرط العرض.
 
  
  
  
 
 
 
                	
                	
                	





 
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك