العدد : ١٧٣٨٢ - السبت ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٨٢ - السبت ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

مواعيد عرب

تابعت‭ ‬من‭ ‬كثب‭ ‬شبه‭ ‬معركة‭ ‬رأي‭ ‬نشبت‭ ‬مؤخرا‭ ‬على‭ ‬الهواء‭ ‬مباشرة‭ ‬بين‭ ‬مذيعتين‭ ‬عبر‭ ‬برنامج‭ ‬فضائي‭ ‬شهير،‭ ‬أما‭ ‬الخلاف‭ ‬فكان‭ ‬حول‭ ‬قرار‭ ‬أصدره‭ ‬وزير‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬المصري‭ ‬بشأن‭ ‬تأخر‭ ‬الطلاب‭ ‬عن‭ ‬الحضور‭ ‬المدرسي‭ ‬والذي‭ ‬أثار‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬متباينة‭ ‬بين‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬والمعلمين،‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بعقوبة‭ ‬فصل‭ ‬الطالب‭ ‬عن‭ ‬المدرسة‭ ‬مدة‭ ‬يوم‭ ‬كامل‭ ‬عند‭ ‬التأخر‭ ‬عن‭ ‬الموعد‭ ‬المحدد‭ ‬وعدم‭ ‬مشاركته‭ ‬طابور‭ ‬الصباح‭ ‬وتحية‭ ‬العلم‭.‬

البعض‭ ‬يرى‭ ‬ومن‭ ‬بينهم‭ ‬إحدى‭ ‬المذيعتين‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يسبب‭ ‬مشاكل‭ ‬عديدة‭ ‬للطلاب‭ ‬وأسرهم‭ ‬لذلك‭ ‬طالبوا‭ ‬بإلغائه‭ ‬مؤكدين‭ ‬أن‭ ‬الانضباط‭ ‬يتحقق‭  ‬بالتوجيه‭ ‬والتدريب‭ ‬والتعليم‭ ‬وليس‭ ‬بالخوف‭ ‬من‭ ‬العقاب،‭ ‬أما‭ ‬الفريق‭ ‬الآخر‭ ‬المؤيد‭ ‬الذي‭ ‬مثلته‭ ‬المذيعة‭ ‬الأخرى‭ ‬فيدعو‭ ‬إلى‭ ‬احترام‭ ‬وتطبيق‭ ‬القرار‭ ‬ووجوب‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المحدد‭ ‬وذلك‭ ‬لصناعة‭ ‬جيل‭ ‬منضبط‭ ‬ومسؤول‭. ‬

شخصيًّا‭ ‬أميل‭ ‬إلى‭ ‬الرأي‭ ‬المؤيد‭ ‬للقرار‭ ‬ليس‭ ‬تعسفا‭ ‬أو‭ ‬قسوة‭ ‬بل‭ ‬انحيازا‭ ‬لما‭ ‬يسمى‭ ‬باحترام‭ ‬المواعيد‭ ‬والذي‭ ‬يندرج‭ ‬تحت‭ ‬مصطلح‭ ‬تحمل‭ ‬المسؤولية،‭ ‬فالمجتمع‭ ‬الذي‭ ‬يربي‭ ‬أبناءه‭ ‬على‭ ‬الالتزام‭ ‬هو‭ ‬مجتمع‭ ‬ناجح‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس،‭ ‬والتقيد‭ ‬بالوقت‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أسس‭ ‬هذا‭ ‬الالتزام‭.‬

نعم،‭ ‬أعاني‭ ‬بصفة‭ ‬شخصية‭ ‬من‭ ‬مسألة‭ ‬التزامي‭ ‬المفرط‭ ‬بالمواعيد‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬الأصعدة،‭ ‬ولذلك‭ ‬أنا‭ ‬من‭ ‬مؤيدي‭ ‬ذلك‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬ينسف‭ ‬تلك‭ ‬المقولة‭ ‬التي‭ ‬تصف‭ ‬مدى‭ ‬استهتارنا‭ ‬بالوقت‭ ‬وعدم‭ ‬احترامه‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬الأزمان‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬مواعيد‭ ‬عرب‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬نرددها‭ ‬والابتسامة‭ ‬تعلو‭ ‬وجوهنا‭ ‬وبكل‭ ‬فخر‭ ‬عند‭ ‬عدم‭ ‬التقيد‭ ‬بالوقت‭ ‬وخلق‭ ‬الأعذار‭ ‬الواهية‭ ‬والكاذبة‭ ‬والمستفزة‭ ‬أحيانا‭ ‬تهربا‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المسؤولية‭. ‬

إن‭ ‬الإخلال‭ ‬بالمواعيد‭ ‬أصبح‭ ‬سمة‭ ‬عربية‭ ‬بل‭ ‬شيئا‭ ‬عاديا‭ ‬وطبيعيا،‭ ‬وصار‭ ‬عدم‭ ‬تقدير‭ ‬الزمن‭ ‬عرفا‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬يترجم‭ ‬في‭ ‬جمل‭ ‬باهتة‭ ‬مائعة‭ ‬على‭ ‬شاكلة‭ ‬صباحا‭ ‬وبعد‭ ‬الظهر‭ ‬وليلا،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يستنزف‭ ‬معه‭ ‬الوقت‭ ‬والجهد‭ ‬والمال،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬يتنافى‭ ‬مع‭ ‬تعاليم‭ ‬ديننا‭ ‬الحنيف‭ ‬الذي‭ ‬يحث‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬الوقت‭. ‬

ونحن‭ ‬إذ‭ ‬نثني‭ ‬على‭ ‬تطبيق‭ ‬قرار‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬المشار‭ ‬إليه‭ ‬اللهم‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬استثنائية‭ ‬قاهرة‭ ‬يجب‭ ‬وضعها‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬عند‭ ‬التفعيل،‭ ‬لأنه‭ ‬يؤكد‭ ‬قيمة‭ ‬تربوية‭ ‬مهمة‭ ‬يجب‭ ‬غرسها‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الطلاب،‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬عادة‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تدمر‭ ‬أي‭ ‬مجتمع،‭ ‬فدقيقة‭ ‬واحدة‭ ‬يفرط‭ ‬فيها‭ ‬ملايين‭ ‬المواطنين‭ ‬تساوي‭ ‬أعواما‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬والإنتاج‭. ‬

لذلك‭ ‬تبقى‭ ‬العقوبة‭ ‬من‭ ‬الصغر‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬احترام‭ ‬الوقت‭ ‬مطلوبة‭ ‬لصناعة‭ ‬جيل‭ ‬منضبط‭ ‬ومسؤول‭.‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا