العدد : ١٧٣٥٩ - الخميس ٠٢ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٠ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٥٩ - الخميس ٠٢ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٠ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

مقالات

النهضة العقارية
رسوم البنية التحتية.. عدالة مؤجلة

بقلم: جاسم الموسوي

الأربعاء ٠١ أكتوبر ٢٠٢٥ - 02:00

لطالما‭ ‬كانت‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الركيزة‭ ‬الأساسية‭ ‬لأي‭ ‬نهضة‭ ‬عمرانية‭ ‬أو‭ ‬اجتماعية،‭ ‬فهي‭ ‬التي‭ ‬تمنح‭ ‬المدن‭ ‬والقرى‭ ‬مقومات‭ ‬الحياة‭ ‬الكريمة‭ ‬من‭ ‬شوارع‭ ‬ممهدة،‭ ‬شبكات‭ ‬صرف‭ ‬صحي،‭ ‬إنارة‭ ‬عامة،‭ ‬ومرافق‭ ‬خدمية‭ ‬تليق‭ ‬بالمواطن‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬واقع‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المناطق‭ ‬بالمملكة‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬فجوة‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬دُفع‭ ‬من‭ ‬رسوم‭ ‬وما‭ ‬تم‭ ‬تنفيذه‭ ‬فعليا‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭.‬

لقد‭ ‬التزم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬البيوت‭ ‬والمباني،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬في‭ ‬المخططات‭ ‬القديمة‭ ‬مثل‭ ‬مشروع‭ ‬مجمع‭ ‬711‭ ‬في‭ ‬توبلي‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬القرى‭ ‬والمدن،‭ ‬بدفع‭ ‬رسوم‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬إليهم‭ ‬الخدمات‭ ‬الموعودة‭. ‬لكن‭ ‬المفارقة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الرسوم‭ ‬لم‭ ‬تُترجم‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬طرق‭ ‬معبّدة‭ ‬أو‭ ‬شبكات‭ ‬صرف‭ ‬صحي‭ ‬متكاملة‭ ‬أو‭ ‬إنارة‭ ‬فاعلة‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬المخططات‭ ‬الحديثة‭ ‬لا‭ ‬تُمنح‭ ‬تراخيص‭ ‬البيع‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬إلزام‭ ‬المطوّرين‭ ‬بإنشاء‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الكاملة‭ ‬مسبقاً،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يطرح‭ ‬سؤال‭ ‬العدالة‭: ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬دفعوا‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتلقوا‭ ‬الخدمة؟

القضية‭ ‬هنا‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬مطلب‭ ‬خدمي‭ ‬عابر،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬قضية‭ ‬ثقة‭ ‬وعدالة‭. ‬فمن‭ ‬غير‭ ‬المنطقي‭ ‬أن‭ ‬يُترك‭ ‬المواطنون،‭ ‬الذين‭ ‬أوفوا‭ ‬بالتزاماتهم‭ ‬المالية‭ ‬تجاه‭ ‬دفع‭ ‬رسوم‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬ينتظرون‭ ‬سنوات‭ ‬وربما‭ ‬لعقود‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يروا‭ ‬أثراً‭ ‬لاستثماراتهم‭. ‬الأدهى‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المناطق،‭ ‬التي‭ ‬بيعت‭ ‬وفق‭ ‬المخططات‭ ‬القديمة،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬غياب‭ ‬الطرق‭ ‬المعبدة،‭ ‬وحلول‭ ‬ترقيعية‭ ‬مؤقتة‭ ‬مثل‭ ‬فرش‭ ‬الإسفلت‭ ‬المكسر‭ (‬النخالة‭) ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تصمد‭ ‬أمام‭ ‬أول‭ ‬هطول‭ ‬للأمطار،‭ ‬فتتحول‭ ‬إلى‭ ‬أكوام‭ ‬رملية‭ ‬وحجرية‭ ‬تضر‭ ‬بعجلات‭ ‬السيارات‭ ‬وتعيد‭ ‬الوضع‭ ‬إلى‭ ‬أسوأ‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭.‬

إن‭ ‬العدالة‭ ‬تقتضي‭ ‬‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬تقدير‭ ‬حصر‭ ‬جميع‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬دفعت‭ ‬رسوم‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬ولم‭ ‬تتلقَ‭ ‬الخدمة‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬ثم‭ ‬اتخاذ‭ ‬أحد‭ ‬خيارين‭: ‬إما‭ ‬التعجيل‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬الخدمات‭ ‬الأساسية‭ ‬دون‭ ‬تأخير‭ ‬إضافي،‭ ‬أو‭ ‬إعادة‭ ‬المبالغ‭ ‬المدفوعة‭ ‬إلى‭ ‬أصحابها‭ ‬باعتبارها‭ ‬حقوقاً‭ ‬مالية‭ ‬لم‭ ‬تقابلها‭ ‬منفعة‭. ‬وبهذا‭ ‬فقط‭ ‬يتحقق‭ ‬مبدأ‭ ‬‮«‬الخدمة‭ ‬مقابل‭ ‬الرسوم‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يضمن‭ ‬مصداقية‭ ‬ويعزز‭ ‬ثقة‭ ‬في‭ ‬جدوى‭ ‬الالتزام‭ ‬مقابل‭ ‬الرسوم‭ ‬المدفوعة‭ ‬مقابل‭ ‬خدمة‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬غير‭ ‬المتوفرة‭.‬

إن‭ ‬معالجة‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬العالق‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬مجرد‭ ‬استجابة‭ ‬لمطالب‭ ‬المواطنين‭ ‬دافعين‭ ‬الرسوم،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬خطوة‭ ‬عملية‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وتجسيد‭ ‬حقيقي‭ ‬لشعار‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تفرق‭ ‬بين‭ ‬منطقة‭ ‬جديدة‭ ‬أو‭ ‬قديمة،‭ ‬ولا‭ ‬تضع‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬انتظار‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬لها‭.‬

لقد‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الملف،‭ ‬فالخدمات‭ (‬البنية‭ ‬التحتية‭) ‬ليست‭ ‬ترفاً‭ ‬بل‭ ‬حقاً‭ ‬أساسياً،‭ ‬والرسوم‭ ‬المدفوعة‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬إيراد‭ ‬مالي‭ ‬بل‭ ‬عقد‭ ‬التزام‭ ‬واضح‭ ‬بين‭ ‬مقدم‭ ‬الخدمة‭ ‬والزبون‭.‬

{‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لمجموعة‭ ‬الفاتح‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا